علاج الشخير يُقلل خطر الوفاة بأمراض القلب

رسم توضيحي لانسداد عمليات التنفس في أثناء النوم (بابليك دومين)
رسم توضيحي لانسداد عمليات التنفس في أثناء النوم (بابليك دومين)
TT
20

علاج الشخير يُقلل خطر الوفاة بأمراض القلب

رسم توضيحي لانسداد عمليات التنفس في أثناء النوم (بابليك دومين)
رسم توضيحي لانسداد عمليات التنفس في أثناء النوم (بابليك دومين)

يُمكن للأشخاص الذين يعانون من انقطاع التنفس الانسدادي في أثناء النوم (OSA) تقليل خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية إذا استخدموا جهاز الضغط الهوائي الإيجابي المستمر (CPAP) للمساعدة على التنفس في أثناء النوم، وفقاً لبحث قُدّم (الأحد) في المؤتمر الدولي للجمعية الأوروبية للجهاز التنفسي في ميلانو بإيطاليا.

وأظهرت نتائج التجربة التي أجريت على المرضى أن «الجهاز قد يكون أكثر فاعلية من دواء إنقاص الوزن في معالجة انسداد الشرايين عبر تقليل تراكم اللويحات في الشرايين المحيطة بالقلب».

وغالباً ما يشخر الأشخاص المصابون بانقطاع التنفس أثناء النوم بصوت عالٍ، ويبدأ تنفسهم ويتوقف أثناء الليل، وقد يستيقظون مرات عدة، ما قد يقلل من كمية الأكسجين في الدم، ويسبب الشعور بالتعب. وهو ما يمكن أن يزيد أيضاً من خطر ارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية وأمراض القلب والسكري من النوع الثاني.

وقال الدكتور جوردي دي باتل، من معهد أبحاث الطب الحيوي في جامعة ليدا الإسبانية، الذي قدم نتائج الدراسة أمام المؤتمر، (الأحد): «تشير نتائجنا إلى أن الجهاز يمكن أن يساعد مرضى انقطاع التنفس في أثناء النوم، ويقلل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية».

جوردي دي باتل (جامعة ليدا الإسبانية)
جوردي دي باتل (جامعة ليدا الإسبانية)

وتعمل أجهزة الضغط الهوائي الإيجابي المستمر عن طريق دفع الهواء عبر خرطوم متصل بقناع للوجه أو جهاز أنفي لتوليد ضغط هوائي متواصل طوال الليل لمنع مجرى الهواء من الانغلاق، وبالتالي مساعدة المريض على التنفس.

وأكد الدكتور ثورارين غيسلاسون، الأستاذ في طب النوم المساعد في جامعة بنسلفانيا الأميركية، لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «يزيد مرض انقطاع التنفس الانسدادي في أثناء النوم من مجهود المرضى التنفسي مع تقلبات سلبية أكثر عمقاً في الضغط داخل الصدر. وغالباً ما ترتبط تلك الأعراض بالنعاس في أثناء النهار واضطرابات القلب والأوعية الدموية». وأضاف: «بالنسبة للأشخاص الذين لديهم تاريخ من نوبات أعراض الجهاز التنفسي المتكررة والشديدة، والذين لا يستجيبون بشكل كافٍ للعلاجات التقليدية كالمضادات الحيوية، وموسعات الشعب الهوائية المستنشقة، يجب أن يكون هناك تقييم لانقطاع التنفس في أثناء النوم، لبدء تجربة العلاج بالجهاز من أجل كسر تلك الحلقة المفرغة»، على حد وصفه.

وتتبع دي باتل وزملاؤه، على الجانب الأول، جميع مرضى انقطاع التنفس في أثناء النوم، والبالغ عددهم 3638 مريضاً الذين يعيشون في كاتالونيا الإسبانية، والذين اختاروا التوقف عن استخدام الجهاز في عام 2011، وقارنوا هؤلاء بمجموعة مماثلة مكونة من 3638 مريضاً استمروا في استخدام الجهاز حتى عام 2015 على الأقل أو حتى الوفاة.

وعندما قارنوا المجموعتين وجدوا أن أولئك الذين استمروا في استخدام الجهاز كان لديهم خطر أقل للوفاة لأي سبب بنسبة 40 في المائة، وانخفاض خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 36 في المائة، وانخفاض خطر دخول المستشفى بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 18 في المائة.

