«كون» التشكيلي في القاهرة يحكي تجارب إنسانية

المعرض يضم 50 عملاً فنياً

دفقات لونية صاخبة في أحد أعمال كلاي قاسم (كلاي قاسم)
دفقات لونية صاخبة في أحد أعمال كلاي قاسم (كلاي قاسم)
TT

«كون» التشكيلي في القاهرة يحكي تجارب إنسانية

دفقات لونية صاخبة في أحد أعمال كلاي قاسم (كلاي قاسم)
دفقات لونية صاخبة في أحد أعمال كلاي قاسم (كلاي قاسم)

تحكي لوحات معرض «كون» في القاهرة الذي يضم 50 عملاً تشكيلياً تجارب إنسانية متنوعة، حيث تبدو أعمال الفنان التشكيلي المصري كلاي قاسم أقرب لجولة بين مسارح فنية وإنسانية، حيث الحركة والسينوغرافيا والإضاءة عناصر حكائية، تنقل أفكار أبطالها والدراما التي تسكنهم، عبر دفقات لونية لا محدودة، لتقدم رؤية بصرية مُعاصرة.

الفنان كلاي قاسم وجانب من زوار المعرض (كلاي قاسم)

ويستضيف غاليري «تام» معرض «كون» حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وتحمل الأعمال الفنية مُقاربات من الموسيقى، والحكاية الشعبية، بأسلوب مشحون بالعاطفة والحنين تجاه تلك الوسائط الفنية، التي يعكسها الفنان كلاي بصرياً في لوحاته، وهي مفردات طالما عكف الفنان التشكيلي المصري عبر سنوات على اختبارها ومقاربتها.

ثلاثية تروي جانباً من العالم التشكيلي للمعرض (كلاي قاسم)

يقول قاسم لـ«الشرق الأوسط»: «أسعى خلال المعرض لأن أجمع مفردات الكون الذي انغمست بداخله منذ سنوات طويلة، حتى أصبحت جزءاً من هذا الكون وصار هو جزءاً مني».

وأضاف: «أعدّ الحكايات الخرافية مجرد مُثيرات فنية، أرسم عالماً من حولها، فهي مدخل فني للأفكار التي تشغلني، بما فيها العائلة والرزق في مواجهة التغيّرات الكبيرة التي طرأت على السلوك الجماعي، بفعل ما مرت به الإنسانية من التعرض إلى انكسارات، وحروب، وأوبئة، وكأننا في حالة بحث عن أصول تدلنا على هُويتنا وموروثنا الفني والثقافي».

أبطال كلاي قاسم يطلون بملامح تجريدية (كلاي قاسم)

لا يضع كلاي قاسم حدوداً أمام ألوانه «الأكريليك»، حيث طاقتها الدافئة تسري في فضاء اللوحات، وكذلك على «الخزف» الذي يقوم كلاي للمرة الأولى بالرسم على سطحه، في تواصل جديد له مع تلك الخامة، وكذلك من اللافت توظيفه للوسائط المتعددة في بناء عالمه التشكيلي وإسباغ روح «أوبرالية» على حضور أبطال لوحاته، لا سيما السيدات اللاتي وكأنما يؤدين أدوارهن على خلفية موسيقى موتسارت، الذي يرتبط الفنان بموسيقاه، وإن كان لا يُغادر روحه الشرقية في الحكايات الخرافية والفلكلورية.

موائد تتحلق حولها الحكايات (كلاي قاسم)

وتظهر الخلفيات المشهدية في اللوحات روح الطبيعة وبذخها الجمالي، من ألوان بتدريجات سماوية، وأشجار يافعة، وزهور حمراوات تتناثر بين اللوحات المختلفة كوحدات جمالية تُمرر حكايات الحب في معرض «كون»، ورغم الروح التجريدية التي تسود أعمال المعرض، إلا أن الهُوية الإنسانية المحلية تتسلل عبر الأعمال كلوحة تبدو كتجمّع حول مائدة، وتجمّع فتيات سمراوات للثرثرة وتبادل الحكايات، وأخرى تبدو استلهاماً من حكاية الأخوات الثلاثة الفقيرات في تراث ألف ليلة وليلة، حيث تمنّت الأخت الأصغر أن تتزوج الملك، فتتحوّل أمنيتها إلى لعنة.


