«الغناء بالفصحى» يسدل الستار على نسخته الثالثة في الرياض

بعد أربعة أيام من الاحتفاء بـ«العربية» لغةً وشعراً ولحناً

المهرجان انطلق للمرة الأولى عام 2021 وعكس للجمهور براعة العربية في تمثيل المشاعر والصور (هيئة الموسيقى)
المهرجان انطلق للمرة الأولى عام 2021 وعكس للجمهور براعة العربية في تمثيل المشاعر والصور (هيئة الموسيقى)
TT

«الغناء بالفصحى» يسدل الستار على نسخته الثالثة في الرياض

المهرجان انطلق للمرة الأولى عام 2021 وعكس للجمهور براعة العربية في تمثيل المشاعر والصور (هيئة الموسيقى)
المهرجان انطلق للمرة الأولى عام 2021 وعكس للجمهور براعة العربية في تمثيل المشاعر والصور (هيئة الموسيقى)

بعد مشاركة 12 فناناً من مختلف أرجاء الوطن العربي، أسدلت هيئة الموسيقى الستار على النسخة الثالثة من مهرجان الغناء بالفصحى الذي أقيم في مدينة الرياض على مدى 4 أيام، للاحتفاء بالعربية الفصحى لغةً وشعراً ولحناً. واختتم المهرجان، الذي نظمته وزارة الثقافة على مسرح الفنان الراحل أبو بكر سالم، أمسياته الغنائية (الجمعة)، تغنّى خلالها عدد من الفنانين العرب، بفرائد القصائد وجواهر الشعر العربي في العاصمة السعودية، والذي أطلقته وزارة الثقافة احتفاءً باللغة العربية ومنتجها الشعري.

المهرجان بنسخته الثالثة امتد لأربعة أيام وشارك فيه 12 فناناً عربياً (هيئة الموسيقى)

وتألق الفنانون محمد عبده ولطفي بوشناق وولاء الجندي في أولى ليالي المهرجان الذي شهد لأربع ليالٍ إبداعات طربية، لاقت استحسان عشاق ومتذوقي الشعر الفصيح الذين احتشدوا في مسرح أبو بكر سالم بالرياض.

الفنانة السعودية الشابة أروى شاركت في أداء جواهر من الشعر العربي المُغنّى (هيئة الموسيقى)

كما قُدمت خلال ليالي المهرجان مجموعة من الأغاني الطربية والوطنية وقصائد الفصحى المُغنَّاة بطريقة تمزج الكلاسيكيات بالعروض الحديثة، في وصلات غنائية قدمها مطربون من المملكة والعالم العربي.

من جهتها، أعربت الفنانة ولاء الجندي، عن سرورها لوجودها في الرياض، التي تحتفي بأصالة اللغة العربية، وتعكس جوهرها الجميل وإبداع كل من ساهم في صنع تجربة شعرية وفنية، تحتفظ بوهجها مع مرور الزمن، وخلال فقرتها تغنت ولاء بمجموعة من روائع الغناء بالعربي الفصيح، كما قدمت بإحساس صادق وأداء لامع للجمهور السعودي أغنية «سيروا إلى المجد والعلياء». وفي الليلة الأولى من مهرجان الغناء بالفصحى، أنشد فنان العرب محمد عبده، خلال ساعة كاملة 4 من أجمل وأجود أغانيه بالشعر الفصيح التي قدمها خلال مسيرته الفنية الطويلة، ومن بينها الأغنية الشهيرة «أنشودة المطر»، التي أنصت إليها الجمهور بإحساس عميق.

كما تألق في المهرجان الفنان التونسي لطفي بوشناق، الذي وجّه تحية خضراء إلى الجمهور السعودي المتذوق للفن، وأطرب محبيه بعزف منفرد بالعود، ثم شارك مع فرقته روائع من الغناء، كما قدم إبداعاتهم الفنانون كاظم الساهر وجاهدة وهبة والنجمة السعودية الشابة أروى. وفي الأسبوع الثاني من المهرجان، أبدع الفنانون صابر الرباعي وأصالة والفنان برهان الذي مثل الموهبة السعودية. وفي اليوم الذي يليه شهدت ليالي المهرجان مشاركة الفنان محمد ثروت والفنانة مي فاروق، في حين أطل الفنان وائل كفوري على جمهوره في ختام أمسيات المهرجان الذي شهد حضوراً جماهيرياً استمتع بتفاصيل الأغنيات واللحظات التي اندمجت فيها الموسيقى الشرقية بالكلمة العربية.

