«ضجيج لوني»... حكايات إنسانية مفعمة بالبهجة

معرض مصري جديد لجمال فهمي يضم 24 لوحة

يخاطب الفنان جمهوره من خلال صوغ الألوان (إدارة غاليري بيكاسو)
يخاطب الفنان جمهوره من خلال صوغ الألوان (إدارة غاليري بيكاسو)
TT

«ضجيج لوني»... حكايات إنسانية مفعمة بالبهجة

يخاطب الفنان جمهوره من خلال صوغ الألوان (إدارة غاليري بيكاسو)
يخاطب الفنان جمهوره من خلال صوغ الألوان (إدارة غاليري بيكاسو)

يواصل الكاتب الصحافي والفنان التشكيلي المصري جمال فهمي في معرضه الجديد تأسيس خطابه الفني التشكيلي المرتكز إلى اللون وتقنياته عبر تجريدية تعبيرية تطرح قضايا إنسانية و«كونية» متعددة، يخاطب بها جمهوره من خلال صوغ هذه الألوان.

يضم المعرض المقام في غاليري «بيكاسو» بالقاهرة، 24 لوحة تعكس رؤى فلسفية جمالية تعتمد اللون بما يتضمنه من ذائقة إبداعية، في تجسيد هواجس الفنان وانفعالاته ومضامينه المسكونة بالإنسانية، والمستندة إلى الحدود اللامرئية للألوان وتشكلاتها، وتوزيعها وتدرجها، ما بين الظل والضوء، فضلاً عن الوعي بفلسفة اللون وتواصله مع حس المشاهد.

رؤى فلسفية تجريدية (إدارة غاليري بيكاسو)

لكن في الوقت الذي اتسمت فيه لوحاته بالهدوء المفتوح والسكينة اللونية المبهجة، فقد اختار لمعرضه عنواناً مغايراً لهوية هذه اللوحات، وهو «ضجيج لوني»، قد يتوافق ذلك مع «ثورة المعنى» التي يظل يعلنها كهوية التزام لديه؛ إذ تحفز أعماله المتلقي على التحرر من قيود كثيرة قد يضعها الإنسان لنفسه، حين يحبس ذاته في صراعات وأفكار يظل حبيساً لها، بينما يتسع الكون لعدد لا حصر له من الأفكار والرؤى والاختيارات.

ضجيج لوني مسكون بالهدوء (إدارة غاليري بيكاسو)

«الألوان هي دوماً اللاعب الرئيسي في لوحاتي»، يقول جمال فهمي لـ«الشرق الأوسط»، ويردف: «لكن في هذه المرة حين انتهيت من أعمالي، ونظرت إليها في مرسمي قبل انتقالها إلى قاعة العرض وجدت ألوانها تفرض نفسها على العين بقوة، حتى أكاد أكون قد سمعت صوتها وضجيج حوارها المتوقع مع المتلقي، وهو ما أرمي إلى تحقيقه».

الزائر للمعرض المستمر حتى 28 سبتمبر (أيلول) الحالي، يستشعر رؤية فهمي لأعماله، حيث تمتعت اللوحات بحيوية لافتة وحركة إيقاعية تعبيرية معاصرة، فرضت نوعاً من الضجيج الداخلي غير المزعج، لتشكل في النهاية رحلة إبداعية وحسية يمتزج فيها اللون وفلسفته، بالتجارب الإبداعية والصحافية للفنان؛ فتزيدها ضجيجاً يدفع المتلقي إلى التأمل والتعمق في الكون ومجريات المجتمع.

إلى هذا جاء النغم اللوني بالأعمال ليكسبها جماليات خاصة يولدها تباين الألوان ما بين قوة حضورها أو خفوت درجاتها، فضلاً عن التنقل ما بين غمرة النور أو شدة العتمة، وهو ما جعل التجاورات والتكوينات اللونية في اللوحات جاذبة وغير مكررة.