مقالات ذات صلة

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق ملالا مع لوحاتها (دليل باريس للمعارض)

جدارية بعرض 60 متراً تعكس تحولات البشرية نحو العولمة

في أكبر صالات «قصر طوكيو» في باريس، تعرض حالياً وحتى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، جدارية استثنائية للفنانة ملالا أندريالافيدرازانا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

«وسط البلد»... معرض يُحاكي زحمة القاهرة وأحوال أهلها

تظل منطقة وسط البلد في القاهرة المكان الأكثر زخماً بتفاصيلها العمرانية ونماذجها البشرية، ما يظهر في أعمال فنانين تشبَّعوا بروح المكان، وأفاضوا في إعادة صياغته.

محمد الكفراوي (القاهرة )
الاقتصاد الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد آل خليفة خلال جولته في معرض البحرين الدولي للطيران (بنا)

وزير المواصلات لـ«الشرق الأوسط»: البحرين تتجه للاستثمار في الطائرات الكهربائية

تتخذ البحرين خطوات مستمرة للاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، والاعتماد على الحلول البيئية المستدامة؛ مثل الطائرات الكهربائية والطاقة المتجددة في تشغيل المطارات.

عبد الهادي حبتور (المنامة)

البنيان: نستهدف بناء مواطن منافس عالمياً من خلال أهم وظيفة في العالم

وزير التعليم السعودي يوسف البنيان (وزارة التعليم)
وزير التعليم السعودي يوسف البنيان (وزارة التعليم)
TT

البنيان: نستهدف بناء مواطن منافس عالمياً من خلال أهم وظيفة في العالم

وزير التعليم السعودي يوسف البنيان (وزارة التعليم)
وزير التعليم السعودي يوسف البنيان (وزارة التعليم)

قال وزير التعليم، يوسف البنيان: «تسعى السعودية إلى أن تكون مخرجات التعليم منافسة عالمياً، وأن تُطوّر قدرات الطلاب والطالبات على أساس المعرفة والقيم والمهارات، وبناء شخصيات إيجابية ومنتجة ومتصالحة مع الذات ومتطلعة للعمل والإنتاج»، مؤكداً أن منظومة التعليم بعناصرها كافة تدأب على تحقيق هذا المستهدف.

وأوضح البنيان أن منظومة التعليم ترعى أهم وظيفة في العالم، وهي وظيفة المعلم التي تترك تأثيرها لدى الأفراد والمجتمعات، مشيراً إلى أن وزارة التعليم في السعودية ركّزت في عملها لتطوير المنظومة على تحسين المهارات المهنية للمعلمين، ورفع كفاءة المنهج، وخلق بيئة تعليمية متكاملة في المدارس، من خلال شراكات دولية لتحسين أداء كل أطراف المنظومة التعليمية.

البنيان خلال حديثه في منتدى مسك العالمي (وزارة التعليم)

واستعرض وزير التعليم السعودي خلال مشاركته في منتدى مسك العالمي، الذي انطلق (الاثنين) في العاصمة الرياض، تفاصيل عن رحلته القيادية؛ إذ انتقل من القطاع الخاص ليتولى قيادة إحدى المبادرات العامة الأكثر تحولاً في المملكة، ومن خلفية مهنية راسخة في القطاع الخاص، يشارك البنيان رؤية جديدة واستراتيجيات مبتكرة لنظام التعليم في السعودية بوصفها جزءاً من «رؤية 2030». وتناولت الجلسة نهجه في إعادة تشكيل التعليم، وتعزيز القدرة على التكيف لدى المعلمين والطلاب، وكيف تسهم منظومة التعليم في دفع السعودية نحو مشهد تعليمي ديناميكي ومستعد للمستقبل.

وعن قصة انتقاله للعمل في وزارة التعليم، أفاد البنيان بأن الرؤية الواضحة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ساهمت في استكشاف قدرات أبناء البلد ومواهبهم، مشيراً إلى أن الإدارة لا تختلف من قطاع أو صناعة إلى أخرى، لا سيما إذا تمكّن الشخص من امتلاك صفات القيادة، وأضاف: «في كل عملٍ إداري وقيادي لا بد من الاعتماد على الركائز الأساسية، وبالنسبة لي فإن سر النجاح يعتمد على منظومة القيم؛ لأنها أساس النجاح، ومن أبرز ما تعلمته، خلال عملي في شركة (سابك) لعقود، قيمة احترام الوقت، فلدى كل إنسان في يومه 24 ساعة، لكننا نختلف في قيمة الاستفادة منها ودرجة الإنتاجية فيها، وعلى كل إنسان أن يسأل نفسه في نهاية اليوم، كيف استفدت منها وماذا قدمت خلالها».

