مساحة مروى خليل لإعداد ممثلين: فضاء تعبيري حرّ

تقول لـ«الشرق الأوسط»: الممثل مكبّل ولا مفرّ من بدائل

مروى خليل على المسرح: التمثيل أصعب مما نعتقد (حسابها الشخصي)
مروى خليل على المسرح: التمثيل أصعب مما نعتقد (حسابها الشخصي)
TT

مساحة مروى خليل لإعداد ممثلين: فضاء تعبيري حرّ

مروى خليل على المسرح: التمثيل أصعب مما نعتقد (حسابها الشخصي)
مروى خليل على المسرح: التمثيل أصعب مما نعتقد (حسابها الشخصي)

المهنة الأولى التي مارستها الممثلة اللبنانية مروى خليل كانت التدريس. في سنّ العشرين، علَّمت في مدارس. ظلّت تشعر أنّ ما تقوم به لا يكتمل من دون تفسير. الشرح بات جزءاً من كاركتيرها، مُنطلَقه فيض الإحساس والرغبة في العطاء. هذه خصال المُرهَفين، مَن يجدون خلاصهم في الفن. حبّ التعليم حرَّض على ولادة «آكتينغ لاب»؛ مشروع ينطلق في أكتوبر (تشرين الأول) لإعداد ممثلين قد يحظون بفرص في المستقبل.

قبل «كوفيد»، شهد المشروع ولادة لم تدم. حلَّت على لبنان الفواجع، فجمَّدت وعطَّلت. تُخبر «الشرق الأوسط» عن «عودة أنضج». فبعد تجارب بعضها تعثَّر وبعضها تحوَّل إلى خبرة، تفتح المساحة التعبيرية بابها من جديد، هذه المرة بوجود أساتذة يشاركون، ومروى خليل، خبراتهم مع المنتسبين إلى هذا الفضاء الواعد.

تحتّم المسؤولية الاطلاع والبحث، فتمضي وقتاً في القراءة والمتابعة. تقول: «يذهلني كم المعلومات الضخم. العالم أوسع مما نتخيّل. كتاب من 400 صفحة مثلاً ينفرد بشرح جانب من الشعور. كل تفصيل في مهنة التمثيل، تقابله مراجع لا تُحصى».

قبل العودة، اتّسم المشروع بالتجريب والمحاولات. تارة، يحصد الثمار وتارة تتساقط الأوراق الهشّة لتتيح المجال لولادة براعم ثابتة. تستعد للانطلاق بثقة، فقد اختبرت الصح والخطأ، المفيد والأقل إفادة؛ ومن الحقل استبقت البذرة الصالحة: «أُضيف الأساتذة لمزيد من التشعُّب. المشروع بنسخته الجديدة طَموح».

توظّف شهادتها في علم النفس بتجربة تشكّل مساحة ترتكز على الفئات العمرية وما يتعارك في دواخلها. تشرح: «أشاء مدَّ الآخرين بما كسبته. تبدأ الصفوف من السنوات الستّ، وتُقسم ما بين طالبي الدروس باللغتين الفرنسية والإنجليزية، من ثَم تدخُل العربية في أعمار أكبر. حضور الأستاذَيْن عمر مجاعص خرّيج جامعة شيكاغو وميريام سعادة المتخصّصة بالمسرح في ليون، يسهّل تحقيق الأهداف. المسألة برمّتها اكتشاف. أُجري بحثي الخاص وأتوصّل إلى اكتساب معرفة موسَّعة».

لكنها تُنبِّه إلى عدم الإفراط في التوقُّع: «البعض يظنّ أنه سينهي الدورات الثلاث، ومدّتها عام، ليقف على خشبة. ليس صحيحاً. نحن الممثلين نتدرّب يومياً لتقديم مسرحية. الدروس مرة أسبوعياً لا تصنع المعجزات. التمثيل التزام وتعب. فكرة المشروع هي تعليم الأسس والشعور بالحرية والمتعة».

