كابوس «كورونا» لم يأفل... والمتحوّرات توقظ قلق العالم

تراجع المناعة وسوء الطقس يستوجبان الحذر

المتحورات توقظ قلق عالم لم يطوِ صفحة الوباء كلياً (رويترز)
المتحورات توقظ قلق عالم لم يطوِ صفحة الوباء كلياً (رويترز)
TT

كابوس «كورونا» لم يأفل... والمتحوّرات توقظ قلق العالم

المتحورات توقظ قلق عالم لم يطوِ صفحة الوباء كلياً (رويترز)
المتحورات توقظ قلق عالم لم يطوِ صفحة الوباء كلياً (رويترز)

يبدو أنّ كابوس ارتداء الكمامة وتعقيم اليدين وربما الحجْر المنزلي لم ينتهِ بعد! لم يكد العالم يلتقط أنفاسه بعد نحو عامين من «توقّف الزمن» واستراحة الحياة، حتى أطلّ متحوّر جديد لفيروس «كوفيد - 19» ليشغل المختبرات ويرفع منسوب القلق.

في هذا السياق، تحدّثت «وكالة الأمن الصحي البريطانية» عن اكتشاف نوع جديد من فيروس «كورونا» في البلاد، لديه قدرة كبيرة على التحوّر، بينما أشارت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا)، اليوم (السبت) إلى تحديد طفرة «بي إيه 2.86» في بريطانيا أمس (الجمعة)، لدى شخص، ليس له سجل سفر حديث.

تابعت الوكالة: «هذا يعني أنه ربما يكون هناك بالفعل انتقال كبير لحالات الإصابة المجتمعية» بين البريطانيين. بدورها، نقلت صحيفة «الغارديان» اليوم (السبت) عن نائبة مدير «وكالة الأمن الصحي البريطانية»، الدكتورة ميرا تشاند: «نحن على علم بحالة واحدة مؤكدة في بريطانيا. تُجري وكالة الأمن الصحي حالياً تقييماً تفصيلياً، وستقدّم مزيداً من المعلومات في الوقت المناسب»، بينما أكدت العضو في المجموعة المستقلة للعلماء الاستشاريين بشأن الطوارئ، كريستينا باغيل، أنّ بريطانيا ستواجه موجة جديدة من الإصابات بـ«كوفيد - 19» من المتحوّرات المنبثقة من «أوميكرون»؛ مثل «إيريس» و«إريكتوروس»، بسبب تراجع المناعة والطقس السيئ.

واكتُشفت السلالة للمرة الأولى في الدنمارك في 24 يوليو (تموز) الماضي، وعُثر عليها أيضاً في ذلك البلد في 31 من الشهر عينه، وهو اليوم عينه الذي اكتُشف فيه في إسرائيل، وفق ما أفادت به «وكالة الأنباء الألمانية»، فيما اكتُشفت حالة في الولايات المتحدة في وقت سابق هذا الشهر.

وتردّد أن المتحوّر بعيد جداً عن سلفه المحتمل «بي إيه2» الذي يعرف باسم «أوميكرون الشبح».

وكانت منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية الأميركية أعلنتا (الجمعة) أنهما تراقبان عن كثب متحوّرة جديدة من «كوفيد - 19» رغم أن «التأثير المحتمل لطفراتها المتعدّدة غير معروف بعد». وقرّرت المنظمة تصنيف متحوّرة جديدة «ضمن فئة المتحوّرات قيد المراقبة بسبب العدد الكبير (أكثر من 30) من البروتين الشوكي (سبايك)» الموجود على سطحها، الذي يؤدّي دوراً أساسياً في دخول الفيروس خلايا الإنسان، وفق ما كتبت في نشرتها الوبائية المخصّصة لجائحة «كوفيد - 19»، نُشرت الجمعة.

وقال أستاذ البيولوجيا في جامعة لندن فرنسوا بالو، إنّ الاهتمام الذي تثيره المتحوّرة الجديدة له مبرّرات، وأضاف: «سلالة (بي إيه 2.86) هي أبرز سلالات (سارس-كوف-2) في العالم منذ ظهور (أوميكرون)»، في إشارة إلى المتحوّرة التي أدت إلى ازدياد الإصابات عالمياً بشكل كبير في شتاء عام 2022. وقال، وفق ما نقلت «الغارديان»: «السيناريو الأكثر منطقية هو أن السلالة اكتسبت طفراتها خلال عدوى طويلة الأمد في شخص يعاني من نقص المناعة منذ أكثر من عام، ثم انتشرت مرة أخرى في المجتمع. خلال الأسابيع المقبلة، سنرى مدى تأثير (بي إيه 2.86) مقارنة بطفرات (أوميكرون) الأخرى»، مشدداً على أنه حتى لو تسبّبت (بي إيه 2.86) في ارتفاع كبير بعدد الإصابات، «فإننا لا نتوقع أن نشهد مستويات من المرض الشديد والوفاة مماثلة لما شهدناه سابقاً خلال فترة الوباء عندما انتشرت متحوّرات (ألفا) و(دلتا) و(أوميكرون)»، وذلك وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

