شارل نصار يجمع في «شظايا وحديد» تماثيل تنبض بالحياة

يقول إن حروب الآخرين لم تعد تغريه على هذه الصناعة

أرزة لبنان نحتها شارل نصار من شظايا القذائف (مصدرها شارل نصار)
أرزة لبنان نحتها شارل نصار من شظايا القذائف (مصدرها شارل نصار)
TT

شارل نصار يجمع في «شظايا وحديد» تماثيل تنبض بالحياة

أرزة لبنان نحتها شارل نصار من شظايا القذائف (مصدرها شارل نصار)
أرزة لبنان نحتها شارل نصار من شظايا القذائف (مصدرها شارل نصار)

تشبه قصة شارل نصار حكايات لبنانيين كثر عاشوا الأمرّين مع حروب بالجملة زحفت إليهم على مراحل وحقبات. فأبناء جيله مرّوا بمحطات متتالية لا تفصل بين واحدة وأخرى منها سوى سنوات قليلة. كل منهم حفرت عنده بطريقة مختلفة. بيد أن شارل نصار تخلّص من الحرب وأخرجها من ذاكرته بفن النحت.

يعمل نصار في مهنة الحدادة منذ سنوات طويلة. وبحكم طبيعة عمله أُعجب بهذه المادة الصلبة وعشق تطويعها. كان لا يزال ولداً صغيراً عندما بدأت هوايته مع جمع شظايا الحرب. بدءاً من أواخر السبعينات مروراً بحروب الجبل والإلغاء ونهر البارد وغيرها، وصولاً إلى انفجار بيروت.

«أنا هنا لأدلكم كيف تُخرجون الوجع من داخلكم وتحولون الألم إلى أمل»

الفنان اللبناني شارل نصار

ينحت ما يجمعه ويصنع منه تماثيل تنبض بالحياة. شظية قولبها على شكل عازف، وأخرى كفلاح أو مزارع، وثالثة تجرّ عربة أطفال وغيرها، فغلب معها مشاعر الحزن والقسوة والمعاناة التي اجتاحته منذ بداية الحرب حتى اليوم. يقول إن إحداهن عندما كان يشارك في معرض في باريس بصفته ضيف شرف، تناهى إلى سمعه عبارة «أنو جايي يذكرنا بالحرب؟ فنحن نريد أن ننساها». لكن أجاب عبر ميكروفون المعرض وبصوت هادئ: «أنا هنا لأدلكم كيف تخرجون الوجع من داخلكم وتحولون الألم إلى أمل».

لم يلوّن شارل نصار تماثيله ولم يزخرفها فأبقاها كما هي تماماً مادة صلبة سوداء، لكنه بثّ فيها الحياة فحوّلها إلى فرقة موسيقية مرات وإلى مجموعة أصدقاء يلعبون النرد. ومرات أخرى جمع عدداً من القذائف فتألفت من 26 قذيفة هاون. «لقد حولتها إلى رأس حيوان يشبه الأسد وعلقتها في المتحف».

شارل نصار ينحت تماثيله من شظايا الحرب (مصدرها شارل نصار)

 

المتحف الذي يتحدث عنه نصار هو كناية عن مغارة استخدمها جدّه في الماضي كقبو للمياه. «كان يشكل ملحقاً لمنزل جدي، وأيام الجائحة خطر على بالي تحويله إلى متحف». ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن يزيد طول هذه المغارة وهي على شكل نفق تحت الأرض ما يزيد على 40 متراً. ومع الوقت زدت مساحتها لتصل لـ120 متراً. واستحدثت فيها مَرجاً ثانياً تماماً كما نصحتني مرة مديرة المتحف الوطني الدكتورة أن ماري عفيش، حين زارتني وطلبت مني أن أحدث مخرجاً ثانياً للمغارة فتصبح مطابقة للمواصفات».

من انفجار بيروت جمع نصار مجموعة أقفال لأبواب تصدّعت أو تفجرت بفعل هذا الحدث الأليم. ويوضح: «كنت أُصلح منازل كثيرة تصدّعت بفعل الانفجار وتكسرت أبوابها. فجمعت منها هذه الأقفال بعد أن رُميت الأبواب الحاملة لها».

مجموعة من المحاربين حول طاولة (مصدرها شارل نصار)

يقول إن هوايته هذه بدأت بوصفها شغفاً لحق به من دون تفكير مسبق. «لم أفكر يوماً بأن أعرض مجموعتي هذه في متحف. كل شيء حصل بسرعة وهوايتي غلبت تفكيري وخصوصياتي، فتحوّل منزلي في بلدة رمحالا بمنطقة عاليه إلى موقع ثقافي يقصده الناس من كل حدب وصوب. يتنقلون في المغارة يقرأون أسماء تماثيلي الحديدية ويتفرجون عليها بإعجاب. كبرت مسؤوليتي أكثر، وما عدت أسمح ببيع واحدة من القطع التي أعدها لأنها عزيزة جداً علي».

