عقار مُعتمد للسرطان قد يحمل الأمل لعلاج «الإيدز»

يُقدَّر عدد المصابين بالمرض بنحو 39 مليوناً في العالم

الخلايا المُصابة في حالة سُبات تتسبّب ببقاء «الإيدز» في الجسم (والتر وإليزا هول للبحوث الطبية)
الخلايا المُصابة في حالة سُبات تتسبّب ببقاء «الإيدز» في الجسم (والتر وإليزا هول للبحوث الطبية)
TT

عقار مُعتمد للسرطان قد يحمل الأمل لعلاج «الإيدز»

الخلايا المُصابة في حالة سُبات تتسبّب ببقاء «الإيدز» في الجسم (والتر وإليزا هول للبحوث الطبية)
الخلايا المُصابة في حالة سُبات تتسبّب ببقاء «الإيدز» في الجسم (والتر وإليزا هول للبحوث الطبية)

أظهر دواء مُعتمد لسرطان الدم نتائج واعدة في قتل الخلايا «الصامتة» لفيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز»، وتأخير الإصابة مرة أخرى.

وخلايا الإيدز «المخفية» أو «الصامتة»، والتي تُعرَف أيضاً بـ«العدوى الكامنة»، هي المسؤولة عن بقاء الفيروس بشكل دائم في الجسم، ولا يمكن علاجها بخيارات العلاج الحالية.

وهذه الخلايا المصابة، التي تكون في حالة سُبات، هي السبب وراء حاجة الأشخاص المصابين بـ«الإيدز» إلى علاج مدى الحياة لقمع الفيروس.

وتوصّل فريق بحث أسترالي إلى أن عقار «فينيتوكلاكس»، الحاصل على موافقة «هيئة الغذاء والدواء الأميركية» لعلاج سرطان الدم، يمكن أن يقتل الخلايا المصابة في حالة سُبات، والأهم أنه يؤخر ظهور الفيروس مرة أخرى.

الدراسة أجراها باحثون في معهد «والتر وإليزا هول للبحوث الطبية»، بالتعاون مع معهد «بيتر دوهرتي للعدوى والمناعة» في أستراليا، ونُشرت نتائجها، أمس الأربعاء، بدورية «Cell Reports Medicine».

ويُقدَّر عدد المصابين بـ«الإيدز» في جميع أنحاء العالم بنحو 39 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من 29 ألف أسترالي.

وتُعدّ مضادات الفيروسات القهقرية العلاج القياسي للمصابين بالفيروس، ورغم فاعليتها الكبيرة فإنها تعجز عن استهداف الخلايا المصابة في حالة سُبات؛ مما يعني أنه يمكنها فقط قمع الفيروس، وليس علاجه.

ويستمر المصاب في تناول تلك العلاجات مدى الحياة، وإذا توقف عن ذلك، فإنّ الخلايا المصابة في حالة سُبات ستنشط من جديد، خلال فترة قصيرة جداً؛ فيُجدّد الفيروس ظهوره.

وفي حين أن مضادات الفيروسات القهقرية يمكن أن تقمع الفيروس، إلا أنها لا تستطيع استهداف الخلايا المُصابة بالفيروس في حالة سُبات، ومنع الفيروس من العودة بشكل دائم، وفق الفريق.

وخلال الدراسة، استخدم الفريق عقار «فينيتوكلاكس» على نماذج الحيوانات المُصابة بالفيروس، وهي المرحلة ما قبل السريرية، ووجدوا أنه يؤخّر ظهور الفيروس لأسبوعين، حتى من دون تناول مضادات الفيروسات القهقرية.

وقال المؤلّف، المُشارك بالدراسة من معهد «والتر وإليزا هول للبحوث الطبية»، البروفيسور مارك بيليغريني، لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المرة هي الأولى التي يُستخدم فيها (فينيتوكلاكس) بمفرده لمواجهة الإيدز في المرحلة قبل السريرية، وتمثل النتائج خطوة مثيرة تحمل الأمل للمصابين، ويمكن أن تؤدّي إلى علاج المرض في المستقبل».

