أداة ذكية تقرأ أورام المخ أثناء الجراحة

توجِّه الأطباء إلى اتخاذ قرارات سليمة خلال العمليات

أداة قادرة على فك الشفرة الجينية لأورام الدماغ (بابليك دومين)
أداة قادرة على فك الشفرة الجينية لأورام الدماغ (بابليك دومين)
TT

أداة ذكية تقرأ أورام المخ أثناء الجراحة

أداة قادرة على فك الشفرة الجينية لأورام الدماغ (بابليك دومين)
أداة قادرة على فك الشفرة الجينية لأورام الدماغ (بابليك دومين)

طوّر علماء أداة ذكاء اصطناعي جديدة قادرة على فك الشفرة الجينية لأورام الدماغ أثناء الجراحة، وهو تقدم يقول الباحثون إنه يمكن أن يسرع عملية التشخيص، ويتيح تخصيص العلاج لكل مريض بما يتوافق مع حالته.

أداة قادرة على فك الشفرة الجينية لأورام الدماغ (بابليك دومين)

وكان الباحثون قد قاموا بتدريب أداة الذكاء الاصطناعي للتعرف على السمات الجينية المختلفة للأورام الدبقية، وهي مجموعة من الأورام التي تشكل أكثر أشكال سرطان الدماغ شيوعاً بين البالغين.

ويذكر أنه ليست كل الأورام الدبقية متشابهة. ويتم تشخيص معظم الناس بواحد من 3 أنواع فرعية لكل منها سمات وراثية مختلفة، وبدرجات مختلفة من العدوانية وخيارات العلاج أيضاً.

وفي الوقت الحالي، يمكن للأطباء تحليل الأورام الدبقية لتلك العلامات الجينية، فيما يُعرف بالتشخيص الجزيئي. وقال الدكتور كون شينغ يو، كبير الباحثين في الدراسة الجديدة: «ولكن هذه العملية تستغرق أياماً إلى أسابيع».

وفي المقابل، يمكن لأداة الذكاء الاصطناعي التي طورها الفريق البحثي إتمام عملية التشخيص الجزيئي في 10 إلى 15 دقيقة، مما يعني أنه يمكن إجراؤها أثناء الجراحة، وفقاً لما قاله يو، الأستاذ المساعد في المعلوماتية الطبية الحيوية في كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن.

ووفق البيان الصحافي المنشور على موقع «ميديكال إكسبريس» (السبت)، ظهرت التقنية الجديدة المسماة «شارم (CHARM)» على مستوى عالٍ من الدقة، عندما اختبرها فريق يو على عينات من الورم الدبقي لم يسبق تحليلها من قبل، وكانت أداة الذكاء الاصطناعي دقيقة بنسبة 93 في المائة في التمييز بين الأنواع الفرعية الجزيئية الثلاثة المختلفة من الأورام الدبقية.

وقال يو وخبراء آخرون إن القدرة على إجراء مثل هذه الفروق في غرفة العمليات أمر بالغ الأهمية؛ لأنه يمكن أن يغير طريقة علاج المريض.

وتكون بعض الأورام الدبقية أقل عدوانية، ويمكن للجراحين أن يكونوا أكثر تحفظاً في إزالة أنسجة المخ، مما يقلل من الآثار الجانبية للجراحات. وهناك أورام دبقية أخرى شديدة العدوانية؛ لذا يحاول الجراحون إزالة أكبر مقدار ممكن من الورم السرطاني، وفي بعض الأحيان يزرعون «رقائق» من أدوية العلاج الكيميائي التي يتم إطلاقها ببطء مباشرة في الدماغ.

وقال أتيك أحمد، الأستاذ المساعد في جراحة الأعصاب في كلية الطب بجامعة «نورث وسترن» في شيكاغو: «تتمتع هذه التقنية بالقدرة على توجيه القرارات الجراحية في الوقت الحقيقي أثناء جراحات أورام المخ». ووصف أحمد الذي لم يشارك في الدراسة، دقة الأداة البالغة 93 في المائة بأنها «مثيرة للإعجاب»؛ لكنه أشار إلى أنه يمكن تحسينها.

وقال أحمد: «من المهم أن نتذكر أن 7 في المائة من عدم الدقة ليس مجرد رقم»، موضحاً أنه «يمثل المرضى الذين يعانون من أمراض شديدة العدوانية، والذين يمكن أن يستفيدوا كثيراً من التشخيصات الأكثر دقة».

ويوافق يو على أنه يمكن تحسين الأداة «شارم» واختبارها في إعدادات العالم الحقيقي، وضرورة إجازتها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية. ويعمل باحثو الدراسة الآن مع كثير من المستشفيات في مناطق مختلفة من العالم لوضع «شارم» في هذا الاختبار الواقعي.

وطوّر فريق يو «شارم» باستخدام أكثر من 2300 عينة ورم مجمدة مأخوذة من 1524 مريضاً، عولجوا من الورم الدبقي في مستشفيات أميركية مختلفة.