الفنان والكاتب الصحافي جمال فهمي (إدارة غاليري بيكاسو)

بعض اللوحات سيطر فيها لون واحد على سائر الألوان أو خلفية اللوحة، وهو أمر ليس بغريب على فن التجريد، الذي يتطلب وعياً خاصاً باللون الواحد ومهامه تجاه الألوان الأخرى؛ كي تأتي النتيجة العامة للتلوين وكتلها متماهية مع أفكار الفنان نفسه، ومن ثم الجمهور لاحقاً الذي يجد نفسه أمام عفوية ناضجة قائمة على استخدام اللون كقوة روحية لا مرئية تعمل بوصفها محركاً للمشاعر والأحاسيس.

استخدم فهمي خامات بعضها غير معتاد، مثل الرمل والحصى وصبغة الملابس والنسيج البارز، يقول: «في النهاية أنجح في تطويعها فتمنحني قدراً كبيراً من الثراء والاطمئنان والبهجة، فخلال ذلك كله يطل اللون وهو ليس له حدود من جمال ومتعة»، ويتابع: «هذا المعرض يحاول أن يتتبع الألوان وهي تنفجر في الحياة، صانعة بهجة تسري وتتسرب في الوجدان».

من أعمال الفنان جمال فهمي (إدارة غاليري بيكاسو)

ويمثل الفن التشكيلي هواية أصيلة للفنان جمال فهمي الذي بدأ دراسة الفن التشكيلي في كلية الفنون الجميلة، لكنه توقف عن ممارسة هوايته لانشغاله بالعمل الصحافي لوقت طويل، إلى أن قرر العودة إلى الفن التشكيلي عام 2018 بمعرضه الأول «أشكال وألوان».


مقالات ذات صلة

بعد طول مكابرة... صناع الموضة يُراهنون على منطقة الشرق الأوسط بكثافة

لمسات الموضة من عرض «فيلفيتي كوتور» (مجلس الأزياء العربي)

بعد طول مكابرة... صناع الموضة يُراهنون على منطقة الشرق الأوسط بكثافة

صناع الموضة أدركوا أن المكابرة والاستمرار في تجاهل سوق الشرق الأوسط خسارة. كلهم يتوددون لهذه السوق أملاً في كسب زبائن مقتدرين ويقدِّرون الموضة

جميلة حلفيشي (لندن)
ثقافة وفنون محمد عبلة في المعرض

اللعب على وتر البساطة

الحلم ببساط الريح يأتي من الطفولة؛ البئر الأولى، مخزن الذكريات، وسجل اللمسات البكر للعناصر والأشياء.

جمال القصاص
يوميات الشرق معرض «أساطير» للفنان المصري مصطفى رحمة (إدارة الغاليري)

«أساطير» مصطفى رحمة تنحاز للمرأة والحكايات الشعبية

تأسر القوة الدائمة للأساطير القديمة والفولكلور الفنانين المعاصرين والجمهور على حد سواء، وتتداخل قصصها الزاخرة بحكايات الأبطال والمخلوقات الخيالية والأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق مَشاهد وأشكال من الذاكرة الثقافية والتقاليد الحيّة في كينيا (الشرق الأوسط)

الفرد وريثُ الأحمال في بينالي الشارقة... والجمال المأساوي يجمع

تحضُر إشكاليات البقاء والفناء بشكلها الفردي المتعلق بالكائن، والأشمل المتعلّق بمصير الكوكب والبشرية، فيبلغ البينالي مقصده بتحقُّق اللمَّة الإنسانية حول ما يجمع.

فاطمة عبد الله (الشارقة)
يوميات الشرق أزياء شعبية سلوفاكية تحاكي التراث (متحف الحضارة المصرية)

«متحف الحضارة» يجمع تراث مصر وسلوفاكيا في الفن والأزياء

فيما يعدّ نوعاً من الحوار الثقافي والتراثي بين الحضارات، يستضيف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً فنياً للأزياء الشعبية والتراثية لدولة سلوفاكيا.

محمد الكفراوي (القاهرة )

مصر: تفاعل واسع مع أول أفلام «مستر بيست» عن الأهرامات

لقطة من كواليس التصوير (حساب زاهي حواس على فيسبوك)
لقطة من كواليس التصوير (حساب زاهي حواس على فيسبوك)
TT

مصر: تفاعل واسع مع أول أفلام «مستر بيست» عن الأهرامات

لقطة من كواليس التصوير (حساب زاهي حواس على فيسبوك)
لقطة من كواليس التصوير (حساب زاهي حواس على فيسبوك)

حظي أول أفلام «اليوتيوبر» الأميركي «مستر بيست» عن الأهرامات بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، محققاً ما يزيد على 40 مليون مشاهدة بعد نحو 20 ساعة من عرضه على منصة «يوتيوب».

