القرى التراثية السعودية... وجهة صيفية تعكس الموروث الثقافي والإنساني

أعادت مبادرات ترميم القرى المهملة البريق إلى التاريخ الإنساني والموروث الثقافي الذي احتفظت به في تفاصيلها (واس)
أعادت مبادرات ترميم القرى المهملة البريق إلى التاريخ الإنساني والموروث الثقافي الذي احتفظت به في تفاصيلها (واس)
TT

القرى التراثية السعودية... وجهة صيفية تعكس الموروث الثقافي والإنساني

أعادت مبادرات ترميم القرى المهملة البريق إلى التاريخ الإنساني والموروث الثقافي الذي احتفظت به في تفاصيلها (واس)
أعادت مبادرات ترميم القرى المهملة البريق إلى التاريخ الإنساني والموروث الثقافي الذي احتفظت به في تفاصيلها (واس)

تفتح قرى تراثية في مناطق مختلفة من السعودية، أبوابها لاستقبال الزوار المتطلعين للوقوف على أطلال وبقايا حياة اجتماعية كانت تملأ جدران القرى وأسواقها وحاراتها العتيقة، قبل أن يهجرها أهلها إلى المدن الحديثة التي نهضت على أطرافها، وبقيت تلك القرى العتيقة شاهدة على ماضي الإنسان وتاريخه القديم.

وأعادت المبادرات المهمة التي اتخذتها السعودية لإعادة ترميم الكثير من تلك القرى المهملة، البريق إلى التاريخ الإنساني والموروث الثقافي الذي احتفظت به في تفاصيلها العمرانية وجدرانها الطينية والحجرية، وفي أزقتها التي تحنّ إلى صخب المارة والمتسوقين والمتجولين بين ثنايا الحضن البِكر لنواة المجتمع السعودي.

وبين أزياء تراثية وأكلات شعبية وألعاب فلكلورية وتفاصيل عمرانية تعكس الهوية الثقافية لقرى سعودية أثرية احتضنت الإنسان القديم، أعادت المبادرات النوعية إنعاش تلك الذكريات وما تضمّه من تفاصيل إنسانية وثقافية، أضحت متاحة للأجيال الجديدة المتطلعة إلى نافذة تعبر الزمان، وتمدّ جسور المعرفة والاكتشاف إلى الماضي القديم.

أزياء تراثية وأكلات شعبية وألعاب فلكلورية وتفاصيل عمرانية تعكس الهوية الثقافية لقرى سعودية أثرية (واس)

في قرية آل موسى، شمال منطقة الباحة جنوب السعودية، عادت الحياة إلى مباني القرية العتيقة، وأطلق مهرجان الدار التراثي الذي احتضنته القرية، الفرصة لترميم وتنظيم المباني القديمة، في سلسلة من الخطوات لاستعادة الحياة في القرى التراثية بمنطقة الباحة، وتحويلها إلى متحف ثقافي مفتوح وحيّ.

وظهر الأهالي خلال المهرجان وهم يرتدون الأزياء التقليدية، التي تعكس تاريخ المجتمع المحلي وصناعاته التقليدية، وإبداعه في التكيف مع ظروفه المحيطة وبيئته البسيطة، واحتفى سكان منطقة الباحة بتراث قرية آل موسى وتاريخها الاجتماعي والثقافي العريق، وزيارة البيوت القديمة وآثار سكانها.

وعلى الجنوب من منطقة الباحة، أطلقت قرية المسقي التراثية في مدينة أبها، فعاليات تراثية وفنية، تسلط الضوء على واحدة من أقدم القرى في منطقة عسير، تعيد إحياء ذاكرة المكان والإنسان بطابع عصري يربط الحاضر بالماضي، وتضم القرية مواقع لمبانٍ أثرية قديمة، ومواضع لممارسة الأنشطة التجارية والاجتماعية قديماً.

حظيت بعض القرى باهتمام دولي وسلّط انضمامها إلى قائمة مواقع التراث العالمي الضوء على موروثها (واس)

قرى سعودية في قوائم «اليونيسكو»

وحظيت بعض القرى باهتمام دولي، وسلّط انضمامها إلى قائمة مواقع التراث العالمي، الضوء على ما تتمتع به تلك القرى من تفاصيل ثرية تعكس موروث الإنسان السعودي عبر التاريخ.

