نخبة سلالات الصقور من 14 دولة في أكبر مزاد دولي لإنتاجها في الرياض

لعرض منتوجاتهم والاتصال بهواة ومتتبعي القطاع في المنطقة العربية

جانب من مزاد لبيع نخبة الصقور في العاصمة الرياض
جانب من مزاد لبيع نخبة الصقور في العاصمة الرياض
TT

نخبة سلالات الصقور من 14 دولة في أكبر مزاد دولي لإنتاجها في الرياض

جانب من مزاد لبيع نخبة الصقور في العاصمة الرياض
جانب من مزاد لبيع نخبة الصقور في العاصمة الرياض

تحت سقف واحد، تجتمع مئات الصقور من نخبة السلالات القادمة من جميع دول العالم، في حدث هو الأضخم من نوعه، حيث يلتقي الخبراء والهواة لإبرام الصفقات، وتطوير الفرص، وإحداث نقلة في القطاع الحيوي، الذي يرتبط بإرث تاريخي وإنساني عريق.

وانطلقت، السبت، في شمال العاصمة الرياض⁩، النسخة الثالثة من أكبر مزاد دولي لإنتاج الصقور، وبمشاركة دولية لمزارعين ومنتجين من 14 دولة حول العالم، إذ تسعى السعودية لتعزيز ريادتها بمجال إنتاج الصقور وجهة عالمية فريدة لنخبة أنواعها، وتقديم الدعمين الثقافي والاقتصادي لقطاع الصّقارة، وزيادة الوعي البيئي.

المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور (نادي الصقور السعودي)

ورحّب «نادي الصقور السعودي»، الجهة المنظِّمة للمهرجان الدولي، بوصول عدد من المزارع الدولية المشارِكة في منصة الرياض، كما رحّب بالقادمين من هولندا وإسبانيا وبولندا ودول أخرى، لعرض منتوجاتهم، والاتصال بهواة قطاع الصقارة ومتتبعيه في المنطقة العربية، حيث يلتقون سنوياً في العاصمة السعودية لتطوير القطاع ودعم اتجاهاته الاقتصادية وأبعاده الثقافية.

حقائق

12 ليلة

مزاد ينظّمها «نادي الصقور السعودي» لبيع النخبة منها، تبثّها مباشرة القنوات التلفزيونية الناقلة للحدث، وحسابات النادي على منصات التواصل الاجتماعي، في حين يعلن النادي عن الصقور المعروضة، قبل بدء مزاد كل ليلة.

يهيّئ التجمع الدولي في الرياض الفرصة لالتئام الخبرات من مختلف دول العالم، والتعرف على منتجي الصقور المحليين والدوليين، ومعرفة تحديات هذا المجال وتنميته، كما ينظّم «نادي الصقور السعودي» 12 ليلة مزاد لبيع نخبتها، تبثُّها مباشرة القنوات التلفزيونية الناقلة للحدث وحسابات النادي على منصات التواصل الاجتماعي، في حين يعلن النادي عن الصقور المعروضة، قبل بدء مزاد كل ليلة.

ويستضيف مقر النادي في ملهم بشمال الرياض، مزاد الصقّارين والمهتمين، بوصفه سوقاً موثوقة وآمنة للصقارين ومنتجي الصقور، كما يدعم مزارع الإنتاجين المحلي والدولي؛ سعياً لتعزيز مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية للصقور والصّقارين.

من جانبه، قال وليد الطويل، المتحدث الرسمي لـ«نادي الصقور السعودي»، إن «المزاد جاء تلبية لمطالب الصقارين بتوفير نخبة سلالات الصقور، مما يجعل الرياض مركزاً عالمياً في هذا المجال، اعتزازاً وتأكيداً بهذا الموروث العريق، الذي تحرص المملكة على صونه واستدامته ونقله للأجيال القادمة».

