عائض القحطاني... رحلة كفاح «وباء العصر»

الجراح السعودي يشارك «الشرق الأوسط» مسار التوعية ضدّ السمنة

البروفيسور السعودي عائض القحطاني ينال جائزة «شخصية العام الصحية» (الجهة المنظّمة)
البروفيسور السعودي عائض القحطاني ينال جائزة «شخصية العام الصحية» (الجهة المنظّمة)
TT

عائض القحطاني... رحلة كفاح «وباء العصر»

البروفيسور السعودي عائض القحطاني ينال جائزة «شخصية العام الصحية» (الجهة المنظّمة)
البروفيسور السعودي عائض القحطاني ينال جائزة «شخصية العام الصحية» (الجهة المنظّمة)

تسلُّم رئيس الجمعية السعودية لطب وجراحة السمنة البروفيسور عائض القحطاني، جائزة «شخصية العام الصحية» في حفل انتخاب «ملكة اللياقة العربية» المُقام قبل أيام في دبي، جعل هاتفه يرنّ من أجل حديث عن ضرورة التوعية مما سماه «وباء العصر».

الجائزة سنوية، تمنحها شركة «ISense» اللبنانية بإدارة إيمان أبو نكد «لمَن يسعى إلى إسعاد الناس عبر حضّهم على حياة صحية مليئة بالإنجازات»، وفق بيانها الصحافي. وهي تُضاف إلى 50 تكريماً نالها القحطاني طوال 30 عاماً، قلّدته إياها مديرة «مؤسسة راشد لأصحاب الهمم» مريم عثمان، في الحفل الذي توَّج المصرية سارة خفاجي بلقب «Arab Queen of fitness» المنتقل للمرة الأولى إلى دبي بعد 6 سنوات من النجاحات البيروتية.

يُخبر «الشرق الأوسط» أنّ التكريم لا يعني صاحبه فحسب، بل يغذّي ثقافة تشجيع الآخرين على الإنجاز وإخراج عطائهم من نطاق محدود إلى حيّز أوسع. يقول: «الإعلام شريك في إيصال الرسالة الطبّية. السمنة وباء العصر والتوعية مُلحّة لإظهار خطورتها والإضاءة على جوانبها المميتة».

القحطاني يتسلّم الجائزة من مديرة «مؤسسة راشد لأصحاب الهمم» مريم عثمان (الجهة المنظّمة)

لسنوات، رفع القحطاني الصوت ونشر الوعي على الملأ. مسارٌ منطلقه السعودية واتجاهاته محطات من العالم، فتخصّص في الطب والجراحة بجامعة الملك سعود، وحصَّل مراتب علمية في كندا وأميركا. لا يُذاع الصيت وتعبُر السُمعة العطرة مجالاتها الضيقة، إلا بمراكمة الثقة وإعلاء جدّية العمل. بالنسبة إليه، مردُّ الثقة 3 عوامل: «التأهيل، (الدرجات العلمية العليا)؛ الصدقية التي يُبنى عليها، والأمانة؛ فلا يفرّط الطبيب بنُبل مداراة الناس».

في نقاش هذه الثلاثية، نشير إلى بعض ما يضرب الصورة. الطب أيضاً مُعرّض ليمسي ويلات، حين يُساق للمتاجرة وتكديس الأموال على حساب الضمير المهني والأمانة التي اشترطها. في مجال جراحات السمنة، يحدّد المعايير: «على تقييم المريض أن يكون سليماً. هل أجرى جراحات سابقة؟ هل حالته الصحية تؤهّله للخضوع لجراحة؟ ما التزاماته قبل الجراحة وبعدها وفي أثنائها؟ وعلى الفريق العامل مع الطبيب التحلّي بكفاءة. في النهاية، الجراحات مسألة مرتبطة بمجموعة. ثالث المعايير هو المتابعة. قد تكون الجراحة ممتازة، ثم تحلّ مضاعفات يخفق المريض في التعامل معها من دون العودة إلى طبيبه. في العموم، تُعدّ جراحات السمنة آمنة مقارنة بأخرى شائعة مثل الفتق أو المَرارة».

تُسلَّم الجائزة لمَن يسعى إلى إسعاد الناس بحضّهم على حياة صحية (الجهة المنظّمة)

انشغل الإعلام بحالة سعودي يُدعى خالد الشاعري بلغ وزنه 610 كيلوغرامات وهو في عشريناته. صحف ومواقع تناولت صورته مستلقياً بثقل، يعجز عن الحركة. تولّى القحطاني الحالة ونقل صاحبها من تعذُّر العيش الطبيعي إلى فرصة حياة ممكنة.

كان ذلك قبل سنوات، حين شهد على إسقاط لقب «أضخم رجل على وجه الأرض» عن الشاعري، الذي خسر 450 كيلوغراماً من وزنه. أعاده برنامج علاجي مكثّف رشيقاً كما لم تُصوّر له أحلامه. يد القحطاني مارست هذه الأعجوبة.

