منتدى دولي في السعودية يمهد لتطوير إمكانات الشباب بمجال التراث

يعرض نتائجه على اجتماع الدورة 45 للجنة العالمية

تدرس لجنة التراث العالمية في اجتماعها مقترحات إدراج 50 موقعاً إلى القائمة العالمية ومناقشة تعديلات جديدة (هيئة العلا)
تدرس لجنة التراث العالمية في اجتماعها مقترحات إدراج 50 موقعاً إلى القائمة العالمية ومناقشة تعديلات جديدة (هيئة العلا)
TT

منتدى دولي في السعودية يمهد لتطوير إمكانات الشباب بمجال التراث

تدرس لجنة التراث العالمية في اجتماعها مقترحات إدراج 50 موقعاً إلى القائمة العالمية ومناقشة تعديلات جديدة (هيئة العلا)
تدرس لجنة التراث العالمية في اجتماعها مقترحات إدراج 50 موقعاً إلى القائمة العالمية ومناقشة تعديلات جديدة (هيئة العلا)

بعد مرور 5 عقود على قيام اتفاقية عالمية لحماية وتعزيز كنوز البشرية والموروث الإنساني الاستثنائي، يجد العاملون والمهنيون المختصون بحفظ التراث المشترك للبشرية الفرصة ملائمة لفهم وتقييم ومراجعة المرحلة السابقة، وإطلاق عهد جديد للتراث العالمي من السعودية، يكون فيه الشباب عنصراً رئيسياً في تعاهده بالرعاية والاهتمام.

وتستضيف السعودية منتدى دولياً يبحث فرص قطاع التراث ودور الشباب والمهنيين في تحقيق الأهداف العالمية المشتركة في دعم النظام البيئي للتراث، وتمهيد الطريق لجيل واعد من المتخصصين في مجال التراث، ومن المقرر أن تقدم نتائج المنتدى في شكل إعلان للشباب إلى الدورة 45 الموسعة للجنة التراث العالمي التي تعقد في الرياض الأسبوع المقبل.

ولنحو 10 أيام من زيارة المعالم التراثية في المدن السعودية الزاخرة بالتراث العمراني والموروث الإنساني، تتواصل ورش العمل والندوات التي تتناول مختلف موضوعات التراث وتحدياته، وبحث الفرص المتاحة للمهنيين والمتخصصين في مهام متعلّقة بالقطاع وتأثير التغيّر المناخي والبُعد الرقمي، وتعزيز التنوّع والسياحة المستدامة التي تتقاطع مع تراث الإنسان حول العالم.

ويوفر المنتدى الذي يحمل شعار «التطلّع إلى المستقبل» مساحة للتبادل والحوار الثقافي لتحقيق التقارب في الأفكار ووجهات النظر، وإثراء التواصل المهني والحضاري، وتمكين المختصين من عرض ونشر تجاربهم الناجحة، وقصص النجاح في قطاع التراث، وتحفيز الشباب على الاستفادة من تلك التجارب، وزيادة وعيهم حول الإمكانات الكامنة في مجال التراث الإنساني.

يسلط المنتدى الضوء على الجذور الحضارية العميقة للمواقع التراثية السعودية وجهود تحويل الثقافة نمط حياة (واس)

فرصة لفهم وتقييم العقود الخمسة الماضية

ويركز منتدى المهنيين الشباب على التطلع إلى المستقبل، واتخذه شعاراً لدورته الحالية، والسعي لتطوير إمكانات الشباب في مجال التراث، حيث تعقد هيئة التراث السعودية التي طورت من إمكانات القطاع ونتائجه في السعودية، المنتدى، بالتعاون مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، وذلك في ظل الدورة الـ45 للجنة التراث العالمي، التي تتناول مستقبل التراث خلال السنوات الـ50 المقبلة، ويناقش جملة من الموضوعات الفرعية المتعددة، ويسلط الضوء على الجذور الحضارية العميقة للمواقع التراثية السعودية، وجهود تحويل الثقافة نمط حياة وتعزيز البعد الحضاري للثقافة السعودية وطنياً وعالمياً، نحو تحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة ضمن «رؤية 2030».

كما ستدرس اللجنة في اجتماعها مقترحات إدراج 50 موقعاً إلى قائمة التراث العالمي، منها 37 موقعاً ثقافياً، و12 موقعاً طبيعياً، وموقعان متعددا الأهمية، إلى جانب مناقشة 5 تعديلات على حدود المواقع التراثية جذرياً. وتضم القائمة 1157 موقعاً تراثياً منتشرة في 167 دولة حول العالم، مقسمةً ما بين مواقع طبيعية مثل الغابات والواحات، ومواقع من صنع الإنسان ومنها القرى والقصور ذات الأهمية الثقافية والتراثية، ومواقع تجمع بين الاثنين.