‏وحكى وزير التعليم عن قصة لقائه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عند تسميته وزيراً للتعليم في السعودية، وحديث ولي العهد عن اعتزازه بالشباب بوصفهم أهم ثروة تملكها البلاد، وقال البنيان: «عندما دُعيت للقاء ولي العهد، قال لي الأمير محمد إن (رؤية 2030) والتحولات التي تحدث في منظومة جودة الحياة موجهة بالأساس لخدمة الشباب، وإن التعليم ضروري لتعزيز مخرجاته ورفع كفاءة الشباب لتلتقي مع تطلعات الرؤية وطموحاتها».

وأكد البنيان أن التعليم لا يرتكز على المعرفة وحدها، مستشهداً بدراسة دولية شارك فيها، خلصت إلى أن معرفة الطالب الجامعي التي يتلقاها خلال سنوات دراسته تصبح أقل مواكبة بعد تخرجه، وعلى هذا الأساس أطلقت وزارة التعليم في السعودية مركزاً وطنياً للمناهج، لجعله مكوناً من جوانب معرفية ومهارية وقيمية، لضمان بناء طالب منافس وممكّن من المهارات والقيم التي تدوم معه أكثر من الجانب المعرفي وحده.

جلسة البنيان جاءت ضمن ديوان القادة في المنتدى (وزارة التعليم)

وقال وزير التعليم السعودي: «عندما وصلت إلى قطاع التعليم، كانت منظومة البحث ضعيفة جداً ولا ترقى إلى تطلعات القيادة والمجتمع، وحاولت تحليل الضعف في مهارات البحث لدينا في مخرجات التعليم، وبدأنا تعزيز ثقافة قيمية لتعميق مهارات التواصل في بيئة التعليم ومهارات البحث عن المعلومة والعمل بشكل تشاركي، وهذا ينطبق مع روح العمل الذي أرسته (رؤية 2030) التي عزّزت من تكامل منظومة العمل الحكومي بين جميع الجهات والقطاعات لتحقيق الهدف».

وأكّد البنيان على قيمة الشفافية في تحسين بيئة العمل، وإبداء وجهة النظر الحقيقية عن أداء أفراد مجتمع العمل، مشدداً على أن يكون ذلك في إطار الاحترام وعدم بخس قيمة التقدير للزملاء؛ لأنها جسر قبول الآراء وتبادلها في جو إيجابي ومؤسسي رصين وحيوي.

وتابع البنيان أن مهمة المعلم لا تتوقف عند تقديم المعلومة وحدها، بل تتجاوز نقل المعرفة إلى المهارة والقيم، موضحاً: «بإمكاننا الحصول على المعلومات من المناهج أو الكتب، ولكن المهارات والقيم لا تنتقل إلّا من خلال التمكين؛ ولذلك نسعى إلى تعزيز فُرص تطوير المعلم لهذه المهمة الواسعة».

وأكد البنيان أن لديه طموحاً في ظل «رؤية المملكة 2030» لتحقيق النجاح في منظومة التعليم من خلال وعي المجتمع بأهمية التعليم الذي يتجاوز المناهج ونيل الشهادات، إلى صياغة الإنسان الفاعل والمنتج، وخلق شخصية متّزنة ومتصالحة مع نفسها ومجتمعها ومحيطها، وأن العمل يتم من خلال المسؤولية المشتركة بين منسوبي المنظومة التعليمية، وبقية القطاعات العامة، ومن خلال المجتمع الذي يضع التعليم أولوية.

واختتم البنيان حديثه قائلاً: «لا بدّ أن نؤمن بالقدرة على تطوير الناس، لأنه سرّ استدامة المؤسسات والاحتفاظ بنجاحها حتى بعد مغادرة الأشخاص، فهو تعزيز الثقافة الإدارية الصبورة في تمكين الأفراد وتطوير المهارات وإطلاق العنان لإبداعهم وعطائهم».