فوز يون فوسه بـ«نوبل الآداب» يُنصف المسرح بعد هيمنة «الرواية»

نقاد قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن اختياره ليس مفاجئاً

النرويجي يون فوسه الفائز بـ«نوبل» في الأدب (أ.ف.ب)
النرويجي يون فوسه الفائز بـ«نوبل» في الأدب (أ.ف.ب)
TT

فوز يون فوسه بـ«نوبل الآداب» يُنصف المسرح بعد هيمنة «الرواية»

النرويجي يون فوسه الفائز بـ«نوبل» في الأدب (أ.ف.ب)
النرويجي يون فوسه الفائز بـ«نوبل» في الأدب (أ.ف.ب)

ما إن أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية فوز الكاتب النرويجي يون فوسه بجائزة «نوبل» للآداب للعام 2023، حتى تفجر العديد من الأسئلة في الأوساط الثقافية عربياً وعالمياً بشأن دلالات فوز هذا الكاتب بالجائزة المرموقة، وهل ثمة شبهة انحياز للأدب الإسكندنافي الذي تمثله دول مثل السويد والنرويج والدنمارك؟ وهل انطوى الأمر على مفاجأة بالنظر إلى الأسماء المرشحة عالمياً لنيل الجائزة في هذه الدورة؟

اختيار غير مفاجئ

وترى الناقدة والأكاديمية المصرية د. أماني فؤاد أن «فوز فوسه لا يحمل أي مفاجأة، حيث عُرضت معظم أعماله على المسارح الأوروبية، وبالتالي فإن هناك معرفة غربية واسعة بمنجزه المسرحي، فضلاً عن ترجمة مؤلفاته إلى أكثر من 40 لغة».

الإعلان عن فوز فوسه بـ«نوبل» في الآداب (نوبل)

وأضافت فؤاد لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «الغريب أن عالم المسرح الذي يعد من مقومات فوزه، لطالما كان محل شك ‏لديه، وفق ما أعلنه مسبقاً فقد كتب مسرحيته الأولى في عام 1992، ‏واكتشف لاحقاً أن المسرح أعظم إنجازاته الإبداعية، حين تم عرض أولى مسرحياته ‏في المسرح الوطني في النرويج عام 1994‏».

المتتبع لمسيرة فوسه، بحسب فؤاد سيجد أن «(نوبل) جاءته بعد تتويجه بالعديد من الجوائز العالمية المرموقة مثل (الجائزة الأوروبية للآداب)، و(وسام الاستحقاق الوطني) الفرنسي بدرجة فارس، و(وسام القديس أولاف الملكي)»، وهو أعلى امتياز في الدولة النرويجية، وسبق أن منحه ملك النرويج شرف الإقامة مدى الحياة في (جروتن)، وهو بيت في حرم القصر الملكي في أوسلو مخصص لاستقبال كبار الفنانين منذ القرن التاسع عشر».

وكانت لجنة تحكيم الجائزة قد قالت في حيثيات فوز فوسه، إن «مسرحيات فوسه مبتكرة، ونثره يعطي صوتاً لما لا يمكن قوله. كما أن أدبه يخلو من الازدراء العدمي للعالم، ويحمل قدراً كبيراً من الدفء والفكاهة».

وصدر للأديب النرويجي المولود في عام 1959، والذي يعد أهم الأدباء المعاصرين في بلاده، أكثر من 30 عملاً؛ ما بين المسرح والشعر والرواية وأدب الأطفال، ومن أشهر مؤلفاته «علم السبعينيات»، و«الاسم الآخر»، و«أنا وهو الآخر»، وسبق لدار «الكرمة» بالقاهرة أن نشرت روايتي «صباح ومساء» و«ثلاثية» بترجمة شيرين عبد الوهاب وأمل رواش.

 

غلاف «ثلاثية» (دار الكرمة بالقاهرة)

«أمر مخيف»

ووصف فوسه فوزه بأنه «أمر مخيف»، مضيفاً، في بيان له: «أنا غارق بالمشاعر وخائف إلى حد ما، وأرى أن هذه جائزة للأدب الذي يهدف أولاً وقبل كل شيء إلى أن يكون أدباً، دون اعتبارات أخرى».

ويلفت الناقد والأكاديمي المصري د. رضا عطية إلى أن «فوز فوسه ينطوي على مغزى مهم، وهو (إنصاف كتّاب المسرح) في مواجهة هيمنة الرواية، حيث لم يفز في العشرين عاماً الأخيرة بالجائزة الأشهر سوى كاتب مسرحي وحيد هو البريطاني هارولد بنتر، وسط أغلبية من كتاب الرواية وقليل من الشعراء».

