السعودية في 2024... نموذج متكامل للتنمية البيئية والاستدامة العالمية

المحميات في السعودية تتحول إلى وجهات تنموية وسياحية ضمن «رؤية 2030»

مواطنون يساهمون في تعزيز حماية الموارد الطبيعية (واس)
مواطنون يساهمون في تعزيز حماية الموارد الطبيعية (واس)
TT

السعودية في 2024... نموذج متكامل للتنمية البيئية والاستدامة العالمية

مواطنون يساهمون في تعزيز حماية الموارد الطبيعية (واس)
مواطنون يساهمون في تعزيز حماية الموارد الطبيعية (واس)

بينما تواصل السعودية خطواتها الواسعة نحو تحقيق «رؤية 2030»، تبرز البيئة كأحد أعمدة التنمية المستدامة، في مسار متوازن يجمع بين بناء الإنسان والحفاظ على موارد الطبيعة. ومن الماء إلى الشجرة، ومن المحميات إلى النقل المستدام، تطرح المملكة نموذجاً فريداً يعكس التزامها بحماية الكوكب للأجيال القادمة، وتحوّل التحديات البيئية إلى فرص تنموية واعدة.

وشهد العام الماضي، بحسب «التقرير السنوي لرؤية السعودية 2030 لعام 2024»، زخماً نوعياً في مسار التحول البيئي، تمثل في خطوات ملموسة نحو النقل المستدام وخفض الانبعاثات الكربونية. كما تسارعت وتيرة مبادرات التشجير، وارتفعت جهود إعادة توطين الكائنات المهددة بالانقراض، إلى جانب تسجيل إنجازات جديدة في المحميات الملكية، وتعزيز البنية التحتية للمياه، مما جعله عاماً محورياً في مسيرة التحول الأخضر.

رفع كفاءة الاستخدام

شكّل الأمن المائي في السعودية تحدياً استراتيجياً، في ظل محدودية الموارد الطبيعية وارتفاع معدلات الاستهلاك. ورغم الاعتماد المتزايد على تحلية المياه والمياه الجوفية، ظل تطوير البنية التحتية مطلباً أساسياً لضمان استدامة الموارد وتوفير المياه بكفاءة لمختلف المناطق، لا سيما مع النمو السكاني المتسارع. ومنذ إطلاق «رؤية 2030»، تكثفت الجهود لتعزيز الأمن المائي من خلال بناء القدرات، وتحسين كفاءة الاستخدام، والاستثمار في تقنيات التحلية، ضمن مسار يتماشى مع مستهدفات التنمية المستدامة.

هذه التحولات، التي بدأت بمبادرات تعزيز الإمدادات المستدامة، أسهمت في تحسين مستوى الأمن المائي، وضمان وصول المياه الصالحة للشرب لمختلف المناطق، وتقليص الفاقد، وهو ما أكسب المملكة ريادة عالمية في قطاع المياه. وقد تُوّج هذا الدور المتقدم باختيار المملكة لاستضافة المؤتمر العالمي لتحلية المياه وإعادة استخدامها في 2026، تليه استضافة المنتدى العالمي للمياه في 2027، أكبر حدث عالمي في مجال إدارة المياه ومنصة عالمية لمناقشة قضايا المياه والتعاون الدولي في هذا المجال.

المناطق البرية والبحرية

قبل «رؤية 2030»، كانت المملكة تواجه تحديات بيئية كبيرة، أبرزها التصحر وتراجع الغطاء النباتي بفعل العوامل الطبيعية والأنشطة البشرية. وجاءت المبادرة الوطنية «السعودية الخضراء» لتغيير المشهد البيئي، بإطلاق خريطة طريق لزراعة 10 مليارات شجرة وإعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وحماية 30 في المائة من المناطق البرية والبحرية بحلول عام 2030.

وجاء تأسيس المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر ليكون الذراع التنفيذية لهذه المبادرات، مدعوماً بخريطة طريق طموحة ترسم ملامح المملكة الخضراء. ولم تقتصر الجهود على الداخل؛ إذ أعلنت المملكة عن المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي خلال قمة الرياض لمجموعة العشرين، مؤكدة التزامها الدولي بالبيئة.