يبحث المنتدى إطلاق عهد جديد للتراث العالمي من السعودية يكون فيه الشباب عنصراً رئيسياً في القطاع (هيئة التراث)

إعلان الشباب بشأن التراث

وانطلقت جلسات منتدى المهنيين الشباب في مجال التراث العالمي، في سعي لترسيخ وتعزيز دور الشباب في مجال حفظ التراث العالمي وتزويدهم بما يقوي إمكاناتهم ويصقل مواهبهم، على أن تبدأ أعمال منتدى مديري مواقع التراث العالمي الخامس، الأحد المقبل، الذي سيوفر منصةً مميزةً لمديري مواقع التراث العالمي لعرض مقترحاتهم ومرئياتهم حول مجال حفظ التراث، إضافةً إلى مناقشة سبل التحديات الواردة في هذا المجال طوال فترة انعقاده التي تنتهي يوم الاثنين 25 سبتمبر.

ويشارك 30 متقدماً من الشباب المهنيين، تتنوع خبراتهم في قطاع التراث ومناطقهم الجغرافية، دعتهم منظمة اليونسكو لحضور المنتدى، وزيادة معارفهم والخبرة الواردة عن الاحتكاك بالتجارب العالمية، والوقوف عن كثب على التجربة السعودية المتطورة في العناية بالتراث وتحسين إمكانات القطاع، ونقل التأثير المتوقع إلى بلدانهم ومؤسساتهم الأصلية.

وخلال الجلسات الحوارية والندوات العامة لمنتدى التراث العالمي للمهنيين الشباب 2023 في السعودية، ستتوفر فرصة مهمة لإعادة النظر والفهم لإنجازات العقود الخمسة الماضية لاتفاقيات التراث العالمي، حيث يقوم المنتدى بتسخير إمكانات بناء القدرات وإعداد المهنيين الشباب في خلق مستقبل مستدام للتراث الثقافي والطبيعي.

ومن المقرر أن يجري المشاركون في المنتدى مباحثات لإعداد إعلان الشباب، متعلق بوجهة نظرهم ومقارباتهم بشأن مستقبل العمل من أجل التراث الإنساني والموروث البشري، وتمهيد الطريق للجيل القادم من المتخصصين في مجال التراث، مما يمنح صوتاً لنهجهم الفريد في إدارة التراث، على أن تعرض النتائج الاثنين المقبل، على اجتماع الدورة الـ45 الموسعة للجنة التراث العالمي في الرياض.



«سينما ترسو»... يستعيد ملامح أفلام المُهمشين والبسطاء

لوحات المعرض يستعيد بها الفنان رضا خليل ذكريات صباه (الشرق الأوسط)
لوحات المعرض يستعيد بها الفنان رضا خليل ذكريات صباه (الشرق الأوسط)
TT

«سينما ترسو»... يستعيد ملامح أفلام المُهمشين والبسطاء

لوحات المعرض يستعيد بها الفنان رضا خليل ذكريات صباه (الشرق الأوسط)
لوحات المعرض يستعيد بها الفنان رضا خليل ذكريات صباه (الشرق الأوسط)

لوحة بطلها المُزارع المصري محمد أبو سويلم (محمود المليجي) من فيلم «الأرض»، يقف داخل حقل للغربان، وعلى جواره لوحة يتصدرها شيخ الصيادين المعلم حنفي (عبد الفتاح القصري) من فيلم «ابن حميدو»، وبينهما لوحة الموسيقي الفقير وحيد ألفونسو (أنور وجدي) من فيلم «دهب»، في حين يتابعهما رئيس العصابة «مستر إكس» (فؤاد المهندس) من فيلم «أخطر رجل في العالم»، بينما يخشى الجميع من قيادة الشيخ حسني (محمود عبد العزيز) الدراجة النارية، في فيلم «الكيت كات».

فؤاد المهندس في فيلم «أخطر رجل في العالم» (الشرق الأوسط)

في كل لوحة من لوحات معرض «سينما ترسو»، يصادفنا مشهد من فيلم قديم أو شخصية سينمائية أو حكاية عن سينما «الدرجة الثالثة»، التي كانت ملمحاً في حياة المهمشين والبسطاء، وبوتقة لذكرياتهم الأولى مع عالم السينما. ورغم خفوت ضجيج جمهورها، وغلق أبوابها مع حداثة دُور العرض، فإنها تعود تشكيلياً على يد الفنان المصري رضا خليل، الذي يقدم بلوحاته صورة سينمائية متحركة تؤرخ لذلك الإرث، حيث يعود بالزمن إلى الوراء، مستعيداً ذكريات صباه الخاصة مع «سينما الترسو».

المعرض، الذي تستضيفه قاعة «آرت كورنر» للفنون في القاهرة، حتى أول فبراير (شباط) المقبل، يضم 32 لوحة منفَّذة بالألوان الزيتية والأكريليك، تتضمن كثيراً من الأفكار المستوحاة من تلك السينما، وتستدعي الذكريات والبهجة، يواصل بها الفنان المصري رحلته التشكيلية مع السينما، بعد معرضيه السابقين «سينما مصر» و«سينما الحياة».