وشهد عام 2015 تسجيل 3 قرى تاريخية سعودية، في قائمة التراث العالمي لليونيسكو، وهي قرية رجال ألمع في منطقة عسير، التي كانت جسراً حيوياً وتجارياً مهماً بين القادمين من اليمن وبلاد الشام مروراً بمكة المكرمة والمدينة المنورة، وتتكون القرية من نحو 60 مبنى بُنيت من الحجارة الطبيعية والطين والأخشاب، وقرية ذي عين في منطقة الباحة، التي بُنيت من الحجارة وسُقفت بأغصان أشجار العرعر التي تملأ الغابات المحيطة، وتزينت شرفاتها بأحجار المرو على شكل مثلثات متراصة، وتضم القرية بعض الحصون الدفاعية ومزيجاً من المباني التراثية والمدرجات الزراعية التي يتم ريّها عبر عين الماء المحاذي للقرية التي تجري على مدار العام.

كما تم تسجيل «حي الدرع»، وهو أحد الآثار الباقية من مدينة دومة الجندل القديمة، ويتكون من بيوت حجرية متلاصقة، وممرات متصلة ببعضها وسط البساتين والمسارب الخاصة لمياه العيون التي كانت تمدّ السكان بالحياة، وتتألف بعض المباني فيه من طابقين ومسقوفة بالأثل وسعف النخل، وعلى الرغم من أن تاريخ إنشاء الحي يعود إلى العصر الإسلامي الوسيط، فإن بعض أجزائه تقوم على طبقات أثرية وأساسات تعود إلى منتصف الألفية الأولى قبل الميلاد.

شهد عام 2015 تسجيل 3 قرى تاريخية سعودية في قائمة التراث العالمي لليونيسكو (واس)

توجه سعودي لتعزيز «السياحة الريفية»

وإلى جانب الاهتمام بالقرى التراثية العتيقة، وتطويرها بوصفها وجهات سياحية وثقافية تعكس التراث المحلي السعودي، تسعى السعودية ضمن جهودها لتطوير إمكاناتها السياحية، والاستثمار في جميع أبواب وخيارات السياحة، إلى تعزيز تجارب السياحة الريفية المستدامة التي أصبحت أحد الأنماط المفضلة على خريطة السياحة السعودية.

ولتطوير مجموعة متنوعة من المنتجات والوجهات، تستهدف إعادة تعريف المجتمع السعودي، بوصفه مجتمعاً متنوعاً يتمتع بتراث ثقافي واجتماعي وجغرافي ثري وغنيّ، يتحفز لرؤيته السيّاح المحليون من الأجيال الناشئة المتطلعة لاكتشاف تاريخها الاجتماعي، والسياح القادمون من خارج السعودية لخوض تجربة مختلفة وبناء وجهة نظر واعية بتنوع وثراء البلاد.

وفي مارس (آذار) الماضي، وقّع صندوق التنمية السياحي اتفاقية تعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة ممثلة بوكالة البحث والابتكار، بهدف تعزيز سبل التعاون في مجال تصميم وتطوير وتنفيذ المشاريع، والمبادرات المشتركة بمجال الابتكار وريادة الأعمال في قطاع السياحة الريفية، وفق أهداف الاستراتيجية الوطنية للسياحة.

وتمثّل القرى التراثية التي تنتشر في مناطق مختلفة من السعودية، نافذة إلى السياحة التراثية الثقافية، بينما تقدم السياحة الريفية بمفهومها الأوسع، أنواعاً مبتكرة ومختلفة من أشكال السياحة الريفية المستدامة، والتجارب والأنشطة المختلفة، مثل رياضة المشي على الجبال وركوب الخيل والرياضات البحرية كالصيد والغوص، بالإضافة إلى السياحة الطبيعية والزراعية، التي تنظم في ضوئها الكثير من مهرجانات الفواكه والمحاصيل الموسمية مثل المانجو والتين والرمان والعنب، والمحاصيل البعلية كالذرة الرفيعة والسمسم والدخن، بالإضافة إلى تربية النحل وإنتاج العسل وتربية الماشية وبرامج لدعم صغار الصيادين ومستزرعي الأسماك، وأخذت تلك المهرجانات المتنوعة تتطور بشكل ملحوظ في مدن السعودية وأريافها.


