لعشاق الكنوز العربية... مبادرة سعودية لرقمنة المخطوطات النادرة

27% من المحفوظات الإسلامية الأصلية في المملكة

مخطوطة نادرة خُزِّنت على رفّ إحدى المكتبات السعودية (هيئة المكتبات)
مخطوطة نادرة خُزِّنت على رفّ إحدى المكتبات السعودية (هيئة المكتبات)
TT

لعشاق الكنوز العربية... مبادرة سعودية لرقمنة المخطوطات النادرة

مخطوطة نادرة خُزِّنت على رفّ إحدى المكتبات السعودية (هيئة المكتبات)
مخطوطة نادرة خُزِّنت على رفّ إحدى المكتبات السعودية (هيئة المكتبات)

نسخة نادرة من مصحف شريف تعود إلى القرن الثالث عشر الهجري، تحيط به الزخارف ويغلب التذهيب على أوراقه التي تزيد على 300 صفحة، إضافة إلى الزخرفات النباتية؛ ونسخة أخرى تشدّ الانتباه لمخطوطة أثرية في علم الفرائض تعود إلى القرن العاشر الهجري، وأخرى نفيسة في علم النحو لمؤلّفها محمد الراعي، تعود لسنة 1112 للهجرة، كُتبت بمداد أسود، إلى مخطوطة أخرى في فن التراجم، تروي سيرة أحد أعلام التاريخ الإسلامي عمر بن عبد العزيز، كُتبت بخط النسخ قبل نحو قرنين، وآلاف المخطوطات النادرة والمحفوظات الفريدة... أصبحت مرقمنة ومتاحة آلياً للباحثين والمتطّلعين للوقوف من كثب على كنوز نفيسة من التراث العربي والإسلامي.

ثروة قيّمة كوّنتها آلاف المخطوطات؛ تضيء على غنى المكتبة العربية وثرائها في مختلف الفنون، وعلى عطاء الروّاد العرب والمسلمين، تقدّمها مبادرة «إتاحة المخطوطات» التي أطلقتها «هيئة المكتبات السعودية»، عبر منصة إلكترونية متخصّصة تتيح للباحثين والمتطّلعين تصفّح مختلف المخطوطات المرقمنة بتصنيفات متنوّعة.

للسعودية مكانة رائدة في حفظ المخطوطات النادرة (مركز الملك فيصل)

27 في المائة من المخطوطات العربية بالسعودية

مخطوطات نادرة خُزِّنت في رفوف المكتبات الوطنية السعودية، التي تملك ثروة معرفية كبيرة تصل إلى أكثر من 27 في المائة من مجموع المخطوطات العربية والإسلامية الأصلية في الدول العربية، أصبح من السهل الوصول إليها والتمعّن في تفاصيلها المزدانة بحبر العلماء ووَقْعهم في إثراء المكتبة العربية والإسلامية بمختلف الفنون والمعارف.

وتتمتّع السعودية بمكانة رائدة في حفظ المخطوطات النادرة وصونها، والاهتمام بكنوز التراث العربي والإسلامي التي تعكس جهود روّاد العلم والمعرفة والثقافة بمختلف فنونها وألوانها. وتُعدّ المملكة واحدة من الدول المبادِرة والسبّاقة في الاهتمام بالمحفوظات، انطلاقاً من مكانها الجغرافي وحضورها التاريخي، منذ عصور ما قبل الإسلام، مروراً بالحقب الإسلامية، حيث شكّلت على مرّ الزمن عمقاً للحضارة العربية والإسلامية، وموطناً لمختلف الحضارات، ومهداً للرسالات السماوية، وجسراً بين الثقافات والرسالات.

مؤسّسات سعودية تجهد لترميم المخطوطات وحفظها (مركز الملك فيصل)

ريادة سعودية في صون التراث العلمي

وتتوزّع جهود السعودية، عبر مؤسّساتها العلمية والمعرفية والثقافية المتخصّصة، في جمع المخطوطات وترميمها وحفظها، وتجهيز المعامل للترميم والصيانة باستخدام أحدث التقنيات، من أبرزها الإدارة العامة للمقتنيات والنوادر في «مكتبة الملك فهد الوطنية»، التي تتولّى ترميم هذه المخطوطات وتعقيمها، كذلك الوثائق والنوادر والحفاظ عليها. ذلك إضافة إلى المركز الخاص بترميم المخطوطات والوثائق والصور والكتب النادرة في «مكتبة الملك عبد العزيز العامة»، الذي يدعم حفظ الخرائط والمجلات والجرائد، بجانب العملات والمسكوكات وغيرها من المواد التراثية والتاريخية، وحمايتها من التلف والتآكل، وصيانة المواد التاريخية المتنوّعة في المكتبة.

بدوره، يقوم قسم المعالجة والترميم في «مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات» بالأمر عينه، منذ أطلق أولى تجاربه سنة 1404 للهجرة؛ بإشراف مجموعة من الخبراء المتخصّصين في مجال ترميم المخطوطات من بريطانيا.