خالد الشاعري الذي بلغ وزنه 610 كيلوغرامات واستعاد الرشاقة (مواقع التواصل)

لن يحدث ذلك لولا أثر الوعي في الفرد والمجتمع. يقول: «في الماضي، عُدَّ هذا الصنف من الجراحات ترفاً تجميلياً. اليوم هو علاج لمرض». يعطي آخر الأرقام: «ثمة 76 مرضاً مرتبطاً مباشرة بالسمنة، منها القلب وهو المُهدِّد الأول للصحة، والسكري والضغط والكولستيرول وتكيّس المبيض... كما تتسبّب بنسبة 40 في المائة من الأورام. أكثر من مليونين و800 ألف شخص حول العالم يعانون وباء العصر». مع ذلك، يُطمئن: «بدأ المجتمع يعي الخطورة. نسبة 30 في المائة من النساء اللواتي تأخرن في الحمل تعود إلى معاناتهن السمنة. الوعي يجعل الجميع يبحث عن حل».

على أثره، يتحوّل المجتمع الخليجي الذي يقول إنّ 70 في المائة من أفراده هم أصحاب وزن زائد، إلى الوقاية والحذر. يتحدّث عن استراتيجية صحية وضعتها «رؤية 2023» منطلقاً من يقين بأنّ التوعية مسرحُها الواقع، وينبغي لها التجسُّد وإلا ظلّت شعاراً في الهواء أو حبراً على ورق: «السعودية من أولى الدول واضعة القوانين لاحتساب السعرات الحرارية في وجبات المطاعم، بما فيها فنجان القهوة. تؤدّي المعلومة الدقيقة وظيفتها فتصل لتصنع الفارق. أمام 1000 سعرة حرارية، سيحدُث التراجع لمصلحة وجبة أقل تسبُّباً للسمنة. كما ثمة احتساب لكمية الملح في المأكولات والسكر في المشروبات».

مُنظِّمة الحفل الصحي الجمالي السنوي اللبنانية إيمان أبو نكد (حسابها الشخصي)

يكمل بالإشارة إلى أهمية التعليم ودور المدارس في تطوير الأنشطة الرياضية خلال الحصص وبعدها، من بينها السباحة؛ ليتوقف عند جانب من الاستراتيجية الصحية للرؤية، مُمثّلاً بدعم ممارسة الرياضة وتوسيع فسحات المشي والجري داخل المدينة وخارجها، وتوافر الأندية: «ثلاثية الرياضة والغذاء الصحي والتوعية تحدّ الخطورة. كما تتبّع الدولة قوانين إعلامية تمنع عرض إعلانات لمنتجات تطفح بالسعرات الحرارية مُقدَّمة مع لعبة لاستمالة طفل. هذه ممنوعة في وقت الذروة».

برأيه، «الجمال هو أن يكون المرء سليماً صحياً مُعافى». ذلك لأنّ «السكري يؤثّر في المظهر الخارجي، وآلام المفاصل وأوجاع الجلد أيضاً، وكلها تُراكمها السمنة». يخلص إلى العِبرة: «صحة الإنسان جماله. تتعدّد الخيارات الطبّية، ولا تُحصر فقط بالجراحة التي تخضع لها نسبة ضئيلة جداً من المرضى. الإهمال قاتل، إن فتك بمجتمع قضى عليه».


مقالات ذات صلة

صحتك اكتساب الوزن سريعاً بعد خسارته من المشكلات التي تؤرّق الكثير من الأشخاص (د.ب.أ)

لماذا يكتسب الكثيرون الوزن سريعاً بعد فقدانه؟

بحثت دراسة جديدة في السبب المحتمل وراء اكتساب الوزن سريعاً بعد خسارته، ووجدت أنه قد يرجع إلى ما أطلقوا عليه «ذاكرة الخلايا الدهنية».

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك رحلة إنقاص الوزن ليست سهلة وتحتاج المزيد من الصبر والمثابرة (أرشيفية - رويترز)

أيهما أفضل لفقدان الوزن... تناول وجبات قليلة أم الصيام المتقطع؟

هناك عدة طرق يتبعها من يريد إنقاص وزنه. فأي الطرق أكثر فاعلية؟

صحتك حبات من التفاح (أرشيفية - أ.ب)

بدائل طبيعية ورخيصة الثمن لعقار «أوزمبيك» السحري لكبح الشهية

ترشح خبيرة تغذية أطعمة طبيعية ورخيصة الثمن لها تأثير مقارب من عقار «أوزمبيك» السحري لإنقاص الوزن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك قياس مستوى السكري لدى مريضة أثناء تلقيها العلاج الطبي في باكستان (إ.ب.أ)

دراسة: هرمونات التوتر هي المحرك الأساسي لمرض السكري المرتبط بالسمنة

أشارت دراسة حديثة إلى أن هرمونات التوتر قد تكون المحرك الأساسي لمرض السكري المرتبط بالسمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
TT

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)

يراهن مهرجان «الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة» في نسخته الأولى التي انطلقت، الاثنين، وتستمر حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي على الفنون المعاصرة والحضور الشبابي، مع تقديم عدد من العروض في جامعة الفيوم.

