سيبقى حفل «ليلة من الزمن الجميل» الذي شهدته مدينة جدة الخميس الماضي على مسرح «بنش مارك» وجمع ثلاثة من كبار المطربين العرب هم: عفاف راضي، ومحمد ثروت، وميادة الحناوي، حفلاً استثنائياً، يسجل حضوره الدائم بشكل خاص في ذاكرة الفنان محمد ثروت، الذي أبكى الجمهور العربي معه، وهو يقاوم دموعه على المسرح بعدما فوجئ بنجله أحمد يقف بجواره، ويغني له «ابن أبويا»، بينما يتابع الجميع على الشاشة شريطاً مصوراً لرحلة الشاب مع مرضه الصعب، وبين دموع الفرح، وشجن اللحظة، وتصفيق الجمهور، عاش ثروت ليلة لا تُنسى.
وتحدث ثروت لـ«الشرق الأوسط» عن الحفل والجمهور ورحلة مرض ابنه والمفاجآت التي أذهلته في ليلة واحدة، وردود الفعل التي فاقت توقعاته، وخطواته المقبلة. تسكن صوته الفرحة وهو يزهو بالحفل: «كان الاستقبال رائعاً من الجمهور، ولم يكن بالمسرح مقعد فارغ، وهذا ليس غريباً على الجمهور السعودي الذي أعرفه من خلال لقاءاتي به، سواء في السعودية أو في مصر، فهو جمهور (سميَع) متابع، والفن عنده له أصول».
مضيفاً: «الكلام لا بد أن يكون معبراً وله معنى، وقد لمست إحساسهم الذي كان واضحاً في عيونهم وفي تفاعلهم، وشعرت بأنني وسط أهلي وناسي، الأمر الذي جعلني أرغب في أن أقدم أغنيات أكثر، لكن احتراماً مني لتوقيت برنامج الحفل والنقل على الهواء، حددت ما سأقدمه وألغيت بعضها حتى لا أتجاوز الوقت». ذكر ثروت أنه كان مقرراً أن يقدم «ديو» غنائياً مع نجله، لكنه فوجئ بصعوده على المسرح وغنائه له «ابن أبويا»، التي أثارت شجن الجمهور، وكما يقول: «هذه الأغنية كانت مفاجأة مذهلة، وجاء اقتراح تقديمها من المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه، مثلما علمت بعد الحفل، حتى أنهم تعمدوا أن تكون أوقات بروفات أحمد في غير أوقاتي، وكان يخرج بزعم لقاء بعض أصدقائه، بينما كنت مشغولاً بالحفل والبروفات».
وعن دموعه التي أبكت الجمهور معه يستعيد تلك اللحظة، قال: «وأنا أشاهد الفيلم الذي أعده أحمد عن الشهور الثلاثة الماضية في رحلة المرض، وجدت نفسي وأنا أقف على المسرح أسترجع شريطاً بدأ منذ رحلة مرضه، وقد أثَر في كلام نجلي، كما كان تفاعل الجمهور عند دخوله المسرح من الأشياء المؤثرة بالنسبة لي، ولم أتمالك دموعي».
تفاصيل صعبة عاشها ثروت الأب في رحلة مرض نجله الذي أصيب بمتلازمة «ميلر فيشر»، يتحدث عنها بكثير من الرضا: «التفاصيل كانت كثيرة وقاسية، تحملتها أنا ووالدته وشقيقته، وتحملها هو أكثر منا، كان من الصعب أن أرى ابني وهو في كامل صحته وفجأة خلال ساعة زمن انهار كل شيء، فلم يستطع أن يقف أو يتحرك أو يرى، لكن الله سبحانه وتعالى قال (وبشر الصابرين)، وقد صبرنا ودعونا الله أن يمن عليه بالشفاء».
فوجئ ثروت بطلب المستشار تركي آل الشيخ لتقديمه أغنية وطنية يختتم بها فكانت أغنية «بلدي»: «فاجأني المستشار بطلب تقديم أغنية وطنية، وكانت أغنية (بلدي) التي تجاوب الجمهور بشكل كبير معها، ما يعكس الحب المتبادل بين مصر والسعودية، فكثير من المصريين يقيمون بالسعودية، والأشقاء السعوديين يوجدون في مصر، وهذا الأمر ينطبق على كل دولنا العربية».
ويرى ثروت أن الحفل الذي شارك به كان «بتركيبته غير عادي»، حسبما يقول: «كان من الصعب أن أجتمع وعفاف راضي وميادة الحناوي في أي حفل، وهنا أتوجه بالشكر لفكر المستشار تركى آل الشيخ الذي تمكن من جمعنا، لذا كان استقبال الجمهور كبيراً وعظيماً وحقق الحفل مشاهدات غير عادية، كما استمتع الجمهور بكل فقرة وبكل فنان، وهذا شيء أسعدني كثيراً».
التناغم بينه وبين الأوركسترا كان لافتاً، حيث قال: «فوجئت بالمايسترو هاني فرحات وهو مهتم بأدق التفاصيل ومنظم للغاية، كما أن تجهيزات شركة (بنش مارك) للحفل كإدارة مسرح وصوت وإضاءة تكاملت على أفضل ما يكون».
النجاح الكبير الذي حققه الحفل جعل ثروت يشعر بطاقة وحيوية: «إن شاء الله ستشهد الفترة المقبلة خطوات فنية عديدة لي ولأحمد، أتمنى أن تكون مصدر سعادة للناس لأنني أشعر بحماس وطاقة إيجابية كبيرة».