احتفاء مصري واسع بمئوية رحيل «فنان الشعب» سيد درويش

عبر فعاليات متنوعة في القاهرة والإسكندرية

«فنان الشعب» سيد درويش (وزارة الثقافة المصرية)
«فنان الشعب» سيد درويش (وزارة الثقافة المصرية)
TT

احتفاء مصري واسع بمئوية رحيل «فنان الشعب» سيد درويش

«فنان الشعب» سيد درويش (وزارة الثقافة المصرية)
«فنان الشعب» سيد درويش (وزارة الثقافة المصرية)

تحتفي مؤسسات مصرية عدة بمئوية رحيل فنان الشعب سيد درويش (1892 - 1923) الذي يوصف بأنه «مجدد الموسيقى» المصرية.

وتنظم مؤسسات عدة، من بينها وزارة الثقافة من خلال قطاعاتها المتعددة، عدداً من الفعاليات والأنشطة الثقافية الفنية المتنوعة، في الذكرى المئوية، وذلك في إطار برنامج وزارة الثقافة «للاحتفاء برموز مصر، تخليداً لذكراهم، وامتناناً بما قدموه، وبما يستهدف صون مفرداتنا الثقافية الزاخرة بكنوز الفن والمعرفة».

وفي هذا الإطار تنظم دار الأوبرا المصرية فعاليات على مسارحها بالقاهرة والإسكندرية ودمنهور. فعلى مسرح معهد الموسيقى العربية، يُنظّم حفل لفرقة الموسيقى العربية للتراث الأحد 17 سبتمبر (أيلول) الحالي، بينما يحتضن المسرح الصغير ندوة ثقافية بمشاركة جمعية «أصدقاء سيد درويش»، وفرقة تراث سيد درويش، الأربعاء 13 سبتمبر، وصالوناً ثقافياً عن تراث سيد درويش الموسيقي، وذلك يوم الأربعاء 19 سبتمبر الحالي.

وتستضيف أوبرا الإسكندرية حفلاً لفصل كورال أطفال وشباب مركز تنمية المواهب، يوم السبت 16 سبتمبر الحالي، وحفلاً لفرقة أوبرا الإسكندرية للموسيقى والغناء العربي على «مسرح سيد درويش»، الخميس 21 سبتمبر الحالي، وحفلاً لفرقة تراث سيد درويش، السبت 23 سبتمبر الحالي، وصالوناً ثقافياً يتحدث عن السيرة الذاتية للفنان سيد درويش يضم عرضاً فنياً لبعض أغانيه، والحديث عن تاريخ كل أغنية، كما سيعرض نادي السينما فيلم «بصمات»، عن السيرة الذاتية لسيد درويش، ويستضيف نخبة من المتخصصين لعرض تاريخ وأعمال «فنان الشعب»، وذلك يوم الأربعاء 27 سبتمبر.

ملصق دعائي لإحدى فعاليات مئوية درويش (وزارة الثقافة المصرية)

ويري فوزي إبراهيم أمين عام جمعية المؤلفين والملحنين والناشرين المصرية، أن «الاحتفاء المصري بسيد درويش طبيعي؛ لأنه يعيش فينا بأعماله الخالدة».

ويؤكد إبراهيم في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «قيمة درويش الفنية تكمن في أنه صاحب أول بصمة في تمصير الموسيقى والجمل اللحنية بعدما كانت تركية جوفاء، تعتمد على استعراض الصوت، والرقص».

ويضيف أنه «رغم مرور مائة عام على رحيله فإن فنه باقٍ حتى الآن». ويوضح أن «درويش جال في أنحاء مصر بين البسطاء والعمال؛ لاستخراج جمل لحنية مصرية ذات معنى وقيمة».

وأكد أن «درويش، رائد مدرسة التعبير وصوت البسطاء، خاض رحلة شاقة من أجل محاربة روح الموسيقى التركية، واستبدال الروح والهوية المصريتين الأصيلتين بها، وسار على نهجه الموسيقار الراحل بليغ حمدي، الذي وضع لبنة جديدة في هذا المشروع وعاش بفنه أيضاً».

ومن بين فعاليات الاحتفاء بالراحل، تُنظم دار الكتب والوثائق القومية، عدداً من الفعاليات بهذه المناسبة، حيث تُقيم الدار معرضاً وثائقياً في بهو المجلس الأعلى للثقافة، يتضمن أهم ما كُتب عن الفنان سيد درويش في الصحف والمجلات والدوريات، إبان حياته وبعد رحيله.

ومسرحياً، يستمر البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية، في تقديم العرض المسرحي الاستعراضي «سيد درويش» في أكاديمية الفنون، حتى 10 سبتمبر الحالي.

درويش مات وعمره 31 عاماً (وزارة الثقافة المصرية)

ويستضيف مركز إبداع قبة الغوري، التابع لقطاع صندوق التنمية الثقافية، حفلاً فنياً لفرقة «تراث سيد درويش»، التابعة لجمعية أصدقاء موسيقى سيد درويش في الثامنة مساء السبت 17 سبتمبر الحالي.

ويُنظّم على هامش الاحتفالية معرض بورتريه وكاريكاتير مستوحى من أعمال سيد درويش في بهو مبنى نقابة الصحافيين بوسط القاهرة.

يذكر أن درويش سافر إلى القاهرة وبزغ نجمه في مطلع القرن العشرين، ولحّن لجميع الفرق المسرحية، أمثال فرق نجيب الريحاني، وجورج أبيض وعلي الكسار، وكون ثنائية فنية مع بديع خيري أنتجت عديداً من أفضل الأغاني التراثية الخالدة، وتوفي في عام 1923 عن عمر يناهز 31 عاماً.


مقالات ذات صلة

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

يوميات الشرق مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الوتر السادس أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})

أحمد سعد لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الجديد يحقق كل طموحاتي

قال الفنان المصري أحمد سعد إن خطته الغنائية للعام المقبل، تشمل عدداً كبيراً من المفاجآت الكبرى لجمهوره بعد أن عاد مجدداً لزوجته علياء بسيوني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الوتر السادس الفنانة بشرى مع زوجها (حسابها على {فيسبوك})

بشرى لـ«الشرق الأوسط»: الغناء التجاري لا يناسبني

وصفت الفنانة المصرية بشرى الأغاني الرائجة حالياً بأنها «تجارية»، وقالت إن هذا النوع لا يناسبها

أحمد عدلي (القاهرة)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».