47 موقعاً جديداً في قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي حصيلة اجتماعات الرياض

لجنة التراث العالمي تطوي أطول دوراتها وأكثرها توسعاً

طوت لجنة التراث العالمي اجتماعاتها في مدينة الرياض بعد 15 يوماً من النقاشات بشأن مستقبل التراث (واس)
طوت لجنة التراث العالمي اجتماعاتها في مدينة الرياض بعد 15 يوماً من النقاشات بشأن مستقبل التراث (واس)
TT

47 موقعاً جديداً في قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي حصيلة اجتماعات الرياض

طوت لجنة التراث العالمي اجتماعاتها في مدينة الرياض بعد 15 يوماً من النقاشات بشأن مستقبل التراث (واس)
طوت لجنة التراث العالمي اجتماعاتها في مدينة الرياض بعد 15 يوماً من النقاشات بشأن مستقبل التراث (واس)

طوت لجنة التراث العالمي اجتماعاتها في مدينة الرياض، بعد 15 يوماً من النقاشات المستفيضة والمداولات الثرية بشأن مستقبل التراث وقطاع الآثار، وتحديد مصير مجموعة من المواقع الثمينة حول العالم، التي تسعى منظمة «اليونيسكو» لتكثيف الجهود الدولية لحمايتها وصونها، مكتسباً ثقافياً ثميناً للأجيال وشاهداً تاريخياً على المسيرة البشرية.

واختُتمت (الاثنين) أعمال الدورة الـــ45 للجنة التراث العالمي التي عُقدت اجتماعاتها في الرياض، وقد أسفرت اجتماعات اللجنة في دورتها لهذا العام عن إدراج 47 موقعاً جديداً في قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي، وألقت الضوء على أهميتها التاريخية وقيمتها الثقافية وحثّت على مواصلة العمل على تطويرها والاهتمام بها ككنوز ثقافية وطبيعية مهمة.

دموع فرح، وتبادل للتهاني، وشعور بالاعتزاز والارتياح، عمّت قاعة الأمير سلطان في برج الفيصلية الشاهق بمدينة الرياض، الذي احتضن لأسبوعين كاملين اجتماعات لجنة التراث العالمي، ووفود الدول التي تبحث عن فرص واعدة لإدراج مواقعها الثقافية والطبيعية في القائمة الدولية، وسط نقاش مكثف ومداولات وُصف بعضها بالصعب والشاق لاستيفاء معايير الإدراج والعبور بهذه المواقع إلى النور.

تعد الدورة الموسعة الـ45 للجنة التي استضافتها السعودية أكثر دورات اللجنة توسعاً (واس)

جدول أعمال زاخر

وإلى جانب المواقع العالمية المرشحة من مختلف القارات وجلسات التصويت المليئة بالنقاشات، كان جدول أعمال الدورة التي استضافتها السعودية للمرة الأولى، زاخراً بالخطط والاقتراحات. حيث تعد الدورة الموسعة الـ45 للجنة التي استضافتها السعودية، أكثر دورات اللجنة توسعاً، كما تمثل أطول الدورات التي عقدتها خلال السنوات الأخيرة، وشهدت ترشيح أعداد كبيرة من مواقع التراث العالمي، ونوقشت خلالها إمكانية إدراج 50 موقعاً ضمن قوائم التراث العالمي، كما تمّت مراجعة أكثر من 260 تقرير حالة صون للمواقع المدرجة. وخلال دورة الرياض، تم تسجيل مواقع جديدة في دول لم يسبق لها تسجيل أي مواقع ضمن قوائم التراث العالمي، مثل رواندا، كما تم خلالها تسجيل أول موقع طبيعي سعودي في التراث العالمي، فضلاً عن مميزاتها المتعددة في جوانب الترتيب والزيارات، والإعلام، والمشاركة الفاعلة للوفود.

وقد وافقت اللجنة خلال اجتماعاتها على توسيع مساحة 5 مواقع، حيث تحظى هذه المواقع بأعلى درجات الحماية المخصصة للتراث العالمي، وتمكينها من الاستفادة من فرص جديدة للمساعدة التقنية والمالية التي تقدمها «اليونيسكو»، ويرتفع بذلك العدد الإجمالي للعناصر المدرجة في قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي إلى 1199 عنصراً من 168 بلداً، كما نظرت لجنة التراث العالمي في حالة صون 263 موقعاً من المواقع المدرجة أصلاً في قائمة التراث العالمي.

