فيلم «باربي» إلى الصالات السينمائية في لبنان

بعد سجالات شارك فيها وزير الثقافة كما نواب ومواطنون

مارغو روبي في مشهد من الفيلم (أ.ب)
مارغو روبي في مشهد من الفيلم (أ.ب)
TT

فيلم «باربي» إلى الصالات السينمائية في لبنان

مارغو روبي في مشهد من الفيلم (أ.ب)
مارغو روبي في مشهد من الفيلم (أ.ب)

بعد طول جدل وانتظار، بلغت معركة «باربي» خواتيمها السعيدة في لبنان، واتخذت لجنة الرقابة في الأمن العام اللبناني، قرارها بالموافقة على عرض الفيلم في الصالات السينمائية، بحسب ما قاله مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، وإن كان بيان رسمي عن الأمن العام لم يصدر، لغاية كتابة هذه السطور. ومن المفترض أن تبدأ عروض «الفيلم» في 31 من الشهر الحالي، وهو الموعد الذي كان قد حدد سابقاً، من دون تقديم أو تأخير.

وجدير بالذكر أن بعض الدول سمحت بعرض فيلم «باربي» لمن هم فوق 13 ودول أخرى رفعت السن إلى ما فوق 18، وهو حال لبنان، ومنعته دول عربية مثل الكويت.

أما في لبنان فقد دار جدل واسع حوله الفيلم، شارك فيه وزير الثقافة ومثقفون ونواب ومواطنون عاديون. وانخرطت فئات متعددة، في منازلات حامية الوطيس حول فيلم على الأرجح لم يشاهده أحد بعد. لكن ثمة من انتصر لمنعه من باب الحرص على الأخلاق والقيم، وآخرون في المقابل انطلقوا في دفاعهم عن عرض الفيلم، إيماناً منهم بمبدأ الدفاع عن الحريات دون قيد أو شرط.

باربي إلى الصالات اللبنانية (أ.ب)

ورغم كل ما كتب وتم ترويجه من أخبار عن منع فيلم «باربي» في لبنان، فإنه في حقيقة الأمر لم يمنع، وكان موضوعاً قيد الدرس، لأن الجهة الوحيدة المخولة بالمنع هي دائرة الرقابة في الأمن العام اللبناني التابع لوزارة الداخلية، والتي لم تعلن قرارها الرسمي بعد، لكنها تضطر للرد على الصحافيين الذين يستعجلون معرفة النتيجة.

ولجنة الرقابة تدرس أي منتج ثقافي لمنعه أو إجازته، حين تصلها شكوى أو يقدم إليها احتجاج، من جهة ما. وغالباً ما تكون الشكاوى حول منتج يمسّ المشاعر الدينية لهذه الطائفة أو تلك تتقدم به هيئات دينية، أو شكوى من إساءة تتقدم به جهات حزبية وما أشبه. لكن فيما يخص فيلم «باربي» فإن من تقدم بالاحتجاج واقتراح المنع، هو وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، مدعوماً من رجال دين مسلمين ومسيحيين. وهو ما أثار الغضب من قبل بعض المثقفين والكتّاب والإعلاميين.

واعتبر وزير الثقافة المرتضى أن الفيلم «يتعارض مع القيم الأخلاقية والإيمانية ومع المبادئ الراسخة في لبنان، إذْ يروّج للشذوذ والتحوّل الجنسي ويُسوّق فكرة بشعة مؤدّاها رفض وصاية الأب وتوهين دور الأم وتسخيفه والتشكيك بضرورة الزواج وبناء الأسرة، وتصويرهما عائقاً أمام التطوّر الذاتي للفرد لا سيّما للمرأة».

وبما أن الوزير المرتضى بصفته وزيراً للثقافة ليس لديه سلطة المنع، فقد وجه كتاباً إلى الأمن العام اللبناني، عبر وزير الداخلية والبلديات، لاتخاذ كلّ الإجراءات اللّازمة لمنع عرض هذا الفيلم في لبنان، وانتظر الجميع اجتماع اللجنة التي اتخذت قرارها النهائي بشأن عرض الفيلم.

لكن العاصفة من وقت اتخاذ وزير الثقافة قراره بشأن الفيلم لم تهدأ، وقد وقّع عشرات المثقفين اللبنانيين كتاباً قالوا فيه: «في حين تتعرّض حياة اللبنانيين للخطر بسبب السلاح والتفلّت من العقاب، وتتعرّض معيشتهم لانخفاض مريع بسبب النهب والسرقة، فإنّ عقولهم تتعرّض، هي الأخرى، لهجمة لا تقلّ خطراً وفتكاً».

واشتكى البيان الذي وقعه كتاب وسينمائيون وصحافيون وفنانون وأدباء وأكاديميون من أن «سياسات التدخّل والمنع في تزايُد يكاد يصبح منهجيّاً، والعدوان هذه المرّة إنّما يستهدف الأعمال الفنّيّة والسينمائيّة، والإبداعيّة بمعنى الكلمة الأوسع». واستهجن المثقفون المعترضون أن «ما بات مسموحاً به في بلدان مجاورة، كانت حتّى الأمس تعتبر لبنان منارة للحرّيّة، غدا مقموعاً في لبنان نفسه. وبدل الاقتداء بالتجارب التي تفوقنا حرّيّة وتقدّماً في العالم، صرنا لا نقتدي إلا بالنماذج التي تفوقنا تخلّفاً وضيقاً في المنطقة». وذلك في إشارة إلى بدء عرض الفيلم والسماح به في السعودية والإمارات والبحرين ومصر والمغرب وتونس، علماً بأن العروض في غالبية هذه الدول جاءت بتأخير ثلاثة أسابيع تقريباً عن الصالات العالمية.

