الإمارات: التعليم جوهر صناعة المستقبل

الدكتور أحمد الفلاسي يؤكد تطوير القطاع إبداعياً استعداداً للآتي

TT

الإمارات: التعليم جوهر صناعة المستقبل

الإمارات: التعليم جوهر صناعة المستقبل

شدّد وزير التربية والتعليم الإماراتي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، على أنّ التعليم سيتطوّر خلال السنوات المقبلة نتيجة للتغيّرات المتسارعة؛ مشيراً، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ التقدّم التكنولوجي أمر واقع، وإيجابياته متعدّدة في حال أجاد الإنسان التعامل معه.

وقال: «الإمارات جاهزة لاستيعاب التطوّرات التكنولوجية وتبنّيها للاستفادة من الفرص التي تقدّمها. قد تختلف آليات التقييم في المجال التعليمي وطرقه، نتيجة لهذه التغيّرات؛ لكن يبقى الأساس واحداً وهو تزويد الطالب بالمعارف اللازمة وتعزيز قدراته استعداداً لما يحمله المستقبل، لأنّ التعليم في جوهره هو صناعة الغد».

الدكتور أحمد الفلاسي يؤمن بالتعليم لمستقبل مشرق (وام)

المُعلّم الرقمي

كما أكد أنّ «الإمارات بادرت للإعلان عن تضمين المُعلّم الرقمي في النظام التعليمي لتكون من بين أولى الدول التي تستفيد من النهضة المعلوماتية التي يقدّمها الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع»، وتابع: «رسالتنا واضحة، مفادها ألا نخشى التقدّم التكنولوجي، بل أن نمتلك القدرة والمرونة على التأقلم معه. كما أعلنا عن مبادرة لتطوير نظام تعليمي إبداعي للتعلُّم مدى الحياة يساهم في تعزيز روح المبادرة والابتكار لدى الأفراد، والقدرة على التجاوب مع تطوّرات سوق العمل».

الأهداف الاستراتيجية

وتوقّف عند التوجّه الاستراتيجي للوزارة، قائلاً: «نركّز بشكل كبير على الارتقاء بجودة العملية التعليمية بمختلف جوانبها. بالنظر إلى مسيرة القطاع التعليمي في الدولة منذ قيام الاتحاد وحتى الآن، نجد أنّ العقود الأولى ركزت على توفير التعليم الأساسي ونشر المدارس والبدء بمسيرة التعليم العالي، وهو ما كانت تحتاج إليه الدولة آنذاك لوضع أسس العملية التعليمية»، مضيفاً: «أما الآن، فنصبّ تركيزنا على الكيف، لا الكم. نعمل على استضافة أفضل المدارس والجامعات والكفاءات التعليمية لتخريج طلاب أكفاء»، مؤكداً التشجيع على «التوجّه نحو الاختصاصات الأكثر ندرة وطلباً في سوق العمل، بما في ذلك المجالات المهنية التخصّصية».

المناهج الدراسية

وعن ملاءمة المناهج الحالية لإعداد الطلاب للمرحلة ما بعد الدراسة في ظلّ المتغيّرات السريعة عالمياً، ردّ: «لا أعتقد أنه يمكن لمسؤول في أي دولة القول إنّ المناهج الحالية مناسِبة بشكل كامل للمستقبل وسط تغيُّر العالم. التغيير ضروري لتقدُّم الحياة. وفي مجال التعليم، لا بد من التأقلم مع المتغيّرات».

أضاف: «من هذا المنطلق، فإنّ تطوير المناهج ينبغي أن يكون عملية مستمرة ومدروسة، فنحرص على استشراف مناهج المستقبل والمساهمة في تأهيل الطلاب لخوض التحدّيات. ولكن، توازياً، لا بدّ من النظر بشكل أكثر شمولاً لتطوير العملية التعليمية بجوانبها المختلفة، مع التركيز على 3 محاور أساسية؛ أولاً تطوير الأساليب وقدرات المعلمين، وثانياً التركيز على الأنشطة غير الصفّية بكونها أساسية لإعداد الطلّاب لخوض تحدّيات المستقبل، أما ثالثاً، فالتركيز على التعلم الذاتي، الأساسي في تنمية قدرات الطلاب ومهاراتهم، وإعدادهم لدخول سوق العمل».