خلال دورة الرياض تم تسجيل مواقع جديدة في دول لم يسبق لها تسجيل أي مواقع ضمن قوائم التراث العالمي (واس)

وشارك في أعمال هذه الدورة للجنة التراث العالمي التي عُقدت في الرياض ممثلون عن الدول الـ195 الأطراف في اتفاقية التراث العالمي، وممثلون عمّا يقرب من 300 منظمة من منظمات المجتمع المدني، وتناولت الجلسات آليات التصدي للصعوبات العالمية الكبيرة التي يواجهها التراث من اضطرابات مناخية أو تنمية حضرية أو ضغط ديموغرافي أو نزاعات مسلحة أو سياحة جماعية. وعرضت «اليونيسكو» دراسات وحلولاً مبتكرة من أجل الصون والإدارة وإذكاء وعي الجمهور، مثل مشروع «الغوص في ثنايا التراث» الذي يتيح لعموم الجمهور من الآن حتى عام 2025 استكشاف مواقع التراث العالمي عبر الإنترنت. وخُصِّص تمويل دولي بقيمة إجمالية تبلغ 336000 دولار أميركي لـ6 مواقع للتراث العالمي تقع في كوت ديفوار وغانا ومصر وهايتي وجزر مارشال وسريلانكا، بغية دعم قيام مشاريع محلية للصون؛ وقد استفاد أكثر من 30 موقعاً من مثل هذه المساعدات المالية خلال عامَي 2022 و2023 التي زاد مجموعها على مليون دولار أميركي.

سلّط احتضان الرياض أعمال لجنة التراث العالمي الضوء على الجذور الحضارية العميقة للمواقع التراثية السعودية (المركز الإعلامي الافتراضي)

تراث السعودية تحت مجهر العالم

وسلّط احتضان الرياض أعمال الدورة الموسعة الـ45 للجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة «اليونيسكو» بحضور نحو 3000 ضيف من 21 دولة، الضوء على الجذور الحضارية العميقة للمواقع التراثية السعودية. وانتظم هذا التجمع الدولي الفريد لبحث مستقبل قطاع التراث العالمي في العاصمة السعودية التي نهضت بقطاع التراث والآثار لديها، وكانت محط انتباه واهتمام العالم بعد أن حظيت بكثير من الفعاليات الدولية التي قدمت الإرث الثقافي والإنساني الغني الذي تملكه السعودية للعالم. وزارت الوفود التي قدمت من مختلف دول وقارات العالم مجموعة من المواقع التاريخية والتراثية السعودية، التي تعكس العمق الحضاري والتاريخي للمملكة وتنوع تقاليد وتراث مجتمعها، كما عكست مستوى الاهتمام الذي توليه القطاعات الرسمية المعنيّة بصون التراث وإعادة تقديمه إلى العالم.

السعودية نهضت بقطاع التراث والآثار لديها وكانت محط انتباه واهتمام العالم (المركز الإعلامي الافتراضي)

وحققت السعودية خلال السنوات القليلة الماضية نتائج مهمة في الكشف والحفاظ على تراثها الثقافي، وخلق الوجهات التراثية السياحية، منذ أطلقت «رؤية السعودية 2030» فرصة ثمينة لتدشين نقلة نوعية كبرى في مجال الآثار بالسعودية، إذ يحتل التراث الثقافي جانبا مهماً ضمن الرؤية، ويشكل محوراً للجذب السياحي، وتحقيق التنوع الاقتصادي الذي تنشده السعودية في مستقبلها الواعد في ظل الرؤية. وأعلنت لجنة التراث العالمي التابعة لـ«اليونيسكو»، إدراج محمية «عروق بني معارض» السعودية في قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي، بوصفها أول موقع تراث عالمي طبيعي في السعودية، أطلّ على العالم، وفتح نوافذ إلى ما تتمتع به من تنوع طبيعي ومَواطن فطرية فريدة، تحتفظ بدهشة الطبيعة، وتزهو بغناها النباتي والأحيائي، بعد أن حصلت مؤخراً على اعتراف العالم بوصفها أول موقع للتراث الطبيعي العالمي، وسابع المواقع السعودية المدرجة في قائمة التراث العالمي.

