تشهد مناطق عدّة في أنحاء العالم ارتفاعاً متزايداً في درجات حرارة قياسية، ما تسبب في اندلاع حرائق الغابات في كل من إسبانيا واليونان وكندا؛ حيث أودت بمساحات شاسعة منها، وأجبرت السكان على إخلاء منازلهم. وفي الولايات المتحدة ضرب إعصار «هيلاري» القوي ولاية رود آيلاند، في حين تستنفر ولاية كاليفورنيا استعداداً لمواجهة الفيضانات الكارثية التي خلّفها الإعصار.
ويُرجع العلماء هذه الظواهر المناخية القاسية إلى تغيّر المناخ الذي جعل موجات الحر أطول وأكثر حدة وتكراراً.
«هيلاري» تكشف أنيابها في جنوب كاليفورنيا
المسؤولون في جنوب كاليفورنيا مستعدون لتلقي تقارير الاثنين، عن أضرار جسيمة ربما وقعت الليلة الماضية بسبب العاصفة المدارية «هيلاري»، بعد أن تسببت في فيضانات عارمة شرق وغرب لوس أنجليس، عندما اجتاحت اليابسة قبل يوم، وفق «رويترز».
وخفضت هيئة الأرصاد الوطنية الأميركية تصنيف «هيلاري» من إعصار إلى منخفض مداري، إلا أن جافين نيوسم حاكم الولاية أعلن حالة الطوارئ في معظم مناطق الولاية، وصدرت تحذيرات من حدوث فيضانات حتى الساعة الثالثة صباحاً على الأقل (10:00 بتوقيت غرينتش) الاثنين، في منطقة معتادة بشكل أكبر على الجفاف.
وقال خبراء الأرصاد إن المناطق الجبلية والصحراوية يمكن أن تشهد هطول 12 إلى 25 سنتيمتراً من الأمطار، وهي كميات تسقط على الصحاري عادة في غضون عام.
واجتاحت العاصفة شبه جزيرة باخا كاليفورنيا في المكسيك شمالاً، ولقي شخص حتفه، ووردت أنباء عن حدوث سيول في شبه الجزيرة؛ حيث غمرت المياه بعض الطرق.
وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي سيولاً عارمة تتدفق في الشوارع التي تحولت إلى أنهار.
وكانت الرياح قد عبرت الحدود بعد ظهر الأحد، ضاربة مقاطعة سان دييغو، لتكون أول عاصفة مدارية تشهدها على الإطلاق.
وأمرت السلطات في مقاطعة سان برناردينو الواقعة شرق لوس أنجليس بإخلاء بلدات في الجبال والوديان؛ حيث أظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي سيولاً من المياه والطين والصخور.
وأمر الرئيس الأميركي جو بايدن الوكالات الاتحادية بنقل الأفراد والإمدادات إلى المنطقة المتضررة، بعد استعدادات قام بها المسؤولون المحليون على مدى أيام.
حرائق كندا
قال مسؤولو الطوارئ في كندا إن حرائق الغابات التي تجتاح إقليم كولومبيا البريطانية تُظهر بعض العلامات التي تدل على الهدوء مع تحسن الأحوال الجوية الاثنين والثلاثاء، رغم أن رجال الإطفاء لا يزالون يحاولون السيطرة على الحرائق «المستعرة».
وترك أكثر من 35 ألف شخص منازلهم خلال الأيام الأربعة المنصرمة، مع انتشار الحرائق في الإقليم الواقع بغرب البلاد، ما أجبر الحكومة الاتحادية على نشر قوات من الجيش.
واستعرت الحرائق شمالاً أيضاً وسط معاناة كندا من أسوأ موسم لحرائق الغابات على الإطلاق، التي ألقى عدد من الخبراء بالمسؤولية فيها على تغير المناخ.
ويقول خبراء الأرصاد إن إقليم كولومبيا البريطانية الكندي الذي يقع على ساحل المحيط الهادي، قد يشهد هبوط بعض الأمطار الأسبوع الحالي، بسبب العاصفة الاستوائية «هيلاري» التي ضربت كاليفورنيا الأحد.