الفنان صابر الرباعي يؤدي وصلته في مهرجان الغناء بالفصحى بالرياض (هيئة الموسيقى)

المهرجان الذي انطلق للمرة الأولى عام 2021 عكس للجمهور براعة اللغة العربية في تمثيل المشاعر والصور، وقدرة الفنانين على الأداء، كان فرصة لاستعادة الكثير من فرائد القصائد العربية التي كُتبت عبر التاريخ، واكتست بفضل قوة اللحن وبراعة الأداء ثوباً جديداً خلال المهرجان السعودي للغناء بالفصحى.

تجدر الإشارة إلى أن مهرجان الغناء بالفصحى يأتي ضمن جهود وزارة الثقافة لتحقيق هدفها الاستراتيجي للعناية باللغة العربية، وتعزيز حضورها في المجتمع وتحويلها إلى نمط حياة، ويتزامن مع مبادرة عام الشعر العربي 2023 لإحياء تاريخ الشعر العربي العريق، وتعزيز حضوره في الحضارة الإنسانية، وإرساء قواعد ثرائه المستقبلي، وإحلاله في مكانته المستحقة بين آداب العالم وفنونه؛ إذ تتضافر فنون اللغة والشعر والموسيقى والغناء.


مقالات ذات صلة

«الأقصر للسينما الأفريقية» في مرمى الأزمات المالية

يوميات الشرق مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية شهد حضور فنانين مصريين ومن دول أفريقية (صفحة المهرجان على «فيسبوك»)

«الأقصر للسينما الأفريقية» في مرمى الأزمات المالية

شهد معبد الأقصر، مساء الخميس، انطلاق فعاليات الدورة 14 من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، وسط تحديات عدة أبرزها الأزمة المالية نتيجة تقليص ميزانية المهرجانات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من أفلام شاشات الواقع «النهار هو الليل» لغسان سلهب (المكتب الإعلامي للمهرجان)

مهرجان «شاشات الواقع» في دورته الـ19 بانوراما سينما منوعة

نحو 35 فيلماً وثائقياً طويلاً وشرائط سينمائية قصيرة، يتألف منها برنامج عروض المهرجان الذي يتميز هذه السنة بحضور كثيف لصنّاع السينما اللبنانيين.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لوحة ألوان زاهية (أ.ف.ب)

مناطيد الهواء الساخن تُزيِّن سماء النيبال

أطلقت بوخارا أول مهرجان لمناطيد الهواء الساخن يُقام في النيبال، إذ تحوّلت سماء المدينة لوحةً من الألوان الزاهية ضمن مشهد شكّلت ثلوج قمم «هملايا» خلفيته.

«الشرق الأوسط» (بوخارا (النيبال))
يوميات الشرق حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

يقدم مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في مدينة الرياض، رحلة ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة.

عمر البدوي (الرياض)

القاهرة الخديوية «المرهَقة» تسعى إلى استعادة رونق الزمن الجميل

ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
TT

القاهرة الخديوية «المرهَقة» تسعى إلى استعادة رونق الزمن الجميل

ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

جولة قصيرة في شوارع القاهرة الخديوية، المعروفة بوسط البلد، كافية لإدراك الثروة المعمارية التي تمثّلها المنطقة، ما بين طُرز معمارية متنوّعة، وأنماط في البناء وتخطيط للشوارع، وزخارف ورسوم على الواجهات التراثية، تعكس حسّاً فنياً يستدعي نوستالجيا من عصور مضت.

وتعرَّضت القاهرة الخديوية في الأعوام الـ50 الماضية إلى طفرات من النزوح والتغيير، ليقبع هذا الحيّ الذي أمر الخديوي إسماعيل ببنائه عام 1872، بهدف محاكاة باريس، تحت وطأة التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية. ويبدو أنّ طبيعة المكان بوصفه مركزاً تجارياً جعلته عرضة لتغييرات جذرية نالت من هيئة مبانيه وعادات سكانه وروحه.