وأضاف عطية قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الفوز يرد الاعتبار إلى فن المسرح الذي شهد تراجعاً ملحوظاً على مستوى العالم»، مشيراً إلى أن «فوسه يعد أبرز الأسماء في المسرح النرويجي بعد الكاتب العالمي الأشهر هنريك إبسن، وينطوي فوزه على دلالة أخرى مهمة، وهي الجمع بين أجناس مختلفة في الكتابة، فهو يكتب الرواية والشعر وأدب الأطفال، إلى جانب تخصصه الأساسي وهو المسرح».

بؤرة الاهتمام

ووفق الكاتب السوري الكردي المقيم في بلجيكا هوشنك أوسي، فإن «فوز فوسه سوف يضع الأدب الإسكندنافي تحت بؤرة الضوء عالمياً وعربياً، لا سيما أن الترجمة منه إلى العربية محدودة وقليلة للغاية»، مستبعداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «ينطوي فوزه على انحياز من السويد للنرويج».

وتلاحق الجائزة اتهامات متكررة بالانحياز لأدباء أوروبا والغرب على حساب بقية أدباء العالم، بحسب أدباء ونقاد. وفي هذا السياق، أصدرت لجنة الجائزة عام 2018 بياناً اعترفت فيه بوجود «أزمة ثقة» بين جائزة «نوبل» في الآداب والقارئ، مشيرة إلى أن تلك الأزمة تفرض عليها «عمل إصلاحات قوية لاستعادة تلك الثقة». وفي ذلك العام، تم حجب الجائزة للمرة الثامنة في تاريخها، حيث سبق حجبها في أعوام 1914 و1918 و1935 و1940 و1941 و1942 و1943. وتعود أسباب الحجب عادة لاندلاع حروب عالمية، أو عدم وجود مرشح تنطبق عليه الشروط، بحسب بيانات لجنة التحكيم.

أحد كتب النرويجي يون فوسه الفائز بـ«نوبل» في الأدب (رويترز)

وتضم قائمة الأدب العالمي رموزاً من المبدعين الذين استحقوا الجائزة، لكن لجنة التحكيم تجاهلتهم لأسباب مختلفة، مثل الأدباء الروس ليو تولستوي ومكسيم جوركي وأنطون تشيخوف، والبريطانييْن سومرست موم وفيرجينا وولف، واليوناني نيكوس كازانتزاكيس، والفرنسي مارسيل بروست، والنرويجي هنريك إبسن، والأرجنتيني خورخي بورخيس.


مقالات ذات صلة

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

شؤون إقليمية نرجس محمدي (رويترز)

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

وافقت السلطات الإيرانية على نقل السجينة الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي إلى المستشفى بعد نحو تسعة أسابيع من معاناتها من المرض.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد الخبير الاقتصادي سايمون جونسون بعد فوزه المشترك بجائزة نوبل في الاقتصاد بمنزله في واشنطن يوم الاثنين 14 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الفائز بـ«نوبل الاقتصاد»: لا تتركوا قادة شركات التكنولوجيا العملاقة يقرّرون المستقبل

يؤكد الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد سايمون جونسون على ضرورة أن يستفيد الأشخاص الأقل كفاءة من الذكاء الاصطناعي، مشدداً على مخاطر تحويل العمل إلى آلي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

«نوبل الاقتصاد» لـ 3 أميركيين

فاز خبراء الاقتصاد الأميركيون دارون أسيموغلو وسايمون جونسون وجيمس روبنسون، بجائزة «نوبل» في العلوم الاقتصادية، أمس، عن أبحاثهم في مجال اللامساواة في الثروة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد شاشة داخل «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» خلال الإعلان عن جائزة «نوبل الاقتصاد» في استوكهولم (رويترز)

عقد من التميز... نظرة على الفائزين بجائزة «نوبل الاقتصاد» وأبحاثهم المؤثرة

على مدار العقد الماضي، شهدت «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» تتويج عدد من الأسماء اللامعة التي أحدثت تحولاً جذرياً في فهم الديناميات الاقتصادية المعقدة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

الفائزون الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد... سيرة ذاتية

تنشر «الشرق الأوسط» سيرة ذاتية للفائزين الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد والذين فازوا نتيجة أبحاثهم بشأن عدم المساواة بتوزيع الثروات.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.