من جهتها، أشارت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي)، عبر منصة «إكس»، إلى أنها تراقب المتحوّرة عن كثب، بينما أوضحت منظمة الصحة أن «التأثير المحتمل لطفرات المتحوّرة الجديدة لا يزال غير معروف ويُقيَّم بدقة». وأكد بيان صادر عنها أنه في الفترة بين 17 يوليو و 13 أغسطس (آب) الحالي، سُجلت أكثر من 1.4 مليون إصابة جديدة بـ«كوفيد - 19» وأكثر من 2300 حالة وفاة. وحتى 13 أغسطس 2023، وصل عدد الإصابات المؤكدة إلى أكثر من 769 مليوناً، بينما بلغ عدد الوفيات بالفيروس أكثر من 6.9 مليون في كل أنحاء العالم.

وكانت «رويترز» قد نقلت عن «المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها» قولها إنها تتعقب سلالة جديدة من الفيروس المسبّب لـ«كوفيد - 19»، مضيفة، في منشور على «إكس»، أن السلالة تُسمى «بي إيه 2.86» ورُصدت في الولايات المتحدة والدنمارك وإسرائيل.

وتابعت: «نصيحة (مراكز مكافحة الأمراض) لحماية أنفسكم من (كوفيد - 19) تظلّ كما هي، وذلك ريثما نجمع مزيداً من المعلومات حول (بي إيه 2.86)».

وانتشر متحوّر جديد من الفيروس في بريطانيا، وتظهر الإحصاءات الأخيرة أنّ نحو 800 ألف شخص أُصيبوا به، سُمّي «إيريس» وينبثق من المتحور «أوميكرون»، ما يعني أن كثيراً من الأعراض متشابهة بينهما. وتسبب في الارتفاع الأخير في عدد الإصابات وأصبح يشكل واحداً من كل 7 مصابين جدد بالفيروس، وفق موقع «إكزامينر لايف» الإنجليزي.

ورغم ذلك، فإن المصابين الذين دخلوا المستشفيات حالتهم «خفيفة جداً» وفقاً لوزارة الصحة البريطانية. وظهر المتحوّر الجديد في بريطانيا في مايو (أيار)، في الوقت نفسه الذي أضافته منظمة الصحة إلى قائمة المتابعة، مع تعريفه باسم «EG.5.1» ولم تصنفه «متحوّراً مهماً».

أما رئيسة وحدة التحصين في «وكالة الأمن الصحي البريطانية» ماري رامزي، فقالت: «نشهد ارتفاعاً في عدد الإصابات بـ(كوفيد - 19) في التقرير الأسبوعي، وكذلك نشهد ارتفاعاً صغيراً في عدد الحالات التي تدخل المستشفيات مصابة بهذا الفيروس في كل الفئات العمرية، خصوصاً كبار السن».

وتضيف: «مع ذلك يبقى عدد الحالات التي تصل إلى المستشفيات ضئيلاً، ولا نشهد أي ارتفاع مماثل في الحالات التي تتطلب دخول الرعاية المركزة».

أما إن كنتم تعانون هذه الأعراض، فهي مؤشر إلى إصابتكم بمتحوّر «إيريس»: التهاب الحلق، وسيلان الأنف وانسداده، والعطس، والكحة (جافة ورطبة)، والصداع، وتغيّر الصوت (صوت أجش)، وآلام في العضلات.

من جهته، يعزو عالِم الفيروسات في جامعة ورويك، لورانس يونغ، الارتفاع في عدد الإصابات إلى الطقس السيئ وارتفاع عدد مَن يرتادون السينما، محذراً: «رغم أنّ العدد الكلّي لا يزال صغيراً، فإنه تنبيه أننا يَجِبُ ألا نهمل ما يخصّ (كوفيد)، ونراقب المتحوّرات، ونبقى يقظين، ونتحضّر لارتفاعه في الخريف والشتاء».



سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.