«الغارديان» تنهي عقد رسام بسبب كاريكاتير لنتنياهوhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/4608811-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86%C2%BB-%D8%AA%D9%86%D9%87%D9%8A-%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%85-%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%B1-%D9%84%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88
أقالت صحيفة «الغارديان»، رسام الكاريكاتير، ستيف بيل، بعد جدل واسع نشب حول أحد رسومه التي عُدَّت «معادية للسامية».
وفي خطوة مفاجئة، ألغت الصحيفة نشر رسم كاريكاتيري لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ ما أدى إلى تصاعد التوترات داخل الفريق التحريري، وفق ما أفادت صحيفة «التايمز» البريطانية.
وخدم بيل أكثر من 4 عقود في الصحيفة، وأعرب عن صدمته الكبيرة إزاء هذا القرار، وأكد أنه أُبْلِغ رسمياً بإنهاء عقده. وقد طالب بيل بتفسير واضح حول الأسباب وراء إقالته، خصوصاً بعد رفض تحرير الصحيفة نشر رسمه الأخير الذي عَدَّته إدارة التحرير معادياً للسامية.
Just to explain. I filed this cartoon around 11am, possibly my earliest ever. Four hours later, on a train to Liverpool I received an ominous phone call from the desk with the strangely cryptic message "pound of flesh"... pic.twitter.com/kSfmfzlmhy
الرسم الكاريكاتيري الذي أثار الجدل يصور نتنياهو وهو يستعد لإجراء عملية جراحية، ويظهر في الخلفية قطاع غزة ممثلاً في خطوط عريضة، وتضمن تعليقاً يوجه نداءً إلى سكان غزة بالخروج.
ووفق الصحيفة، أشار بيل إلى رسالة غامضة تلقاها من إدارة عمله بالصحيفة تحمل تهديدات غير مبررة؛ ما زاد من التوتر بينه وبين إدارة «الغارديان».
وقررت الصحيفة إجراء تحقيق داخلي في محتوى الرسوم الكاريكاتيرية، ما يشير إلى تشديد الرقابة على المحتوى الصحافي. يأتي هذا الحدث في سياق اتهامات سابقة وجهت لـ«بيل» برسم رسومات «معادية للسامية».
وفي بيان رسمي، أكدت الصحيفة أنها لا تخطط للمضي قدماً في التعاون مع بيل في المستقبل، مؤكدة أهمية مساهمته خلال الأربعين عاماً الماضية.
«حيث يكون الانتماء»... محاولة بيروتية لتقليص الخرابhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5096436-%D8%AD%D9%8A%D8%AB-%D9%8A%D9%83%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D8%A8
«حيث يكون الانتماء»... محاولة بيروتية لتقليص الخراب
لوحة الرسام اللبناني عماد فخري تختزل العلاقة الخاصة بين الكلب والإنسان (الشرق الأوسط)
أيقظت زحمة الطريق المؤدّية إلى الجمّيزة في الأيام الفاصلة بين العيدَيْن، شعورَ استعادةٍ ما. كان نقيضُ الإحساس بالانطفاء ينتظر الآتين إلى غاليري «آرت أون 56» على طول الشارع المُضيء نحو تلك المنطقة البيروتية. إقامة معرض «حيث يكون الانتماء»، مع تركيبة الزِّينة والضوء وطغيان مفهوم اللون، هزَّت ما يحلُّ إنسانياً حين يعتري الخراب الداخل ويحدُث التشظّي على مساحات شاسعة.
الناس في المعرض يتصافحون على وَقْع تشارُك استعادة الحياة. لم يُغلق الغاليري بابه رافضاً إعلان اليأس، وكل ما حوله نارٌ ودخان. مع ذلك، يشكّل معرض «حيث يكون الانتماء» المستمرّ حتى 11 يناير (كانون الثاني) المقبل، مصافحة أولى مع النجاة من الحريق. أعمال فنية تتيح للجدران قدراً آخر غيره التهشُّم بالحروب؛ يرمقها مشتاقون إلى مشهد ينتشل بيروتهم من أحزان لا تليق بمدن البهجات. معرضٌ لمجموعة فنانين يحمل رسالة أمل للبنان ودوام الجَمعة الحلوة.
تخرُج من وجوهٍ معلَّقة في إطار نظرات ريبة، مُغمَّسةً بقلق، لكنها مستعدّة للحظة صفاء مرجوَّة. يصعب مَنْح المعرض انطباعاً واحداً، ففيه تختلط الانطباعات بتعدُّد الأمزجة والإسقاطات والأساليب المُتَّبعة. على جدران الغاليري ما يهمس بالحياة؛ وهي الثابت الوحيد. حتى النظرات الشاردة على وجوهٍ ممسوحة بالحزن، تتمسّك بهذا الهَمْس الحيّ وتتحلّى بنبضه، كأنها به تطوي الصفحة الأليمة.