وأضاف: «(فينيتوكلاكس)، الذي يستهدف بشكل انتقائي الخلايا المُصابة بالفيروس ويقتلها، أظهر نتائج واعدة في مهاجمة الخلايا المُصابة في حالة سُبات؛ ما أخَّر انتعاش الفيروس بصورة تتجاوز العلاجات المعتمدة حالياً»، مشيراً إلى أنه بناء على النتائج، يخطّط الفريق لإطلاق تجربة سريرية على البشر؛ لاختبار ما إذا كان يمكن استخدام «فينيتوكلاكس» مساراً محتملاً لتطوير علاج لفيروس نقص المناعة البشرية، وستبدأ المرحلة الأولى من التجربة في نهاية 2023 بالدنمارك، مع خطط لتوسيع الدراسة لتشمل أستراليا في 2024.


مقالات ذات صلة

الضوء الاصطناعي يهدد نوم النحل

يوميات الشرق الضوء الاصطناعي يهدد قدرة النحل على تلقيح المحاصيل (رويترز)

الضوء الاصطناعي يهدد نوم النحل

توصَّل الباحثون إلى أن الضوء الاصطناعي يمكن أن يعطل دورات النوم لدى نحل العسل، وهو ما يؤثر سلباً على دوره الحيوي بصفته مُلقحاً للنباتات والمحاصيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك معاناة الأطفال من الربو تؤثر في ذاكرتهم على المدى الطويل (رويترز)

دراسة: الربو عند الأطفال يزيد فرص إصابتهم بالخرف في الكبر

ربطت دراسة جديدة بين معاناة الأطفال من الربو وخطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك المشي ولو لمدة قصيرة مساءً له فوائد صحية جمّة (رويترز)

من بينها التصدي لسرطان الأمعاء والسكري... الفوائد الصحية للمشي مساءً

كشفت مجموعة من الدراسات العلمية أن المشي ولو لمدة قصيرة مساءً، له فوائد صحية جمّة، من تحسين عملية الهضم إلى تنظيم نسبة السكر في الدم والتصدي للسرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة تزداد فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

علاجات طبيعية لنزلات البرد والإنفلونزا

مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة تزداد فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا، ويبحث كثير من الأشخاص عن علاجات طبيعية لهذه المشكلات بشكل مستمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك العزلة قد تفيد الأشخاص من الناحية الصحية (رويترز)

قلة عدد أصدقائك قد تكون أفضل لصحتك

كشفت دراسة جديدة أن العزلة وقلة عدد الأصدقاء قد تكونان مفيدتين للصحة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

عالمة بحرية تقدم تفسيراً للغز «الحوت الجاسوس»: هرب من قاعدة روسية

الحوت «هفالديمير» (أ.ف.ب)
الحوت «هفالديمير» (أ.ف.ب)
TT

عالمة بحرية تقدم تفسيراً للغز «الحوت الجاسوس»: هرب من قاعدة روسية

الحوت «هفالديمير» (أ.ف.ب)
الحوت «هفالديمير» (أ.ف.ب)

قالت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن لغز الحوت الذي عُثر عليه نافقاً قبالة سواحل النرويج منذ أشهر، وقيل إنه «جاسوس روسي»، يبدو أنه تم حله على يد عالمة بحرية.

وذكرت أن ذلك الحوت الأبيض، الذي أطلق عليه السكان المحليون اسم «هفالديمير»، كان تصدر عناوين الأخبار قبل 5 سنوات، وسط تكهنات واسعة النطاق بأنه جاسوس بسبب وجود حزام حوله، وكان ذلك غير عادي؛ لأن الحوت الأبيض كان نادراً ما يُرى في تلك المنطقة، وكان يوجد حزام به يحمل كاميرا، حمل كلمات بالإنجليزية «معدات سانت بطرسبرغ»، ولفت الانتباه عندما اقترب من الصيادين قبالة ساحل النرويج.

وساعد صياد في إزالة الحزام من الحوت، الذي سبح بعد ذلك إلى ميناء هامرفست القريب، حيث عاش لعدة أشهر، ويبدو أنه لم يتمكن من اصطياد الأسماك لتناولها، لكنه جذب انتباه الزوار.

ومن جانبها، قالت الدكتورة أولغا شباك إنها تعتقد أن الحوت كان بالفعل ينتمي إلى الجيش الروسي، وهرب من قاعدة بحرية في الدائرة القطبية الشمالية، ولكنها لا تعتقد أنه كان جاسوساً بل كان يتدرب لحراسة القاعدة، وهرب لأنه «مشاغب».

ولطالما رفضت روسيا تأكيد أو نفي تدريب الحوت من قبل جيشها.

