«الساحرات» للفرنسية فيرونيك كاي تحية للمرأة اللبنانية

مستوحية أعمالها الفنية من قصائد الشاعر أدونيس

الأفق سيكون أنثوياً في رأي 25 امرأة لبنانية (الشرق الأوسط)
الأفق سيكون أنثوياً في رأي 25 امرأة لبنانية (الشرق الأوسط)
TT

«الساحرات» للفرنسية فيرونيك كاي تحية للمرأة اللبنانية

الأفق سيكون أنثوياً في رأي 25 امرأة لبنانية (الشرق الأوسط)
الأفق سيكون أنثوياً في رأي 25 امرأة لبنانية (الشرق الأوسط)

استحوذ على اهتمامها الشاعر أدونيس بشكل كبير، فزارته في مقرّ إقامته في فرنسا، وتحدثت إليه وأخبرته عن نيتها إقامة معرض خاص بالنساء اللبنانيات. فمن قصائده عن الحب استوحت موضوعات تجهيزاتها الفنية، وتعرضها حالياً في «بيت داغر» في منطقة الجميزة. فالفنانة الفرنسية فيرونيك كاي موجودة في لبنان منذ سبتمبر (أيلول) الماضي. وزيارتها تأتي من ضمن برنامج «فيلا القمر». وهدفه تعزيز حوار الثقافات بين فرنسا ولبنان. وقد أطلقه المركز الثقافي الفرنسي في لبنان في عام 2021. وهو يستضيف لمدة ثلاثة أشهر فنانين فرنسيين أو لبنانيين، وتتكفل «فيلا القمر» ومركزها بلدة دير القمر الشوفية، بتأمين السكن وتوفير أماكن عمل لهم تابعة للمركز. ويتم اختيار نحو 4 فنانين سنوياً، يستفيدون من إقامتهم ويقدمون مشروعهم الإبداعي.

وجوه نسائية صامتة تحكي بملامحها ضياع حقوقهن الاجتماعية (الشرق الأوسط)

اختارت فيرونيك كاي 3 صالات من «بيت داغر» لاستخدامها في عرض تجهيزاتها الفنية. في الغرفة الأولى تقدم وجوهاً وملامح النساء الـ25 اللاتي التقتهن وتحدثت إليهن. وعلى شاشة تتوسط جدار الغرفة تمر وجوه النساء من مناطق لبنانية مختلفة.

فهي إلى جانب كونها مصورة فوتوغرافية تعمل أيضاً في فن تصوير الفيديو.

وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لقد اخترتهن من بيروت وصيدا وطرابلس ودير القمر. وأعمارهن تتراوح ما بين 16 و25 عاماً. فهن يمثلن الجيل الجديد من النساء في لبنان. وطرحت عليهن جميعاً سؤالاً واحداً: (هل تعتقدين أن أفق لبنان المستقبل ستطبعه الأنثى؟) وفي هذه الغرفة نشاهد النساء الـ25 صامتات، فنتأملهن ونستخرج من ملامحهن ونظرات عيونهن أفكارهن الدائرة بين اليوم والغد».

تروي فيرونيك سبب اختيارها الشاعر أدونيس كي تقيم هذا المعرض على أساس قصائده عن الحب. «لطالما قرأت قصائده منذ سنوات طويلة وعندما التقيته في باريس تعرفت إلى هذه القامة الفنية عن قرب. وتأثرت بما قاله لي بأن الثورات التغييرية في البلدان العربية لن تنجح ما دامت النساء لم تنل بعد حقوقها تماماً كالرجل. وانطلاقاً من كلامه هذا اطلعت على جميع قصائده وبحثت عمّن يسميهن في أحد مؤلفاته بـ(الساحرات) وقرأتها بحماس. من هنا وُلدت فكرة معرضي هذا الذي وثّقته ببعض قصائد أدونيس المعلقة من ضمن محتويات المعرض».