جانب من محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية (هيئة تطوير المحمية)

تعزيز السياحة البيئية

في مشهد آخر من مشاهد التوازن البيئي، تبرز المحميات الملكية كنموذج رائد في صون الموارد الطبيعية، وحماية التنوع الحيوي. فقد سارعت إلى المساهمة في تعزيز الاكتشافات العلمية ودعمها في مجال الدراسات البيئية، وتنفيذ برامج إعادة توطين الأنواع المهددة بالانقراض في بيئاتها الطبيعية. وقد سجلت المحميات الملكية إنجازات نوعية تعكس التزام المملكة بحفظ الحياة الفطرية، ومن ذلك أنها سجلت اكتشافات فريدة لحيوانات ونباتات نادرة في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية، وتسجيل محمية الملك سلمان الملكية ضمن «القائمة الخضراء» للمحميات الطبيعية، إلى جانب العديد من الجهود التي قامت بها المحميات الملكية، والمتجسدة في إطلاق الكائنات المهددة بالانقراض في نطاق أراضيها المحمية، وإعادة التأهيل البيئي، وتعزيز الجهود التطوعية البيئية.

تأتي هذه الجهود في سبيل تعزيز السياحة البيئية، ورفع نسبة الأراضي المحمية، وتحقيق تنمية متكاملة تحافظ على الإرث الطبيعي للأجيال القادمة.

النمو الاقتصادي

شهد عام 2024 تسارعاً في الأحداث، والإطلاقات، والفعاليات، والمناسبات التي امتدت على مدار العام، وهو ما فتح آفاقاً أوسع لتنمية مختلف القطاعات، وإطلاق إمكاناتها؛ بما يُسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام. فقد عُززت فرص التواصل بين القطاع الخاص، والمستثمرين، ورواد الأعمال، وأسهمت في استقطاب الاستثمارات، والخبراء، والمهتمين، والسياح من مختلف أنحاء العالم.

وفي مجمل الصورة، تسير المملكة بخطى واثقة نحو تحقيق معادلة متوازنة بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة، لتكون نموذجاً يُحتذى في الإقليم والعالم، في طريق بناء مستقبل أكثر إشراقاً وخضرة.


مقالات ذات صلة

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
الاقتصاد صورة عامة لمشروع «وايتستابل هايتس» السكني الجديد في بريطانيا (رويترز)

سوق الإسكان البريطاني يواصل التباطؤ في نوفمبر قبل إعلان الموازنة

أظهرت بيانات صادرة عن «بنك هاليفاكس» للتمويل العقاري، يوم الجمعة، أن سوق الإسكان في المملكة المتحدة شهد تباطؤاً في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

«إنفيديا الصين» تنهي 3 أيام من تراجع الأسهم الصينية

ارتفعت أسهم الصين يوم الجمعة، منهيةً سلسلة خسائر استمرت 3 أيام، ومعاكسةً خسائرها السابقة خلال الأسبوع

«الشرق الأوسط» (بكين)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
TT

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس»، أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

واستطلعت الدراسة آراء أكثر من 400 شركة قبل وبعد موافقة سويسرا الشهر الماضي، على اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية من 39 في المائة إلى 15 في المائة، حيث حدد نحو ربع الشركات بالفعل خطوات ملموسة ستتخذها، وفق «رويترز».

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من ثلث هذه الشركات قررت زيادة استثماراتها خارج سويسرا، ونقل إنتاجها وعملياتها إلى الخارج. وأفاد نحو 16 في المائة من الشركات بأنها ستنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، فيما ستتجه 10 في المائة إلى الولايات المتحدة، و5 في المائة أخرى نحو الاتحاد الأوروبي.

وشملت الخيارات الأخرى البحث عن أسواق جديدة، ورفع الأسعار، وحتى تعليق الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في «إيكونومي سويس»، إن نقل العمليات والاستثمار في الخارج لم يضر بسويسرا، التي تظل وجهةً تجارية جاذبة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وأنشطة البحث والتطوير.

وكجزء من الاتفاق، تعهدت برن أيضاً باستثمارات بقيمة 200 مليار دولار من شركاتها في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل على المدى الطويل.

