احتفاء مصري بافتتاح مسجد «الأقمر» الأثري بعد ترميمه

أنشئ سنة 519 هجرية

صحن مسجد «الأقمر» (وزارة السياحة والآثار)
صحن مسجد «الأقمر» (وزارة السياحة والآثار)
TT

احتفاء مصري بافتتاح مسجد «الأقمر» الأثري بعد ترميمه

صحن مسجد «الأقمر» (وزارة السياحة والآثار)
صحن مسجد «الأقمر» (وزارة السياحة والآثار)

احتفى المصريون (الاثنين) بافتتاح مسجد «الأقمر» الأثري، بعد انتهاء مشروع لترميمه بتكلفة وصلت إلى 14 مليون جنيه، في إطار مشروع تطوير القاهرة التاريخية.

ويقع مسجد «الأقمر» في شارع المعز وسط القاهرة، ويعود تاريخ إنشائه إلى عام 519 هجرية - 1125 ميلادية، في العصر الفاطمي حين بناه الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله أبو علي المنصور بن المستعلي، وهو الخليفة السابع من خلفاء الدولة الفاطمية، وأشرف على البناء الوزير أبو عبد الله محمد بن فاتك البطائحي المعروف باسم المأمون البطائحي، ودوّن ابن فاتك اسمه إلى جانب اسم الخليفة الآمر في النصوص الكتابية بالخط الكوفي الدقيق على واجهة المسجد.

وقال الدكتور أبو بكر أحمد عبد الله، المكلَّف تسيير أعمال قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار في مصر، في كلمته خلال افتتاح المسجد (مساء الأحد)، إن المسجد «يعد واحداً من أعمال العمارة الإسلامية، فهو يتميز بجمال واجهته الحجرية المزخرفة بوجود المقرنص المشطوف على الجانبين».

واجهة مسجد «الأقمر» (وزارة السياحة والآثار)

يأتي افتتاح مسجد «الأقمر» استكمالاً لعدد من مشروعات الترميم الأثري التي نفّذتها وزارة السياحة والآثار المصرية، ومن بينها افتتاح جامع «الحاكم بأمر الله» بشارع المعز، في فبراير (شباط) الماضي.

وأوضح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، في كلمته خلال الافتتاح، أن مشروع ترميم مسجد «الأقمر» بدأ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. مؤكّداً أن «وزارة السياحة والآثار ممثلةً في المجلس الأعلى للآثار تولي اهتماماً كبيراً لمنطقة القاهرة التاريخية، حيث يجري العمل في عدد من المشروعات، بما يتناسب مع أهميتها التاريخية والأثرية كونها أحد المواقع المسجلة على قائمة التراث العالمي لليونيسكو، فضلاً عن كونها من أهم المقاصد السياحية لمنتج السياحة الثقافية المصرية».

وتضمنت أعمال الترميم والتطوير صيانة الواجهة الرئيسية الحجرية للجامع، وإزالة الاتساخات، واستكمال بعض الكتابات الحجرية والرخامية الموجودة على الواجهة طبقاً للمصادر والمراجع العلمية، وتنظيف الأعمدة الرخامية وصيانة الكتابات الجصية الموجودة ورفع كفاءتها، ومعالجة الروابط الخشبية، إضافةً إلى صيانة الأبواب والشبابيك الخشبية وترميمها وتركيب أسلاك معدنية للشبابيك لحمايتها من دخول الطيور.

جانب من المسجد (وزارة السياحة والآثار)

من جهته أوضح عاطف الدباح، المشرف على المكتب الفني للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، أن «واجهة جامع (الأقمر) تُعدّ أول واجهة حجرية لمسجد في القاهرة، أما باقي الجامع فهو مبنيّ من الداخل بالطوب الآجُرّ والواجهة منحرفة لتساير خط تنظيم الشارع، وصحن الجامع مكشوف تحيط به أربعة أروقة أكبرها وأعمقها رواق القبلة والأسقف مغطاة بقباب».

وفي المسجد لوحة تذكارية تسجّل أعمال التجديد التي أجراها الأمير يليغا السالمي سنة 1396 ميلادية. ويشير النص الكتابي إلى أن «أعمال التجديد شملت إقامة المئذنة والمنبر». وأُجري كثير من أعمال التجديد على الجامع بعد إنشائه، وأسهم في ترميمه أيضاً المجلس الأعلى للآثار وأزال المباني التي كانت أمام واجهته بحيث ظهرت زخارف الواجهة كاملة.

