«مُناوِل»... مبادرة ثقافية لإشاعة القراءة وإعادة تدوير الكتب في السعودية

اسمها مُستلهَم من وظيفة تاريخية عمرها 12 قرناً

وظيفة المناول في «مكتبة بيت الحكمة» ألهمت المشروع اسمه (هيئة المكتبات)
وظيفة المناول في «مكتبة بيت الحكمة» ألهمت المشروع اسمه (هيئة المكتبات)
TT

«مُناوِل»... مبادرة ثقافية لإشاعة القراءة وإعادة تدوير الكتب في السعودية

وظيفة المناول في «مكتبة بيت الحكمة» ألهمت المشروع اسمه (هيئة المكتبات)
وظيفة المناول في «مكتبة بيت الحكمة» ألهمت المشروع اسمه (هيئة المكتبات)

في خطوة لتعزيز عادة القراءة في المجتمع السعودي، والإضاءة على الدور التاريخي للكتاب والمكتبات في نشر المعارف والثقافات، أطلقت «هيئة المكتبات» مبادرة «مناول» المُنتشرة في الأماكن العامة على هيئة مكتبة ذاتية توظّف التقنيات الحديثة وتُمكن الراغبين في استعارة الكتب وإعادتها بشكل آليّ كامل. وبدأت «الهيئة» بتنفيذ المشروع في إحدى المناطق الحيوية بالعاصمة الرياض، وإتاحة الجهاز لعموم المستخدمين لاستعارة الكتب مجاناً وإعادتها إلى الجهاز آلياً؛ فيما تعمل توازياً، ووفق خطة متكاملة، على توفير المكتبات الذاتية في مناطق سعودية أخرى، فتنتشر هذه المبادرة في الفضاء العام.

وظيفة عمرها 12 قرناً

وتُعدّ «هيئة المكتبات» في السعودية، التي انطلقت عام 2020، جزءاً من استراتيجية وطنية واسعة ومتنوّعة لتطوير المشهد الثقافي في البلاد، انطلاقاً من عمق الدور التنويري للمكتبات؛ فهي الشاهد الأمثل على ازدهار الشعوب وتقدّمها. من هنا، تُشرف «الهيئة» على عملها وتُنظّمه لتجعل المكتبات رافداً ثقافياً لكل أطياف المجتمع، ومصدراً أساسياً للبحوث العلمية والدراسات.

وظيفة المناول في «مكتبة بيت الحكمة» ألهمت المشروع اسمه (هيئة المكتبات)

واستلهمت «الهيئة» اسم مشروع «مُناوِل» من وظيفة المناول، وهي إحدى وظائف العاملين في «مكتبة بيت الحكمة» التي أُنشئت عام 170هجرية، وتُعدّ أحد أكبر المراكز العلمية في العالم، اكتسبت شهرة كبيرة عربياً وعالمياً، وكان لها دور كبير في نشر العلم والمعرفة. ويتولّى «المُناوِل» مهمّة إرشاد القراء إلى مواضع المؤلَّفات وتعريفهم بها، ومساعدتهم على إحضارها من أماكنها، وإعادتها إليها بعد الانتهاء منها. من هنا، يؤدّي الجهاز وظيفة المناول عينها بشكل آلي.

كذلك، ترتبط مبادرة «مناول» بإحدى المبادرات الاستراتيجية لـ«الهيئة»المُتمثّلة في تقديم خدمات المكتبات في الأماكن العامة، كما يتوافق المشروع مع رؤية «الهيئة» في تكوين مجتمع معلوماتي يشارك في بناء اقتصاد المعرفة ويسهم في إثراء المشهد الثقافي السعودي.

يشهد الحقل الثقافي السعودي مبادرات نوعية لجعل الثقافة نمطَ حياة (هيئة المكتبات)

مبادرات نوعية لتعزيز عادة القراءة

وأيضاً، شهد الحقل الثقافي السعودي مبادرات نوعية ومُبتكرة لإشاعة الثقافة وجعلها نمطَ حياة، فبدأت تظهر المبادرات في الفضاءات العامة لتعميق أثرها، وزيادة انتشارها في المجتمع المحلي، وذلك ضمن استراتيجية سعودية واعية بقيمة الثقافة الرصينة في بناء المجتمع؛ من بينها مبادرات أطلقتها «هيئة الأدب والنشر والترجمة» بعنوان «الأدب في كل مكان»، اعتمدت على تسويق الإنتاج الأدبي لصنّاع المحتوى في الأماكن العامة، وتوظيف تقنيات متطوّرة ومُبتكرة لنشره بين الجمهور.

