في بيت صغير وسط مدينة جدة؛ تسكن عائلة من الطبقة المتوسطة، تشبه الكثير من السعوديين بتطلعاتها ومواجهة التحديات المعاصرة من حولها... هذا هو القالب الذي بُني حوله مسلسل «بيت طاهر» الذي يعدّ أول مسلسل سعودي بإنتاج أصلي لمنصة «نتفليكس»، تُعرض حلقته الأولى (الأربعاء)، وتدور أحداثه حول عائلة تجد نفسها على بُعد أسابيع قليلة من إفلاس محلّها المخصص في بيع الأسماك، لتبدأ رحلة مليئة بالمواقف الكوميدية والمغامرات الفوضوية المضحكة التي تحمل طابعاً سعودياً بامتياز.
مخرج المسلسل سلطان العبد المحسن أكد في حديث له مع لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلسل «بيت طاهر» مختلف عن غيره، وأردف قائلاً: «أعتقد أننا نفتقد هذا النوع من المسلسلات التي يصبح فيها جميع أفراد العائلة أبطالاً في العمل، فللأسف أصبح دور الأب أو الجدة بمثابة الدور التكميلي في الكثير من الأعمال، بينما في هذا المسلسل نرى الدور الحقيقي لكل أفراد العائلة بلا استثناء... وهذا هو الأمر الممتع في القصة».
اختلاف الأجيال... وحياة الطبقة المتوسطة
يتابع سلطان: «اختلاف الأجيال من شأنه أيضاً أن يصنع كوميديا لطيفة ومشاكل جديدة تواكب العصر الحالي، بالإضافة إلى الاختلاف الكبير في الشخصيات داخل العائلة الواحدة، وتباين مستوى الإدراك ما بين فرد وآخر، ويكمن التحدي في كيفية تمكنهم من الاجتماع لتحقيق هدف واحد». ويشير العبد المحسن إلى أن المسلسل يمثل عائلة من الطبقة المتوسطة التي باتت مفقودة في الكثير من المسلسلات، بحسب قوله. ويضيف: «كثير من الأعمال الأخرى تبتعد عن المشاهد، من حيث شكل البيت واللباس والحياة اليومية، بينما العائلة في (بيت طاهر) تشبه أغلب السعوديين».
ولفت مخرج العمل إلى أن التفاصيل المحلية وتنوّع الثقافات واللهجات في المملكة قد شكّلت عنصراً واضحاً في العمل، وأضاف قائلاً: «أردنا عرض ذلك في منصة (نتفليكس) العالمية، حيث ستتم ترجمة العمل لأكثر من 190 لغة، وهذا شيء رائع». كما يستند العبد المحسن إلى بساطة الحياة في العمل، وهي ما يصفها بالحياة الحقيقية، مضيفاً: «لقد تشبّع المشاهد من الإبهار والمبالغة، خاصة مع ما يُعرض في الشبكات الاجتماعية؛ لذا نراهن على البساطة في (بيت طاهر)».
بخش: تسمية المسلسل تتعلق بطهارة النفس
من جهته، قال الفنان محمد بخش، الذي يلعب دور ربّ الأسرة (جمعة) لـ«الشرق الأوسط» إنه يمثل شخصية الأب اللطيف ذي العلاقة الجيدة بأبنائه، مبيناً أن المسلسل يعكس الدراما العائلية ويحمل الكثير من الشخصيات المتباينة والتناقضات المتعددة، ويتابع: «مثلت دور الأب في الكثير من الأعمال على مدى سنوات، لكن الشباب في هذا العمل أخذوني إلى عوالمهم واستمتعت جداً معهم بهذه التجربة».
وبسؤال بخش عن سبب تسمية المسلسل «بيت طاهر» بدلاً عن «بيت جمعة»، خاصة وأنه لا يوجد شخص اسمه طاهر في العمل، أجاب بأن هذه التسمية جاءت للإشارة إلى الطهر ونقاء السريرة، لافتاً إلى أن «جميع الأخطاء التي حدثت في العمل جاءت بحسن نية، وأن أبناء جمعة جمعيهم حسنو السريرة مع السذاجة». ويرى بخش أن المسلسل الذي يأتي في 6 حلقات بإمكانه أن يكمل لأجزاء عدة لاحقاً.
نجوم العمل يتحدثون عن أدوراهم
والتقت «الشرق الأوسط» بقية نجوم العمل، حيث تحدثت الفنانة نعيمة أحمد عن دور «لطفية»، الجدّة الجريئة والمفعمة بالحيوية، قائلة: «أنا ممثلة كوميدية في الأساس؛ لذا حاولت أن أكون مرحة أيضاً في دور الجدة التي كثيراً ما تبدو قوية من الخارج، لكنها طيبة القلب ومسالمة وتحب أحفادها بشكل كبير»، موضحة أن دورها هذا يمثل نقلة كبيرة في مسيرتها الفنية.
أما الممثل الهاشمي الفيصل ويلعب دور «يوسف»، الابن الذي يمتلك الكثير من الشغف والقليل من الحظّ، والذي يعد مسلسل «بيت طاهر» أول ظهور فني له، فيشير إلى أن دوره يتناول الشاب الذي يتظاهر بالذكاء وإدراك الأمور كافة، في محاولة منه لنقل عائلته من الفقر إلى الثراء، خاصة بعد وفاة والدته، حيث تبدأ قصة المسلسل من لحظة وفاة الأم، وتابع «كان يوسف يستغل عائلته في المسلسل بدافع حسن النية، وتحت شعار (الغاية تبرر الوسيلة)، وبنهاية الأمر يضعهم في ورطة».
من جانب آخر، يقول الممثل محمد الفرا الذي يلعب دور «كريم» شريك يوسف في المجازفات والشقيق الذي يهتم بالجميع، فيقول «إن شخصية كريم غير متكررة على الشاشة، فهو يحاول دائماً أن يساند عائلته؛ مما يدفع يوسف لاستغلال طيبته». مضيفاً بأن هذا المسلسل يعطيه مساحة أكبر؛ مما يجعله يعوّل عليه كثيراً.
وتقول الممثلة جود السفياني التي تلعب دور «عزيزة»، الابنة الذكية وصاحبة الأفكار الخلّاقة والمستعدّة لاكتشاف العالم: إن المجتمع كثيراً ما يعامل الفتاة بطريقة تختلف عن التعامل مع الشاب؛ وهو ما يدفعها في المسلسل إلى تحدي ذلك، حيث تتغيّر شخصية عزيزة بحسب التحولات التي تمر بها العائلة، وتضيف: «في نهاية الحلقات تتغيّر شخصية عزيزة تماشياً مع التغيرات المجتمعية في السعودية».
وفي رحلة التحولات التي تعصف بالعائلة قليلة الخبرة بمجال ريادة الأعمال، يشرع أحد أفرادها في العمل في مجال يلقى رواجاً كبيراً في السوق، لتتوالى بعد ذلك الأحداث الكوميدية، حين لا تسير الأمور بالسهولة التي توقعوها؛ مما يجعلهم يتخبطون وسط المشكلات والعقبات، ويقعون ضحية الكثير من الألاعيب، ليكتشفوا في النهاية أن التضحية والعائلة هما أثمن المقتنيات.