تطوير المعلمين

ولفت الوزير الإماراتي إلى وجود مسارات متعدّدة لتطوير قدرات المعلمين، بدءاً من العمل على استقطاب أفضل الكفاءات ضمن بيئة عمل جاذبة بما في ذلك الرواتب، مضيفاً: «يحتاج المعلمون لأن يكون مسار تطوّرهم المهني أكثر وضوحاً، فنعمل على إعداد مبادرة مع (مؤسّسة الإمارات للتعليم المدرسي) لوضع إطار عمل واضح لهذا النمو».

مبادرات الوزارة

وعن إعلان وزارة التربية والتعليم عن مبادرتين؛ الأولى إطلاق نظام المواد الاختيارية لطلاب الصفّين الحادي عشر والثاني عشر؛ والثانية إطلاق مشروع تطوير نظام معادلة الشهادات الجامعية وتصديقها، أجاب: «نعمل على تطوير مختلف جوانب العملية التعليمية آخذين في الاعتبار آراء الجهات المعنيّة ومتطلّبات المرحلة الحالية والمقبلة. من هذا المنطلق، جاء الإعلان عن نظام المواد الاختيارية بهدف توفير خيارات دراسية تراعي القدرات الفردية للطلاب وتمنحهم الفرصة لتنمية معارفهم ومهاراتهم الشخصية، بما يساهم في إعدادهم للاختصاصات الجامعية التي يطمحون لاستكمالها في مرحلة التعليم العالي، وهو ما يساهم في تطوير المنظومة التعليمية».

وتابع الفلاسي: «توازياً، يأتي مشروع نظام (الاعتراف بالشهادات الجامعية) ليساعد الطلاب على استكمال دراستهم الأكاديمية من خلال تبسيط متطلّبات الاعتراف بالشهادات الجامعية مع الحفاظ على جودة العملية التعليمية وصدقيتها»، مؤكداً أنّ النظام الجديد سيساهم في تطوير الخدمات التعليمية المقدَّمة للطلاب وفق المعايير الوطنية التي حدّدتها الوزارة.


مقالات ذات صلة

التعليم في غزة يواجه صعوبات بالغة بعد استئناف الموسم الدراسي

المشرق العربي مدرسة تحولت إلى مركز إيواء للنازحين في جباليا بشمال قطاع غزة يوم 27 فبراير الماضي (أ.ف.ب)

التعليم في غزة يواجه صعوبات بالغة بعد استئناف الموسم الدراسي

تواجه محاولات الجهات الحكومية في قطاع غزة لإحياء مسيرة التعليم صعوبات بالغة، بعدما توقفت الدراسة لأكثر من عام في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ طلاب يتجمّعون للاحتجاج في حرم جامعة كولومبيا 29 أبريل 2024 في مدينة نيويورك الأميركية (أ.ب)

واشنطن تلغي تمويلاً لجامعة كولومبيا بتهمة معاداة السامية

ألغت إدارة ترمب منحاً وعقوداً بقيمة إجمالية تبلغ 400 مليون دولار لجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك بسبب «التقاعس عن مواجهة المضايقات المستمرة للطلاب اليهود».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزيرة التعليم الأميركية ليندا ماكماهون في مبنى «الكابيتول»... (أ.ف.ب)

ترمب يطلق جهود تفكيك وزارة التعليم معترفاً بالحاجة إلى الكونغرس

أطلق الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، جهوداً لتفكيك وزارة التعليم، مع خفض نحو 80 ألف وظيفة في «إدارة شؤون المحاربين القدامى»، وعدد غير محدد من الـ«سي آي إيه».