ومن خلال نشر رمز الاستجابة السريعة (QR Code) في مختلف الأماكن العامة مثل المطارات، والمجمعات التجارية، والمقاهي، والمواصلات العامة، والجامعات، والمدارس، والمتنزهات وغيرها... تصل أكبر فئة من الجمهور العام إلى عشرات الأنواع من المحتويَيْن الأدبي والثقافي؛ علماً أنّ «هيئة المكتبات» أطلقت أيضاً مبادرة «مسموع» التي نفّذتها في عدد من الأماكن العامة والتجمّعات، لتقدّم خدمة الكتب المسموعة لهواة المشي وروّاد الأماكن الحيوية.

تتطلّع السعودية إلى تطوير مجتمع معلوماتي يشارك في بناء اقتصاد المعرفة (هيئة المكتبات)

استعادة الدور المحوري للمكتبات

إضافة إلى ذلك، تعمل «الهيئة» على تطوير مجتمع معلوماتي يشارك في بناء اقتصاد المعرفة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وهي تتولّى، منذ إطلاقها، مسؤولية تطوير قطاع المكتبات، فإطلاق استراتيجية القطاع، وتمكين مجتمع قطاع المكتبات في السعودية للمساهمة في النمو الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والثقافي.

كذلك أطلقت في مايو (أيار) 2021، استراتيجية صُمّمت لتعزيز دور المكتبات وبلورة الأثر الاجتماعي والاقتصادي المُتوقَّع منها، تضمّنت مبادرات تخدم القطاع والشركاء وعموم المجتمع، تنطلق من مبدأ إعادة تعريف الدور المحوري الذي ينبغي أن تلعبه المكتبات.

يحظى المشهد الثقافي في السعودية بتحوّل مهم على صعيد الحفاظ على التراث التاريخي للمملكة، والسعي، من جهة أخرى، إلى بناء مستقبل ثقافي غنيّ تزدهر فيه مختلف أنواع الثقافة والفنون. ولتحقيق أهدافها، أنشأت وزارة الثقافة هيئات فردية مختلفة حول قطاعات فرعية، لكل منها فريق متخصّص يساعد في دفع النشاط إلى الأمام، ويهدف هذا التركيز الواضح على القطاعات الفرعية إلى ضمان تنفيذ الخطط بشكل أسرع وأكثر كفاءة، وخلق مسار أكثر وضوحاً لجذب أفضل المواهب وتحقيق مردود أفضل للمبادرات التي تُطلَق في كل مجال.


مقالات ذات صلة

رحيل حلمي التوني... أحد رموز الفن التشكيلي المصري

ثقافة وفنون حلمي التوني بجانب إحدى لوحاته (حسابه بـ«فيسبوك»)

رحيل حلمي التوني... أحد رموز الفن التشكيلي المصري

رحل الفنان التشكيلي المصري حلمي التوني، صباح اليوم (السبت)، عن عمر يناهز 90 عاماً.

يسرا سلامة (القاهرة)
يوميات الشرق ترى النضج مسؤولية وشرطاً لموسيقى مُقنعة (صور غالية شاكر)

غالية شاكر... «موسيقى الشارع» للجميع

غالية شاكر كاتبة أغنيات، ملحّنة، وعازفة على آلات من بينها الغيتار والطبلة، تشترط الإحساس بالفكرة قبل أن تتحوّل موضوعاً فنّياً للجميع.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق جدران منزل السفير مزيّنة بلوحات مذهلة لفنانين أميركيين وسعوديين (تصوير: بشير صالح) play-circle 02:27