وبيّن الطويل أن المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور هو باكورة فعاليات النادي للعام الحالي، الذي يعِد الصقارين بعدد من الفعاليات التي تشهد تطويراً مستمراً وتلبّي احتياجاتهم، حيث يُنتظر أن يشهد غرة أكتوبر (تشرين الأول) المقبل انطلاق مزاد «نادي الصقور السعودي»، المخصص لصقور الطرح المحلي، ومن ثَمّ معرض الصقور والصيد السعودي الدولي، خلال الفترة من 5 إلى 14 أكتوبر، يعقبه «سباق الملواح»، وأخيراً «مهرجان الملك عبد العزيز للصقور» بنسخته السادسة.

 

صفقة تاريخية لبيع أغلى صقر «جير» في العالم

حقق المزاد في الرياض، نتائج لافتة على مدار النسختين السابقتين، وسجل مبيعات إجمالية تتجاوز 10 ملايين ريال، لقاء أكثر من 800 صقر، حقق بعضها مراكز متقدمة في مسابقات «مهرجان الملك عبد العزيز للصقور»، الذي يُعدّ أكبر تجمع لها في العالم.

النسخ السابقة للمهرجان، التي شهدت حضور نحو 25 مزرعة إنتاج رائدة حول العالم، انفردت بتسجيل صفقة لبيع أغلى صقر «جير» في العالم، مقابل 1.750.000 ريال من نوع قرموشة جير «ألترا وايت» من مزرعة «باسيفيك نورث ويست» الأميركية، ويبلغ طوله 16.50 إنش، ويبلغ وزنه 980 غراماً.

واستحدث «نادي الصقور السعودي»، مؤخراً، 6 أشواط جديدة، ضمن «مسابقة الملواح» في المهرجان، مخصصة للصقور التي يقتنيها الصّقارون من المزاد، وذلك خلال المهرجان المقرر إقامته خلال الفترة من 28 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 14 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، كما يسمح أيضاً بمشاركة صقور المزاد في جميع الأشواط الأخرى لـ«مسابقة الملواح»، في مبادرة للنادي جاءت عقب النتائج اللافتة التي حققتها هذه الصقور في مسابقات الملواح «الدعو».

 

 

«الصقارة» تراث إنساني حيّ

ويسعى المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور⁩ 2023 لاستدامة قطاع الصقارة ونشره عبر الأجيال، وترسيخ القيم الثقافية والبيئية، بالإضافة إلى التذكير بضرورة الحفاظ على جودة الحياة الفطرية، وإحياء الإرث التاريخي ونقله إلى الأجيال، والمحافظة على تراث وتقاليد الصقارة وتعزيزها على مستوى المملكة.

وأسهمت السعودية ضمن جهد تنسيقي تشاركي لجهود 18 دولة، في إدراج رياضة الصيد بالصقور بالقائمة التمثيليّة للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في منظمة «اليونيسكو»، كما سُجلت الصقارة في قائمتها حرفة تقليدية تُمارَس في عدد من بلدان العالم، وتقوم على ترويض الصقور وتدريبها بهدف استخدامها في الصيد. وكانت الصقارة في الأساس وسيلة لتوفير الغذاء، لكنها باتت تجسد روح الصداقة والمشاركة، وهي تتركز بصورة رئيسية على طول مسارات هجرة الطيور وممراتها، ويمارسها أشخاص من كل الأعمار (رجال ونساء، هواة ومحترفون)، ويطور مربُّو الصقور علاقة قوية ورابطاً روحياً مع طيورهم، وما يستتبع تربيتها وتدريبها والتعامل معها واستخدامها للصيد، من التحلي بالكثير من الصبر والخبرة والارتباط بالبيئة والطبيعة.


مقالات ذات صلة

ما سرّ عيش أقدم شجرة صنوبر في العالم لـ4800 سنة؟

يوميات الشرق العمر الطويل خلفه حكاية (غيتي)

ما سرّ عيش أقدم شجرة صنوبر في العالم لـ4800 سنة؟

تحتضن ولاية كاليفورنيا الأميركية أقدم شجرة صنوبر مخروطية، يبلغ عمرها أكثر من 4800 عام، وتُعرَف باسم «ميثوسيلا».