على جانب آخر، أجرت الدكتورة كليونا أودونيل، اختصاصية طب الجهاز التنفسي في مستشفى جامعة سانت فنسنت وكلية جامعة دبلن في آيرلندا، وزملاؤها دراسة على 30 مريضاً يعانون من توقف التنفس أثناء النوم، حيث خضعوا لتصوير الأوعية التاجية بالتصوير المقطعي المحوسب (CT) لتقييم أي علامات تضيق في الأوعية الدموية التي تغذي القلب.

جرى بعد ذلك تخصيص المرضى بشكل عشوائي للعلاج لمدة 24 أسبوعاً، إما باستخدام جهاز ضغط المجرى الهوائي الإيجابي المستمر، وإما الحقن باستخدام عقار ليراجلوتيد لإنقاص الوزن، أو كليهما معاً. وخضع المرضى الذين ظهرت عليهم علامات مرض الشريان التاجي في أول فحص لهم لفحص متكرر في نهاية 24 أسبوعاً من العلاج. استخدم الباحثون برنامج الذكاء الاصطناعي لتحليل فحوصات المرضى.

وأظهرت النتائج أن المرضى الذين عولجوا بالجهاز فقط، وأولئك الذين عولجوا بالجهاز وحقن إنقاص الوزن شهدوا انخفاضاً في تراكم اللويحات في شرايينهم وانخفاضاً في الالتهاب في الشريان الأورطي (الشريان الرئيسي الذي يحمل الدم من القلب إلى بقية أجزاء الجسم). في حين أن المرضى الذين عولجوا بحقن إنقاص الوزن فقط لم يواجهوا هذه التأثيرات.

وقالت أودونيل: «يعمل جهاز الضغط الهوائي الإيجابي المستمر عن طريق إبقاء الممرات الهوائية مفتوحة للمرضى في أثناء نومهم. وهذا يوقف التقلبات في مستويات الأكسجين في الدم التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم أمراض القلب والأوعية الدموية». وأضافت: «وجدنا تحسينات في بعض العلامات المبكرة لأمراض القلب والأوعية الدموية مع العلاج بالجهاز، وينبغي الآن تقييم ذلك بشكل أكبر في دراسات أكبر للوصول إلى استنتاجات قاطعة».



مصر: خبراء يتهمون «الآثار» بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية

منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)
منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT
20

مصر: خبراء يتهمون «الآثار» بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية

منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)
منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أثارت عملية الهدم الجديدة لمدافن بجبانة القاهرة التاريخية، انتقادات واتهامات للمجلس الأعلى للآثار ووزارة السياحة والآثار، بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية، لـ«إتاحة الفرصة لهدم كثير منها»، من أجل إنشاء جسور بالمنطقة.

وبدأت أزمة هدم المقابر التاريخية بالقاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021، حيث أزالت الأجهزة التنفيذية بمحافظة القاهرة عدداً من المقابر بحي الإمام الشافعي، لتنفيذ مشروع لتطوير المنطقة يتضمن إنشاء طرق ومحاور مرورية جديدة، وهو ما أثار جدلاً مجتمعياً وانتقادات واسعة.

السلطات المصرية تسعى لإنشاء جسور جديدة بالمنطقة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
السلطات المصرية تسعى لإنشاء جسور جديدة بالمنطقة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ورغم وعد بعض المسؤولين الحكوميين بالتوقف عن عمليات الهدم، لحين صدور تقرير من اللجنة المشكلة لدراسة حالة المدافن التراثية العام الماضي، فإن عمليات الهدم استؤنفت مجدداً، ولم يصدر عن اللجنة المشكلة أي جديد.

الدكتور جمال عبد الرحيم، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بجامعة القاهرة، ورئيس اللجنة العلمية الأثرية الفنية الخاصة بتطوير مقابر القاهرة التاريخية، أكد أن «اللجنة لم تجتمع منذ تشكيلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تم تشكيل اللجنة في مارس (آذار) 2024، لمراجعة تقرير كان من المفترض أن يصدر عن لجنة تم تشكيلها قبلها بشهر، عن المقابر التاريخية والحلول الممكنة للحفاظ عليها، لكننا لم نجتمع منذ تشكيل اللجنة، ولم يطلب منا المجلس الأعلى للآثار أي رأي، ولم نتلقَّ أي تقارير».

