فجر «فعل فاضح» علني في الشارع، جدلاً واسعاً في مصر حول الخصوصية والآداب العامة، بعدما نشرت سيدة مقطع فيديو لشاب وفتاة في وضع غير لائق، حيث وبختهما بعبارات غاضبة، قبل أن ينصرفا في هدوء.
وحصد مقطع الفيديو الذي نُشر عبر مواقع التواصل في مصر ملايين المشاهدات، وجرى تداول وسم «فعل فاضح» على نطاق واسع عبر موقع «تويتر» وتصدر الترند في مصر خلال الساعات الماضية.
وبينما طالب متابعون بالقبض على الشاب والفتاة بتهمة «قيامهما بأفعال منافية للآداب في الطريق العام نهاراً، حتى يكونا عبرة لكل من تسول له نفسه القيام بمثل هذه الأفعال التي جرمها القانون»، فإن قانونيين طالبوا بـ«معاقبة مصورة الفيديو بتهمة اختراق الخصوصية، والتشهير بالشاب والفتاة».
ووفق نهاد أبو القمصان، رئيسة مركز حقوق المرأة، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، فإن الشاب والفتاة ارتكبا خطأً واحداً وهو فعل منافٍ للآداب العامة في الطريق العام، بينما ارتكبت مصورة الفيديو 3 أخطاء أو «جرائم» دفعة واحدة وهي التصوير دون موافقتهما، وسبهما، ونشر مقطع فيديو لهما، والتشهير بهما في مخالفة صريحة للقانون.
«المتاجرة بمقاطع فيديو»
وتضيف أبو القمصان لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «إذا كانت مُصورة الفيديو تريد تقويم فعل الفتاة والحفاظ على مستقبلها كما تظن، فإنه كان من الأفضل الذهاب لها ونصحها بطريقة أفضل، وليس نشر الفيديو وفضحها والتسبب في أذى محتمل لها ولأسرتها وللشاب كذلك».
واتهمت أبو القمصان مصورة وناشرة الفيديو بـ«المتاجرة بهذا الفعل، على حساب الفتاة المتورطة في فعل غير لائق».
وشددت: «إذا كانت مصورة الفيديو قد شعرت بالأذى والضيق من فعل الشاب والفتاة، كان عليها الاتصال بالشرطة صاحبة الحق الأصيل في تنفيذ القانون».
مؤكدة أن مواد القانون تدين هذه السيدة بشدة، لأنها قد تدمر مستقبل الفتاة بسبب الفيديو الذي قامت بنشره.
ودار جدل واسع في مصر خلال الساعات الماضية حول «قواعد الخصوصية»، فبينما رأى فريق أن الأفعال في الطريق العام لا تدخل ضمن نطاق «الخصوصية»، فإن آخرين شددوا على ضرورة عدم «التشهير» بحياة الناس تحت ذرائع أخلاقية.
وقائع متكررة
وفي نهاية العام الماضي، أوقفت الأجهزة الأمنية شاباً وفتاة بتهمة «ارتكاب فعل فاضح» بالطريق العام أعلى أحد الكباري بمنطقة الساحل التابعة لمحافظة القاهرة، بعد تسبب صور لهما في حدوث ضجة واسعة في مصر وقتئذ.
وأفادت التحريات بأن الشاب والفتاة طالبان بالمرحلة الثانوية، يقيمان بالشرابية، وقد اعترفا بارتكابهما الواقعة، وقالا إن علاقة عاطفية تربطهما.
وتنص المادة «278» من قانون العقوبات على أنه «من أتى بفعل في العلانية يعد فعلاً فاضحاً يعاقب بالحبس مده لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز 300 جنيه (الدولار الأميركي يعادل 30.9 جنيه مصري) ووفق قانونيين فإن جريمة الفعل الفاضح لا تقوم إلا بتوافر 3 أركان؛ فعل مادي يخدش حياء المرء «حياء العين أو الأذن»، والعلانية «يشترط مشاهدة الغير للفعل»، والقصد الجنائي «تعمد الجاني إتيان الفعل الفاضح».
وأوضحت مبادئ محكمة النقض أنه يكفي قانون لتوافر القصد الجنائي في جريمة الفعل الفاضح المُخل بالحياء أن يكون المتهم عالماً بأن فعلته من شأنها أن تخدش الحياء، وفق خبراء قانون.
وتعد واقعة «ذات الفستان الأزرق» من بين أشهر الوقائع التي ثار حولها جدل واسع بشأن اختراق الخصوصية في مصر خلال الآونة الأخيرة، حيث تباينت الردود تجاه قيام فتاة بالرقص داخل إحدى قاعات الأفراح، فبينما رأى البعض أن من حق السيدة الرقص داخل قاعة زفاف مقتصرة الدعوات على الأصدقاء والأقارب، معتبرين نشر مقطع فيديو لها وهي ترقص اختراقاً صريحاً للخصوصية، قال آخرون إن الطريقة التي ظهرت بها وهي ترقص غير لائقة.
وتعلق أبو القمصان على هذه الواقعة قائلة: «ما فعلته الفتاة يعد طبيعياً، لكن نشر الفيديو تحت ذريعة ادعاء الفضيلة والأخلاق غير طبيعي وغير أخلاقي متهمة أصحاب الصفحات الوهمية بـ(إرهاب المجتمع) عن طريق مثل هذه اللقطات التي تحصد ملايين المشاهدات».
عقوبات قانونية
وتنص المادة (25) من قانون الجرائم الإلكترونية، على المعاقبة بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخباراً أو صوراً وما في حكمها.
وتعد كذلك واقعة فتاة «روب الفلوس» من بين أشهر وقائع «اختراق الخصوصية»، حيث جرى تداول فيديو لطالبة شابة ترتدي «روب» وقبعة من النقود أهداها إياهما والدها احتفالاً بنجاحها وتخرجها في كلية الآداب جامعة سوهاج (جنوب مصر)، وقالت الفتاة، في تصريحات إعلامية محلية، إن هذا الهجوم تسبب في «إيذائها نفسياً»، مبدية دهشتها من انتشار الفيديو بهذه الكثافة رغم أنه كان محاولة من والدها للاحتفال بها على طريقته.