مقالات ذات صلة

الخطيب: 5 % نسبة مساهمة السياحة في الاقتصاد السعودي

الاقتصاد جانب من الجلسة الحوارية في «ملتقى ميزانية 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)

الخطيب: 5 % نسبة مساهمة السياحة في الاقتصاد السعودي

قال وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب إن القطاع السياحي حقق تقدماً كبيراً حيث ارتفعت مساهمته في الاقتصاد إلى 5 % بنهاية العام الماضي

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد خلال لقاء الوزير الخطيب عدداً من المستثمرين ورواد الأعمال في الأحساء (حساب الوزير على منصة إكس)

دعم السياحة في محافظة الأحساء السعودية بمشاريع تتجاوز 932 مليون دولار

أعلن وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب دعم السياحة بمحافظة الأحساء، شرق المملكة، بـ17 مشروعاً تتجاوز قيمتها 3.5 مليار ريال وتوفر أكثر من 1800 غرفة فندقية.

«الشرق الأوسط» (الأحساء)
يوميات الشرق ستقدم للزوار رحلة فريدة لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة (منصة ويبوك)

تركي آل الشيخ و«براذرز ديسكفري» يكشفان عن «هاري بوتر: مغامرة موسم الرياض»

في حدث يجمع المتعة والإثارة، سيكون زوار موسم الرياض 2024 على موعد لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة «هاري بوتر: موسم الرياض».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة «هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية» بندر الخريف (واس)

السعودية… حوكمة عمليات الشراء الحكومية ورفع كفاءة أداء المحتوى المحلي

ركزت السعودية على تحفيز الفئات المستهدفة في تبني المحتوى المحلي وإعطائه الأولوية، إلى جانب تحسين حوكمة عمليات الشراء الحكومية، ورفع كفاءة الأداء في هذا المجال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى المكعب ضمن وجهة المربع الجديد (الشرق الأوسط)

رئيس «المربع الجديد»: توظيف مبادئ الاقتصاد الدائري في تطوير الداون تاون

أكد الرئيس التنفيذي لشركة «المربع الجديد»، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، مايكل دايك، على التزام الوجهة بتوظيف مبادئ الاقتصاد الدائري.

بندر مسلم (الرياض)

اتفاقية تعاون تجمع «الثقافة السعودية» و«مدرسة الملك تشارلز للفنون» في عام الحرف اليدوية 2025

وزارة الثقافة حريصة على التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة (واس)
وزارة الثقافة حريصة على التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة (واس)
TT

اتفاقية تعاون تجمع «الثقافة السعودية» و«مدرسة الملك تشارلز للفنون» في عام الحرف اليدوية 2025

وزارة الثقافة حريصة على التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة (واس)
وزارة الثقافة حريصة على التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة (واس)

شهد الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة التراث، الأربعاء، توقيع اتفاقية تعاون بين الوزارة ومدرسة الملك تشارلز للفنون التراثية التابعة لمؤسسة «The King's Foundation» للمشاركة في مبادرة عام الحرف اليدوية 2025.

وجرت مراسم التوقيع على هامش معرض الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية (بنان) المقام حاليّاً في «واجهة روشن» بالعاصمة الرياض، حيث وقع الاتفاقية، حامد فايز نائب وزير الثقافة السعودي، والدكتور خالد عزام مدير مدرسة الملك تشارلز للفنون التقليدية.

حامد فايز نائب وزير الثقافة السعودي والدكتور خالد عزام مدير مدرسة الملك تشارلز للفنون التقليدية خلال توقيع الاتفاقية (واس)

وتتضمن الاتفاقية إطلاق برنامج «إحياء الحِرف السعودية» مطلع يناير (كانون الثاني) 2025، الذي تقوم من خلاله مدرسة الفنون التقليدية بإعداد برنامج مخصص، وتنفيذ مبادرات تدريبية في مجالي التصميم والحرف، مع التركيز على إحياء وتجديد تقاليد الحِرف السعودية في مختلف مناطق السعودية.