بردت مع الوقت همّة نصار فهو يشعر اليوم وكأنه أفرغ فيها كل الألم الذي حمله لسنوات طويلة في أعماقه. فهو عاش حرب الجبل وتهجر من بيته وماتت جدته في هذه الفترة. وكلها ذكريات لا يحب حتى أن تَرِد ولا بالخيال في ذهنه. «لقد انتهيت من تلك الحقبة ولا تخطر على بالي أبداً. وكأني عالجتها بنفسي من حيث لا أدري. اليوم لا حرب أوكرانيا ولا سوريا ولا شظايا قذائفها يمكنها أن تثير شهيتي من جديد على هذه الصناعة. فما حملته من وجع كان يخصني في بلدي، واليوم بعد أن أقفلت عليه الباب ودفنته في هذه المغارة أشعر بالراحة».

220 قطعة من الشظايا ونحو 100 أخرى صنعها من الحديد، يعرضها نصار اليوم في متحفه «شظايا وحديد». وينوي أن يسير بالإجراءات التي تخوله الانضمام إلى لائحة المتاحف الأخرى الموجودة في لبنان. «هناك سلسلة تدابير وإجراءات علي أن أقوم بها ولكن الفكرة واردة من دون شك».

عازف العود من شظايا الحرب (مصدرها شارل نصار)

أما أشكال تماثيله فيقول إنه استوحاها من الشظية نفسها. «كنت مرات أرى وكأنها تشبه جسم حصان أو ماعز. ومرات أخرى أرى فيها بئر مياه أو شكل عازف كمان».

ونحت نصار من إحدى القذائف الضخمة أرزة، ومن أخرى صنع علم لبنان.

مقيمون وسائحون عرب وأجانب يقصدون متحف «شظايا وحديد» في منطقة عاليه. ويختم: «ألمس عند المغتربين الذين يزورون المتحف تأثرهم بالقطع المعروضة. ينظرون إليها ويبتسمون وبعضهم يطلب شراءها. فالحرب بالنسبة لهم انتهت من زمان، ولكنها بقيت السبب الأول لهجرتهم من لبنان بالآلاف».

 



كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)
امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)
TT

كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)
امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)

تسبب الإغلاق الذي فُرض بعد انتشار جائحة «كوفيد - 19» في توقف شبه تام للحياة، وشهد مئات الملايين من الأشخاص تغيُّرات جذرية في أنماط حياتهم، وفق ما ذكره موقع «سايكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية.

وبالنسبة للمراهقين، كان هذا يعني استمرار نموهم وتطورهم رغم اختلاف الروتين اليومي والظروف، بما في ذلك إغلاق المدارس والتحول إلى الفصول الدراسية الافتراضية.

ودفعت هذه التجربة المفاجئة، كاثلين ماكورميك، باحثة الدكتوراه في جامعة كورنيل الأميركية، إلى التساؤل عن كيفية تأثير الجائحة على الصلة الراسخة بين البلوغ والاكتئاب لدى الفتيات.

والإجابة، وفقاً لدراستها الحديثة المنشورة في مجلة «أبحاث علم النفس المرضي للأطفال والمراهقين»، تكشف عن أمر غير متوقع حول الطبيعة الاجتماعية العميقة لنمو المراهقين.

اختفاء الرابط

تُظهر عقود من الأبحاث أن البلوغ يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب لدى الفتيات، مع ملاحظة أن الفتيات الأكثر نمواً جسدياً والفتيات اللواتي ينضجن مبكراً أكثر من أقرانهن، يملن إلى المعاناة من أعراض اكتئاب أشد حدة.

وأرادت ماكورميك فهم ما إذا كانت التفاعلات الاجتماعية، التي توقفت تماماً خلال الجائحة، قد أثرت في هذه النتيجة. وفحصت دراستها نحو 600 فتاة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وقارنت البيانات التي جُمعت قبل الجائحة وأثناءها.

ولوحظ أنه خلال الجائحة اختفى الرابط التقليدي بين البلوغ والاكتئاب. على الرغم من أن المُشاركات في فترة الجائحة أظهرن أعراض اكتئاب أكثر من نظيراتهن قبل الجائحة، إلا أن البلوغ لم يرتبط بأعراض اكتئابية.

وطرحت ماكورميك سؤالاً: لماذا اختفى هذا الرابط؟

هناك احتمالان. الأول: ربما سمح التعليم عن بُعد للمراهقات بإخفاء التغيُّرات الجسدية التي تظهر عليهن. ودون المقارنات اليومية وجهاً لوجه، انخفضت الضغوط الاجتماعية التي تصاحب البلوغ عادةً.

الثاني: ربما كان الضغط النفسي الناتج عن الجائحة هائلاً لدرجة أنه طغى على تأثير البلوغ المعتاد على الصحة النفسية.

وارتفعت درجات الاكتئاب لدى الفتيات بشكل كبير خلال الجائحة. وباستخدام مقياس معياري لقياس أعراض الاكتئاب، وجد فريق أن متوسط ​​درجات الفتيات قبل الجائحة كان 14.2، أي أقل بقليل من عتبة الـ15 التي تشير إلى احتمال الإصابة بالاكتئاب. وخلال الجائحة، ارتفع هذا المتوسط بشدة ​​إلى 23.65.