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
يوميات الشرق السعودية تواصل جهودها المكثّفة للحفاظ على الفهد الصياد من خلال توظيف البحث العلمي (الشرق الأوسط)

«الحياة الفطرية السعودية» تعلن ولادة 4 أشبال للفهد الصياد

أعلنت السعودية إحراز تقدم في برنامج إعادة توطين الفهد، بولادة أربعة أشبال من الفهد الصياد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مصيدة جمع الحشرات (جامعة إكستر)

17 مليون حشرة تطير سنوياً عبر ممر ضيّق بين فرنسا وإسبانيا

أكثر من 17 مليون حشرة تطير سنوياً عبر منطقة بويرتو دي بوجارويلو، البالغ عرضها 30 متراً على الحدود بين فرنسا وإسبانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة لافتة تشير إلى الحذر من درجات الحرارة القياسية في «وادي الموت» (أرشيفية- رويترز)

ماذا تعرف عن «وادي الموت» المكان الأكثر سخونة على كوكب الأرض؟

تنتشر الشقوق وتقترب الحياة من حافة الخطر... ماذا تعرف عن «وادي الموت»؟

يسرا سلامة (القاهرة)
يوميات الشرق المرجان الأحمر في مضيق ماجلان (أ.ف.ب)

اكتشاف نوع من المرجان الأحمر في المياه القليلة العمق لمضيق ماجلان

اكتُشِف نوع من المرجان الأحمر في أقصى جنوب باتاغونيا التشيلية، في منطقة مضيق ماجلان.

«الشرق الأوسط» (سانتياغو)

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
TT

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

«ماريا»، الذي سبق وتناولناه هنا قبل يومين، ليس سوى أحد الأفلام المعروضة على شاشة الدورة 81 لمهرجان «ڤينيسيا»، (انطلق في 28 من الشهر الماضي وتسدل ستارته في 7 سبتمبر «أيلول» الحالي)، الذي يتناول حياة شخصيات شهيرة. إذ إن هناك أفلاماً عدّة تتحدّث عن شخصيات حقيقية أخرى بينها ثلاثة أفلام غير درامية.

إنها أفلام وثائقية وتسجيلية عن أسماء مشهورة تتباعد في أزمانها وشخصياتها كما في أدوارها في الحياة. هناك «رايفنشتال» عن المخرجة الألمانية ليني رايفنشتال التي عاشت نحو 101 سنة، و«جون ويوكو» عن حياة المغني جون لينون (من فرقة البيتلز) والمرأة التي ارتبط بها، كذلك يطالعنا فيلم المخرج التسجيلي إيرول موريس «منفصلون» الذي يتناول بعض ما تمر به الولايات المتحدة من أزمات بخصوص المهاجرين القادمين من فنزويلا وكولومبيا ودول لاتينية أخرى.

في هذا النطاق، وبالمقارنة، فإن «ماريا» للمخرج التشيلي بابلو لاراين، يبقى الإنتاج الدرامي الوحيد بين هذه المجموعة متناولاً، كما ذكرنا، الأيام الأخيرة من حياة مغنية الأوبرا.

المخرجة المتّهمة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية والسياسية. حققت ليني في حياتها 8 أفلام، أولها سنة 1932 وآخرها «انطباعات تحت الماء» (Impressions Under Water) سنة 2002. لكن شهرتها تحدّدت بفيلميها «انتصار الإرادة» (Triumph of the Will) (1935)، و«أولمبيا» الذي أنجزته في جزأين سنة 1938.

السبب في أن هذين الفيلمين لا يزالان الأشهر بين أعمالها يعود إلى أنهما أُنتجا في عصر النهضة النازية بعدما تبوأ أدولف هتلر رئاسة ألمانيا.

دار «انتصار الإرادة» عن الاستعراض الكبير الذي أقيم في عام 1934 في مدينة نورمبيرغ، الذي ألقى فيه هتلر خطبة نارية أمام حشد وصل تعداده إلى 700 ألف شخص. فيها تحدّث عن ألمانيا جديدة مزدهرة وقوية وعن مستقبل كبير ينتظرها.

الفيلم الثاني من جزأين كان عن الأولمبياد الرياضي الذي أقيم صيف 1936، وحضرته أمم كثيرة بعضها من تلك التي تحالفت لاحقاً ضد الاحتلال الألماني لأوروبا.

