الهند: صناعة كُرات الكريكيت الجلدية تتحدّى قدسية الأبقار

النشاط الذي عُدَّ «غير نقي» يُهدِّد ممارسيه

يتلقّى عاملون في هذا النشاط تهديدات من قائمين على حملات لحماية الأبقار يُطلقها هندوس (أ.ف.ب)
يتلقّى عاملون في هذا النشاط تهديدات من قائمين على حملات لحماية الأبقار يُطلقها هندوس (أ.ف.ب)
TT

الهند: صناعة كُرات الكريكيت الجلدية تتحدّى قدسية الأبقار

يتلقّى عاملون في هذا النشاط تهديدات من قائمين على حملات لحماية الأبقار يُطلقها هندوس (أ.ف.ب)
يتلقّى عاملون في هذا النشاط تهديدات من قائمين على حملات لحماية الأبقار يُطلقها هندوس (أ.ف.ب)

يبقى كثير من الهندوس، الذين يشكّلون غالبية سكان الهند، على مسافة من صناعة كرات الكريكيت بجلود الأبقار، وهي مهنة بونتي ساغار، لكونهم يؤمنون بقدسية هذه الحيوانات. وأخذاً في الاعتبار للقدسية التي تُعطيها فئة كبيرة من الهندوس للأبقار، وهم الأغلبية الدينية في البلاد، ينفّذ مهنة ساغار أشخاص لا يمانعون في العمل بالجلود مقابل أجر زهيد ومن دون أي تقدير، بل على العكس تماماً.

يبقى كثر من الهندوس على مسافة من صناعة كرات الكريكيت بجلود الأبقار(أ.ب)

ويتلقّى العاملون في هذا النشاط الرتيب والمتكرّر، تهديدات منتظمة من قائمين على حملات لحماية الأبقار يطلقها ناشطون هندوس يسعون إلى حظر ذبح هذه الحيوانات.

بداية، تابع ساغار (32 عاماً) تحصيلاً علمياً لئلا ينتهي به الأمر ممتهناً صنع الجلديات، أسوة بوالده، لكن بعد وفاة الأخير في سنّ مبكرة، اضطر نجله إلى مواصلة المهنة لإعالة عائلته.

يوضح هذا الهندوسي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، والعرق يتصبّب منه في داخل ورشة صغيرة خانقة، بجانب 6 عمال آخرين يشكّلون الجلد حول قلب من الفلّين لكرات الكريكيت: «لا أشعر بأي شيء سلبي تجاه عملي»، مُظهراً ولعاً كبيراً برياضة الكريكيت، على غرار الملايين من مواطنيه.

يشرح: «أعمل 8 ساعات يومياً، 7 أيام في الأسبوع. عملي يوفر انتظام الوضع في أسرتي».

العمل بالجلود يقابله أجر زهيد وإساءة التقدير(أ.ف.ب)

وتُصنع جميع كرات الكريكيت الهندية تقريباً يدوياً بعناية في ولاية أوتار براديش، في ميروت، مسقط ساغار، التي لا تبعد كثيراً عن نيودلهي.

ويعتمد اقتصاد المدينة بشكل كامل تقريباً على إنتاج هذه الكرات، مع ما يقرب من 350 شركة، وفق أرقام حكومية.

لكنّ معدّل البطالة المرتفع في ميروت أجبر أعضاء الطوائف الأعلى قليلاً على الانخراط في هذا النشاط الذي عُدَّ لفترة طويلة «غير نقي». وهي كانت مركزاً مهماً لإنتاج السلع الرياضية الهندية منذ تقسيم الهند البريطانية الذي أدى إلى استقلال الهند وباكستان في عام 1947.

معدّل البطالة المرتفع في ميروت أجبر أعضاء الطوائف الأعلى على الانخراط في النشاط (أ.ف.ب)

وقفز سعر الجلود المدبوغة، التي أصبح توريدها صعباً، بنسبة 50 في المائة العام الماضي. ونتيجة لذلك، تحول البعض إلى جلود الجاموس والثيران؛ فيما يحرص تاجر السلع الرياضية بالجملة في ميروت، أشيش ماتا، على الإشارة إلى أنّ منتجاته ليست مصنوعة من جلد البقر، لكنه يلفت إلى أنّ قطاع صناعة السلع الجلدية في البلاد لا يلتزم بهذا المحظور.

