مقاهي الأرجيلة تحمل روح الوطن للشباب الأميركي ذوي الأصول العربية في ميشيغان

مقاهي الأرجيلة في مدينة ديربون الأميركية تحمل أهمية خاصة بالنسبة إلى المهاجرين واللاجئين البعيدين عن أوطانهم (نيويورك تايمز)
مقاهي الأرجيلة في مدينة ديربون الأميركية تحمل أهمية خاصة بالنسبة إلى المهاجرين واللاجئين البعيدين عن أوطانهم (نيويورك تايمز)
TT

مقاهي الأرجيلة تحمل روح الوطن للشباب الأميركي ذوي الأصول العربية في ميشيغان

مقاهي الأرجيلة في مدينة ديربون الأميركية تحمل أهمية خاصة بالنسبة إلى المهاجرين واللاجئين البعيدين عن أوطانهم (نيويورك تايمز)
مقاهي الأرجيلة في مدينة ديربون الأميركية تحمل أهمية خاصة بالنسبة إلى المهاجرين واللاجئين البعيدين عن أوطانهم (نيويورك تايمز)

إن سن البلوغ مليء بالأمور التي يتم فعلها للمرة الأولى، مثل أول وظيفة، وأول قبلة. وسوف يضيف كثير من الذين بلغوا في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان إلى تلك القائمة أول مرة يدخنون فيها الأرجيلة. وتُعد ديربورن، التي تقع على أطراف وسط مدينة ديترويت، سكناً لإحدى أكبر الجاليات الأميركية ذوات الأصول العربية في الولايات الأميركية المتحدة، حيث يذكر نحو 50 في المائة من السكان أنهم يتحدرون من أصول عربية، بحسب الإحصاء السكاني الأميركي. تنتشر في شوارع المنطقة متاجر شرق أوسطية، حيث يمكنك العثور على أكواب الأرجيلة المحمولة. كذلك هناك المتحف العربي الأميركي الوطني، الذي يبيع جوارب عليها رسوم للأرجيلة، والمركز الإسلامي في أميركا، الذي يُعدّ واحداً من أقدم وأكبر المساجد في الدولة.

كذلك هناك قائمة طويلة من مقاهي الأرجيلة التي يقضي فيها السكان المحليون ساعات يدخنون بأريحية التبغ بنهكات مختلفة عبر أنابيب الأرجيلة وهم يتحدثون، أو يشاهدون مباريات كرة القدم، أو يستمتعون بعروض حية للموسيقى العربية. تقول مريم أكاشي ساني، إيرانية - عراقية تبلغ من العمر 25 عاماً: «يبدو مكان مثل مقهى الأرجيلة ذا أهمية خاصة» خصوصاً بالنسبة إلى المهاجرين واللاجئين البعيدين عن أوطانهم. وتوضح قائلة: «إنه شيء عليك صنعه لنفسك عندما تكون نازحاً مهجراً، وقد لا تتمكن أبداً من العودة إلى الوطن لأنك لم تعد تعرف حقاً ما هو معنى الوطن».

يحمل مقهى الأرجيلة ذكريات جوهرية بالنسبة إلى كثير من الشباب في ديربورن، مثل أعياد ميلاد وحفلات تخرج وأوقات بكى فيها المرء بسبب حبيب لم يبادله الحب أو ربما أوقات تباهى فيها المرء بمهاراته في التدخين أمام أصدقائه. وأضافت مريم قائلة: «يبدو الأمر مثل طقس عبور عندما تبدأ في تدخين الأرجيلة».

يظل تدخين الأرجيلة ملمحاً ثقافياً بالنسبة إلى كثير من الأميركيين ذوي الأصول العربية رغم كل الأخطار الموثقة للتبغ على الصحة (نيويورك تايمز)

محمد فيراك باكستاني يبلغ من العمر 28 عاماً، التحق بما يصفه بأنه مدرسة «جميع من فيها عرب»، وأشار إلى أن تكوين صداقات مع عرب، والانغماس في طقس تدخين الأرجيلة، كان أمراً حتمياً. وأضاف قائلاً: «لطالما مثَّلت الثقافة».

