أظهرت دراسة أجراها باحثون من جامعة لافال الكندية أن ضغوط الوظيفة المقترنة بزيادة الجهود المبذولة مع انخفاض المكافآت تؤدي إلى مضاعفة خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الرجال.
ووجدت الدراسة أن هذا المزيج من الضغوط يمثل خطورة بشكل خاص على الرجال، مقارنة بأولئك الذين لا يعانون من تلك الضغوطات، وفق نتائج الدراسة المنشورة (الثلاثاء) في أحد إصدارات دورية «سيركوليشن».
وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، ماتيلد لافين - روبيتشود، الحاصلة على الدكتوراه من جامعة لافال الكندية: «بالنظر إلى مقدار الوقت الكبير الذي يقضيه الأشخاص في العمل، فإن فهم العلاقة بين ضغوطات العمل وصحة القلب والأوعية الدموية أمر بالغ الأهمية للصحة العامة ورفاهية الموظفين والعمال».
وأضافت في بيان صادر (الثلاثاء) «أن الضغوط المرتفعة يمكن أن تشمل أعباء العمل الثقيلة، والمواعيد النهائية الضيقة، وتعدد المسؤوليات، وانخفاض سيطرة الرجال على عملهم، وتعني الأخيرة أن الموظف ليس لديه رأي كبير في اتخاذ القرارات وطريقة أداء مهامه».
من جانبه، قال الدكتور أحمد بنداري، أستاذ أمراض القلب والأوعية الدموية المساعد بكلية الطب في جامعة بنها المصرية: «إنه يمكن لهذا المزيج من الضغوط أن يؤدي إلى عدد من التغيرات الفسيولوجية التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، وزيادة الالتهاب ومستويات السكر في الدم، وارتفاع مستويات الكوليسترول الضار، وانخفاض الكوليسترول الجيد».
وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الضغوط يمكن أن تؤدي أيضاً إلى القيام بسلوكيات غير صحية تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل التدخين، والإفراط في تناول الطعام، وقلة النشاط البدني، والإفراط في استهلاك الكحول».
واستطرد: «كما يمكن أن تؤدي ضغوط العمل والجهد المستمر وانخفاض المكافآت المادية المجزية إلى الشعور باليأس والعجز، والتوتر المزمن، ما قد يؤدي إلى حدوث مشكلات في الصحة العقلية، مثل الاكتئاب والقلق، وهو ما يزيد أيضاً من خطر الإصابة بأمراض القلب».
ووفق منظمة الصحة العالمية فإن أمراض القلب ظلت السبب الرئيسي للوفاة على الصعيد العالمي على مدى السنوات العشرين الماضية، غير أن عدد الأشخاص الذين تفتك بهم اليوم يفوق أي وقت مضى؛ فقد ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن أمراض القلب بأكثر من مليوني حالة منذ عام 2000، ليصل إلى ما يقرب من 9 ملايين حالة وفاة في عام 2019.
وعلى الرغم من أن هناك أبحاثاً سابقة أظهرت أن اثنين من الضغوطات النفسية الاجتماعية - (ضغوط العمل) و(عدم توازن الجهد والمكافأة) في العمل - قد يزيدان من خطر الإصابة بأمراض القلب، فإن عدداً قليلاً من هذه الدراسات قامت بدراسة التأثير المشترك لتلك الضغوطات معاً.
وفي ختام حديثها قالت لافين روبيشود: «تسلط دراستنا الضوء على الحاجة الملحة لمعالجة ظروف العمل المجهدة بشكل استباقي، لخلق بيئات عمل صحية تعود بالنفع على الموظفين وأصحاب العمل أيضاً». وأضافت: «التدخلات التي تهدف إلى الحد من الضغوطات الناتجة عن بيئة العمل يمكن أن تكون فعالة بشكل خاص بالنسبة للرجال، ويمكن أن يكون لها أيضاً آثار إيجابية على النساء، حيث ترتبط عوامل التوتر هذه بقضايا صحية أخرى سائدة مثل الاكتئاب»، لافتة إلى أن التدخلات قد تشمل أساليب مختلفة، مثل توفير موارد الدعم، والتركيز على التوازن بين العمل والحياة، وتعزيز التواصل في بيئة العمل وتمكين الموظفين من التحكم في عملهم بشكل أكبر.