وتهدف الاتفاقية إلى إحياء وتشجيع الحِرف اليدوية في السعودية على مدار عام 2025، وذلك من خلال التعاون في إعداد وتنفيذ مجموعة من البرامج التدريبية في مجال الحِرف في مناطق سعودية عدة.

الاتفاقية تهدف إلى إحياء وتشجيع الحِرف اليدوية في السعودية على مدار عام 2025 (واس)

وتأتي الاتفاقية في إطار حِرص وزارة الثقافة على التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».

إلى ذلك، وجه الأمير بدر بن عبد الله بتمديد معرض الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية «بنان» حتى يوم الـ30 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، نتيجة للإقبال المتزايد من زوار المعرض، في «واجهة روشن» بمدينة الرياض.

وكان الأمير بدر بن عبد الله قد زار المعرض، الأربعاء، وتجول في أقسامه، مُطَّلِعاً على أجنحته، التي تضم فنون الحرف، وجناح العروض الحرفية الحية، والمعرض الحرفي، وجناح ورش العمل الحرفية، ومنطقة التجارب التفاعلية، ومنصة رواد الأعمال والمؤسسات الحرفية، وجناح الطفل.

الأمير بدر بن عبد الله خلال الجولة (واس)

ويشارك في «بنان» أكثر من 500 حرفي وحرفية من المملكة، كما يشهد المعرض مشاركة 25 دولة حول العالم، ما يجعله منصة فريدة تحتفي بالحرف اليدوية التقليدية، وتسهم في دعم الحرفيين اقتصادياً وتمكنهم من تسويق منتجاتهم، لتجعل هيئة التراث من ذلك هدفاً في تعزيز الوعي بأهمية الحرف اليدوية بصفتها جزءاً من التراث الثقافي غير المادي، وتضمن استمراريتها ونقلها للأجيال القادمة.

وعلى صعيد آخر، زار وزير الثقافة السعودي، في وقت سابق، مركز الدرعية لفنون المستقبل، أول مركز متخصص لفنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا الهادف إلى دمج التكنولوجيا بالابتكار لدعم تطور الفنون محلياً وعالمياً وتجول في المعرض الافتتاحي للمركز بعنوان «ينبغي للفن أن يكون اصطناعياً: آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية»، الذي يستمر حتى 15 فبراير (شباط) 2025.

الأمير بدر بن عبد الله خلال الجولة (واس)

ويوفّر مركز الدرعية لفنون المستقبل أنشطة ومعارض فريدة ومبادرات تفاعلية مع الجمهور، مع التركيز على تمكين الفنانين والباحثين ومتخصصي التكنولوجيا من داخل المنطقة وخارجها، في بيئة إبداعية مجهزة بأحدث المختبرات والاستوديوهات الرقمية ومساحات العرض المبتكرة، مما ينسجم مع الجهود المبذولة في توفير بيئة محفزة للابتكار والإبداع.

من جهة أخرى، تشارك السعودية في معرض «أرتيجانو إن فييرا» بمدينة ميلان الإيطالية خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 8 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بوصفها ضيف شرف لمنطقة الشرق الأوسط، وتتمثل المشاركة في جناح وطني تقيمه وزارة الثقافة، ويضم عدداً من الهيئات الثقافية والكيانات الوطنية، ويتضمن محتوى إثرائياً يُغطي الثقافة السعودية بمختلف جوانبها.

الأمير بدر بن عبد الله خلال الجولة (واس)

ويشارك في الجناح السعودي هيئة التراث، وهيئة فنون الطهي، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة فنون العمارة والتصميم، والمعهد الملكي للفنون التقليدية «ورث»، والهيئة الملكية لمحافظة العُلا، والهيئة السعودية للسياحة، وهيئة تنمية الصادرات السعودية، وشركة حِرف السعودية، إضافة إلى مبادرة «عام الإبل 2024»، التي ستُقدم تعريفاً للإرث الثقافي السعودي العريق، ولمنتجاته الثقافية المتعددة.