شغل المخرجة على الفيلمين فعلٌ فني لا يرقى إليه الشك. تصوّر بثراء كل ما يقع أمامها من الجموع إلى المسيرات العسكرية والرياضية، ومنها إلى هتلر وهو يخطب ويراقب سعيداً الاستعدادات العسكرية التي خاضت لاحقاً تلك الحرب الطاحنة التي خرجت ألمانيا منها خاسرة كلّ شيء.

تبعاً لهذين الفيلمين عدّ الإعلام السياسي الغربي المخرجة رايفنشتال ساهمت في الترويج للنازية. تهمة رفضتها رايفنشتال. وأكدت، في مقطع من الفيلم مأخوذ عن مقابلة مسجّلة، أنها لم تنفّذ ما طُلب منها تنفيذه، ولم تنتمِ إلى الحزب النازي (وهذا صحيح) ولم تكن تعلم، شأن ملايين الألمان، بما يدور في المعتقلات.

ليني رايفنشتال خلال تصوير «أولمبياد» (مهرجان ڤينيسيا)

يستعرض الفيلم حياة المخرجة التي دافع عن أعمالها نُقاد السينما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم. فيلماها لا يزالان من أفضل ما طُبع على أشرطة في مجال الفيلم الوثائقي إلى اليوم، وذلك عائد إلى اختياراتها من اللقطات والمشاهد وتوثيقها لحدثين مهمّين لا يمكن تصوّر السينما من دون وجودهما بدلالاتهما المختلفة. النتيجة الواضحة إلى اليوم، حتى عبر المقتطفات التي يعرضها الفيلم، تفيد بحرفة متقدّمة وتعامل رائعٍ مع الحدث بأوجهه المتعدّدة.

ينتهج المخرج فايل موقفاً يشيد فيه بالمخرجة ومجمل أفلامها السبعة. لا يفوته الاعتراف بأن رايفنشتال كانت فنانة سينما حقيقية، لكن يوجّه مشاهديه في الوقت نفسه إلى أن هذا الفن لم يكن سوى مظهر دعائي للنازية، وأنها لعبت الدور المباشر في البروباغاندا في الفترة التي سبقت الحرب.

حيال سرد هذا التاريخ يستعين المخرج فايل بمقابلات متعددة أدلت بها (معظمها بعد نهاية الحرب) وواجهت فيها منتقديها كما يعمد المخرج إلى مشاهد من حياتها الخاصة. زواجها. رحلتها إلى السودان خلال اضطرابات عام 2000 حيث تحطمت الطائرة المروحية التي استقلّتها وأصيبت برضوض. رحلتها تلك كانت بصدد التعرّف على البيئة النوبية، وكانت قد حصلت على الجنسية السودانية قبل سنوات (إلى جانب جنسيتها الألمانية وإقامتها البريطانية)، وبذلك كانت أول شخص غربي يُمنح الجنسية السودانية.

لا يأتي الفيلم بجديد فِعليّ لما يسرده ويعرضه. هناك كتب عديدة دارت حولها أهمها، مما قرأ هذا الناقد، «أفلام ليني رايفنشتال» لديفيد هنتون (صدر سنة 2000) و«ليني رايفنشتال: حياة» الذي وضعه يورغن تريمبورن قبل سنة من وفاة المخرجة عام 2003.

هو فيلم كاشف، بيد أنه يتوقف عند كل المحطات التي سبق لمصادر أخرى وفّرتها. محاولة الفيلم لتكون «الكلمة الفصل» ناجحة بوصفها فكرة وأقل من ذلك كحكم لها أو عليها.

جون لينون ويوكو أونو

في الإطار الفني، ولو على مسافة كبيرة في الاهتمام ونوع المعالجة، يأتي (One to One: John & Yoko) «واحد لواحد: جون ويوكو» لكيڤن ماكدونالد، الذي يحيط بحياة الثنائي جون لينون وزوجته يوكو أونو اللذين وقعا في الحب وانتقلا للعيش في حي غرينتش فيلاج في مدينة نيويورك مباشرة بعد انفراط فريق «البيتلز» الذي كان جون لينون أحد أفراده الأربعة.