الأفق سيكون أنثوياً في رأي 25 امرأة لبنانية (الشرق الأوسط)

في الصالة الثانية من المعرض يفترش أرضها تجهيزاً فنياً ركّبته فيرونيك بفن غير تقليدي. وهو كناية عن لوحة فسيفساء ضخمة تتوسطها صور النساء الـ25. وتحيط بهن صور أخرى لقطع أثرية تمثل المرأة عبر القرون. «هذه التماثيل المنمنمة اخترتها من متحف الجامعة الأميركية في بيروت، ويعود تاريخها إلى 300 و800 سنة قبل الميلاد. وهي تحكي عن النساء في تلك الحقبات وعن إنجازاتهن. لطالما تحدث أدونيس في قصائده عن دور المرأة عبر التاريخ. فرأيت في هذه الفسيفساء جسر تواصل بين المرأة اللبنانية بالأمس واليوم».

ويطالعك في الغرفة نفسها أصوات النساء اللاتي حاورتهن فيرونيك. فيتحدثن بالعربية والفرنسية والإنجليزية عما تفقده المرأة من حقوق. وترى فيرونيك في لوحة الفسيفساء شاهداً من أهله، عن الدور البارز الذي تلعبه المرأة اللبنانية عبر الأزمان.

وعندما تصغي إلى أحاديث تلك النساء تستخلص همومهن في المجتمع اللبناني. فيقدمن شهاداتهن الخاصة عن حقوقهن نساء متزوجات أو عازبات وحتى عاملات. وتطلّ بعضهن على تفاصيل دقيقة عن حياتهن اليومية، وتدور في مجتمع ذكوري بامتياز.

وعند مدخل الصالة الثالثة للمعرض تستوقفك قصائد مكتوبة بالفرنسية للشاعر اللبناني أدونيس. وهي شكّلت محتوى القراءات التي قدمتها فيرونيك في مناسبة افتتاح المعرض. «في قصيدة يتحدث فيها عن الأفق الذي يسكن فيه، استوحيت الصور الفوتوغرافية المعروضة في هذا الفيديو. فقد اخترتها لنساء واقفات على كورنيش البحر اللبناني، ينظرن إلى الأفق البعيد، فتنقلت بين شواطئ بيروت وطرابلس وصيدا كي أنقل فكرة أدونيس وأجسدها بالصور».

فيرونيك كاي وتيفان مالفيت في «بيت داغر» (الشرق الأوسط)

وخلال المعرض التقت «الشرق الأوسط» رئيسة المركز الثقافي الفرنسي في دير القمر، تيفان مالفيت. وعن رأيها بمعرض يتحدث عن النساء اللبنانيات تقدمه سيدة فرنسية، تقول: إن «أهمية هذا المشروع وتناوله المرأة اللبنانية عبر الأجيال يحاكينا جميعاً نحن النساء. فهو يسلط الضوء على حقوق بديهية لا يتمتعن بها، كما يشكل منصة يعبّرن من خلالها عن أفكارهن بحرية. فهن يتكلمن عن مستقبلهن وكيف يتطلعن إليه. كما أن المعرض يطلّ على دورهن عبر التاريخ في أعمال فنية رائعة لفيرونيك». وعن فكرة الفنانة الفرنسية وكيفية تنفيذها لها تعلق: «تشكّل فيرونيك الفنانة رقم 12 التي نستقبلها في (فيلا القمر). وهي عرفت كيف تربط هذا الموضوع وتلونه بالشعر والفلسفة. فنتوقف عند محتواه البصري والفكري وانعكاسه إيجابياً على دور المرأة اللبنانية بشكل عام».

وعن رأيها بالمرأة اللبنانية تختم فيرونيك كاي حديثها: «إنها امرأة صلبة وقوية وبأدائها اليوم تحجز مساحة لها لمستقبل مشرق. فهي تعدّ لدورٍ بارزٍ تلعبه في مختلف المجالات من سياسية واقتصادية وغيرها. وفي حواراتهن معي يقلنها بصراحة بأن أفق لبنان سيكون أنثوياً والمستقبل هو للنساء».