وشهد حفل انطلاق المهرجان تكريم الممثلة المصرية إلهام شاهين، والمنتجة التونسية درة بو شوشة، إضافة إلى الممثل المصري حمزة العيلي، مع حضور عدد من الفنانين لدعم المهرجان، الذي استقبل ضيوفه على «سجادة خضراء»، مع اهتمامه وتركيزه على قضايا البيئة.

وتحدثت إلهام شاهين عن تصويرها أكثر من 15 عملاً، بين فيلم ومسلسل، في الفيوم خلال مسيرتها الفنية، مشيدة خلال تصريحات على هامش الافتتاح بإقامة مهرجان سينمائي متخصص في أفلام البيئة بموقع سياحي من الأماكن المتميزة في مصر.

وأبدى محافظ الفيوم، أحمد الأنصاري، سعادته بإطلاق الدورة الأولى من المهرجان، بوصفه حدثاً ثقافياً غير مسبوق بالمحافظة، مؤكداً -في كلمته خلال الافتتاح- أن «إقامة المهرجان تأتي في إطار وضع المحافظة على خريطة الإنتاج الثقافي السينمائي التي تهتم بالبيئة والفنون المعاصرة».

جانب من الحضور خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وبدأ المهرجان فعالياته الثلاثاء بندوات حول «السينما والبيئة»، ومناقشة التحديات البيئية بين السينما والواقع، عبر استعراض نماذج مصرية وعربية، إضافة إلى فعاليات رسم الفنانين على بحيرة قارون، ضمن حملة التوعية، في حين تتضمن الفعاليات جلسات تفاعلية مع الشباب بجانب فعاليات للحرف اليدوية، ومعرض للفنون البصرية.

ويشهد المهرجان مشاركة 55 فيلماً من 16 دولة، من أصل أكثر من 150 فيلماً تقدمت للمشاركة في الدورة الأولى، في حين يُحتفى بفلسطين ضيف شرف للمهرجان، من خلال إقامة عدة أنشطة وعروض فنية وسينمائية فلسطينية، من بينها فيلم «من المسافة صفر».

وقالت المديرة الفنية للمهرجان، الناقدة ناهد صلاح: «إن اختيارات الأفلام تضمنت مراعاة الأعمال الفنية التي تتطرق لقضايا البيئة والتغيرات المناخية، إضافة إلى ارتباط القضايا البيئية بالجانب الاجتماعي»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» حرصهم في أن تراعي الاختيارات تيمة المهرجان، بجانب إقامة فعاليات مرتبطة بالفنون المعاصرة ضمن جدول المهرجان.

وأبدى عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، الناقد السعودي خالد ربيع، حماسه للمشاركة في المهرجان بدورته الأولى، لتخصصه في القضايا البيئية واهتمامه بالفنون المعاصرة، وعَدّ «إدماجها في المهرجانات السينمائية أمراً جديراً بالتقدير، في ظل حرص القائمين على المهرجان على تحقيق أهداف ثقافية تنموية، وليس فقط مجرد عرض أفلام سينمائية».

إلهام شاهين تتوسط عدداً من الحضور في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيز المهرجان على تنمية قدرات الشباب الجامعي، وتنظيم ورش متنوعة لتمكين الشباب سينمائياً أمر يعكس إدراك المهرجان للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، التي ستُساعد في دعم المواهب الشبابية في الفيوم»، لافتاً إلى أن «اختيارات لجنة المشاهدة للأفلام المتنافسة على جوائز المهرجان بمسابقاته الرسمية ستجعل هناك منافسة قوية، في ظل جودتها وتميز عناصرها».

يذكر أن 4 أفلام سعودية اختيرت للمنافسة في مسابقتي «الأفلام الطويلة» و«الأفلام القصيرة»؛ حيث يشارك فيلم «طريق الوادي» للمخرج السعودي خالد فهد في مسابقة «الأفلام الطويلة»، في حين تشارك أفلام «ترياق» للمخرج حسن سعيد، و«سليق» من إخراج أفنان باويان، و«حياة مشنية» للمخرج سعد طحيطح في مسابقة «الأفلام القصيرة».

وأكدت المديرة الفنية للمهرجان أن «اختيار الأفلام السعودية للمشاركة جاء لتميزها فنياً ومناسبتها لفكرة المهرجان»، لافتة إلى أن «كل عمل منها جرى اختياره لكونه يناقش قضية مختلفة، خصوصاً فيلم (طريق الوادي) الذي تميز بمستواه الفني المتقن في التنفيذ».