يقول: «يُستخدم الجلد في صناعة كثير من المنتجات: الأحذية، والأحزمة، والحقائب، والمحافظ، وحتى كرات الكريكيت. لذلك لا أرى مشكلة».


مقالات ذات صلة

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا صورة ملتقطة في الأول من نوفمبر 2024 تظهر الآثار المدمرة للفيضانات على منطقة تجارية في بلدة ألفافار بمنطقة فالنسيا شرق إسبانيا (أ.ف.ب)

205 قتلى جراء الفيضانات في إسبانيا... وأضرار هائلة تخلّفها العاصفة

ارتفعت حصيلة عدد قتلى الفيضانات العنيفة في إسبانيا إلى 205 أشخاص على ما أفادت فرق الإنقاذ مع ترجيح أن يرتفع العدد نظراً لعدد المفقودين الكبير.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
العالم جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)

خبراء: تجربة كوريا الشمالية الباليستية تشير إلى احتمال القدرة على استهداف البر الأميركي

يدل إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، اليوم (الخميس)، على تقدم محتمل في قدرتها على إطلاق هجمات نووية يمكن أن تصل إلى البر الأميركي.

«الشرق الأوسط» (سيول)
شمال افريقيا جانب من تجمّع انتخابي لترمب (حسابه على «فيسبوك»)

«الانتخابات الأميركية»: مغازلة أوباما وترمب للمسلمين والأقباط تثير تفاعلاً «عربياً»

أحدثت مغازلة المسلمين والأقباط للمشاركة في «الانتخابات الأميركية» المقبلة تفاعلاً «سوشيالياً» عربياً.

أحمد عدلي (القاهرة )
العالم صورة من أمام مبنى سفارة كوريا الشمالية في موسكو 30 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

موسكو تعلن عن محادثات «استراتيجية» مع كوريا الشمالية

أعلنت السلطات الروسية، الأربعاء، وصول وزيرة الخارجية الكورية الشمالية، تشوي سون هوي، إلى موسكو لإجراء محادثات «استراتيجية» مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مصر: اكتشاف «أول» مقبرة أثرية من عصر الدولة الوسطى

بعض اللقى الأثرية المكتشفة في المقبرة (وزارة السياحة والآثار)
بعض اللقى الأثرية المكتشفة في المقبرة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: اكتشاف «أول» مقبرة أثرية من عصر الدولة الوسطى

بعض اللقى الأثرية المكتشفة في المقبرة (وزارة السياحة والآثار)
بعض اللقى الأثرية المكتشفة في المقبرة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف أول مقبرة تعود لعصر الدولة الوسطى بجبانة العساسيف في الأقصر (جنوب مصر)، ما يضيف «تاريخاً جديداً» للجبانة الأثرية، التي أكدت الوزارة استمرار الحفائر بها «لكشف ما تخفيه من أسرار».

وأوضحت الوزارة، في بيان صحافي، أن البعثة الأثرية المصرية - الأميركية المشتركة، العاملة بمشروع ترميم جبانة جنوب العساسيف، خلال تنفيذها أعمال التنظيف الأثري للرديم في الجزء الجنوبي من سطح مقبرة كاراباسكن (TT 391) من الأسرة الـ25، «عثرت على مقبرة تضم مجموعة من الدفنات المغلقة، التي لم تفتح من قبل، إضافة إلى لقى أثرية فريدة»، مشيرةً إلى أن هذه هي «أول مقبرة تعود لعصر الدولة الوسطى يُعثر عليها في العساسيف».

وأشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، إلى «أهمية الكشف» باعتباره «يغير تاريخ جبانة العساسيف ويجعلها ضمن الجبانة الكبرى للدولة الوسطى في طيبة». وقال خالد إن «الكشف سيسهم في فهم الممارسات وطقوس الدفن في جبانة طيبة خلال الدولة الوسطى».

وتعد الدولة الوسطى إحدى فترات «الازدهار» في مصر القديمة، وتمتد من الأسرة الحادية عشرة إلى الثالثة عشرة، وفقاً لموقع وزارة السياحة والآثار. وأسسها الملك نب حبت رع منتوحتب (2004 - 2055 قبل الميلاد).