مقالات ذات صلة

الموسيقى قد تغير طريقة تذكرنا للماضي

يوميات الشرق الاستماع إلى الموسيقى يمكنه تغيير كيفية تذكر الناس للماضي (رويترز)

الموسيقى قد تغير طريقة تذكرنا للماضي

أكدت دراسة جديدة أن الاستماع إلى الموسيقى لا يمكن أن يحفز الذكريات فحسب، بل يمكنه أيضاً تغيير كيفية تذكُّر الناس لها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق حفل «موريكس دور» 2024

حفل «موريكس دور»... مسك الختام لعام صعب تُوّج بالأمل

سجّلت النسخة الـ24 من حفل «موريكس دور» اختلافاً، فطغى عليها جوائز تكريمية لنجوم غالبيتهم من لبنان. وغاب عنها النجوم الأتراك الذين كانوا يشاركون في نسخ سابقة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق يغوص الشخص في حالة من الإنكار حين يمر بموقف محبط (رويترز)

3 أكاذيب تُقنع بها نفسك قد تتسبب في فشلك

في بعض الأحيان، تكون الأشياء التي نرويها لأنفسنا لإنكار الموقف أو تجاوزه هي السلاسل التي تقيدنا وتقيد نجاحنا، حسبما أكده عالم النفس جيفري بيرنستاين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق نجمة بلخديم (الفيغارو)

الجزائرية نجمة بلخديم... مرشحة لجائزة فرنسية لنساء الأعمال

جاءت سيدة الأعمال المغربية نجمة بلخديم ضمن الأسماء العشرة المرشحة للفوز بجائزة «بيزنس وذ أتيتود» التي تكافئ أكثر امرأة مجددة في المؤسسة الخاصة التي تديرها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»

إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى في الطائرة... من أجل كلب

أُجبر أحد ركاب شركة «دلتا للطيران» على التخلي عن مقعده الفاخر في الدرجة الأولى لمسافر آخر، اكتشف فيما بعد أنه كلب، الأمر الذي أثار غضبه ودهشته.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

​جمال سليمان: الدراما قادرة على تطييب جراح السوريين

لقطة من لقاء سليمان بـ«نقابة الصحفيين المصرية» (نقابة الصحفيين المصرية)
لقطة من لقاء سليمان بـ«نقابة الصحفيين المصرية» (نقابة الصحفيين المصرية)
TT

​جمال سليمان: الدراما قادرة على تطييب جراح السوريين

لقطة من لقاء سليمان بـ«نقابة الصحفيين المصرية» (نقابة الصحفيين المصرية)
لقطة من لقاء سليمان بـ«نقابة الصحفيين المصرية» (نقابة الصحفيين المصرية)

قال الفنان السوري جمال سليمان إن الدراما السورية لعبت دوراً كبيراً في فضح نظام بشار الأسد، وإنها قادرة على تطييب جراح السوريين، مؤكداً ترقبه تصوير مسلسل «الخروج إلى البئر» الذي يتناول جرائم التعذيب في سجن «صيدنايا»، مشدداً على أنه من حق السوريين بكل أطيافهم المشاركة في مستقبل البلاد دون إقصاء لأي فصيل منهم، ودون انفراد فصيل واحد بالحكم.

وأضاف خلال لقاء له بـ«نقابة الصحفيين المصرية» مساء السبت أن الشعب السوري بأطيافه كافة أسهم في إسقاط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وليس بواسطة فصيل واحد، وأن المرأة التي قُتل زوجها، والتي عاشت في الخيام على سبيل المثال لعبت دوراً في ذلك، مؤكداً أن ما يحسم قراره تجاه ترشحه لرئاسة سوريا وجود دستور جديد للبلاد، وأجواء آمنة تحقق انتخابات نزيهة، لافتاً إلى أن «سوريا كانت محكومة بالقوى الأمنية الجبرية خلال حكم حافظ الأسد».

جمال سليمان له نشاطات سياسية سابقة (حساب سليمان على فيسبوك)

وكان جمال سليمان قد أثار تفاعلاً وجدلاً كبيراً بالإعلان عن نيته الترشح لرئاسة سوريا، ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول تمسكه بالترشح للرئاسة، وعن ردود الأفعال التي تلقاها منذ إعلانه تلك الخطوة قال إنه «إذا حدث انتقال سياسي للسلطة، وأصبح لدينا دستور جديد، وبيئة آمنة تضمن انتخابات نزيهة، قد أكون مرشحاً رئاسياً، لكن يظل لكل حدث حديث»، مضيفاً أنه تلقى دعوات من شباب سوريين وشيوخ قبائل اتصلوا به يشجعونه على الترشح، فيما أبدى آخرون اعتراضهم عليه بحجة أنه من العلويين.