ومن المقرر أن تُنقل شعائر صلاة الجمعة المقبلة من مسجد «الأقمر» لأول مرة بعد الانتهاء من ترميمه وافتتاحه، حسب الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس القطاع الديني في وزارة الأوقاف المصرية.


مقالات ذات صلة

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق دهشة الذكاء الاصطناعي (رويترز)

الذكاء الاصطناعي «نجم» رسوم عمرها 2000 عام في بيرو

تُعدّ خطوط نازكا، التي تعود إلى 2000 عام مضت، رسوم لنباتات وحيوانات، يمكن رؤيتها فقط من السماء. وقد أُعلنت ضمن مواقع التراث العالمي لـ«يونيسكو» عام 1994.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس)
يوميات الشرق إطلالة على مدينة طرابلس اللبنانية من أعلى قلعتها الأثرية (الشرق الأوسط)

«جارة القلعة» تروي حكاية طرابلس ذات الألقاب البرّاقة والواقع الباهت

لا يعرف معظم أهالي طرابلس أنها اختيرت عاصمة الثقافة العربية لهذا العام، لكنهم يحفظون عنها لقب «المدينة الأفقر على حوض المتوسط».

كريستين حبيب (طرابلس)
شمال افريقيا مبنى المتحف القومي السوداني في الخرطوم (متداول)

الحكومة السودانية تقود جهوداً لاستعادة آثارها المنهوبة

الحكومة السودانية عملت على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية وتأمين 76 موقعاً وصرحاً أثرياً تاريخياً في ولايات نهر النيل والشمالية، وجزء من ولاية الخرطوم.

وجدان طلحة (بورتسودان)
يوميات الشرق من أعمال التنقيب في موقع زبالا التاريخي المهمّ على درب زبيدة (واس)

السعودية... آمالٌ تُفعّلها المساعي لالتحاق مواقع بقائمة التراث العالمي

العمل قائم على تسجيل مواقع جديدة في القائمة الدولية للتراث العالمي، من أهمها دروب الحج القديمة، لا سيما درب زبيدة، بالإضافة إلى ملفات أخرى تشمل الأنظمة المائية.

عمر البدوي (الرياض)

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
TT

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)

يسجّل الشاعر سمير نخلة حالة خاصة بكلام الأغاني التي يكتبها. يتعرّف سامعها بسرعة على أنه هو موقّعها. تعاون مع أهم النجوم في لبنان والعالم العربي. حقق نجاحات متتالية مع فنانين مشهورين أمثال عاصي الحلاني، ونانسي عجرم، ووائل كفوري، ونجوى كرم، وراغب علامة وغيرهم.

كتب «بزعل منّك» لديانا حداد و«أنا هيفا» لهيفاء وهبي و«كلما غابت شمس» لملحم زين، فشكّلت مجموعة أغنيات من فئة العمر المديد. وفي «لون عيونك غرامي» لنانسي عجرم حقق نجاحاً هائلاً. فهو لا يزال يحصد صدى أعماله تلك حتى اليوم.

مع الفنان الراحل وديع الصافي (سمير نخلة)

وكما في الأغنية الرومانسية كذلك في الأعمال الوطنية استطاع سمير نخلة أن يحفر في ذاكرة اللبنانيين، ولعلّ أغنية جوزيف عطيّة «الحق ما بموت» من أشهر ما قدّمه في هذا الإطار.

فقلّة من الأغاني الوطنية التي تستطيع أن تحقق الانتشار الواسع على مدى سنوات طويلة. عمرها الذي ناهز الـ15 عاماً لم يقهره الزمن، وتُعدّ اليوم بمثابة نشيد وطني يتفاعل معه اللبنانيون في كلّ مرّة يستمعون إليها.

يقول الشاعر سمير نخلة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن للأغنية الوطنية صفات خاصة كي تنجح. وإن كلاماً كثيراً اختصرته أغنيات وطنية لم تحقق هدفها.

ويتابع: «لا بدّ أن تنبع من الروح فلا تكون مجرّد صفّ كلام»، وهذا ما يفعله في كلمات أغنياته الوطنية وغيرها. وتابع: «لذا تصل إلى قلوب الناس بسرعة. فما ينبع من القلب لا يمكن أن يخطئ. كما أن التركيبة الثلاثية للأغنية من شاعر وملحن ومغنٍّ، تلعب دوراً مهماً».

يتشارك نخلة ملاحظات العمل مع الملحن والمغني، يقول: «أحياناً تُعدّل عبارة أو نوتة موسيقية أو أسلوب أداء. فالأمر يتطلّب اجتماع الركائز الثلاث على قاعدة الانسجام».