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مبنى وزارة التعليم وسط تقارير تفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ستتخذ خطوات لسحب التمويل من وزارة التعليم الفيدرالية (رويترز)

ترمب يستعد لإلغاء وزارة التعليم: مسودة أمر تنفيذي تُثير الجدل

يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترمب إصدار أمر تنفيذي قريباً يهدف إلى إلغاء وزارة التعليم، وفقاً لمصادر مطلعة على الأمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب أثناء إلقائه كلمة في جلسة للكونغرس بمبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن 28 فبراير 2017 (أ.ب)

ترمب يتعهد بتجميد التمويل للمؤسسات التعليمية التي تستضيف «احتجاجات غير قانونية»

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه سيقطع التمويل الفيدرالي عن أي مؤسسة تعليمية «تسمح بالاحتجاجات غير القانونية»، في منشور له على منصة «تروث سوشيال» الخاصة به.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إمساك في السماء وإفطار بين السُّحب… حكايات رمضانية من قُمرة القيادة

TT

إمساك في السماء وإفطار بين السُّحب… حكايات رمضانية من قُمرة القيادة

من داخل قمرة القيادة قائدا الطائرة يترقبان غروب الشمس الكامل لإعلان الإفطار (الشرق الأوسط)
من داخل قمرة القيادة قائدا الطائرة يترقبان غروب الشمس الكامل لإعلان الإفطار (الشرق الأوسط)

في سماءٍ تعلو 30 ألف قدمٍ، حيث تتغيَّر الأوقات ويتبدَّل الشروق والغروب بسرعة تفوق إدراك الإنسان على الأرض، يعيش الملاحون تجربة صيام مختلفة، تعتمد على حسابات دقيقة ومعادلات فيزيائية، لضبط أوقات الإمساك والإفطار في ظل التَّحليق بسرعات عالية، وعبور مناطق زمنية متعددة.

التحدي الأكبر

يشرح الكابتن علي الشهري، مدير أسطول طائرات «البوينغ» في «الخطوط السعودية»، كيف أن تحديد أوقات الفجر والمغرب أثناء الطيران ليس بالأمر البسيط؛ إذ تؤثر عوامل عدّة على هذه الحسابات، من بينها الارتفاع عن سطح البحر. فكلما زاد الارتفاع زاد انكسار ضوء الشمس؛ ما يؤثر على توقيتَي الفجر والغروب، كما أن الطائرة إذا كانت متجهة إلى الشرق، فالشروق يحدث مبكراً، والعكس صحيح عند توجُّهها غرباً. أيضاً هناك سرعة الطائرة؛ فالسفر بسرعات عالية قد يجعل الشمس تغيب أو تشرق أسرع من المعتاد. وإذا أقلعت الطائرة قريبة من وقت الفجر أو المغرب، فإن الحسابات تختلف كلياً، وأخيراً تاريخ الرحلة فاختلاف طول النهار بين الصيف والشتاء يلعب دوراً مهماً في مدة الصِّيام.

ولحسم هذه التحديات، يلجأ الطيارون المسلمون إلى التكنولوجيا الحديثة؛ إذ طوّر الكابتن محمد جايل العتيبي تطبيق «Muslim Pilot»، الذي يعتمد على خوارزميات دقيقة لتحديد أوقات الصَّلوات والإفطار خلال الرحلات الجوية. يقول الكابتن الشهري: «هذا التطبيق أصبح أداةً لا غنى عنها للطيارين المسلمين حول العالم؛ إذ يمكّنهم من حساب أوقات الصلوات والإفطار بدقة متناهية، حتى في ظل التنقل بين خطوط الطول المختلفة».

