كراسٍ تمثّل التساقُط زيّنت واجهة مبنى «ليييغر» الباريسي الفاخر
جزء مخفي من العمل يولّد انفصالاً مع «الفوضى» في الخارج
العمل يضيء على العلاقة بين الفن والهندسة المعمارية (أ.ف.ب)
باريس:«الشرق الأوسط»
TT
باريس:«الشرق الأوسط»
TT
كراسٍ تمثّل التساقُط زيّنت واجهة مبنى «ليييغر» الباريسي الفاخر
العمل يضيء على العلاقة بين الفن والهندسة المعمارية (أ.ف.ب)
أنجز الفنان الياباني تاداشي كاواماتا، المتخصّص في الأعمال الفنية التي لا يمكن نقلها من موقع ابتكارها، والملتزم بنهج مسؤول بيئياً، عملاً يتمثّل بمجموعة كراسٍ خشبية تبدو كأنها تتساقط من الطبقة الثالثة، زيّن به واجهة أحد المباني الراقية في باريس.
وتحدّث كاواماتا لوكالة الصحافة الفرنسية عن عمله الفنّي المُنجَز على شكل «عشّ» على مبنى معرض «ليييغر» للتصميم الداخلي الفاخر، فقال: «إنه يضيء على العلاقة بين الفن والهندسة المعمارية، ويطرح مسألة الاستخدام المختلف للأثاث».
هذا العمل نتاج عملية تبرّع بأربعة أطنان من الأثاث القديم، نظمتها جمعية «إمايوس»، نصبه الفنان في موقع يتّسم بأهمية كبيرة يزيد من وَقْعه، فأقامه في مركز للسلطة، في شارع فوبور سانت - أونوريه، على مرمى حجر من قصر الإليزيه. ويمثّل هاجساً ورثه الفنان من الأساطير اليابانية القائلة إنّ إنشاء عشّ طيور في مبنى هو «مؤشر حماية».
وأشار كاواماتا إلى أنّ جزءاً مخفياً من عمله داخل المبنى، يولّد انفصالاً مع «الفوضى» الكامنة في الخارج ويتيح للزائر إمكانية الدخول إلى قلب «العش».
وأنجز كاواماتا مئات الأعمال الفنية التي نصبها في موقع ابتكارها في فرنسا وحول العالم؛ من مونتريال إلى طوكيو، مروراً بنيويورك وبرشلونة؛ وفي مركز بومبيدو وعلى ضفاف نهر لوار في نانت. وتثير أعماله دائماً ردود فعل قوية، فـ«إما يحبّها الناس أو يكرهونها»، وفق ما يُمازح.
يتمتع شتاء لبنان بخصوصية تميّزه عن غيره من المواسم، تنبع من مشهدية طبيعة مغطاة بالثلوج على جباله، ومن بيوت متراصة في المدينة مضاءة بجلسات عائلية دافئة.
الفنان أحمد مناويشي ولوحاته (إنستغرام «آرت ديستريكت»)
يتمتع فصل الشتاء في لبنان بخصوصية تميّزه عن غيره من المواسم. فهي تنبع من مشهدية طبيعة مغطاة بالثلوج على الجبال، ومن بيوت متراصة في المدينة مضاءة بجلسات عائلية دافئة. موسم ينتظره اللبنانيون موعداً سنوياً ينظمون فيه جلسات محورها «الكنكن»، أي ما يرمز إلى البقاء في المنازل، فيجتمعون ضمن حلقات سمر وسهر يمضون الليالي الملاح.
ويأتي معرض «نسيج الشتاء» في غاليري «آرت ديستريكت» في منطقة الجميزة وليد هذه الأجواء. يقول ماهر العطار صاحب الغاليري وأحد المشاركين في المعرض: «استوحيت اسم المعرض من زمن الشتوية في لبنان، وليرتكز على موضوعات نابعة من هذا الموسم. ولكن وبُعيد انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون شعرت بالتفاؤل كما معظم اللبنانيين، فقررت تلوينه بلوحات تشكيلية زاهية تبعث على الأمل».