وبيان المثقفين، هو جزء من حملة واسعة رافضة للمنع وكل أشكال الرقابة على النتاجات الثقافية بشكل خاص. وجاء في البيان: «على هذا النحو أمسى وزير ثقافتنا ذاك الرقيب الأعلى الذي يدفع حياتنا الثقافيّة إلى الانحطاط، محرّضاً على ظاهرات لا يفهم منها سوى أنّها تناقض وعيه المتعصّب وآيديولوجيّته الرجعيّة».

لقطة من فيلم «باربي» (أ.ب)

واعتبر الموقعون أن الهدف النهائي هو «بالضبط سلبُنا الحرّيّات التي أعطت بلدنا بعض خصوصيّاته في الماضي، كما أعطتنا ذاك الشعور بكرامة التجرّؤ على المسلّمات والمحرّمات، وإخضاعنا لسلطات بعضها مسلّح بالبنادق وبعضها مسلّح بالعقائد والمعتقدات القاتلة»، معلنين بشكل قاطع «تمسّكنا بحرّيّاتنا، وبالحرّيّات عموماً، بالدرجة نفسها التي ندين فيها هذه المكارثيّة الجَهولة التي تنقضّ علينا». وقد طالب الموقعون بالتجريب والاختبار والتعلم وألا يضطروا لأن ينتهوا مبرمجين «مثل معالي وزير الثقافة الذي تبرمجه أفكار قُدّت من خشب يابس».

أما اليوم وقد أصبح الفيلم على أعتاب الصالات، فإن ما ينتظره الجميع هو معرفة رأي الجمهور اللبناني العريض بـ«باربي»، الذي وصل بعد معارك ومنازلات، وفي جعبته أرباح لم تكتب لغيره من قبل.


مقالات ذات صلة

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

يوميات الشرق ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

انضمت الفنانة المصرية ياسمين رئيس لقائمة الممثلين الذين قرروا خوض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال فيلمها الجديد «الفستان الأبيض».

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

يخرج آرثر فليك (واكين فينيكس) من زنزانته، عاري الظهر، بعظام مقوّسه، يسحبه السجانون بشراسة وتهكّم...

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق يشجّع المهرجان الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما (الشرق الأوسط)

الشيخة جواهر القاسمي لـ«الشرق الأوسط»: الأفلام الخليجية تنمو والطموح يكبُر

الأثر الأهم هو تشجيع الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما، ليس فقط عن طريق الإخراج، وإنما أيضاً التصوير والسيناريو والتمثيل. 

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق صورة تذكارية لفريق عمل مهرجان «الجونة» (إدارة المهرجان)

فنانون ونقاد لا يرون تعارضاً بين الأنشطة الفنية ومتابعة الاضطرابات الإقليمية

في حين طالب بعضهم بإلغاء المهرجانات الفنية لإظهار الشعور القومي والإنساني، فإن فنانين ونقاد رأوا أهمية استمرار هذه الأنشطة وعدم توقفها كدليل على استمرار الحياة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق البرنامج يقدم هذا العام 20 فيلماً تمثل نخبة من إبداعات المواهب السعودية الواعدة (مهرجان البحر الأحمر)

«سينما السعودية الجديدة» يعكس ثقافة المجتمع

أطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي برنامج «سينما السعودية الجديدة»؛ لتجسيد التنوع والابتكار في المشهد السينمائي، وتسليط الضوء على قصص محلية أصيلة.

«الشرق الأوسط» (جدة)

وفاة الممثلة المغربية نعيمة المشرقي... سفيرة يونيسيف للنوايا الحسنة

الممثلة المغربية نعيمة المشرقي (الخدمة الإعلامية لمهرجان مالمو)
الممثلة المغربية نعيمة المشرقي (الخدمة الإعلامية لمهرجان مالمو)
TT

وفاة الممثلة المغربية نعيمة المشرقي... سفيرة يونيسيف للنوايا الحسنة

الممثلة المغربية نعيمة المشرقي (الخدمة الإعلامية لمهرجان مالمو)
الممثلة المغربية نعيمة المشرقي (الخدمة الإعلامية لمهرجان مالمو)

توفيت الممثلة المغربية نعيمة المشرقي، اليوم السبت، عن عمر يناهز 81 عاماً بعد مشوار حافل بالعطاء في المسرح والسينما والتلفزيون امتد لأكثر من خمسة عقود.

وقالت وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية في بيان: «كانت الراحلة رمزاً للفن المغربي، وأثرت الساحة الفنية بأعمالها الخالدة التي ستظل شاهدة على إبداعها وتفانيها».

كما نعاها عدد من الفنانين المغاربة، من بينهم المخرج أمين ناسور الذي كتب على حسابه بـ«فيسبوك»: «رحلت الكبيرة... رحلت الفنانة العظيمة... رحلت الحنونة المتواضعة... رحلت لالة نعيمة المشرقي الفنانة المتعددة... حزين لفراقك أيتها الإنسانة الاستثنائية».

ولدت نعيمة في 1943 وأظهرت موهبة مبكرة من خلال العمل المسرحي مع عدد من الفرق، منها المعمورة، وبساتين، وفرقة الإذاعة والتلفزة المغربية، كما سطع نجمها في التلفزيون عبر تأديتها أدواراً رئيسية في مجموعة مسلسلات من أبرزها (أولاد الناس) و(سوق الدلالة) و(الغالية).

قدمت للسينما سلسلة أفلام منها (عرس الدم) و(آخر طلقة) و(التكريم) و(البركة فراسك) و(خريف التفاح).

اختارتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) سفيرة للنوايا الحسنة، كما شغلت منصب مستشارة للمرصد الوطني لحقوق الطفل.