السفير الأميركي: أحب الجريش... وأخطط لرؤية كل ركن في السعودية

بعيداً عن دوره الرسمي سفيراً للولايات المتحدة الأميركية لدى السعودية، يسعى مايكل راتني إلى استكشاف المملكة بشكل أعمق، والتّعرف على شعبها وثقافته.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق جانب من مراسم إعلان المشاريع التنفيذية والتخطيطية المشتركة بين وزارة الثقافة وهيئة الترفيه (الشرق الأوسط)

شراكة سعودية بين «الثقافة» و«الترفيه» لتنمية القدرات وتعزيز جودة الحياة

كشفت وزارة الثقافة وهيئة الترفيه في السعودية عن باقة من المشاريع التنفيذية والتخطيطية المشتركة بينهما، التي سيتم تنفيذها وفق أربعة مسارات رئيسية.

«الشرق الأوسط»
مذاقات المفتّقة لا تتمتع بشهرة واسعة خارج العاصمة اللبنانية (أ.ف.ب)

المفتّقة... حلوى تراث بيروت وتقاليد أهلها

البيروتيون كانوا يعدّون المفتّقة مرة واحدة فقط في السنة، وتحديداً في آخر أربعاء من أبريل، حين كانت عائلات تقصد شاطئ الرملة البيضاء الشهير بمناسبة «أربعاء أيوب».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«بونهامز» تحتفي بالإبداع الفني للمرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

لوحة «منظر المدينة» للرسامة المصرية «زينب عبد الحميد» (بونهامز)
لوحة «منظر المدينة» للرسامة المصرية «زينب عبد الحميد» (بونهامز)
TT

«بونهامز» تحتفي بالإبداع الفني للمرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

لوحة «منظر المدينة» للرسامة المصرية «زينب عبد الحميد» (بونهامز)
لوحة «منظر المدينة» للرسامة المصرية «زينب عبد الحميد» (بونهامز)

سوف تتصدر لوحة «فيثاغور وثوت»، وهي لوحة كبيرة ومثيرة للإعجاب من أعمال الفنان «واتارا واتس» (مواليد 1957)، مزاد دار «بونهامز كورنيت دي سانت سير» للفن الأفريقي والشرق الأوسطي الحديث والمعاصر في باريس في 26 سبتمبر (أيلول) 2024، وتُقدر قيمتها بما يتراوح بين 45 و65 ألف يورو. وسوف يعرض هذا المزاد الانتقائي للغاية من الأعمال الفنية لوحات ورسومات وأعمال نحتية لفنانين أفارقة معروفين، من بينهم الفنانة «باسكال مارتين تايو»، والفنانة أبوديا، إضافة إلى أسماء شرق أوسطية مثل «فريكريت معلا»، و«تشارلز حسين زندرودي»، و«فخر النسا زيد».

لوحة «فيثاغور وثوت» وهي لوحة كبيرة ومثيرة للإعجاب من أعمال «واتارا واتس» (بونهامز)

علقت جولي ماثون، المتخصصة في الفن الأفريقي الحديث والمعاصر في الدار قائلة: «أواتارا واتس رسام يتميز عمله بالتصوير، والإيماءات، واللمسات، مع التركيز على تقاطع الجماليات التي نتقاسمها بصفتنا بشراً. بعد تنظيم مبيعات الفن الأفريقي الحديث والمعاصر في باريس منذ عام 2022، تُكرم دار بونهامز هذا العام الفنانين من الشرق الأوسط جزءاً من شراكة مع مينارت». وأضافت نور سوسي، رئيسة قسم الفنون الحديثة والمعاصرة في الشرق الأوسط بالدار: «يسر دار بونهامز أن تُقيم شراكة مع (مينارت)، وأن تعرض على جامعي الفنون العالميين الأعمال الفنية من قِبَل فناني العصر الحديث والمواهب الشابة من القارتين. ومن بين الفنانين البارزين (تشارلز حسين زندرودي)، و(فخر النسا زيد) من الشرق الأوسط، و(وتارا واتس) و(باسكال مارتين تايو) من أفريقيا».