بعض القطع الأثرية وجدت سليمة (وزارة السياحة والآثار)

وعثرت البعثة الأثرية على «11 دفنة تضم هياكل عظمية لرجال ونساء وأطفال»، مما يشير إلى أنها «مقبرة عائلية كانت تستخدم لأجيال عدة خلال الأسرة الثانية عشرة وبداية الأسرة الثالثة عشرة»، كما عثرت البعثة أيضاً على «العديد من المجوهرات الفريدة في دفنات النساء، ومجموعة من اللقى الأثرية، من المرجح أنها ترجع إلى أوائل الأسرة الثانية عشرة».

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن «معظم الدفنات التي عثر عليها في المقبرة تعرضت لأضرار كبيرة بسبب الفيضانات التي دمرت أخشاب التوابيت وأقمشة الكتان»، لكنه أشار إلى أن «بعض المحتويات المصنوعة من مواد أقل عرضة للتلف، لا تزال بحالة جيدة».

أشكال متنوعة من الحلي والمرايا وجدت بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ومن بين أبرز اللقى الأثرية التي تم العثور عليها في المقبرة، «قلادة فريدة مكونة من 30 خرزة أسطوانية الشكل من حجر الأماتيست مع خرزتين أسطوانيتين من العقيق تحيطان بتميمة على شكل رأس فرس النهر»، حسب الدكتور هشام الليثي، رئيس قطاع حفظ وتسجيل الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار.

وأوضح الليثي أنه «تم العثور أيضاً على مجموعة من القلادات والأساور والسلاسل والخواتم والأحزمة المصنوعة من العقيق الأحمر والخزف المطعم باللون الأزرق والأخضر وحجر الفاينس المطلي، زينت بتمائم على شكل رؤوس أفراس النهر وصقور، ورأس ثعبان وغيرها»، مؤكداً أن «جميعها في حالة جيدة من الحفظ».

وذكرت الدكتورة كاثرين بلاكني، رئيس البعثة الأثرية من الجانب الأميركي، أنه «تم العثور داخل اثنتين من الدفنات على مرايا من النحاس، إحداها ذات مقبض على شكل زهرة اللوتس، وأخرى بتصميم نادر لوجه المعبودة حتحور بأربعة وجوه تظهرها كامرأة ذات ملامح صارمة».

أحد العقود التي وُجدت في مقبرة العساسيف (وزارة السياحة والآثار)

وقالت في البيان: «تم العثور على عدد من سبائك النحاس، وتمثال صغير للخصوبة من حجر الفاينس الأزرق والأخضر أرجله مقطوعة، ومصمم بشكل جيد ومزين بمجموعة متنوعة من المجوهرات، وشعره مطلي باللون الأسود، وعُثر بجوار التمثال الصغير على ما يقرب من 4000 خرزة طينية تشكل الشعر الأصلي».

وعثرت البعثة أيضاً على مائدة قرابين مربعة الشكل مع حافة منخفضة وقناة مياه في المنتصف محاطة بنقوش بارزة لرأس ثور ورغيف خبز وقرابين أخرى.

بدوره، أكد مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير، «أهمية الكشف». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «جبانة العساسيف جزء من طيبة، ومعظم المقابر بها تعود لعصر الدولة الحديثة»، مضيفاً أن «اكتشاف مقبرة من عصر الدولة الوسطى يضيف بعداً جديداً للجبانة، ويلقي الضوء على دور المنطقة في دعم توحيد الدولة بعد فترة انقسام شهدتها مصر بعد عصر الدولة القديمة».

وتقع منطقة العساسيف في البر الغربي بالأقصر، على مقربة من معبد حتشبسوت بالدير البحري، جنوب جبانة «ذراع أبو النجا» ضمن مجموعة «جبانة طيبة»، وتضم عدداً من مقابر الأفراد التي يرجع تاريخ أغلبها إلى الفترة من عصر الأسرة الثامنة عشرة، وحتى الأسرتين الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين.

وخلال الأعوام الماضية أُعلن عن اكتشافات عدة بجبانة العساسيف، كان أبرزها عام 2019، إذ أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية اكتشاف «خبيئة توابيت أثرية تعود لعصر الأسرة 22»، قبل نحو 3000 سنة.