العمل البحثي المنشور في دورية «ميد (Med)» ليس هو الجهد البحثي الوحيد لتحسين عمليات تشخيص الورم الدبقي باستخدام الذكاء الاصطناعي. فهناك أداة أخرى تسمى «ديب جلايوما» يعمل عليها الدكتور دانيال أورينجر، جراح الأعصاب في مركز «بيرلماتر» للسرطان التابع لجامعة «نيويورك لانجون» في مدينة نيويورك، وهو أحد الباحثين في هذا المشروع.

وقال أورينجر إن «(شارم) أداة جذابة بشكل خاص» في هذا الإطار؛ لأنه يمكن استخدامها في أي مستشفى لديه القدرة على رقمنة شرائح الأنسجة (صور مجهرية لعينات الورم).

وقدم يو نقطة مماثلة، وقال إن أدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى قيد التطوير للورم الدبقي، تتطلب نوعاً خاصاً من المجاهر غير متوفر في جميع المستشفيات، حتى في البلدان الغنية.

وبينما ركزت الدراسة الحالية على الورم الدبقي، قال يو إنه يمكن تدريب «شارم» للمساعدة في تشخيص أنواع أخرى من أورام المخ أيضاً. ووصف أحمد ذلك «التنوع» المحتمل بأنه واعد. وقال: «إن تطوير نظام (شارم) يمثل قفزة كبيرة للأمام في البحث عن تشخيص جزيئي دقيق وسريع أثناء الجراحات».

وأضاف أن التشخيص الجزيئي للورم الدبقي في الوقت الحالي لا يستغرق وقتاً طويلاً ومكلفاً فحسب؛ لكنه غير متوافر في جميع المستشفيات التي يعالج فيها المرضى. كما شدد أورينجر على أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على «إضفاء الطابع الديمقراطي على الاختبارات الجزيئية».


مقالات ذات صلة

دراسة تقلب المعايير... اختلافات بين الجنسين في الصحة العقلية

صحتك صورة تعبيرية من بيكسباي

دراسة تقلب المعايير... اختلافات بين الجنسين في الصحة العقلية

اكتشف فريق من علماء الأعصاب اختلافات بين هيكل الدماغ لدى الذكور والإناث، في المناطق المرتبطة باتخاذ القرارات ومعالجة الذاكرة والتعامل مع المشاعر.

كوثر وكيل (لندن)
صحتك صورة تعبيرية للدماغ من بيكسباي

6 نصائح للحفاظ على صحة دماغك في فترة شبابك 

يتحكم الدماغ في التفكير والحركة والمشاعر، اتبع النصائح التالية للحفاظ على صحة الدماغ وحمايته من الخرف.

كوثر وكيل (لندن)
صحتك كبار السن الذين يعانون من الوحدة المزمنة أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية (أ.ف.ب)

الوحدة قد تصيب كبار السن بالسكتة الدماغية

توصلت دراسة جديدة إلى أن كبار السن الذين يعانون من الوحدة المزمنة يواجهون خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة أكثر من أولئك الذين لا يشعرون بالوحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تعتمد الأداة الجديدة على برمجيات لمسح الوجه (جامعة ريميت)

الهواتف الذكية تكشف عن السكتات الدماغية في ثوانٍ

طوّر فريق من مهندسي الطب الحيوي في «جامعة ملبورن الملكية» أداة لفحص الوجه على الهواتف الذكية يمكن أن تساعد المسعفين الطبيين في التعرف على السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ الكاتب الأميركي الشهير نعوم تشومسكي يقف خلال مؤتمر صحافي لدعم أسطول الحرية المتجه إلى غزة بميناء مدينة غزة في 20 أكتوبر 2012 (أرشيفية - أ.ب)

نعوم تشومسكي يجد صعوبة في الكلام بعد الإصابة بجلطة دماغية

أصيب الكاتب الأميركي الشهير نعوم تشومسكي بجلطة دماغية ويتلقى الرعاية الصحية بمستشفى في البرازيل وفقاً لزوجته

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)

السعودية تحقّق هدف 2030 بتسجيل 8 مواقع تراثية بـ«اليونسكو»

قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)
قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)
TT

السعودية تحقّق هدف 2030 بتسجيل 8 مواقع تراثية بـ«اليونسكو»

قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)
قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)

نجحت السعودية في تحقيق مستهدف «رؤية 2030» بتسجيل 8 مواقع تراثية على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بعد إدراج منطقة «الفاو» الأثرية (جنوب منطقة الرياض)، السبت، وذلك خلال اجتماعات الدورة السادسة والأربعين للجنة التراث العالمي بمدينة نيودلهي الهندية.

وواصلت هيئة التراث سلسلة إنجازاتها بتسجيل المنظر الثقافي لمنطقة «الفاو» بصفته ثامن موقع ثقافي سعودي ذي قيمة عالمية استثنائية للتراث الإنساني، بعد مدينة «الحِجْر» في العُلا، و«حي الطريف» بالدرعية التاريخية، ومنطقة «جدة التاريخية»، والفن الصخري في حائل، و«واحة الأحساء»، ومنطقة «حِمى الثقافية» بنجران، ومحمية «عروق بني معارض».