تسعى مصر إلى استعادة القاهرة الخديوية برونقها القديم، وهو ما أكده رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، لتصبح هذه المنطقة جاذبة سياحياً وتجارياً وثقافياً؛ معلناً أنّ مشروع التطوير سيتطلّب تخصيص عدد من شوارع القاهرة الخديوية للمشاة فقط.

يأتي هذا التوجه ضمن خطة يُشرف عليها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري تتضمّن 4 مراحل، وفق ما يورده الجهاز في كتابه السنوي. وتستهدف الخطة تطوير منطقة وسط المدينة وإعادة إحيائها، وتحويل مشروع القاهرة الخديوية وجهةً سياحيةً وثقافيةً عالميةً، مع تعزيز رونق العاصمة التاريخي والحضاري، بالتعاون بين الجهاز ومحافظة القاهرة والجهات المعنية.

ممر «بهلر» من الطُرز المعمارية المميّزة في القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

وزار عدد من المسؤولين، قبل أيام، مُثلث البورصة وشارع الشريفين لرفع كفاءتهما، وكذلك رفع كفاءة شارع الألفي وسرايا الأزبكية، والشوارع المتفرّعة منها. وأعلن الجهاز التدخّل على مستويين، هما التصميم العمراني وتطوير الواجهات، وفق تصوّر لإعادة إحياء الميادين الرئيسية في القاهرة الخديوية والمباني التراثية المطلّة عليها.

وقد رُمِّمت واجهات المباني وعُدِّلت واجهات المحلات، وأُزيلت جميع التعدّيات والمخالفات على واجهات المباني التراثية، في نطاق شارع قصر النيل، بدايةً من ميدان طلعت حرب، حتى ميدان مصطفى كامل، وفق إفادة رسمية.

وخلال مداخلة تلفزيونية، أكد عضو اللجنة العليا في جهاز التنسيق الحضاري، الدكتور أسامة النحاس، مواصلة العمل بشكل مكثّف على مشروع «تطوير القاهرة الخديوية»، لإعادة القاهرة التاريخية إلى سابق عصرها بكونها واحدةً من أهم المدن التراثية في العالم وأكبرها؛ موضحاً أن «جميع التعدّيات أُزيلت مِن على الواجهات والمباني التاريخية، سواء من المحلات أو الإعلانات وجميع الإشغالات التي تشوّه الصورة البصرية للقاهرة الخديوية»، ومؤكداً الحرص على تعزيز رونق العاصمة التاريخي والحضاري الناجم عن تفاعل العمارة المصرية الفرعونية بالغربية.

في المقابل، أشار متخصّصون في العمارة التاريخية، من بينهم مديرة «بيت المعمار المصري» سابقاً، الدكتورة هبة صفي الدين، إلى أكثر من مسار لتطوير القاهرة الخديوية، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أنّ «التطوير لا يقتصر على الأنماط المعمارية فقط، وإنما يمتدّ لاستعادة روح المكان، وما يمثّله من تاريخ عريق، إلى جانب ترميم وإعادة تأهيل المباني ذات الطراز المعماري المميّز».

أحد العقارات قيد التطوير (الجهاز القومي للتنسيق الحضاري)

وكلّف الخديوي إسماعيل، المعماري الفرنسي هاوسمان، بتصميم القاهرة الخديوية وتنفيذها في وسط مدينة القاهرة عام 1867، وتصل المساحة التي خُصصت لذلك إلى 20 ألف فدان، وتضمَّنت طُرزاً معمارية فريدة أسهم فيها معماريون فرنسيون وإيطاليون وألمان ومصريون، وفق خبراء ومؤرخين.

وتشهد منطقة وسط البلد أعمال تطوير وترميم؛ الأمر الذي يظهر في واجهات عدد من المباني، لتستعيد طابعها المعماري التراثي. وبعضها، إنْ لم يكن تراثياً، فله طراز معماري مميّز، وفق تصريح تلفزيوني لرئيس جهاز التنسيق الحضاري، المهندس محمد أبو سعدة، الذي أشار في السياق عينه إلى وجود خطة موسَّعة لتطوير منطقة وسط البلد، واستخدام المباني التاريخية بالطريقة المناسبة.