يتألّف المعرض من مجموعة منحوتات لسابين كرم وساندرا بطرس، وكذلك من صور فوتوغرافية ضخمة موقعة من قبل ميشال صوفيا وخضر شرّي ودانييل عبد الساتر وماهر العطار، وتتوزع على حيطانه لوحات تشكيلية للوسي بوشوغليان وأحمد مناويشي. جميعها تأخذ ناظرها إلى رحلة شتوية تُشرق فيها الشمس بين فينة وأخرى.
فـ«طيور السلام» للنحاتة سابين كرم المصنوعة من البرونز والريزين تحلّق حولك ملونة ويطغى عليها الأبيض. فيما منحوتات الفنانة السورية ساندرا بطرس تعبق بفنون الحياة. وقد حفرت هذه الكلمة (الحياة) محبوكة بفن النحت على الرخام.
وفي مجموعة الصور الفوتوغرافية، تستوقفك تقنيات مختلفة. فدانييل عبد الساتر يغطس في مياه البحر الدافئة كي تولد من كاميرته ملامح امرأة في وجوه ثلاثة، متبعاً فن التصوير الديجيتال، حيث تصطف لوحاته الثلاث جنباً إلى جنب كي تتأمل تطورها. وتدرك في هذه السلسلة القصيرة عند وضوح الصورة، بأن المرأة عنوانها.
أما ماهر العطّار فتتأرجح صوره بين عالم التصوير الصحافي وطبيعة لبنان مستخدماً تقنية الـ«لوموغرامي». صاحب تجارب عالمية في التقارير المصورة الصحافية تلمس حرفيته في التقاط اللحظة. وتبرز في أعماله لعبة الأبيض والأسود المشبعة بفنون الشجن والسكون. وفي لوحته «معبد الشجر» يأخذك في رحلة إلى إحدى المناطق (فقرا) كي تكتشف أسرار سحر طبيعة لبنان. وفي لوحة «مطاردة الملاك» يخيّل إليك أنك وسط صحراء تحيط بها الهضاب الرملية، وتفاجأ بأنها صورة التقطها لـ«سد شبروح» في منطقة كسروان.
أما خضر شرّي المقيم في كاليفورنيا فمحور صوره لعبة الضوء. نرى أن لوحاته «الحرية» و«الأبدية» مصدر نورٍ قوي مرات ومخبأ العتمة مرات أخرى. تنقل كاميرته الفوتوغرافية مناظر مختلفة، بينها ما يتعلق ببحر وشواطئ كاليفورنيا.
يؤكد ماهر العطار في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن هدف تأسيسه «آرت ديستريكت» هو إعادة الصورة الفوتوغرافية إلى الواجهة. «لقد تبدّلت مقاييس جمالية هذا الفن اليوم، وصارت عملية يستهلها بعضهم من خلال التقاطهم الصور بجهازهم الجوَّال. هناك جهل مع الأسف في موضوع الصورة. فالمجهود التقني ما عاد رائجاً لتقديم هذا الفن على المستوى المطلوب. ولذلك أعود في هذا الغاليري لأضع مقاييسه الأساسية على الخط المستقيم. وهناك لبنانيون كُثر يشتاقون لرؤية الصورة الفوتوغرافية الأصيلة، والمشغولة بجهد ومن زوايا مختلفة».
في مجموعة صور ميشال صوفيا نبحر في فن التصوير الفوتوغرافي التأملي.
يدخلنا إلى أرض أفريقيا التي حضنت نيلسون مانديلا من خلال نصب نظارات عملاقة، يستخدمها في مشهد ثُلاثيّ الأبعاد لنقل نظرة مستقبلية، وكذلك إلى مدينة نيس الفرنسية لاكتشاف خصائصها بعينه الثاقبة. فهو طبيب نفسي معالج ويهوى في الوقت نفسه التصوير الفوتوغرافي، وتتّسم أعماله بنفحة من الراحة النفسية.
وبريشة لوسي بوشوغليان الزيتية يتفجّر الفرح بمشهدية ملونة. وتتشابك فيها أشكال هندسية مع أفكارها الثائرة، فتؤلف خلطة فنٍ تشكيليٍ بدوائرَ وشخبطات وملامحَ مبهمة.
لوحتان للمصري أحمد مناويشي تتقابلان بين مدخل الغاليري وبوابة الخروج، حيث تمضي رحلة قصيرة مع عمليه المعروضين، وهي جزء من معرضه الأخير «المجهول».