وقال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، عبر حسابه على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، إنه بإدراج منطقة «الفاو» الأثرية حقّقت المنظومة الثقافية مستهدف «رؤية 2030» في عدد المواقع السعودية، المسجلة على قائمة التراث العالمي عند 8 مواقع.

ويُسهم نجاح السعودية بتسجيل تلك المواقع على القائمة العالمية خلال السنوات الماضية في اجتذاب مزيد من الضوء على ثراء التراث الطبيعي والبيئي الذي تتمتع به البلاد، ويضاعف من انتباه العالم والزوار إليها، بالإضافة إلى تعزيز العمل لحماية التنوع البيئي، وترجمة مبادراتها النوعية لصون البيئة وحمايتها.

وأكد وزير الثقافة، في تصريح له، أن هذه الخطوة تعكس ما يحظى به التراث السعودي من دعم واهتمام كبيرين من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.

وأضاف أن تسجيل عناصر التراث الثقافي بقوالبه المادية وغير المادية لدى «اليونسكو» يأتي انطلاقاً من عُمق السعودية التاريخي، ويُترجم دورها الريادي في خدمة التراث الإنساني العالمي المشترك، تحت مظلة «رؤية 2030» التي شدّدت على أهمية الاعتزاز بالهوية الوطنية التي يُعد التراث الوطني بجميع قوالبه أحد مكوناتها الرئيسية.

قرية «الفاو» شهدت استيطان عدد من الممالك والحضارات القديمة (واس)

ونوّه الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان بأن «السعودية تدرك أهمية التراث والحفاظ عليه، وتثقيف العالم به؛ لخلق أساسٍ صلب للحاضر، ورسم خريطة طريق للعمل نحو المستقبل»، مبيناً أن الهيئة تدعم جهود تطوير الأصول الوطنية التراثية، وتوليها اهتماماً عالياً؛ لزيادة الوعي بها، والحفاظ عليها، لضمان استدامتها وتناقلها للأجيال القادمة.

وتقع منطقة «الفاو» على أطراف الربع الخالي في محافظة وادي الدواسر جنوب منطقة الرياض، وتمتد على مساحة محمية تبلغ 50 كم2، وتحيطها منطقة عازلة بمساحة 275 كم2، عند تقاطع صحراء الربع الخالي وتضاريس سلسلة جبال طويق التي تشكل ممراً ضيقاً يسمى «الفاو».

وكان الموقع عاصمة مملكة كندة الأولى، التي كان لها دور كبير في الجزيرة العربية من منتصف القرن الأول قبل الميلاد حتى مطلع القرن الرابع الميلادي. ويُعد من أكبر المواقع الأثرية وأشهرها في السعودية، وواحدة من أهمها على مستوى العالم، بما تحمله من إرث ثقافي ومكانة تاريخية.

قرية «الفاو» كانت عاصمة مملكة كندة القديمة في الجزيرة العربية (واس)

وتكمن أهميته -قديماً- بكونه مركزاً تجارياً مهماً، وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج، وهذه نقطة عبور للقوافل التي تبدأ من مملكة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت وحمير متجهة إلى نجران، ومنها إلى قرية «الفاو» ومنها إلى الأفلاج، فاليمامة ثم تتجه شرقاً إلى الخليج وشمالاً إلى وادي الرافدين وبلاد الشام.

ويتضمّن مظاهر متنوعة فيها تفاعل الإنسان مع بيئته، منها أدلة أثرية تعود إلى عصر فجر التاريخ، ومقابر كبيرة بتشكيلاتٍ واضحة تتوافق مع التصنيفات الأثرية التي تعود إلى فترات زمنية قديمة، كذلك عناصر حضارية ومعمارية تُنسب إلى مدينة القوافل التي وُجدت في القرية، ومنها واحة قديمة احتوت على أنظمة الري، وهي معززة بمجموعة استثنائية من الاكتشافات الأثرية والفنون الصخرية، والنقوش الكتابية القديمة.

وجاء نجاح تسجيل الموقع نتيجة الجهود الكبيرة التي بذلها وفد السعودية لدى «اليونسكو»، بقيادة «هيئة التراث»، وبالتعاون مع «اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم»، وإمارة منطقة الرياض، و«المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية»، و«جامعة الملك سعود»، و«المجتمع المحلي» لمحافظة وادي الدواسر.

قرية «الفاو» تحمل إرثاً ثقافياً ومكانة تاريخية (واس)

وتبذل الهيئة جهوداً حثيثة للمحافظة على التراث الثقافي الغني للسعودية، والتعريف بمواقعه داخلياً وخارجياً؛ لتعكس الغنى التراثي والتاريخي للبلاد التي تثبت أنها كانت موطناً لكثير من الحضارات الإنسانية المتعاقبة على مر التاريخ.