ومن خلال فيديو مدته 21 دقيقة يقدم «اليوتيوبر» جيمي دونالدسون، رحلة استكشافية للأهرامات، استغرقت 100 ساعة، رافقه فيها عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس. وتضمن الفيديو جولة داخل الأهرامات، التي وصفها بأنها «سرية لا يدخلها أحد». وقال «مستر بيست»، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، إنه «حظي بتصريح غير مشروط لدخول الأهرامات الثلاثة واستكشافها».

وشارك حواس، عبر حسابه على «فيسبوك»، مجموعة من الصور للجولة، مصحوبة بتعليق: «مغامرة جديدة مع (مستر بيست)». وحظي الفيديو الذي نشره «اليوتيوبر» الأميركي على منصة «يوتيوب» بملايين المشاهدات والمشاركات، وتصدر هاشتاغ يحمل اسمه الترند. ولدى «مستر بيست» نحو 359 مليون مشترك على قناته على «يوتيوب». وأشار المدون المصري لؤي الخطيب، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى «حجم التفاعل مع الفيديو على مختلف المنصات». وقال: «من الواضح أن الدولة تعاونت بشكل كبير مع (مستر بيست) وسهلت التصوير جداً لأن الفيديو به تفاصيل مبهرة». وعد الفيديو «دعاية غير مسبوقة لمصر كلها».

وكتب حساب باسم «عمرو ربيع»، على منصة «إكس» يقول إن تصوير «مستر بيست» لهذا الفيديو «يجعل الهرم الأكبر في قلب الترند»، وعد الفيديو «دعاية تاريخية للسياحة المصرية»، وأشار حساب آخر باسم «أحمد مصطفى»، على منصة «إكس»، إلى أن «ما حققه الفيديو في ساعات تتجاوز قيمته جهود سنوات من وزارة السياحة»، مبدياً دهشته من حالة الجدل والرفض التي صاحبت تصوير الفيديو في وقت سابق.

وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي أثار «مستر بيست» جدلاً في مصر بعد حديثه عن «تأجير الأهرامات»، وهو ما نفته وزارة السياحة والآثار المصرية. وقالت، في إفادة رسمية، إن «(اليوتيوبر) لم يؤجر المنطقة وإنما حصل على تصريح بالتصوير في غير أوقات العمل الرسمية»، مشيرة إلى أنه «انتهى من أعمال التصوير بالكامل، دون أن يتم غلق المنطقة خلال فترة التصوير كما أُشيع ولا حتى لساعة واحدة».

«مستر بيست» مع زاهي حواس داخل الهرم الأكبر (حساب زاهي حواس على فيسبوك)

وكان «اليوتيوبر» الأميركي قد تقدم بطلب تصريح بتصوير مجموعة من الأفلام القصيرة بمنطقة الأهرامات إلى «لجنة مصر للأفلام» بمدينة الإنتاج الإعلامي، حيث تم التصوير بالتنسيق الكامل مع الجهات المعنية المصرية ووفقاً للضوابط المعمول بها بشأن التصوير في المناطق الأثرية. بدوره، قال الخبير السياحي محمد كارم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفيديو يعد دعاية غير مباشرة للسياحة المصرية من شأنها أن تسهم في زيادة الزيارات السياحية لا سيما للمناطق الأثرية»، مشيراً إلى أن «نشر الفيديو تزامناً مع اقتراب افتتاح (المتحف الكبير) يعطي دفعة للسياحة الثقافية في مصر، لا سيما مع عدد المتابعين الكبير لـ(مستر بيست) على مختلف المنصات».

وكانت مصر تستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028 عبر استراتيجية أعلنتها الحكومة سابقاً، لكنها عادت وعدلت الاستراتيجية ورحّلت هدفها إلى عام 2031. واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية، 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها.

حواس مع «مستر بيست» (حساب زاهي حواس على فيسبوك)