الممثلة اللبنانية مروى خليل تُطلق مساحة لإعداد ممثل (حسابها الشخصي)

تُعطي المفاتيح وتُزوِّد بالخطوة الأولى. الأهم عند مروى خليل هو التعبير الحرّ: «المجتمع يقيّد ويُصدر الأحكام. الباكي يُتّهم بالضعف. ومَن يصرخ يظنونه مجنوناً. (آكتينغ لاب) مساحة حرّة. تعلُّم التمثيل يتبعه إخراج المكبوت والتسلية».

الافتتاح في 16 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بمنطقة الجمّيزة البيروتية. تُقسم الصفوف وفق الأعمار؛ فبين السادسة والسابعة صف، والثامنة حتى 13 صف، إلى صف للمراهقين، فالأنضج. والدروس تتصل بالتقلبات النفسية وتراعي السلوكيات المترتّبة على خصوصية كل سنّ. بعد الثامنة عشرة، يُتاح تعلُّم التقنيات للتحلّي بالمشاعر المركّبة».

«أجرِّب ولا أخشى خوض الجديد. الممثل في النهاية مقيَّد، يكبّله عمر الشخصية واتصال المُنتج. ماذا لو لم يرنّ الهاتف؟ ماذا لو تضاءلت الفرص؟ لذا، أوسِّع. الأحبّ بالنسبة إليّ هو إطلاق مشروع قوامه الكتابة والإنتاج والتمثيل. كل ما في المهنة يحرّكني لتجربته»

الممثلة اللبنانية مروى خليل

تُعيد التذكير: «الدروس لن تخرّج نجوماً. هي إعداد وأساسيات، وفضاء هواؤه نظيف». تتحدّث عن اعتقاد خاطئ مفاده أنّ التمثيل سهل: «يظنون مهنتنا كبسة زر. ليس صحيحاً على الإطلاق. يأتي بعضٌ ليصبح مشهوراً وذلك مردّه الزهو بالأحلام. يضربون المثال بالسينما ويشيرون بالإصبع إلى نجومها. بعضٌ يقول لي: نريد تقديم عمل مثل مسرحيتكِ (مفروكة). هؤلاء يرون المشهد من الخارج. يتطلّب الوصول جهداً أكبر من دورة واثنتين. الأهم، التواضع ومساءلة النفس».

برأيها، الربط بين التمثيل والنجومية هو ذروة «الكليشيه»: «ما إن نبدأ بتعليم الأسس حتى يُصاب تلامذة بالملل. يقولون: متى سنقف أمام كاميرا ونقدّم الـ(شو) الخاص بنا؟ هم يأتون لهذا الغرض، لذا تحلّ الخيبة».

توضح، مرة أخرى: «المشروع غاياته تنمية الشخصية ومهارات التواصل، التسلية، قراءة نصوص قد تكون مضجرة حين تُدرَّس في الصفوف، وتخطّي الاستظهار إلى المشهد التعبيري. أما الشهرة فمرة تضيء وأخرى تنطفئ. مَن يضعها هدفاً، يضيّع منطق الأمور».

لماذا يصبح المرء ممثلاً؟ هل يُبرَّر طرح السؤال؟ هل هذه الولادة فطرية أم مكتسبة؟ عند مروى خليل، التمثيل عطاء: «مَن يشعر بفائض الإحساس وبأنه مرهف الشعور، فذلك يساعد. الممثل يبدأ من الداخل قبل عملية الصَقْل».

تنتقي التعبير اللبناني «كِبْ حالي»، للقول إنها تهوى المغامرة: «أجرِّب ولا أخشى خوض الجديد. الممثل في النهاية مقيَّد، يكبّله عمر الشخصية واتصال المُنتج. ماذا لو لم يرنّ الهاتف؟ ماذا لو تضاءلت الفرص؟ لذا، أوسِّع. الأحبّ بالنسبة إليّ هو إطلاق مشروع قوامه الكتابة والإنتاج والتمثيل. كل ما في المهنة يحرّكني لتجربته».

هذا الشغف يُبقيها في لبنان، «وإلا لهاجرتُ». تشاء «تقديم الأفضل وسط السوء الطاغي، فأتعلّم وأُعلِّم. هكذا فقط، نتحايل على الظرف. التخطّي أعظم إنجازات أبناء الأوطان المأزومة».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.