أغنية «الحق ما بموت» التي لحّنها هشام بولس وكتبها سمير نخلة وغناها جوزيف عطية نجحت في الامتحان. وهي اليوم تعدّ من ريبرتوار الأغاني الوطنية الأشهر في لبنان. ونسأل الشاعر نخلة عن سبب الوقت الطويل الذي يفصل بين أغنية وطنية ناجحة وأخرى مثلها، يوضح: «الأغنية الوطنية صعبة الولادة وعندما كتبت (الحق ما بموت) استلهمتها من حلم يراودني. كنت حينها أحلم بلبنان ينتفض من كبوته ويستعيد دوره الريادي في العالم العربي. كل هذا الحب والشغف تجاه وطني فرّغته في كلمات هذه الأغنية. وهذه الأحاسيس الدفينة والعميقة لا يمكن أن تحضر بسهولة».

الشاعر سمير نخلة يرى أن ولادة الأغنية الوطنية صعبة (سمير نخلة)

وإذا ما تصفّحنا مشهدية الأغنيات الوطنية في لبنان، لاحظنا أن الرحابنة كانوا الأشهر فيها. وقد استطاعوا أن يُنتجوا كثيراً منها بصوت فيروز. ويعلّق نخلة: «كانت مسرحيات الرحابنة لا تخلو من الأغاني الوطنية. ويعدّونها أساسية بحيث تؤلّف مساحة لا يستهان بها من باقي الأعمال الغنائية المغناة بصوت فيروز. وأنا شخصياً معجب بعدد كبير من تلك الأغنيات. ومن بينها (رُدّني إلى بلادي) و(بحبك يا لبنان) و(وطني) وغيرها».

ولكن، ما ينقص الساحة اليوم لتوليد أغنيات بهذا المستوى؟ يقول: «زمن اليوم تبدّل عن الماضي، وأصبح العمل الرديء يطغى. ولكن لا شيء يمكن أن يمحو الأصالة. وعلى هذا الأساس نلحظ موت تلك الأغنيات بسرعة. ولكن ولحسن الحظ لا يزال لبنان ولّاداً لشعراء أصحاب أقلام جيدة. فإضافة إلى مخضرمين مثلي تلوح على الساحة أسماء جيل شاب يمكن التّعويل على الكلام الذي يكتبونه».

حالياً يعيش لبنان حالة حرب قاسية، فهل ألهمته كتابة أغنية وطنية؟ يردّ في سياق حديثه: «ما نعيشه اليوم مليء بالمآسي. ولا أستطيع شخصياً أن أكتب في هذه الأجواء. أميل أكثر إلى كتابة الكلام المفعم بالأمل وقيامة لبنان».

عادة ما يحصد المغني شهرة أغنية معينة، ويغيّب - إلى حدّ ما - اسم كلّ من ملحنها وكاتبها. يعلّق الشاعر سمير نخلة: «الكلمة في الأغنية هي الأساس، وهناك ألحان جميلة لم تلفت النظر بسبب ضعف الكلمة المغناة. وبشكل عام الملحن والشاعر لا يُسلّط الضوء عليهما. بعض الأحيان، نلاحظ أن الملحن يحاول الترويج لعمله من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك بالكاد تبقى مكانته محفوظة في الأغنية».

يعتب نخلة على المطرب الذي لا يذكر اسم ملحن وشاعر أغنية يقدّمها، «لا أتوانى عن التدخل مباشرة إذا ما لاحظت هذا الأمر. أتصل بالمغني وأصارحه بأنه نسي ذكر اسمي شاعراً، فأنا متابع جيد لعملي. وأحياناً، عندما يُكتب اسم شاعر آخر بدل اسمي على قناة تلفزيونية ألفت نظرهم إلى ضرورة تصحيح الخطأ».

يعاني الشعراء في لبنان من عدم حصولهم على حقوق الملكية لمؤلفاتهم، «هل تعرفين أنه على المغني دفع نسبة 8 في المائة من أرباح حفلاته للملحّن والشاعر. وهذا بند مدرج ضمن نص حقوق الملكية الفكرية في لبنان، ولكنه لا يُطبّق. في الدول الأجنبية الأمر طبيعي. وأركان العمل الغنائي تصلهم حقوقهم بلا أي معاناة. ولكن مع الأسف حقوقنا في لبنان مهدورة ولا أحد يهتمّ بها».