هل تتحمل «أيام» طه حسين إنتاج أعمال درامية جديدة؟

احتفاء مصري بمرور نصف قرن على رحيله

طه حسين بعدسة فان ليو (الجامعة الأميركية بالقاهرة)
طه حسين بعدسة فان ليو (الجامعة الأميركية بالقاهرة)
TT

هل تتحمل «أيام» طه حسين إنتاج أعمال درامية جديدة؟

طه حسين بعدسة فان ليو (الجامعة الأميركية بالقاهرة)
طه حسين بعدسة فان ليو (الجامعة الأميركية بالقاهرة)

من بين الأعمال الأدبية المهمة التي كتبها عميد الأدب العربي د. طه حسين، تبرز في المقدمة رواية «الأيام» التي عدّها نقاد أحد أفضل وأجمل إبداعاته، هذه الرواية التي قدمت سينمائياً في فيلم «قاهر الظلام» عام 1978 وجسد شخصيته الفنان محمود ياسين وأخرجه عاطف سالم، كما قُدمت عبر مسلسل «الأيام» 1979 من بطولة الفنان أحمد زكي وإخراج يحيى العلمي، وقدمت مسرحياً عبر أكثر من عمل.

أحمد زكي وصفية العمري في مسلسل «الأيام» (أرشيفية)

وفي ذكرى رحيله الـ50 التي تواكب 28 أكتوبر (تشرين الأول)، عقد متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقارنة بين الفيلم والمسلسل، أو بالأحرى بين بطلي العملين الراحلين محمود ياسين وأحمد زكي، وبينما انحاز فريق إلى ياسين وفريق آخر إلى زكي، فإن فريقاً ثالثاً رأى أن الرواية يمكن إعادة تقديمها من جديد على غرار إعادة تقديم الأعمال الكلاسيكية التي تطرح بين وقت وآخر.

وعدّ كاتب السيناريو والمخرج بشير الديك «الأيام» دُرة من دُرر الأدب العربي، وأنه لكي يفكر في إعادة تقديمها لا بد من دراسة وافية لها عبر رؤية جديدة، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنها رواية مُلهمة وصالحة لكل زمان ومكان، وأنه قد يتحمس لتقديمها أحد شباب الكتاب أو المخرجين ولا بد من إنتاج يعي قيمتها.

وأكد الديك أن الفيلم والمسلسل اللذين أخذا عنها جاءا على مستوى جيد مع اختلاف التناول، ويتذكر الديك أنه اختار الراحل أحمد زكي لبطولة فيلمه «طائر على الطريق» في أولى بطولاته السينمائية بعدما شاهده في حلقات «الأيام».

ولا يخفي الديك انحيازه لأداء زكي، كما لا ينفي أنه قد يمثل صعوبة لأي ممثل يرغب في تقديمها من بعده، مبرراً ذلك بأن زكي كان يذاكر جيداً ويجتهد كثيراً ويتأمل الشخصية ويعيشها بكل كيانه، ويتدرب عليها طويلاً بينه وبين نفسه قبل أن يواجه الكاميرا.

ورغم تقديمه لشخصيات متباينة في أعمال فنية عديدة ناجحة، فإن الفنان أحمد عبد العزيز قال في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» إنه يتطلع لتجسيد شخصية طه حسين التي يرى أنها مليئة بالتحديات، وإنه إذا أتيح له ذلك فسيقدمها عبر إطار مختلف ورؤية مغايرة، مؤكداً أنه لا يخشى مقارنته بالنجم الراحل أحمد زكي، بل إن هذا الأمر سيكون حافزاً له وأنه يشرفه المقارنة به.

وحظي مسلسل «الأيام» الذي قدم في 13 حلقة باهتمام كبير عند عرضه قبل أكثر من 40 عاماً، وأدى نجاحه إلى ارتفاع مبيعات النص الأدبي الذي كتبه طه حسين.

وبحسب الناقدة خيرية البشلاوي فإن كلا من الفيلم والمسلسل يعد وسيطاً مختلفاً، ولكل منهما جاذبيته وأدواته.

وترى البشلاوي أن أداء زكي كان أقوى، ربما بسبب بيئته وتركيبته وإحساسه، الذي عبر من خلاله بقدر أكبر عن جوهر شخصية طه حسين، كما أن ملامحه تعكس إحساسا بالكدح والمعاناة والصلابة والتحدي، منوهة إلى أنه «اشتغل على نفسه كثيراً لكي يستوعب الشخصية ويقدمها على هذا النحو».

أحمد زكي مجسداً شخصية طه حسين في مسلسل «الأيام» (أرشيفية)

وتضيف البشلاوي لـ«الشرق الأوسط» قائلة إن «سيرة طه حسين تحتمل عشرات الأعمال وليس عملين أو ثلاثة»، مشيرة إلى أنه «سيظل أيقونة حية لا بد أن تتذكرها الأجيال طوال الوقت، فهذا الرجل القادم من صعيد مصر والذي أصيب بالعمى نتيجة الجهل، ليحمل لنا رايات التنوير كمصباح نادر نستضيء به، هو نموذج لا يتكرر كثيراً، ومن ثم لا بد أن نعيد تقديم سيرته فما أحوج الأجيال الجديدة لهذه القدوة».

وصدرت رواية «الأيام» في كتاب من 3 أجزاء يروي فيها سيرته الذاتية منذ طفولته في محافظة المنيا بصعيد مصر، وفقده لبصره، ثم مرحلة التحاقه بالأزهر، ثم الجامعة الأهلية وحتى حصوله على الدكتوراه من جامعة «السوربون» وعودته لمصر.


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».