وفي عام 2005، افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، المقرّ الجديد لدارة الملك عبد العزيز، الذي يدعم جهودها لخدمة التاريخ والمحافظة على التراث والوثائق والمخطوطات القديمة والاعتناء بها. لا يقتصر عمل المركز على حفظ مقتنيات الدارة، بل يتعدّاها إلى المحافظة على التراث الموجود لدى المواطنين والمكتبات العامة والخاصة.

وأيضاً، تدعم السعودية إنشاء أقسام مستقلّة للمخطوطات في معظم مكتبات البلاد، والتشجيع على تحقيق المخطوطات ونشرها عن طريق دعم برامج الدراسات العليا في الجامعات، وإصدار الفهارس الخاصة بالمخطوطات وإتاحتها آلياً للباحثين حول العالم؛ وهي المبادرة النوعية التي أطلقتها «هيئة المكتبات»، وفتحت الأبواب للباحثين والمهتمين للاطّلاع على نفائس التاريخ ونوادر الموروث من المخطوطات العربية والإسلامية.



تطوير أشجار لمكافحة آفات زراعية مدمِّرة

مرض اخضرار الحمضيات من الآفات المدمّرة التي تصيب أشجار الموالح (جامعة فلوريدا)
مرض اخضرار الحمضيات من الآفات المدمّرة التي تصيب أشجار الموالح (جامعة فلوريدا)
TT

تطوير أشجار لمكافحة آفات زراعية مدمِّرة

مرض اخضرار الحمضيات من الآفات المدمّرة التي تصيب أشجار الموالح (جامعة فلوريدا)
مرض اخضرار الحمضيات من الآفات المدمّرة التي تصيب أشجار الموالح (جامعة فلوريدا)

طوَّر باحثون من جامعة «فلوريدا» الأميركية نوعاً جديداً من أشجار الموالح المعدَّلة وراثياً التي يمكنها مقاومة الحشرات الصغيرة المسؤولة عن نقل مرض الاخضرار البكتيري المدمّر.

وأوضحوا أنّ هذه الأشجار تشكّل حلاً بيئياً مستداماً لمكافحة الآفات الزراعية؛ مما يقلّل من الاعتماد على المبيدات الكيميائية، ويخفّض التكاليف، ويُحسّن البيئة؛ ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Journal of Invertebrate Pathology».

ويُعدُّ مرض اخضرار الحمضيات، المعروف أيضاً باسم «تعفّن الحمضيات»، من الأمراض المدمِّرة التي تصيب أشجار الموالح مثل البرتقال. ويُنقل عبر حشرات صغيرة تُعرف بـ«السيليد الآسيوي»، التي تهاجم الأشجار وتسبّب تدهورها؛ مما يؤدّي إلى توقّف إنتاج الثمار واصفرار الأوراق، ويؤثّر سلباً في المحاصيل. ومنذ اكتشاف المرض في فلوريدا عام 2005، انتشر بسرعة وتسبَّب في تراجع كبير في صناعة الحمضيات، ما دفع الباحثين والعلماء لإيجاد حلول مبتكرة لمكافحته.

وتعتمد الطريقة التي اختبرها الباحثون على إدخال جين إلى الأشجار المعدَّلة وراثياً يسمح لها بإنتاج بروتين قادر على قتل اليرقات الصغيرة من «السيليد الآسيوي»، التي تُعدُّ الناقل الرئيسي للمرض.

ويُستمد هذا الجين من بكتيريا تُسمى «Bacillus thuringiensis»، تنتقل عبر التربة. وعند إدخاله إلى الأشجار، تتمكن من إنتاج البروتين الذي يقتل اليرقات؛ مما يمنعها من الوصول إلى مرحلة البلوغ والتكاثر، وبالتالي تقليل أعداد الحشرات الناقلة للمرض في البيئة المحيطة بالشجرة.

ورغم فاعلية هذه الأشجار في قتل اليرقات، لا تزال الحشرات البالغة التي تضع البيض تمثّل تحدّياً في التحكّم بها. لذلك، يواصل العلماء بحوثهم لإيجاد حلول لمكافحتها.

وحتى الآن، جرى اختبار الأشجار المعدَّلة جينياً في المختبر، ويعدُّ الباحثون هذا الاكتشاف من الحلول الواعدة لمكافحة المرض الذي أثّر بشكل كبير في صناعة الحمضيات في فلوريدا على مدار العقدين الماضيين.

وأشار الفريق إلى أنهم يتطلّعون لتجربة الأشجار المعدَّلة وراثياً في الحقل خلال المستقبل القريب، وإذا أثبتت التجارب الحقلية فاعلية هذه التقنية، فإنها قد تقدّم أداة قوية للقضاء على الحشرات الناقلة للمرض، وبالتالي وقف انتشار «تعفّن الحمضيات»، ما يساعد في حماية محاصيل الموالح في فلوريدا وأماكن أخرى.

وأضافوا أنّ النتائج تشير إلى إمكانات كبيرة لاستخدام التكنولوجيا البيئية في الزراعة لمكافحة الآفات والأمراض بكفاءة أكبر وأقل تأثيراً في البيئة، مقارنةً بالحلول التقليدية مثل المبيدات الكيميائية.