‏40 ألف قطعة أثرية تعكس غِنى جوهرة العلا التراثية

أسفر عنها مشروع المسح الأثري لبلدة العلا القديمة

تحتضن العلا أكثر من 200 ألف عام من الإرث الإنساني والطبيعي الفريد (واس)
تحتضن العلا أكثر من 200 ألف عام من الإرث الإنساني والطبيعي الفريد (واس)
TT

‏40 ألف قطعة أثرية تعكس غِنى جوهرة العلا التراثية

تحتضن العلا أكثر من 200 ألف عام من الإرث الإنساني والطبيعي الفريد (واس)
تحتضن العلا أكثر من 200 ألف عام من الإرث الإنساني والطبيعي الفريد (واس)

مع بداية فصل جديد من الدراسات الأثرية واستكشاف الآثار التي تزخر بها منطقة العلا السعودية منذ آلاف السنين، أسفرت جهود فرق الآثار عن اكتشاف وجمع أكثر من 40 ألف قطعة أثرية، تساهم في تسليط الضوء على الحلقات المفقودة من تاريخ المنطقة المهمة في حسابات التاريخ. ‏

وتساهم اللُقى والمعثورات التي رصدتها الدراسات الأثرية التي تركزت في البلدة القديمة لمنطقة العلا التاريخية، في دراسة تاريخ المنطقة وتحليل أساليب الهندسة المعمارية في جنوب البلدة القديمة للعلا، حيث تركّز الدراسات التي يقوم بها الخبراء ضمن مشروع التحقيق التاريخي على البلدة القديمة لمنطقة العلا التاريخية القديمة، وتوثيق الديناميات الحضرية المتعددة، بمشاركة عدد من العلماء والخبراء من أنحاء العالم.

ويستهدف واحد من أكبر مشاريع التنقيب الأثري في العالم، الذي استأنف عمله مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في منطقة العلا، التي تعدّ واحدة من المناطق المهمة عبر الزمن، توصّل العلماء إلى اكتشافات جديدة والعثور على حلقات مفقودة في فهم التاريخ البشري والحضري للمنطقة، وإجراء دراسات مفصلة ومكثفة ترتقي إلى مستوى ما تتمتع به من دور محوري عبر العصور وموروث تاريخي وتراث ثقافي كبير. وتكشف الإعلانات الدورية بشأن المكتشفات ونتائج المسوح الأثرية عن قيمة وغنى الجوهرة التراثية السعودية التي تكتنفها المناظر الطبيعية الساحرة وآثار الممالك المنسية وعبق العصور التاريخية.

يشارك خبراء وعلماء وباحثون من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وأستراليا وتركيا وغيرها مع فرق سعودية في أعمال التنقيب (واس)

40 ألف قطعة أثرية

وأسفر مشروع أعمال المسح الأثري الميداني في البلدة القديمة، الذي انطلق لتحليل الهندسة المعمارية ودراسة تاريخها وتطورها عبر السنين، بالشراكة مع جهات علمية وبحثية دولية، وبمشاركة 8 طلاب سعوديين في الأعمال الميدانية، عن اكتشاف وتسجيل مجموعة مهمة من النتائج.

كما تمكن الفريق عبر 6 فترات من أعمال البحث والتنقيب، من جمع أكثر من 40 ألف قطعة أثرية، ونحو 218 نقشاً أثرياً، وأكثر من ثلاثة آلاف عنصر مسجل من خلال المسح الأثري، وألف قطعة فخار، بالإضافة إلى 5 أوراق بحثية شاركت بها هيئة العلا في المؤتمرات الدولية.

فصل جديد في الدراسات الأثرية

وتحتضن العلا أكثر من 200 ألف عام من الإرث الإنساني والطبيعي الفريد، الذي رسمت مختلف عصوره وحضاراته تطورات في تاريخ البشرية ومنها العصر النحاسي، الذي شكّل تطوراً اقتصادياً واجتماعياً في شمال غربي الجزيرة العربية.

وفي مطلع أكتوبر من هذا العام، بدأت بعثات تنقيبات ومسوحات أثرية أعمالها في مواقع تاريخية بمحافظة العلا، للحفاظ على الإرث الإنساني العريض، ومواصلة نجاح أعمال التنقيب عن الآثار، ومشاركة إرث العلا مع العالم، التي أضحت وجهة ثقافية عالمية، منذ أطلقت «رؤية السعودية 2030» العنان لقدراتها الثقافية والتاريخية، بما تمتاز به من جمال طبيعي وتراث إنساني نوعي، يجعل منها أكبر متحف حي في العالم.

ويشارك خبراء وعلماء وباحثون من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وأستراليا وتركيا وغيرها مع فرق سعودية في أعمال التنقيب في دادان، وقُرح، والبلدة القديمة، ومواقع أثرية في العلا وخيبر، لكشف المزيد من أسرار أرض الحضارات وفق برنامج موسمي معتاد كل عام، تستخدم فيه التقنيات الحديثة في أعمال التنقيبات والمسوحات، التي أثمرت اكتشافات مهمة جرى الإعلان عنها خلال الفترة الماضية.



اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».