لا تقدم كثير من تلك المقاهي المشروبات الكحولية، ويتم اعتبارها بديلاً للحانات التي يمتنع زبائن عن ارتيادها لأسباب دينية. وقالت مريم إن بعضاً من تلك المقاهي راقية وتحمل طاقة «الملهى الحلال»، لكن تحمل أكثرها سمات مشتركة، مثل شاشات التلفزيون المعلقة على الجدران، والمقاعد الجلدية، وصوراً لرموز إسلامية. ربما يجد المرء في ليلة نهاية الأسبوع مجموعة صاخبة مكونة من 20 شخصاً يجلسون على طاولة واحدة، ورجلين أكبر سناً منخرطين في محادثة خافتة جادة على الطاولة المجاورة. وقال محمد: «الذهاب إلى المقهى بالنسبة إلى أكثر الناس في ديربورن من الأمور التي يتم التطلع إليها».

ويُقال إن أصول الأرجيلة، التي تُعرف أيضاً باسم الشيشة أو النارجيلة، ترجع إلى الهند أو فارس. وقد انتشرت في هذا الزمن بشكل خاص في الشرق الأوسط، لكن بدأت المزيد من مقاهي الأرجيلة تظهر وتنتشر أيضاً في مدن مثل باريس وطوكيو ونيويورك. لذا ليس من المستغرب أن تنتشر مثل تلك المقاهي في مدينة ديربورن حيث «يشعر المرء بأنه في جزء ممتد للعالم العربي»، على حد قول فرح القاسمي التي التقطت صوراً فوتوغرافية لهذا الموضوع.

يظل تدخين الأرجيلة ملمحاً ثقافياً بالنسبة إلى كثير من الأميركيين ذوي الأصول العربية، رغم كل الأخطار الموثقة للتبغ على الصحة.

قالت ماري رزق حنا، أستاذة مساعدة في كلية التمريض بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس: «هناك معتقَد شعبي سائد بأن تدخين الأرجيلة بديل أقل خطورة من أشكال التدخين الأخرى». وتبحث ماري في آثار تناول منتجات التبغ على الأوعية الدموية. وتوضح ماري أنه في الواقع المواد الكيميائية الموجودة في دخان الأرجيلة تشبه تلك الموجودة في دخان السجائر.

يقدم مقهى الأرجيلة ما يطلق عليه علماء الاجتماع «مكاناً ثالثاً» وهو مكان يستطيع فيها الناس التواصل خارج منازلهم أو أماكن عملهم (نيويورك تايمز)

كذلك أشارت ماري إلى أن كثيراً من مقاهي الأرجيلة في الولايات المتحدة الأميركية تقع في نطاق ثلاثة أميال من حرم الكليات وهو ما قد يكون من الأسباب التي ساعدت في انتشارها بين الشباب. كذلك أوضحت الأبحاث أن منتجات التبغ ذات النكهات مثل الأرجيلة تسهل عملية الانتقال إلى مرحلة الشباب، لا سيما بين المستخدمين اليافعين. وبدأت مريم، مثل كثير من الشباب في ديربورن، تدخين الأرجيلة خلال المرحلة الثانوية، ورغم الرسائل الصحية العامة التي كانت تنهال عليها خلال مرحلة الطفولة، تقول إنها لم تكن قلقة بشكل كبير من المخاطر الصحية للتبغ. مع ذلك تشعر بالذنب والعار والخوف لأن والدتها اعتادت إخبارها بأن التدخين «حرام» و«عيب» بالنسبة للنساء. وتقول مريم إنه لو كانت والدتها قد حذرتها من المخاطر الصحية «لكنا قد أصغينا إليها على الأرجح».

مع ذلك، شعرت مريم بشعور قوي بالتحرر والانتماء لجماعة، حيث تتذكر أنها في الثالثة عشرة من العمر كانت تدخّن الأرجيلة سراً من زجاجات مياه مع ابن عمها. وأوضحت قائلة: «إنها السن التي تريد أن يكون لديك فيها أسرار، وتريد أن تتمرد قليلاً». وكان هناك مقهى خاص وحجيرة خاصة «شهدت فعاليات ومناسبات كبرى مهمة» خاصة بمريم، وقالت إن كل ذكرياتها خلال مرحلة المراهقة كانت متمركزة في تلك المساحة.

عندما كانت مريم تتجه نحو مرحلة المراهقة كانت السن القانونية للتدخين 18 عاماً، وتم رفع السن المسموح فيها بالتدخين خلال العام الماضي لتصبح 21 عاماً لتكون متوافقة مع أحدث تشريع فيدرالي. وفي الوقت الذي لا يتم السماح فيه للمراهقين اليوم بتدخين الأرجيلة في السن التي قامت فيه مريم بذلك، تعتقد أنهم سوف يجدون طريقة للتدخين. وأضافت قائلة: «يخرق الأطفال القواعد، هكذا تسير الأمور. كلنا كنا صغاراً، وجربناها للمرة الأولى. ربما يكون من الأفضل القيام بذلك في أجواء مقهى آمنة».