لوحة لباسكال مارتين تايو (بونهامز)

وعلى مدى أربع سنوات، منذ إنشائه في عام 2021، سلط معرض مينارت الدولي للفنون في باريس الضوء على الفنانين المعاصرين والحديثين من بلاد الشام والخليج العربي والشمال الأفريقي، وستركز دورة هذا العام، (من 20 إلى 22 سبتمبر)، حصرياً على المشهد الفني للمرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يدرس إرث الفنانات الرائدات ويسلط الضوء على المبدعات المعاصرات والناشئات.

ومن جانبها قررت دار بونهامز تكريم الفنانات الرائدات، مسلطة الضوء على المبدعات المعاصرات، مثل الرسامة المصرية «زينب عبد الحميد» (1919-2002) حيث تعرض لها لوحة تحمل اسم «منظر المدينة» تعود لعام 1998 (السعر التقديري: من 7 آلاف إلى 10 آلاف يورو). وتبرز اللوحة استخدام زينب عبد الحميد للألوان الزاهية وضربات الفرشاة الديناميكية المفعمة بالحيوية، وهو ما يخلق شعوراً بالحركة والإيقاع في جميع أجزاء لوحتها، لتجذب عين المُشاهد من خلال المَشاهد المزدحمة. وتضيف التفاصيل المعقدة للهندسة المعمارية والمناظر الطبيعية الحضرية إحساساً بالعمق والملمس إلى التكوين، في حين أن غياب الأشكال الصلبة أو الظلال يمنح اللوحة جودة أثيرية أشبه بالفنون التصويرية.

لوحة «شروق الشمس» للفنانة فخر النسا زيد (بونهامز)

كما تعرض الدار عملاً للفنانة فخر النسا زيد (1900-1991) وكانت واحدة من أوائل النساء اللواتي التحقن بأكاديمية الفنون الجميلة في إسطنبول. ثم جاءت إلى باريس في أكاديمية رانسون تحت إشراف روجيه بيسييه. ثم شاركت في سلسلة من المعارض الدولية المنفردة في لندن، وباريس، ونيويورك، والشرق الأوسط قبل أن تستقر في عَمان بدءاً من عام 1976، بعد وفاة زوجها الأمير زيد. من عمل الفنانة تعرض الدار لوحة «شروق الشمس» عام 1961، وهي عبارة عن تكوين تجريدي ضخم يقف شاهداً على قدرة فخر النسا زيد على مزج اللون مع العاطفة والشكل (السعر التقديري: من 50 إلى 80 ألف يورو). أما «رضا ديراكشاني» فهو رسام وشاعر وموسيقي وفنان أداء، ولد في سانغسار، بإيران عام 1952. بعد تجربة التجريد الخالص في بداية مسيرته الفنية في الثمانينات من القرن الماضي، عندما كان مرتبطاً بالتعبيريين الجدد، ابتكر الفنان أسلوبه الفني الشخصي الذي يمزج العناصر التجريدية والتصويرية من كل من الثقافات الغربية والشرقية. إنه يستكشف الطبيعة، وكذلك الحالات العاطفية وموضوعات المنفى والغربة.

لوحة «سلسلة الرمان» غير المعنونة من أعمال الفنان رضا ديراكشاني (بونهامز)

أما لوحة (سلسلة الرمان) غير المعنونة من أعمال الفنان رضا ديراكشاني فهي عبارة عن لوحة زيتية مضيئة على قماش تم تنفيذه على لوحتين في عام 2008. (السعر التقديري: من 45 إلى 55 ألف يورو). كما يشتمل المزاد، الذي يتألف من 74 قطعة، عملاً لـ«تشارلز حسين زندرودي»، المولود عام 1937، وهو أحد أبرز الفنانين المعاصرين في إيران، ويعد الأب المؤسس للتقاليد الإيرانية الجديدة. يمزج زندرودي بين الزخارف الفارسية التقليدية مع الجماليات الطليعية المتميزة في لوحته «نيولاكيتا» من عام 1981 على القماش من مجموعة خاصة (السعر التقديري: من 50 إلى 70 ألف يورو).

عاجل هيئة الإسعاف الإسرائيلية: إصابة شخصين بجروح خطيرة في هجوم بالقرب من معبر اللنبي مع الأردن