تقف لوحتان للرسامة اللبنانية رنا روضة، وُلدت الأولى قبل الثانية بعقد، على مسافة قريبة إحداهما من الأخرى. واحدة تُبيّن أشجاراً لا ندري أتتقارب أم تتباعد وسط مساحة طبيعية عصية على تحديدها، وأخرى من الصنف التجريدي التعبيري المُحمَّل بالتأويل. تقول الفنانة لـ«الشرق الأوسط» إنّ الحياة تُرغم المرء على مواصلتها من دون أن تعني المواصلة نسيان الألم. تختار من المفردات اللبنانية، «الجَعْلكة» (فوضوية الملابس التي تسبق كيّها)، لوصف المصائر جراء الحرب: «جميعنا تَجَعْلَكنا، والعون لمَن هدَّه التحمُّل. نحن هنا لأننا نجيد المحاولات. أرسم منذ زمن، والرسم حقيقتي. تهمّني الألوان وشفافيتها، واستطعتُ الاستمرار وفق تطلّعاتي. البُعد في اللوحة قابل للتفسير بالارتكاز إلى المتلقّي وما مرَّ به. لكنه بُعد واضح. قراءة اللوحة ليست مَهمّة العقل. يتولّى القلب مَهمّتَي اللمس والفَهم».
بجوارها، يتأمّل الرسام اللبناني عماد فخري انطباع الزوّار حول لوحته المعروضة بحجم كبير؛ تُبرز كلباً على علاقة خاصة بإنسان. تُعمّق هذه العلاقة رغبةُ الفنان بالدعوة إلى «تواصل حقيقي» بين البشر يُعوّض سطوة العلاقات الافتراضية والتحاكي من خلف الشاشات. ففي معرض فرديّ له، قدَّم الشخص بصورة «أصلية» خارج الأجهزة وسلطانها، مغلِّباً التواصل المباشر على شكله الوسائطي. بين اللوحات ما يُجسِّد نُبل العلاقة بين بشرّي وكلب، والوفاء المتبادل والتواصل بلا لغة. يقول الرسام لـ«الشرق الأوسط»: «أحاكي الإنسان عبر الإنسان. قد لا تتداخل مشهدية الحرب مثلاً، بشكلها الصريح في فنّي، لكنّ التداعيات شديدة السطوع. وقد لا يؤرّقني رسم المستقبل أيضاً، وإنما الواقع. علاقة أخرى تستهويني هي ما يجمع المُجرَّد بالحياة. أبحث عن الملمس وأجرِّب المادة لأبلغ النتيجة المُشتهاة. الإنسان حاضر دائماً».
تُنادي المتجوِّل في المعرض لوحاتٌ بألوان دافئة، تبدو من عالم آخر يحكمه الخير. نسأل صاحبها الرسام اللبناني وسام بيضون؛ هل يمارس هروباً من الواقع تتعمّده ريشته ليشعر بنجاته؟ يُخبر «الشرق الأوسط» أنّ الواقع في رأسه زهورٌ وألوانٌ، وبإمكانه التغلُّب على الشرّ ما دام يرى العالم من نوافذ هذا الرأس. تتبنّى زهوره «وظيفة» دفاعية في مواجهة الخراب العميم، متناغمةً مع فلسفته القائلة إنّ «الجمال وحده يبقى وكل قبح إلى زوال». يعود إلى «طبيعة البشر المنجذبة إلى الفنّ والثقافة والجماليات»؛ وبنظره إلى الجبال مثلاً، يلمح فيها الإبداع الخُلقي، فيرسمها بمثالية موازية. يُريحه أنّ الوقت يصبح متاحاً للبدء من جديد وإعادة لملمة ما تبعثر، فيحاول محو البشاعة وإيجاد مساحة للون الدافئ والمشهد البديع والشعور الإنساني بالسلام.
لوحاتٌ وبعض المنحوتات في المكان، تمنحه سطوة على خارجٍ لم يدرك الشفاء بعد. بينها تتنقّل صاحبة الغاليري نهى وادي محرّم؛ تُصافح، تتأمل العيون، وترجو دوام الزحمة. تؤكد لـ«الشرق الأوسط» إمكانَ انتشال الإنسان بالفنّ والسكينة، وإنْ اهتزَّت من تحت قدميه الأرض. الاهتزاز المُتمثّل بالعنف والحروب وإجهاض الأحلام، تستطيع لوحةٌ أن تمنحه بلسمة. تدرك أنّ تلك الـ«كيب غوينغ» (واصل المسير) ليست بالأمر السهل. مُعذِّبة، مع كل خطوة نحو الحياة: «الفن يُسرِّع الشفاء. أردتُ معرضاً بعنوان (حيث يكون الانتماء) لنشعر بالأمل. سنظلّ نصدّقه على أي حال».