حققت السعودية نتائج مهمة في الكشف والحفاظ على تراثها الثقافي وخلق الوجهات التراثية السياحية (المركز الإعلامي الافتراضي)

قدمت أوركسترا السعودية عرضاً موسيقياً لمزيج من الألحان الفولكلورية والتقليدية ومجموعة من الفنون الأدائية والشعبية (المركز الإعلامي الافتراضي)

الأوركسترا السعودية تودع ضيوف التراث العالمي

وفي ختام الدورة، أقامت اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، حفلاً تكريمياً للجهات المشاركة في استضافة أعمال لجنة التراث العالمي في دورتها الموسعة الـ45 المقامة في الرياض، بحضور حشد واسع من ضيوف «اليونيسكو»، ومسؤولين في القطاعات الثقافية والإعلامية. وقدمت أوركسترا السعودية خلال الحفل عرضاً موسيقياً، أثار بهجة الحضور، وتخلل العرض مزيج من الألحان الفولكلورية والتقليدية، ومجموعة من الفنون الأدائية والشعبية، مثل فن السامري، والدانة، والربش، والينبعاوي، وعدد من المعزوفات والإيقاعات الشرقية والسعودية، بمشاركة فرقة الأوركسترا والكورال الوطني.


مقالات ذات صلة

معرض في سويسرا يحتضن آثار غزة: تدميرها المُتعمَّد «جريمة حرب»

يوميات الشرق الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)

معرض في سويسرا يحتضن آثار غزة: تدميرها المُتعمَّد «جريمة حرب»

أُحضرت هذه الآثار التي توضح جوانب من الحياة اليومية المدنية والدينية من العصر البرونزي إلى العصر العثماني، إلى جنيف ضمن معرض «غزة على مفترق طرق الحضارات».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق أرشيفية من قمة العلا للآثار في 2023 (واس)

العلا تجمع علماء الآثار لبحث تراث المجتمعات المتنقلة عبر العصور

على أرض الحضارات تلتئم ندوة العلا للآثار جامعةً تحت سقفها مئات من الخبراء والمختصين في علم الآثار والتراث الثقافي من شتى دول العالم لتبادل خبراتهم العلمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق وزير الخارجية المصري يتفقد القطع الأثرية بنيويورك قبل إرسالها إلى القاهرة (وزارة الخارجية المصرية)

مصر لاستقبال قطع فرعونية نادرة بعد إحباط بيعها في أميركا

تترقب مصر استقبال قطع آثار فرعونية «نادرة» أحبطت السلطات الأميركية بالتعاون مع نظيرتها في القاهرة محاولات لبيعها أخيراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق دهشة الذكاء الاصطناعي (رويترز)

الذكاء الاصطناعي «نجم» رسوم عمرها 2000 عام في بيرو

تُعدّ خطوط نازكا، التي تعود إلى 2000 عام مضت، رسوم لنباتات وحيوانات، يمكن رؤيتها فقط من السماء. وقد أُعلنت ضمن مواقع التراث العالمي لـ«يونيسكو» عام 1994.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس)

«تيتا زوزو» يثير استياء «الموسيقيين» في مصر

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
TT

«تيتا زوزو» يثير استياء «الموسيقيين» في مصر

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)

أثار مسلسل «تيتا زوزو» استياء «الموسيقيين» في مصر، الذين اعترضوا على مشهد تضمّن حواراً بين الفنانة إسعاد يونس بطلة العمل وأحد الفنانين المشاركين يتحدث عن التحاقه بكلية «التربية الموسيقية»، وخلال المشهد يتم وصم منسوبيها بـ«الفشل»، ووصفهم بـ«الآلاتية».

وأصدرت كلية «التربية الموسيقية» بجامعة «حلوان» بياناً استنكر «الحوار»، كما عدّت الكلية أن ما قِيل على لسان صُنّاع العمل يُعدّ إساءة بالغة للموسيقيين، كأنه يشير إلى أن من يتقدّم للالتحاق بكلية «التربية الموسيقية» شخص «فاشل».

وأكد بيان الكلية أن «الوصف يمسّ كرامة العاملين والطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ويقلّل من شأن مؤسسة عريقة أسهمت في تطوير الموسيقى المصرية على مدار عقود».

