الطريق إلى مكة: خريطة نادرة من القرن الـ17 للبيع

في مزاد «بونهامز» للفنون الإسلامية والهندية... واحدة من 3 قطع في العالم

خريطة العالم مصنوعة من النحاس تعرض للبيع في مزاد الفنون الإسلامية بدار بونامز بلندن (بونهامز)
خريطة العالم مصنوعة من النحاس تعرض للبيع في مزاد الفنون الإسلامية بدار بونامز بلندن (بونهامز)
TT
20

الطريق إلى مكة: خريطة نادرة من القرن الـ17 للبيع

خريطة العالم مصنوعة من النحاس تعرض للبيع في مزاد الفنون الإسلامية بدار بونامز بلندن (بونهامز)
خريطة العالم مصنوعة من النحاس تعرض للبيع في مزاد الفنون الإسلامية بدار بونامز بلندن (بونهامز)

ضمن مزادها الفصلي للفنون الإسلامية والهندية، تعرض «بونهامز للمزادات» خريطة رائعة ونادرة للغاية للعالم الإسلامي تتمركز حول مكة المكرمة، وهي تحفة من عصر الدولة الصفوية في بلاد فارس.

تعد الخريطة، التي كانت معروضة سابقاً في «متحف هارفارد للفنون»، وترجع إلى الربع الأخير من القرن السابع عشر، أفضل خريطة عالمية لمركزية مكة المكرمة وأكثرها اكتمالاً، وهي واحدة من ثلاثة أمثلة باقية فقط (تم اكتشاف الاثنتين الأخريين في 1989 و1995). وتعد الخريطة أهم أداة علمية إسلامية تعرض في المزاد العلني، ويتراوح سعرها تقديراً ما بين مليون ونصف المليون إلى مليوني جنيه إسترليني.

قطعة نحاسية تحمل نقشاً يمثل خريطة العالم تعود للقرن الـ17 تعرض للبيع في المزاد (بونهامز)
قطعة نحاسية تحمل نقشاً يمثل خريطة العالم تعود للقرن الـ17 تعرض للبيع في المزاد (بونهامز)

من جانبه، علق نيما ساغارشي، رئيس قسم فنون الشرق الأوسط والعالم الإسلامي وجنوب آسيا في «دار بونهامز»، قائلاً: «تعد هذه الخريطة الإسلامية النادرة والآسرة في القرن السابع عشر شهادة على عظمة ودقة الفن والعلوم الإسلامية. تظهر هذه التحفة الفنية في السوق للمرة الأولى، ولها سجل ملكية متميز يؤكد على مكانتها كمثال رفيع من الحرفة العلمية الإسلامية».

وقد كان اكتشاف هذه الخرائط بمثابة نقطة تحول حقيقية في الفهم الأكاديمي لرسم الخرائط الإسلامية. وقد اعترف المؤرخ والمؤلف الدكتور ديفيد كينغ، بأنها الأمثلة الوحيدة الباقية على خرائط العالم الإسلامي مع تحديد المواقع بصورة صحيحة على شبكة إحداثيات، وقد أحدثت الخرائط ثورة في فهمنا لرسامي الخرائط المسلمين والتطور العلمي لأدواتهم.

ويشير كينغ إلى أن «هذه الأدوات من نوع لم يكن معروفاً في السابق من تاريخ العلم». ويتابع كينغ قائلاً: «إن أبرز خصائص هذه الخرائط هي الطبيعة المعقدة للرياضيات التي تستند إليها. وكقطع أثرية تكمن أهميتها في كونها الأمثلة الوحيدة المعروفة لتقليد رسم الخرائط في العصور الوسطى الذي يتميز بالتطور الرائع».

في جوهرها، فإن غرض الخريطة بسيط للغاية، ألا وهو توجيه الناظر إلى مكة، ومع ذلك فإن أهميتها التاريخية تمتد إلى أبعد من استخدامها؛ إن خريطة مكة المكرمة تعبر عن مركزية مكة، وبمعنى أوسع عن وقت كان الشرق الأوسط في حد ذاته يمثل نقطة محورية فكرية وفنية وعلمية للعالم بأسره.

ويُعتقد أن الخريطة مصدرها أصفهان، وهى مدينة تشتهر ببراعة صناعة المعادن، وتحمل الخريطة توقيعاً بالاسم الأول لصانعها «حسين»، الذي يعتقد أنه ينتمي إلى المستويات العليا من مبدعي الآلات لهذه الفترة. هناك أيضاً لقب «سيف الدولة» الذي يشير إلى الراعي أو الشخص الذي أمر بصنعها، وهو لقب شرفي يُستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ويعني «حامي المملكة». وكان هذا اللقب يُمنح لشخص صفوي أو نبيل أو موظف عام من رجال البلاط.