لكن شباك، التي عملت في روسيا في مجال أبحاث الثدييات البحرية منذ التسعينات حتى عودتها إلى موطنها أوكرانيا في عام 2022، قالت لـ«بي بي سي»: «بالنسبة لي هذا مؤكد بنسبة 100 في المائة».

واستندت الخبيرة في روايتها إلى محادثات مع أصدقاء وزملاء سابقين في روسيا، ظهرت في فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية، حمل عنوان «أسرار الحوت الجاسوس».

وقالت إيف جوردان، الباحثة من هيئة المسح النرويجية للحيتان القاتلة: «كان من الواضح جداً أن هذا الحوت قد تم تدريبه على وضع أنفه على أي شيء يبدو وكأنه هدف لأنه كان يفعل ذلك في كل مرة، لكننا لا نعرف نوع المنشأة التي كان فيها، لذلك لا نعرف ما تم تدريبه عليه».

واتخذت النرويج ترتيبات لمراقبة وإطعام الحوت الأبيض، بعد أن انبهرت بقصته، وأطلقت عليه اسم «هفالديمير»؛ إشارة إلى «هفال» وهي كلمة نرويجية تعني: الحوت، واسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ولم ترغب شباك في ذكر أسماء مصادرها في روسيا من أجل سلامتهم، لكنها قالت إنها أُبلغت أنه عندما ظهر الحوت الأبيض في النرويج، حدده خبراء الثدييات البحرية الروسية على الفور على أنه أحد حيواناتهم.

وقالت: «وصلت رسالة من خلال أطباء بيطريين ومدربين، أنهم يفتقدون الحوت (أندروها)».

وفقاً لشباك، تم الإمساك بأندروها/هفالديمير لأول مرة في عام 2013 في بحر أوخوتسك في أقصى شرق روسيا، وبعد عام تم نقله من منشأة مملوكة لمركز دولفيناريوم في سانت بطرسبرغ إلى البرنامج العسكري في القطب الشمالي الروسي.

وذكرت: «أعتقد أنهم عندما بدأوا تدريبه في المياه المفتوحة، كانوا واثقين من أنه لن يسبح بعيداً، لكنه هرب، وما سمعته من الرجال الذين اعتادوا أن يكونوا معه هو أنه كان ذكياً؛ لذا فهو اختيار جيد للتدريب، ولكن في الوقت نفسه، كان مشاغباً إلى حد ما، لذلك لم يفاجأوا بأنه تخلى عن متابعة القارب وذهب إلى حيث أراد».

ووفقاً لـ«بي بي سي»، أُظهِرت صور الأقمار الاصطناعية القاعدة البحرية الروسية، ما يشير إلى أنه من الممكن أن يكون الموطن القديم للحوت.

وذكر الصحافي النرويجي توماس نيلسن: «قد يخبرنا موقع الحيتان البيضاء بالقرب من الغواصات والسفن أنها جزء من نظام حراسة».

ومن جانبها، لم تتطرق روسيا رسمياً أبداً إلى الادعاء بأن الحوت تم تدريبه من قبل جيشها، لكن موسكو لديها تاريخ طويل في تدريب الثدييات البحرية لأغراض عسكرية.

وقال العقيد الاحتياطي الروسي فيكتور بارانيتس في حديثه في عام 2019: «إذا كنا نستخدم هذا الحوت للتجسس، فهل تعتقد حقاً أننا سنرفق رقم هاتف محمول مع الرسالة الرجاء الاتصال بهذا الرقم؟».

وللأسف، فإن قصة الحوت المذهلة ليس لها نهاية سعيدة، فبعد أن تعلم إطعام نفسه، أمضى سنوات في السفر جنوباً على طول ساحل النرويج وفي 2023 تم رصده قبالة ساحل السويد.

وفي 2024 تم العثور على جثته عائمة في البحر، بالقرب من الساحل الجنوبي الغربي للنرويج، فهل تمكنت الذراع الطويلة لروسيا من اللحاق به؟ يبدو أن الأمر ليس كذلك.

فعلى الرغم من أن بعض منظمات حقوق الحيوان رجحت أن الحوت قد تم إطلاق النار عليه، فإن هذا التفسير لم يتم تقديمه.

رفضت الشرطة النرويجية هذا الأمر، وقالت إنه لا يوجد ما يشير إلى أن النشاط البشري تسبب بشكل مباشر في وفاة الحوت.

وكشف فحص ما بعد الوفاة عن أن الحوت نفق بعد أن علقت عصا في فمه.