وقالت حكومة إقليم كولومبيا البريطانية إن مؤشر جودة الهواء في عدد من المناطق المتضررة من الحرائق، تخطى 10 درجات، الاثنين، ما يشير إلى وجود مخاطر عالية.
وأتت الحرائق على نحو 140 ألف كيلومتر مربع من الأراضي، أي ما يقرب من مساحة ولاية نيويورك، في جميع أنحاء البلاد، مع انتشار الضباب الدخاني بعيداً حتى الساحل الشرقي للولايات المتحدة. ويتوقع مسؤولون حكوميون أن يمتد موسم الحرائق إلى الخريف بسبب الظروف الشبيهة بالجفاف.
وعلى بعد نحو ألفي كيلومتر إلى الشمال، خرج حريق غابات عن نطاق السيطرة في يلونايف عاصمة الأقاليم الشمالية الغربية، ما أدى إلى إجلاء جميع سكانها تقريباً، البالغ عددهم 20 ألفاً، قبل أيام.
وقالت وزارة الدفاع الوطني الكندية، الأحد، إن نحو 400 من عناصر القوات المسلحة يتعاونون مع حكومة الأقاليم الشمالية الغربية للسيطرة على الحريق.
حرائق إسبانيا
أعرب رئيس الوزراء الإسباني المنتهية ولايته بيدرو سانشيز، الاثنين، عن أمله في أن «يستقرّ» الحريق خلال «الساعات القليلة المقبلة» أو «الأيام المقبلة». وكانت النيران قد اندلعت الثلاثاء الماضي في جزيرة تينيريفي بأرخبيل الكناري، ودمّرت حتى اليوم 14 ألف هكتار، وفق وكالة «الصحافة الفرنسية».
وخلال زيارته القصيرة للمنطقة، قال سانشيز: «أعتقد أنّ الساعات القليلة المقبلة ستكون مهمة للغاية».
وأضاف في تصريح مقتضب أمام الصحافيين: «نأمل في أن يساعدنا الطقس حتى نتمكّن نهائياً من اعتبار الحريق مستقراً في الساعات القليلة المقبلة، أو الأيام المقبلة». كما كشف أنّه سيُعلن حال الكارثة الطبيعية في أعقاب هذا الحريق لمساعدة السكّان، مؤكّداً أنّ مدريد «ستلتزم أعمال إعادة إعمار» الجزيرة؛ لكن من دون أن يحدّد قيمة الأموال التي ستنفقها على هذا الصعيد.
من جانبه، قال فيديريكو غريلو، رئيس خدمات الطوارئ في جزيرة غران كناريا: «في وقت قريب سنكون قادرين على القول ببعض الحذر إنّ (الحريق) قد استقر»، محذّراً في الوقت نفسه من أنّ كلّ شيء رهن بتطوّرات الاثنين التي «لا تُعدّ سيئة» في الوقت الحالي.
واحترقت مساحة 13383 هكتاراً في هذه المنطقة الجبلية شمال شرقي تينيريفي، أكبر الجزر السبع التي تشكّل أرخبيل الكناري، وتقع قبالة الساحل الشمالي الغربي للقارة الأفريقية.
ومع مساحة إجمالية لتينيريفي تبلغ 203400 هكتار، تمثل المنطقة التي دمّرتها النيران 6.6 في المائة من مساحة الجزيرة، وهو رقم يعطي فكرة عن خطورة هذه الكارثة غير العادية.
وتأثرت 12 بلدية بالحريق، وأرغم 12 ألف شخص على مغادرة منازلهم أمام اتساع رقعة النيران التي لم تُسفر عن وقوع إصابات.
وأوصت السلطات السكان بوضع كمّامات بسبب رداءة نوعية الهواء، والدخان المنبعث من الأرض.