قائد طائرة «الخطوط السعودية» يتناول تمرة الإفطار أثناء رحلته الجوية (الشرق الأوسط)

تأثير الارتفاع والاتجاه على موعد الإفطار

يرتبط وقت غروب الشمس على الأرض بزاوية انحدارها تحت الأفق، التي تبلغ نحو 0.83333 درجة عند مستوى سطح البحر. ولكن على ارتفاع 30 ألف قدم، يمكن أن تصل هذه الزاوية إلى 3 درجات؛ ما يؤدي إلى تأخير الغروب لبضع دقائق إضافية، تصل أحياناً إلى 15 دقيقة.

وهذا يعني أنه عندما يرى المسافرون في الأرض الشمس قد غربت، قد يظل الطيارون يرونها في الأفق لبعض الوقت؛ ما يستوجب انتظار التأكد من الغروب الكامل قبل الإفطار.

قائد طائرة «الخطوط السعودية» يردد دعاء الإفطار (الشرق الأوسط)

اتجاه الطائرة هو عامل رئيسي في حساب مواقيت الصلاة والصيام. فإذا كانت الطائرة تتجه شرقاً، فإن النهار يصبح أقصر، حيث تقترب الطائرة من الشروق التالي بسرعة أكبر. أما عند التوجه غرباً، فإن الطائرة «تهرب» من الغروب؛ ما يطيل ساعات النهار، وقد يجعل الصِّيام أصعب وأطول.

يقول الكابتن الشهري: «في بعض الرحلات المتجهة غرباً، يمكن أن يزيد طول النهار إلى 24 ساعة أو أكثر؛ ما يجعل الصيام غير ممكن، وهذا يتطلَّب من الطيارين استخدام رخصة الإفطار وفق الفتاوى الشَّرعية».

أقصر مدة للصِّيام

في الرحلات المتجهة شرقاً، خصوصاً خلال فصل الشتاء، قد يكون النهار قصيراً جداً. على سبيل المثال، رحلة من جدَّة إلى مانيلا (الفلبين)، حين تقلع الساعة 06:00 صباحاً بتوقيت السعودية، تصل إلى لحظة الغروب فوق كمبوديا بعد نحو 8 ساعات، أي نحو الساعة 14:00 بتوقيت السعودية، ما يجعل مُدَّة الصِّيام قصيرة نسبياً.

متى يكون الصِّيام مستحيلاً؟

يقول الكابتن الشهري: «في رحلات الصيف الطويلة من السعودية إلى أميركا، التي تستغرق 13 أحياناً، قد يُقلع الطيارون بعد الفجر بخمس ساعات، ويصلون إلى أميركا بعد الظهر، ليتبقَّى على المغرب نحو 6 ساعات. عند حساب ذلك، قد يصل طول النهار إلى 24 ساعة، وأحياناً أكثر؛ ما يجعل الصِّيام غير ممكن عملياً؛ لذا يُلجأ إلى رخصة الإفطار».

 

التعامل مع الظروف الصعبة

وحسب الكابتن الشهري، فإن في بعض الحالات، قد تُصادف الطائرة سُحُباً كثيفة تحجب رؤية الشمس؛ ما يجعل تحديد أوقات الفجر أو الغروب صعباً. في هذه الحالات، يعتمد الطيارون على تطبيق «Muslim Pilot»، كما يتبعون قاعدة الاحتياط الشرعي بتقديم وقت الإمساك وتأخير الإفطار؛ لضمان صحة الصيام وفق الفتاوى الإسلامية».

 

بين السماء والأرض... الصِّيام في عالم متغير

في النهاية، يظلُّ صيام الملاحين تجربة مختلفة، حيث تتداخل قوانين الفيزياء مع الأحكام الشرعية، ليُصبح ضبط الوقت تحدياً يومياً في رحلات تمتد لآلاف الكيلومترات. وفي حين يواجه الصائمون على الأرض فروقاً زمنية بسيطة، يعيش الطيارون في عالم تتبدَّل فيه الأوقات كل لحظة؛ ما يجعلهم في حاجة دائمة إلى العِلم والدِّقة والتقنية، ليؤدوا عباداتهم وسط سماء لا حدود لها.