وأعرب عن حزنه لهذا الوصف «لست علوياً، كان والدي من العلويين، ووالدتي من الطائفة السنية، لكنني عشت حياتي كلها من دون انتماء طائفي، وإذا ترشحت فسوف أكون مواطناً منتخباً أؤدي خدمات للناس؛ وفقاً للدستور الذي أقسمت عليه».

وتحدّث سليمان عن الوضع في سوريا خلال حكمي حافظ وبشار الأسد قائلاً إن «سوريا في عهد حافظ الأسد كانت محكومة بالقوى الأمنية الجبرية، وكانت أجهزة الأمن تحصي على الناس أنفاسهم، لكن في الوقت نفسه كان هناك نوع من الحكمة السياسية التي خلقت قدراً من التوازن داخل المجتمع السوري، كما كان حافظ الأسد لديه براعة في إدارة الملفات الخارجية، غير أنه أراد تولي ابنه الحكم، وكان يُدرك أن سوريا كبيرة عليه، وأنه ليست لديه من الكفاءة التي تمكنه من ذلك، لكنّ السوريين لم يكن أمامهم سوى بشار»؛ على حد وصفه.

سليمان لم يحدّد بعد موعد عودته إلى سوريا (حساب سليمان على فيسبوك)

وحول اتهامه بـ«الانتساب لنظام بشار في البداية»، لفت إلى أنه «تعرّف عليه قبل أن يكون رئيساً»، مضيفاً: «كنا صرحاء معه في حديثنا عن الواقع السوري عقب توليه الرئاسة، وأبدى قدراً كبيراً من التفاهم مع وعد بالإصلاح السياسي والاقتصادي والأمني، لكنه تنكر لكل الوعود بما فيها القضاء على الفساد الذي ينخر في سوريا، وبدلاً من أن يحاربه أصبح هو على رأس الفساد وبشكل مباشر»؛ وفق تعبيره.

ويرى سليمان أن بشار هرب تاركاً وراءه دولة منهكة، ورغم وجود سلطة «إسلاموية» حالياً في دمشق، «فإننا بوصفنا معارضة نريد دولة مدنية ديمقراطية، فسوريا دولة تنطوي على تنوع كبير حتى داخل الطائفة الدينية الواحدة، وليس مقبولاً إقصاء أحد، ولا بد من حوار وطني يجمع كل الأطراف على قاعدة المصالح السورية، وأن نتفق على تشكيل جمعية تأسيسية تقوم على كتابة دستور جديد للبلاد يُراعي هذا التنوع، ويؤكد بشكل أساسي على وحدة سوريا، وأن أي مستقبل لسوريا لن يصنعه سوى كل السوريين مجتمعين».

الفنان السوري جمال سليمان يسعى إلى تقليل الخلاف بين الفنانين السوريين (نقابة الصحفيين المصرية)

وأشاد بما تقوم به السلطة الحالية في سوريا من توفير الخدمات، قائلاً إنها «تبذل جهداً كبيراً لتقديم ما استطاعت من خدمات، لكن الواقع صعب والاحتياجات هائلة تفوق قدرة أي سلطة على تلبيتها، لكننا نأمل في رفع العقوبات عن سوريا؛ لأن السوريين يستحقون حياة أفضل».

وكان الوسط الفني السوري قد شهد انقساماً تجاه الرئيس السابق خلال حكمه، وحول تصوره لرأب الصدع بين الفنانين السوريين، رأى سليمان أنه «أمر ضروري»، مشيراً إلى أنه يعمل على ذلك بشكل متواضع، لكنه كان عاتباً خلال السنوات الماضية على كثير من زملائه الذين صوروا بشار الأسد بأنه من أفضل ما يكون، معلناً مسامحته لهم: «لكي نعود ونبني صرح الدراما السورية من جديد»، فيما وجّه تحية لكل الفنانين الذين اعتذروا عن انتمائهم للنظام السابق، ما عَدّه يُعبر عن شجاعة.

وعن دور الدراما في طرح قضايا سوريا، قال سليمان إنها «لعبت دوراً كبيراً في فضح هذا النظام قبل سقوطه من خلال أعمال اجتماعية وكوميدية وتاريخية، من بينها مسلسل (الفصول الأربعة)»، مشدداً على أنها قادرة على تطييب جراح السوريين.