محمود عبد العزيز في لوحة مستوحاة من فيلم «الكيت كات» (الشرق الأوسط)

يقول صاحب المعرض، لـ«الشرق الأوسط»: «السينما جزء لا يتجزأ من تكويننا الثقافي، أجيالاً عربية، صاحبتنا خلال طفولتنا وفترات الصبا والشباب، كانت مُعلِّماً ثالثاً بجوار الأسرة والمدرسة، تعلَّمنا منها بعض القيم الإيجابية، وتأثرنا برومانسيتها، وكرهنا الشر من خلالها، وعندما اخترت أن أخصّص معرضاً عن السينما، كان أمامي مساحة من الخيال لتنفيذ أفكار كثيرة حولها، وصياغة رؤى متجدّدة عنها بحرية تامة».

ويستطرد: «معرضي الأول عن السينما كان عام 2013، حين كانت مصر والمنطقة في حالة حراك سياسي، فكان المعرض الأول انتقاداً لأفعال صعبة من خلال نجوم السينما، ودمج الحاضر معهم، وفي معرضي الثاني كان التأكيد للمتلقي أننا نملك أشياء نستطيع أن نبتهج ونفتخر بها رغم الوضع المعيشي والحروب الإقليمية، أما في معرضي الجديد فأنا أحتفي ببسطاء ومهمشي سينما الترسو، ونجومهم من مشاهير تلك السينما، وألقي الضوء على فترات كانت مبهجة وحافلة اندثرت مع التقدم التكنولوجي».

إحدى لوحات معرض «سينما ترسو» (الشرق الأوسط)

تُحاكي أجواء المعرض روح دُور العرض السينمائي، فهناك تذكرة مجانية لدخوله تحمل ملامح تذاكر السينما قديماً. ومع خطواتك الأولى تحيط بك «بوسترات» الأفلام (الأفيش) القديمة، ومن ثَمّ يبدأ عرض اللوحات، التي بينها يبحر الزائر داخل عالم سينما الترسو.

يتابع: «عندما أرسم عن سينما الترسو فإنني لا أقوم فحسب بتأريخ جزء من التاريخ الثقافي السينمائي المصري، ولكن أيضاً حقبة من حياتي الشخصية، حيث إنني عرفت سينما الترسو في المرحلة الإعدادية عن طريق زملاء المدرسة، حيث كنا نتسرب من المدرسة ونذهب في مجموعات إليها، خاصة لمشاهدة أفلام الكاراتيه للنجم (بروسلي)، وكانت المرة الأولى التي أتعرف فيها على تلك السينمات المتواضعة المستوى، وجمهورها من المهمشين والبسطاء والغوغائيين، من خلال سينما (الحلمية)، ثم تعددت الزيارات لسينمات أخرى كسينما (وهبي)، وسينما (علي بابا)، وسينما (سهير)، وكانت هناك سينمات سيئة السمعة كسينما (الكواكب) بمنطقة الدراسة بالقاهرة، لذا كنا نتحاشى ارتيادها».

يشير خليل إلى أنه في معرضه يقدم بعض لمحات من تلك الأيام، باستحضار بعض نجوم وأجواء سينما الترسو، في انطباعات شخصية ورمزية، مستخدماً عدداً من المدارس الفنية، ولا سيما فن (البوب أرت).

لوحة مستوحاة من فيلم «الأرض» (الشرق الأوسط)

يمكننا مشاهدة ذلك الأسلوب بوجود الفنان محمد رضا، صاحب المقهى الشعبي، وإلى جواره «ميكي ماوس»، وأن نرى الفنان محمود شكوكو، صاحب المونولوج الشعبي، وهو يغازل «بنت بلد»، وقد قبع في إحدى لوحات الفنان الهولندي بيت موندريان، وكذلك جمع من نجوم أدوار الشر في السينما المصرية يُطلّون بوجه أخضر بارد.

نجوم أدوار الشر في السينما المصرية (الشرق الأوسط)

في جانب من المعرض، نجد بوستر مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الأخيرة (رقم 40)، تتصدّرها شخصية البائعة «هنومة» (هند رستم) من فيلم «باب الحديد»، وهي إحدى لوحات الفنان رضا خليل، التي اختارتها إدارة المهرجان لتتصدر بوستره الرسمي. يقول الفنان: «كان اختيار لوحة (هنومة) مفاجأة لي، ولكنني أَعدُّها تتويجاً ومكافأة لي على واقعية أعمالي المُعبّرة عن عالم السينما».

الفنان محمود شكوكو وفي خلفيته إحدى لوحات الفنان بيت موندريان (الشرق الأوسط)

يُذكر أن الفنان رضا خليل عمل رساماً صحافياً في مؤسسة «دار الهلال» المصرية، كما أنه عضو في نقابة الفنانين التشكيليين، وجمعية فناني الغوري، والجمعية الأهلية للفنون (أصالة).