السعودية تكتشف «الثقوب الزرقاء» في البحر الأحمر

وتطلق برنامجاً لدراستها والمحافظة عليها

تعد الثقوب الزرقاء من الظواهر البيئية النادرة (المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية)
تعد الثقوب الزرقاء من الظواهر البيئية النادرة (المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية)
TT

السعودية تكتشف «الثقوب الزرقاء» في البحر الأحمر

تعد الثقوب الزرقاء من الظواهر البيئية النادرة (المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية)
تعد الثقوب الزرقاء من الظواهر البيئية النادرة (المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية)

أعلنت السعودية عن اكتشاف عدد من الثقوب الزرقاء في مياه البحر الأحمر، الذي يعد الأول من نوعه في سواحلها البحرية، وهي من الظواهر الجيولوجية النادرة في العالم، وتأتي على شكل كهوف عامودية الشكل تكون أعمق بكثير من المياه المحيطة بها.

وفي ورشة نظّمها المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، أطلق عبد الرحمن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، رئيس مجلس إدارة المركز، برنامجاً لدراستها والمحافظة عليها باعتبارها نظاماً بيئياً جديداً في السعودية بمشاركة عدد من الجهات العلمية المتخصصة والخبراء المحليين والدوليين.

وكان المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية قد أطلق في وقت سابق من العام الماضي «رحلة العقد» لاستكشاف البحر الأحمر وإجراء أول مسح شامل لبيئات المياه السعودية فيه، امتدت على مدى 19 أسبوعاً من منطقة عفيفي جنوباً حتى خليج العقبة شمالاً، وذلك لجمع بيانات وإجراء دراسات عن بيئات البحر الأحمر وتنوعها الأحيائي وخصائصها البيئية.

وكانت الثقوب الزرقاء أحد الاكتشافات المهمة، حيث عثروا على أكثر من 20 ثقباً أزرق على طول السواحل السعودية الجنوبية للبحر الأحمر، وهي عبارة عن نظام بيئي وتكوين جيولوجي فريد وثري بتنوعه الأحيائي جعل المكان ملاذاً لطيفاً واسعاً من الكائنات البحرية كالسلاحف البحرية، والأسماك، والثديات البحرية، واللافقاريات.

وعلى هامش الورشة تحدث العالم في النظم البيئية البحرية الدكتور كارلوس دوراتي لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إن البيئة البحرية التي يحتويها البحر الأحمر «مذهلة ومثيرة للاهتمام»، ولا تزال الأبحاث مستمرة للكشف عن المزيد من الأسرار التي يخفيها هذا البحر الذي يعد من أهم الممرات المائية في العالم.

وعن الثقوب، قال دوراتي إنها اكتشاف كبير على مستوى العالم، ومن المتوقع أن تكون (الثقوب) وجهة للباحثين والمهتمين بالبيئات البحرية والغواصين للقدوم واستكشافها ومعرفة المزيد عن تفاصيلها.

من جانبه، قال عبد الرحمن الفضلي الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، إن الورشة تسلط الضوء على الثقوب الزرقاء وهي إحدى عجائب البحر التي احتفظت بغموضها وخبأت أسرارها لتكشف لنا في هذه الرحلة ثراءً أحيائياً وتكوينات جيولوجية فريدة؛ موضحاً أن الثقوب اكتُشفت في عام 2022، وأضاف: «نعمل مع زملائنا في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على دراسات وأبحاث تتناول التنوع البيولوجي والمخاطر والتهديدات على هذه البيئات المهمة في المياه السعودية للبحر الأحمر التي تحتاج إلى الحماية وتتطلب الكثير من الأنشطة البحثية».

وأشار الفضلي إلى أن حماية هذه البيئات ودراستها تتماشيان مع أهداف مبادرات السعودية الخضراء المتمثلة في مبادرة رفع نسبة المناطق المحمية لتصل إلى 30 في المائة من مساحة المملكة بحلول 2030، إضافة إلى مبادرة تقييم ودراسة بيئاتنا البحرية وإعادة تأهيل المتضرر منها. ونوه إلى أن أهمية هذا الكشف لا تتوقف عند العوائد البيئية، فجمال وجاذبية هذه البيئات يجعلان المملكة وجهة سياحية مهمة تدعم الاقتصاد المحلي وتسهم في تنوعه، إضافة إلى الخبرات الكبيرة التي اكتسبها عشرات الباحثين الوطنيين من منسوبي المركز ومن الجهات الوطنية المشاركة في الرحلة واحتكوا بنخبة من الخبراء العالميين وبأفضل الممارسات العلمية.

الجدير بالذكر أن البحر الأحمر يشكل أخدوداً ذا مجرى ضيق يمتد بطول 2000 كم، ويعد واحداً من أعظم البحار الثانوية غير العادية في العالم، ويزداد أقصى عمق له على 2500م، وهو يتصل في الجنوب بالمحيط الهندي عبر مضيق باب المندب ويمتد إلى الشمال الشرقي مكوناً خليج العقبة، وإلى الشمال الغربي مكوناً خليج السويس الذي يتصل بالبحر المتوسط عن طريق قناة السويس.

ويختلف البحر الأحمر عن غيره من البحار في كون مياهه جيدة الاختلاط بشكل يجعل درجة حرارته متساوية على مدى عمقه. ويُعدّ أحد أعظم مستودعات التنوع الأحيائي البحري في العالم، ويسبح في مياهه أكثر من 1280 نوعاً من الأسماك.


مقالات ذات صلة

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

يوميات الشرق اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات، حيث كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق النسخة الأولى من المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير أقيمت في 2022 (واس)

السعودية تنظِّم «المعرض والمنتدى الدّولي لتقنيات التّشجير»

يهدف المعرض إلى الاستفادة من التّقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة وتدهور الأراضي، وإتاحة منبرٍ لمناقشة المشكلات البيئية الحالية، والبحث عن حلول لها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق دجاج (أ.ف.ب)

الدجاجة أم البيضة؟ علماء يتوصلون أخيراً إلى إجابة لغز «من الذي جاء أولاً»

قالت صحيفة إندبندنت البريطانية إن علماء من جامعة جنيف قدموا، في دراسة، إجابة للغز الشائع «مَن الذي جاء أولاً الدجاج أم البيضة؟» استندت إلى اكتشاف كائن حي متحجر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من التحضيرات للجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

وزير البيئة السعودي: المملكة تركز على أهمية معالجة تحديات الأمن الغذائي

نوّه وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، بريادة المملكة في دعم جهود «مجموعة العشرين»، لتحقيق أهداف تحديات الأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».