الخريطة أمامنا كانت مُعارة لـ«متحف هارفارد» لأكثر من 15 عاماً. وفي الآونة الأخيرة عُرضت في «متحف نيلسون أتكينز» في كانساس. كما ظهرت الخريطة في العديد من المعارض والمطبوعات المرموقة، بما في ذلك معرض تذكاري للأعمال المعدنية الإسلامية في «متحف هارفارد» عام 2002، ومعرض كبير للآثار السعودية نظمته «الهيئة السعودية للسياحة»، ومؤسسة «سميثسونيان».


مقالات ذات صلة

الكائن الفضائي «إي تي»... للبيع

يوميات الشرق «إي تي» يُجسِّد براعة عصر آفل (إ.ب.أ)

الكائن الفضائي «إي تي»... للبيع

تطرح دار «سوذبيز» في نيويورك نموذجاً أصلياً لشخصية الكائن الفضائي «إي تي»، استُخدم في فيلم «E.T. the Extra-Terrestrial» للمخرج ستيفن سبيلبرغ، للبيع في مزاد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق غرقُ السفينة يُعكّر رقصة الزوجين (غيتي)

بيع لوحة نادرة تُظهر سخرية بانكسي بـ4 ملايين إسترليني

اللوحة الزيتية تحمل عنوان «كرود أويل (فيتريانو)»، وأحياناً تُطلَق عليها تسمية «توكسيك بيتش»، وقد عُرضت للمرّة الأولى في المعرض الكبير لبانكسي عام 2005.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون «جواد سليم: حياة جديدة»... معرض وإطلاق كتاب

«جواد سليم: حياة جديدة»... معرض وإطلاق كتاب

استضاف دار ومزاد بونهامس في لندن معرضاً وحفلاً لإشهار أول كتالوج فني شامل مخصص لأعمال الفنان العراقي الرائد جواد سليم

فيء ناصر (لندن)
العالم صورة تظهر سجن كريستي السابق على ضفاف نهر نيفا في سان بطرسبرغ (أ.ف.ب)

احتُجز داخله ثوار ومعارضون... بيع سجن روسي بمزاد لتحويله إلى فندق ومطاعم

بيع في المزاد سجن شهير في مدينة سان بطرسبرغ الروسية سبق أن احتُجز داخله ثوار ومعارضون، بهدف تحويله إلى فندق ومطاعم.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق وجوهٌ لا تُنسى (غيتي)

ميدالية نادرة من «حرب النجوم» قد تُباع بـ476 ألف إسترليني

يُعتقد أنّ الميدالية ارتداها الممثل الأميركي هاريسون فورد، وقد لعب دور «هان سولو» خلال بروفات الفيلم الذي أنتج عام 1977

«الشرق الأوسط» (لندن)

مبدعات فلسطينيات يحافظن على فنٍّ مهدد بالزوال

مبدعات فلسطينيات يحافظن على فنٍّ مهدد بالزوال
TT
20

مبدعات فلسطينيات يحافظن على فنٍّ مهدد بالزوال

مبدعات فلسطينيات يحافظن على فنٍّ مهدد بالزوال

إحدى ذكريات عبير بركات المبكرة كانت عن شغف والدها بالتطريز، وهو تطريز فلسطيني تقليدي يتضمن أنماطاً وزخارف يدوية على الملابس والأوشحة وأغطية الأسِرّة والوسائد. كان والدها يجمع الأثواب - فساتين فضفاضة مطرزة ترتديها النساء الفلسطينيات - ليجمع، في النهاية، مجموعةً واسعةً من قِطع التطريز التقليدية الفريدة التي صنعتها نساء فلسطين منذ عقود، كما كتبت خافيريا خالد(*).

فساتين فلسطينية - تُحف قديمة

تقول عبير بركات: «ما زلت أذكر كم كان شغوفاً به، وكيف كان يروي لنا قصصاً مختلفة عنه. كان يقتني هذه الفساتين الفلسطينية القديمة [بعضها] قِطعٌ متحفية، بصراحة؛ لأنها لم تعد موجودة».

وبعد ما يقرب من 15 عاماً من العمل في أدوار تسويقية مختلفة، قررت عبير بركات الجمع بين خبرتها وشغفها بالتطريز وبدء الحفاظ على قِطع التطريز التاريخية. وتقول: «كان تاريخاً وتراثاً غنياً للغاية لدرجة أنه كان لا بد من إعادة توظيفهما»، مضيفةً أن «عدداً من القرى التي ينحدر منها التطريز لم تعد موجودة».

«جيل» لتراث غني

لهذا السبب أسست «جيل (Jeel»، والتي ترمز إلى الجيل باللغة العربية - وهو اسم اختارته لأنه يعكس هدفها في الحفاظ على تراث غني ونقْله إلى الأجيال المقبلة. ومنذ إطلاق العلامة التجارية عام 2014، نَمَت لتصبح مشروعاً مُربحاً يبيع مجموعة من التطريزات النابضة بالحياة، حيث جمعت أكثر من 18000 متابع على «إنستغرام».

ومع تحذير وكالة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» من أن التطريز معرَّض لخطر الاندثار من الذاكرة الجماعية، تركز علامات تجارية مثل «جيل» وغيرها على الحفاظ على التراث الفلسطيني.