تعطيل مؤقت

وقالت ماكورميك: «يُشير هذا إلى مدى صعوبة الجائحة، وعدد الأمور التي اضطرت الفتيات إلى التعامل معها خلالها وليس فقط مرحلة البلوغ». ويتوافق هذا الارتفاع المُقلق مع أزمة الصحة النفسية الأوسع نطاقاً لدى الشباب التي وثّقها الباحثون. ولم تُسبّب الجائحة هذه الأزمة، لكنها بالتأكيد قامت بتسريع وتيرتها، وفق «سايكولوجي توداي».

وتناولت الدراسة أيضاً مرحلة بدء الحيض (أول دورة شهرية للفتاة)، ووجدت أنه خلال الجائحة، أفادت الفتيات اللواتي بدأن الحيض في سن مبكرة بأعراض اكتئابية أكثر.

وأكدت الدراسة أن الجائحة عطّلت مؤقتاً العلاقة المعتادة بين البلوغ والاكتئاب لدى الفتيات. كما أكدت أن البلوغ ليس مجرد عملية بيولوجية، بل هو عملية اجتماعية عميقة، وأن التفاعلات الاجتماعية التي عادةً ما تصاحب التغيرات الجسدية تلعب دوراً مهماً في كيفية تأثير البلوغ على الصحة النفسية.


بيع ساعة يد للمخرج فرانسيس كوبولا بـ10.8مليون دولار في مزاد

ساعة يد من مجموعة مقتنيات كوبولا (الموقع الرسمي لدار مزادات فيليبس)
ساعة يد من مجموعة مقتنيات كوبولا (الموقع الرسمي لدار مزادات فيليبس)
TT

بيع ساعة يد للمخرج فرانسيس كوبولا بـ10.8مليون دولار في مزاد

ساعة يد من مجموعة مقتنيات كوبولا (الموقع الرسمي لدار مزادات فيليبس)
ساعة يد من مجموعة مقتنيات كوبولا (الموقع الرسمي لدار مزادات فيليبس)

بيعت ساعة يد من مجموعة مقتنيات المخرج السينمائي الأميركي فرانسيس فورد كوبولا بسعر قياسي في مزاد أُقيم في نيويورك، حسبما قالت دار مزادات «فيليبس»، أمس (السبت).

واشترى مزايد مجهول عبر الهاتف ساعة «إف بي جورن إف إف سي بروتوتايب» مقابل 10.8 مليون دولار.

وذكرت دار «فيليبس» أن هذا كان أعلى سعر تم تحقيقه على الإطلاق في مزاد لساعة يد من صانع الساعات السويسري إف بي جورن، كما كان رقماً قياسياً عالمياً في مزاد لساعة صنعتها شركة تصنيع مستقلة. وكان التقدير الأولي للسعر مليون دولار، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الألمانية.

وتلقى مخرج فيلم «العراب»، البالغ من العمر 86 عاماً، الساعة البلاتينية في عام 2021 من صانع الساعات فرانسوا بول جورن.

المخرج السينمائي الأميركي فرانسيس فورد كوبولا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وعرض كوبولا الحائز جائزة الأوسكار - الذي أخرج أيضاً فيلم «Apocalypse Now» - سبع ساعات فاخرة من مجموعة مقتنياته الخاصة في المزاد الذي استمرَّ على مدى يومين. وفي مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، أشار كوبولا إلى ضائقة مالية بوصفها سبباً لبيع المقتنيات.

يذكر أن كوبولا استثمر أكثر من 100 مليون دولار في مشروعه المفضل الذي طالما اعتز به «ميجالوبوليس»، لكن الفيلم الذي صدر عام 2024 فشل وحقق جزءاً ضئيلاً فقط من التكاليف.


«البحر الأحمر»...3 أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

«البحر الأحمر»...3 أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)

نال الفيلمان العربيان «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، و«اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، استحساناً جيداً من جمهور غفير في اليوم الأول من مهرجان البحر الأحمر (الجمعة)، وكلاهما في المسابقة الرسمية.

يُؤلّف «اللي باقي منك» و«فلسطين 36» ثلاثية من الأفلام الجديدة التي وجّهت اهتمامها، وفي الوقت المناسب، إلى الموضوع الفلسطيني، وتمتد أحداثه إلى ثلاثة أجيال متعاقبة، من عام 1948 حتى سنة 2022.

«نجوم الأمل والألم» مؤلَّف أيضاً من 3 محطات زمنية، ونجد فيه حكاية عاطفية - رومانسية في الأساس، مع خلفيات عن الحرب الأهلية وما بعدها ومصائر البيروتيين خلالها.

فيلم الافتتاح، «عملاق»، يتولّى الإعلان عن أنّه قصّة حياة الملاكم اليمنيّ الأصل نسيم، لكن التركيز في الواقع ينصبّ على شخصية المدرّب براندن (بيرس بروسنان)، ويختار أن يمارس قدراً من عنصرية التفكير حول مَن يستحقّ التركيز عليه أكثر: الملاكم العربيّ الأصل أم المدرّب الأبيض.