وأشار بنك «يو بي إس» إلى أنه في حال نقل صناعة الأدوية - أكبر قطاع تصدير في سويسرا - جميع إنتاجها المتجه إلى الولايات المتحدة إلى هناك، فإن النمو الاقتصادي التراكمي السويسري على مدى 5 سنوات سينخفض من 10 في المائة إلى 7.7 في المائة.

وأضاف مينش أن سويسرا أصغر من أن تستوعب مبلغ 200 مليار دولار، لكنها تمتلك تاريخاً طويلاً في الاستثمار بالخارج، وقد ساعدت هذه الاستثمارات أيضاً في تأمين فرص عمل داخل البلاد.


حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.


الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق، مدفوعاً بارتفاع الاستثمارات وتحسن الاستهلاك المحلي، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن هيئة الإحصاء اليونانية يوم الجمعة.

وجرى تعديل نمو الربع الثاني بالخفض إلى 0.4 في المائة، إلا أن الربع الثالث أظهر ديناميكية أقوى في القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية، في مؤشر على استمرار زخم النمو رغم الضغوط التي تواجه الاقتصاد الأوروبي عموماً.

وأظهرت البيانات المعدلة موسمياً ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي النهائي بنسبة 0.6 في المائة، حيث ارتفع استهلاك الأسر بنسبة 1.2 في المائة، وزاد إنفاق القطاع الحكومي بنسبة 2.3 في المائة. ويعكس هذا الاتجاه تحسناً في ثقة المستهلكين، وتوسّعاً في الطلب المحلي، وهو عامل أساسي في اقتصاد يعتمد على الاستهلاك والسياحة.

وسجّل إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مؤشر رئيسي لقياس الاستثمار في الأصول طويلة الأجل، مثل المنشآت والبنية التحتية، ارتفاعاً لافتاً بلغ 3.5 في المائة، مقارنة بالربع السابق. ويأتي هذا التحسن في إطار سعي أثينا إلى جذب مزيد من الاستثمارات المدعومة بإصلاحات هيكلية وبرامج تمويل أوروبية ضمن خطة التعافي من آثار الجائحة.

كما سجّلت الصادرات، وخدمات السياحة التي تُعد ركيزة مهمة للدخل القومي، ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المائة. وفي حين تراجعت الواردات إجمالاً بنسبة 1.6 في المائة، وكانت الواردات السلعية الأكثر تأثراً بتراجع بلغ 2.3 في المائة، فقد ارتفعت واردات الخدمات 1 في المائة. وساهم تراجع الواردات في تخفيف الضغط على الميزان التجاري خلال الربع الثالث.

وفي تطور لافت يعزز صورة التعافي الاقتصادي، انخفض معدل البطالة في اليونان خلال الربع الثالث إلى 8.2 في المائة، مقارنة بـ8.6 في المائة في الربع الثاني، وفق بيانات هيئة الإحصاء الصادرة يوم الخميس. وحسب الأرقام، فقد بلغت البطالة بين النساء 10.6 في المائة مقابل 6.2 في المائة للرجال. وكان ما يقرب من 59 في المائة من العاطلين عن العمل هم من العاطلين لفترات طويلة (12 شهراً فأكثر). ويمثل هذا المعدل الأدنى للبطالة منذ أكثر من عقد، في بلد كان قد سجّل معدلات بطالة تجاوزت 27 في المائة خلال الأزمة الاقتصادية التي ضربته قبل سنوات.

وتعتمد اليونان في نموها على مزيج من نشاط السياحة القوي وارتفاع الاستهلاك المحلي وتحسّن الاستثمارات المرتبطة بخطة التعافي الأوروبية، إضافة إلى إصلاحات مالية وهيكلية دعمت ثقة المستثمرين. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، بما في ذلك ارتفاع الأسعار، وتكاليف الاقتراض الأوروبية، واستمرار حساسية الاقتصاد تجاه أي تباطؤ في قطاع السياحة... لكن بيانات الربع الثالث تعطي انطباعاً بأن اليونان تسير بثبات نحو تعزيز نموها الاقتصادي بعد سنوات من التقشف والأزمات.