وأوضح البيان أن كلية «التربية الموسيقية» من القلاع الفنية في مصر، مثل: المعاهد المتخصصة الأخرى كـ«المعهد العالي للموسيقى العربية» و«الكونسرفتوار».

من جانبه قال وكيل ثانٍ «نقابة الموسيقيين»، أستاذ بكلية «التربية الموسيقية» بجامعة «حلوان» الدكتور محمد عبد الله، إن «خريجي الكلية يلعبون دوراً مهماً في مجالات التدريس الموسيقي، وتأليف الموسيقى التصويرية والتوزيع، وغيرها من أدوات العمل الفني».

الملصق الدعائي لمسلسل «تيتا زوزو» (الشركة المنتجة)

وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أكد عبد الله أن «الكاتب هو المسؤول الأول عن هذه الإساءة، وكان يتعيّن عليه الإشارة إلى الموسيقى وعدم أهميتها، ما دام أنه يرى ذلك أو يريد توصيل هذا المعنى، ولكن بوجه عام دون تحديد اسم الكلية».

ووصف عبد الله الحوار الدرامي بأنه «فخ وقع به المؤلف، الذي لم يتدارك الموقف خلال الحلقة ويصلح ما أفسده»، ويتابع: «كلمة (مشخصاتي) التي كانت تُطلق على الممثل قديماً طُمست ولم تعد تُقال، فلماذا تتم الإساءة للموسيقي ووصفه بـ(الآلاتي) إذن؟ وهي الكلمة التي كانت تُقال للشخص الذي يتقن العزف على آلة بعينها، في ثلاثينات القرن الماضي قبل إنشاء الكليات المتخصصة».

وقال وكيل ثانٍ «نقابة الموسيقيين» إنه «غير عاتب على الفنانة إسعاد يونس ولا غيرها من الممثلين، فهم أدوات في يد صناع العمل»، وفق قوله، ولكنه «عاتب على المخرج والكاتب والرقابة على المصنفات الفنية في مصر التي مررت المشهد دون حذفه أو تعديله، والسماح بالإساءة إلى صرح أكاديمي عريق يضم قيادات وطلبة وأساتذة جامعيين».

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)

وطالب عبد الله باعتذار رسمي من صُنّاع العمل ومحاولة حذف المشهد، مؤكداً أن «الفن لغة للجمال وليس للإساءة، وأن كتابة النص تحتاج إلى الدقة والحرص البالغ، حتى لا يقع الكاتب في فخ الإهانة والسخرية من أي مهنة أو شخص».

وذكر عبد الله أن صُنّاع العمل لم يتواصلوا مع إدارة الكلية، ولم يقدم أحد اعتذاره عما قيل.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع بعض صنّاع العمل، لمعرفة موقفهم من بيان الكلية والرد عليه، ومن بينهم المخرجة شيرين عادل والكاتب محمد عبد العزيز، دون أن نتلقى رداً أو تعليقاً.

وترى الناقدة الفنية المصرية خيرية البشلاوي أنه «لا بد من التدقيق في جوهر العمل بكامله، وهل السياق العام يُهين خريجي الكلية أم مجرد مشهد عابر يمهد لتوضيح أهمية الموسيقيين خلال الحلقات المقبلة».

وتضيف البشلاوي لـ«الشرق الأوسط»: «إسعاد يونس فنانة وإعلامية تعي جيداً ما تقدّم، ولن تقبل الإساءة إلى أي مهنة»، كما ترفض البشلاوي حذف المشهد من السياق؛ لكنها تطالب بمتابعة الأحداث للنهاية، لتكوين تصور عام يوضح ما دار بالمشهد.

لم تكن واقعة اتهام مسلسل «تيتا زوزو» بالإساءة إلى إحدى المهن هي الأولى، وإنما وُجهت اتهامات مماثلة إلى أعمال أخرى، من بينها اتهام صُنّاع مسلسل «البيت بيتي 2» بالإساءة لمزارعي مصر، وكذلك اتهام صناع مسلسل «أشغال شقة» الذي عُرض في رمضان الماضي بالإساءة إلى مهنة الطب الشرعي، وكذلك اتهام مسلسل «الكبير أوي»، بالإساءة إلى مهنة التمريض، واتُّهم صناع مسلسل «مع سبق الإصرار» بالإساءة إلى مهنة المحاماة، وواجه صناع فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» في وقت سابق اتهامات بالإساءة إلى مهنة التدريس.