التطريز ونسيج الهوية الفلسطينية

تاريخياً، شكَّل التطريز أيضاً الهوية الثقافية للفلسطينيين، إذ ينسج التطريز أصول وتاريخ الفلسطينيين في أنماطه وألوانه المتنوعة. تقول بركات: «كانوا يعرفون حتى الوضع الاجتماعي للشخص، بناءً على ما يرتديه. فأغطية الرأس في الأزياء الفلسطينية تعكس ما إذا كان هذا الشخص غنياً أم لا».

وكما أسهم التطريز في بناء هوية قوية للشعب الفلسطيني قبل عقود، أسست بركات «جيل»، على أمل أن تُحدث هذه الحرفة التغيير نفسه بالنسبة لها.

امرأة فلسطينية مهددة الهوية

وعلى الرغم من نشأتها في القدس بصفتها فلسطينية مسلمة، تقول إنها كثيراً ما كانت تكافح لفهم هويتها، حيث كانت تشعر بأنها مهددة باستمرار. تقول بركات: «سيخبرك كل فلسطيني أن هناك دائماً جزءاً منا يشعر بالحاجة إلى الحفاظ على [تراثنا] لأننا نشعر بالخطر في كل مرحلة من مراحل حياتنا. نشعر دائماً بالخطر لنؤكد وجودنا؛ لأنه في كل مرحلة من مراحل وجودنا، نواجه تحدياً بشأن كوننا فلسطينيين».

تصاميم سوزي التميمي

هذه الحاجة المُلحة للحفاظ على الهوية الفلسطينية حفَّزت سوزي عدنان التميمي، مصمِّمة فلسطينية مقيمة في نيويورك، على بدء تنفيذ تصاميم تطريز خاصة بها عام 2014.

وبعد عامين من بدء المشروع، حظيت التميمي بفرصة فريدة تصفها بأنها «نقطة انطلاقها»؛ ففي عام 2016، دعتها الأمم المتحدة لتصميم نسخة معاصرة من الزي الفلسطيني التقليدي لمعرض يهدف إلى الحفاظ على الهوية الفلسطينية. وقد صممت ثوباً عصرياً من قصاصات التطريز التي اشترتها من حنان منير، وهي شخصية مشهورة تُقيِّم القِطع الفنية، وجامعة للتطريز. عُرض الثوب في مقر الأمم المتحدة لمدة شهر.

وأدت تجربتها في الأمم المتحدة إلى تعميق شغفها بإعادة ابتكار التطريز، واستكشاف طرق لتحديث هذه الحرفة، وإيصال التطريز الفلسطيني إلى جمهور عالمي أوسع.

واليوم، تضم علامة تميمي التجارية للتطريز أكثر من 29000 متابع على «إنستغرام».

في مخيمات اللاجئين بجنين

تعمل التميمي مع نساء فلسطينيات في مخيمات اللاجئين بمدينة جنين في الضفة الغربية لإعادة توظيف التطريز، ودمجه مع التصاميم العصرية. وقد مكّنها أسلوبها العصري في التطريز من جذب فئة عمرية أصغر سناً. وتقول التميمي: «بدأتُ أبتكر أفكاراً مبتكرة وجديدة وعصرية، مثل الأحذية الرياضية المطرزة، أو أحزمة الغيتار، أو البدلات الرياضية، أو القبعات ذات الحواف العريضة، إنها تُشبه، إلى حد ما، أجواء الملابس الرياضية العصرية».

تنامي الوعي في خضم الأزمة

مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت كل من بركات والتميمي نمواً في عدد متابعيهما، ما أدى إلى مشاعر متضاربة حول تنامي شهرة التطريز نتيجة استمرار قتل الفلسطينيين.

تقول: «إنه وضع محيِّر نوعاً ما، حيث تشعر بأن هذا رائج حالياً، لكنه ليس كذلك في الواقع».

تركز التميمي بشدة على الحفاظ على غرز التطريز، من خلال الابتكار، وتخطط لإبراز جمال وتاريخ فلسطين بشكل أكبر، من خلال هذا الشكل الفني.

مجموعة «مقاتل من أجل الحرية»

تُعدّ مجموعتها «مقاتل من أجل الحرية» تكريماً للصمود وتعبيراً قوياً عن صمود الفلسطينيين. تشمل الإضافات الأحدث إلى متجرها - إلى جانب التطريز المُخصص الذي تقدمه - سترات وقمصاناً وبلوزات بقلنسوة تحمل لوحة صدر من خمسينات القرن الماضي من ثوب تطريز. وعلى ظهر المنتجات كُتب «هذه الغرزات تتحدث عن الوجود».

عندما ألتقط قطعة تطريز قديمة من فلسطين، أحياناً أبكي لأنني أشعر بالطاقة الكامنة في كل قطعة، كما تقول التميمي. «أريدها أن تبقى حية، ولهذا السبب أبث فيها الحياة».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».