ويعد تدخين الأرجيلة نشاطاً جماعياً بطبيعته، وبشكل أصيل، حيث يضع كل شخص الأنبوب في فمه لبضع دقائق قبل أن يمرره إلى الشخص الجالس إلى جواره. ويعد ذلك التفاعل الاجتماعي جزءاً رئيسياً من ثقافة الشرق الأوسط كما أوضحت مروة العمري البالغة من العمر 23 عاماً وصديقة عراقية - لبنانية لمريم. عملت مروة مرشدةً سياحيةً في المتحف العربي الأميركي الوطني، وقالت إنه كثيراً ما كان يتم التطرق إلى تقليد تدخين الأرجيلة في المناقشات الخاصة بكرم الضيافة الذي يتمتع به العرب وقيمة الجماعة المشتركة. وقالت مروة: «لقد تم تعليمنا في مرحلة مبكرة من العمر ألا نأكل وحدنا، بل وسط مجموعة، وألا نشرب الشاي وحدنا، بل وسط مجموعة أيضاً. إن المرء يدخن الأرجيلة في جماعة، هكذا نشأنا وترعرعنا».

انتقلت عبير بيضون، البالغة من العمر 35 عاماً، من وندسور بولاية أونتاريو إلى ديربورن وهي في السابعة عشرة من العمر، وقضت جزءاً كبيراً من سنوات مراهقتها وبدايات العشرينات في تلك المقاهي. وتعتقد مثل مروة أن تلك الأماكن مهمة لنسيج الجماعة والمجتمع. وأوضحت قائلة: «لأن مدينتنا مبنية حول وسائل النقل الآلية، لا توجد أماكن خروج مفتوحة كثيرة يمكن التنزه فيها والالتقاء بالناس». يقدم مقهى الأرجيلة ما يطلق عليه علماء الاجتماع «مكاناً ثالثاً»، وهو مكان يستطيع فيها الناس التواصل خارج منازلهم أو أماكن عملهم.

تعزز مقاهي الأرجيلة في ديربورن التواصل، ليس فقط بين الجيران والشباب وكبار السن، بل أيضاً مع الجالية العربية الأكبر. ويأتي أصدقاء الطفولة لعبير حتى هذه اللحظة من كندا لزيارتها والالتقاء في أحد مقاهي ديربورن. تقول عبير اللبنانية: «يشعر الجميع بأنهم بين رفاقهم من العرب. أشعر أنني وسط جماعتي».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق المتجر يُلبِّي احتياجات الراغبين في الإقلاع بتوفير «دزرت» بجميع النكهات (واس)

«دزرت» تطلق أول متاجرها في السعودية للحد من التدخين

أطلقت «دزرت» (DZRT)، العلامة التجارية للمساعدة في الإقلاع عن التدخين، أول متاجرها داخل السعودية، وذلك في «منطقة بوليفارد سيتي»، بالتزامن مع انطلاق «موسم الرياض»

«الشرق الأوسط» (الرياض)
علوم يتيح اكتشاف التغيرات في بنية العظام بين بقايا مستخدمي التبغ لعلماء الآثار تصنيف بقايا دون أسنان لأول مرة (جامعة ليستر)

اكتشاف علمي: التدخين يترك آثاراً في العظام تدوم لقرون

التبغ يترك بصمات على العظام تستمر لقرون بعد الوفاة.

«الشرق الأوسط» (ليستر)
صحتك المدخنون لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في الفم مقارنة بغير المدخنين (رويترز)

دراسة: المدخنون لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في أفواههم

كشفت دراسة علمية جديدة أن المدخنين لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في الفم مقارنة بغير المدخنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك التدخين يُعد السبب الرئيسي للوفيات القابلة للتجنب عالمياً (رويترز)

حظر مبيعات التبغ قد يمنع 1.2 مليون وفاة بين الشباب

أفادت دراسة دولية بأن حظر مبيعات التبغ للأشخاص المولودين بين عامي 2006 و2010 قد يقي من 1.2 مليون وفاة بسبب سرطان الرئة على مستوى العالم بحلول عام 2095.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.