وبالتوازي والتنسيق مع الجهود الحكومية، تعمل شركة «الإسماعيلية» التي تمتلكها مجموعة من رجال الأعمال على ترميم وإعادة تأهيل 25 عقاراً ضمن أصول الشركة بوسط البلد، «القاهرة الخديوية»، باستثمارات وصلت إلى نحو 500 مليون جنيه (الدولار يساوي 50.56 جنيه مصري)، وفق تصريحات إعلامية سابقة لرئيسها.

«الحفاظ على القاهرة الخديوية نمطاً حضارياً في المعمار يجب أن توازيه استعادة ثقافة المكان عبر سلوك البشر، فلا يصحّ ترك الأمر لتغيّرات الزمن التي سمحت للعشوائية بالزحف إلى أماكن عدّة في وسط البلد»، وفق صاحب مشروع «القاهرة عنواني»، محمود التميمي، لاستعادة الطابع التراثي وروح المدينة، الذي يشيد بجهود جهات عدّة تسعى إلى استعادة رونق القاهرة الخديوية، لكنه يُشدّد على ضرورة ربط تطوير المعمار وترميمه بالحفاظ على سلوكيات المكان وثقافته.

مبنى تراثي مفترض ترميمه في المرحلة الثالثة (الجهاز القومي للتنسيق الحضاري)

وتضمّ القاهرة التاريخية أحياء عدّة، مثل: عابدين، وقصر النيل، والزمالك، وبولاق أبو العلا، وميادين التحرير وطلعت حرب ومصطفى كامل والأوبرا بالعتبة؛ وشوارع شهيرة؛ مثل: قصر النيل، وطلعت حرب، وباب اللوق، وشريف، وعدلي، ونوبار، وعماد الدين، ومحمد فريد، و26 يوليو (شارع فؤاد سابقاً).

وبينما يستعيد صاحب مشروع «القاهرة عنواني» نمطاً مميّزاً للنوادل في أربعينات القرن الماضي وخمسيناته، حين كانوا يرتدون أزياء أنيقة تتمثّل في القميص الأبيض وربطة العنق على شكل فراشة، والجاكيت الأبيض، والبنطلون الأسود، كما في أفلام الأبيض والأسود؛ يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يصحُّ أن تُرمَّم وتُطوَّر العقارات المميّزة، ثم أجد تحتها مقهى يضمّ كراسي بلاستيكية، ونادلاً يرتدي الجينز و(تي شيرت) غريب و(شبشب) في قدمه». ويوضح: «على كراسي المقاهي في هذه المنطقة التحلّي بـ(كود) يُوضع بطريقة تليق بطبيعة المكان ولا يتحرّك من مكانه».

وفي كتابه «مقتنيات وسط البلد»، يرصد الكاتب المصري الراحل مكاوي سعيد عدداً من الأماكن التي لا تزال تحتفظ ببريقها، وكان لها دور فاعل في الحياة الثقافية والترفيهية في القاهرة التاريخية والحكايات التي تدور حولها، مثل: مقاهي «ريش»، و«غروبي»، و«النادي اليوناني»، و«ستوريل»، و«أسترا»، و«علي بابا»، وقهوة «الحرية»، وكثير من الأماكن التي لا يزال بعضها باقياً، والآخر أزاحته محلات الأحذية والوجبات السريعة.

ويلفت إلى أنّ بعض الأماكن الثقافية والترفيهية، مثل: «كلوب محمد علي»، وهو حالياً «النادي الدبلوماسي»، و«كافيه ريش»، لعبت دوراً في تطوّر الحياة الثقافية والفنّية في مصر، مضيفاً: «كذلك فندق (سافوي) الذي بُنيت مكانه عمارات (بهلر)، ودور العرض السينمائي التي اشتهرت بها المنطقة، ومنحتها طابعاً ثقافياً مميّزاً نتمنّى استعادته ضمن خطط التطوير الجديدة».