وعند سؤال فرناندو كلافيغو رئيس الحكومة الإقليمية لجزر الكناري، صباح الاثنين، عن سبب الحريق، قال إنه «متعمد»، متسائلاً: «كيف يمكن لشخص أن يكون حقيراً وغبيّاً لدرجة تعريض حياة كثير من الناس للخطر؟»، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
ولم يؤكّد الحرس المدني في جزر الكناري -في اتصال أجرته معه وكالة «الصحافة الفرنسية»- الفرضية القائلة إنّ الحريق كان متعمداً؛ وقالت متحدثة باسمه، إنّ «التحقيق مستمرّ، ومن السابق لأوانه معرفة ذلك. هناك احتمال كبير بأنّه كان مفتعلاً؛ لكن لا يمكننا استبعاد أي فرضية حالياً».
حرائق اليونان
أما في اليونان التي تشهد هي أيضاً موجة حرائق، فقد أعلنت سلطاتها أنّها عثرت، الاثنين، على عجوز فارق الحياة في منطقة بويتا (وسط)، بينما تواصل فرق الإطفاء مكافحة بؤر نيران جديدة.
وقال متحدث باسم إدارة الإطفاء لوكالة «الصحافة الفرنسية»: إن «راعياً عجوزاً ركض إلى حظيرته لإنقاذ ماشيته، وعُثر عليه ميتاً. ربما اختنق بسبب الدخان».
وأمرت السلطات بإجلاء السائحين الموجودين على شاطئ قريب. وتدخّل في الموقع نحو 56 من عناصر الإطفاء، تؤازرهم 4 طائرات.
واندلع حريق آخر في جزيرة إيفيا؛ حيث يعمل 42 من رجال الإطفاء و4 طائرات على إخماد النيران؛ كما سُجّل اندلاع حريقين في شمال شرقي اليونان في منطقتي رودوبي وكافالا، في حين اندلع حريق ثالث في مدينة أسبروبيرغوس الواقعة غرب أثينا.
وتواصلت الحرائق لليوم الثالث على التوالي في شمال شرقي اليونان، بالقرب من مدينة أليكساندروبوليس الساحلية.
ونُقل 7 من عناصر الإطفاء ومتطوّع مصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه أرسل طائرتين من قبرص لمكافحة الحرائق، إضافة إلى فريق من عناصر الإطفاء الرومانيين عبر آلية الحماية المدنية الأوروبية.
وقال المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش، إنّ «اليونان سبق أن شهدت أسوأ شهر يوليو (تموز) منذ عام 2008 على صعيد حرائق الغابات»، مضيفاً أن «الحرائق باتت أكثر حدّة وعنفاً وتدمّر مساحات أكبر من السابق».
وحذّرت سلطات الحماية المدنية، الاثنين، من خطر نشوب حريق «ضخم» في منطقة العاصمة أثينا، ومناطق أخرى في جنوب اليونان.
وقال المتحدث باسم إدارة الإطفاء، يانيس أرتوبيوس، في تصريحات للتلفزيون: «نواجه ظواهر قصوى، وعلينا جميعاً أن نتأقلم مع هذا الوضع الصعب».
ومن المتوقع أن تستمرّ في اليونان حتى الجمعة الأحوال الجوية شديدة الحرارة والجافّة التي تزيد من مخاطر اندلاع الحرائق.
وأُخلي نحو 12 بلدة خلال نهاية الأسبوع، وحضّت سلطات الحماية المدنية السكّان على البقاء في منازلهم بسبب الدخان.
واندلع حريق في 18 يوليو أجّجته رياح عاتية، وأتى خلال 10 أيام على نحو 17770 هكتاراً في جنوب جزيرة رودوس الواقعة في بحر إيجه (جنوب شرق). وقد أجلي نحو 20 ألف شخص، معظمهم من السائحين.
وفي أواخر يوليو، شهدت البلاد أكبر موجة حرّ بالنسبة لهذا الشهر من كل عام، تجاوزت الحرارة خلالها 40 درجة مئوية في كثير من الأماكن، وفقاً لمرصد أثينا الوطني.