النقلة إلى ذلك الحي لم تكن اختياراً بلا مرجعية سياسية كون غرينتش فيلاج شهدت حينها حياة ثقافية وفنية وسياسية حافلة تعاملت ضد العنصرية وضد حرب فيتنام، وكانت صوت اليسار الشّعبي الأميركي إلى حين فضيحة «ووترغيت» التي أودت بمنصب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون. يكشف فيلم مكدونالد (الذي سبق وأُخرج قبل أعوام قليلة، فيلماً عن المغني الجامايكي بوب مارلي) عن اهتمام لينون وزوجته بتلك القضايا السياسية. جون الذي باع منزله المرفّه في ضواحي لندن واستقر في شقة من غرفتين في ذلك الحي، ويوكو التي لعبت دوراً فنياً وتثقيفياً في حياته.

لا يكتفي الفيلم بالحديث عن الثنائي معيشياً وعاطفياً بل عن المحيط السياسي العام ما يُعيد لمشاهدين من جيل ذلك الحين بعض الأحداث التي وقعت، ويوجه المشاهدين الذين وُلدوا سنوات صوب تقدير الثنائي، كما لم يفعل فيلم ما من قبل. ليس لأن «واحد لواحد: جون ويوكو» فيلم سياسي، بل هو استعراض منفّذ مونتاجياً بقدر كبير من الإجادة لحياة ثنائيّ موسيقيّ مطروحة على الخلفية المجتمعية المذكورة.

إرث ترمب

نيسكون مضى ومعه قناعاته وبعد عقود حلّ دونالد ترمب ليسير على النهج اليميني نفسه.

يرتسم ذلك في «منفصلون» (Separated) للمخرج المتخصص بالأفلام التسجيلية والوثائقية السياسية إيرول موريس. من بين أفضل أعماله «ضباب الحرب» (The Fog of War)، الذي تناول الحرب العراقية وكيف تضافرت جهود الحكومة الأميركية على تأكيد وجود ما لم يكن موجوداً في حيازة العراق، مثل القدرات النّووية والصواريخ التي يمكن لها أن تطير من العراق وتحط في واشنطن دي سي (وكثيرون صدّقوا).

«منفصلون» لديه موضوع مختلف: إنه عن ذلك القرار الذي اتخذه ترمب خلال فترة رئاسته ببناء سياج على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة لمنع تدفق المهاجرين القادمين من الدول اللاتينية بدافع الفقر وانتشار العنف.

كان يمكن تفهّم هذا القرار لو أنه توقف عند هذا الحد، لكن ترمب تلاه بقرار آخر يقضي بفصل الأطفال عن ذويهم الراغبين في دخول البلاد عبر الحدود. بذلك لدى هؤلاء إمّا العودة من حيث أتوا مع أولادهم، أو العودة من دونهم على أساس وجود هيئات ومؤسسات أميركية ستعني بهم.

مثل هذا الموقف، يؤكد الفيلم، غير الأخلاقي، وكان له معارضون ومؤيدون. بعض المعارضين من أعضاء الكونغرس انقلبوا مؤيدين ما بين مؤتمر صحافي وآخر.

محور الفيلم هو رفض هذا الانفصال على أسس أخلاقية وإنسانية والمتهم الأساسي في فرض العمل به هو ترمب الذي لم يكترث، والكلام للفيلم، لفظاعة الفصل بين الآباء والأمهات وأطفالهم. تطلّب الأمر أن يخسر ترمب الانتخابات من قبل أن يلغي بايدن القرار على أساس تلك المبادئ الإنسانية، لكن بذلك تعاود أزمة المهاجرين حضورها من دون حل معروف.

يستخدم المخرج موريس المقابلات لتأييد وجهة نظره المعارضة وأخرى لرفضها، لكنه ليس فيلماً حيادياً في هذا الشأن. مشكلته التي يحسّ بها المُشاهد هي أن الفيلم يتطرّق لموضوع فات أوانه منذ أكثر من عامين، ما يجعله يدور في رحى أحداث ليست آنية ولا مرّ عليه ما يكفي من الزمن لإعادة اكتشافها ولا هي بعيدة بحيث تُكتشف.