مدفن عائلة الدرمللي (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مدفن عائلة الدرمللي (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وتضم المنطقة عدداً من المقابر التاريخية، منها جبانات الإمام الشافعي، وباب الوزير، والسيدة نفيسة، وتحوي رفات مئات الشخصيات التاريخية، بجانب أسرة محمد علي باشا، والمنطقة مسجلة من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» موقع تراث عالمياً منذ عام 1979، لما تتمتع به من قيمة تاريخية وتراثية وفنون معمارية فريدة.

جسر جديد سوف يشق طريقه بين الجبانة التراثية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
جسر جديد سوف يشق طريقه بين الجبانة التراثية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ويرى الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، الخبير الأثري الدكتور محمد عبد المقصود، أن «الحكومة تتحايل على القانون، وتتقاعس عن تسجيل المقابر التاريخية آثاراً لتمرير هدمها»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل المسؤولين طوال السنوات الماضية يبررون عمليات هدم المقابر التاريخية بأنها ليست مسجلة بوصفها آثاراً، على الرغم من أن تسجيلها مسؤولية الحكومة نفسها، وقانون الآثار يلزم الدولة بتسجيلها»، مؤكداً أن «دوامة هدم المقابر التاريخية لن تنتهي، فمن الواضح أن الحكومة ماضية في تنفيذ هدمها لصالح إنشاء طرق ومحاور مرورية، بدعوى تطوير المنطقة»، حسب تعبيره.

وحدد قانون «حماية الآثار» رقم 117 لسنة 1983، عدداً من الشروط لتسجيل الآثار، ونصت المادة الأولى من القانون على أنه «يعدّ أثراً كل عقار أو منقول متى توافرت فيه الشروط التالية: أن يكون نتاجاً للحضارة المصرية أو الحضارات المتعاقبة، أو نتاجاً للفنون أو العلوم أو الآداب أو الأديان التي قامت على أرض مصر منذ عصور ما قبل التاريخ، وحتى ما قبل مائة عام»، وعدّ القانون «رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها في حكم الأثر الذي يتم تسجيله».

مسجد الفلكي بشارع الإمام الشافعي قبل هدمه أخيراً (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مسجد الفلكي بشارع الإمام الشافعي قبل هدمه أخيراً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ومع تصاعد الانتقادات لعمليات هدم المقابر ومناشدات أطلقها أثريون وشخصيات عامة خلال السنوات الماضية، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يونيو (حزيران) 2023، بتشكيل لجنة لتقييم ودراسة نقل المقابر التاريخية، كما وجه السيسي، وفق بيان الرئاسة المصرية حينها، بإنشاء ما يسمى «مقبرة الخالدين» في موقع مناسب، «لتكون صرحاً يضم رفات عظماء ورموز مصر». ولاحقاً، حددت الحكومة موقعاً لإنشاء «مقبرة الخالدين» بمدينة العاشر من رمضان (شرق القاهرة).

مدفن تراثي بالعاصمة المصرية القاهرة يتقاطع مع الطريق الجديد (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مدفن تراثي بالعاصمة المصرية القاهرة يتقاطع مع الطريق الجديد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأعرب خبراء عن استيائهم من طريقة تعامل وزارة السياحة والآثار مع هذا الملف، واتهموها بـ«المماطلة» لامتناعها عن تسجيل المباني الأثرية والتراثية، وقال الخبير الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان، رئيس حملة «الدفاع عن الحضارة المصرية»، إن «الحكومة تتقاعس وتماطل في تسجيل المقابر التاريخية»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «نقل المقابر التاريخية من مكانها لأي مكان آخر سيمحو ذاكرة المكان، فهذه المقابر جزء من النسق التراثي والمعماري للقاهرة التاريخية».

وأكد أن «التطوير والتنمية ليس مبرراً للنقل، فالأثر أهم من الاستثمار والكباري ومحاور الطرق».

ويرى ريحان أن «نقل المقابر العتيقة سيفسد النسق التراثي للقاهرة التاريخية كلها، ويفقدها شخصيتها»، كما أن «الحكومة المصرية ملتزمة بالحفاظ على هذه المقبرة وفق (اتفاقية التراث العالمي) لعام 1972، وهي اتفاقية تتعلق بحماية مواقع التراث العالمي الثقافية والطبيعية».