«وراء الستار»... قصص عن العنف الأسري من إخراج لينا خوري

تنظمها «سيناريو» مع ممثلين غير محترفين من طرابلس وعكار

يروي 15 شاباً وشابة في «وراء الستار» معاناتهم مع العنف (جمعية سيناريو)
يروي 15 شاباً وشابة في «وراء الستار» معاناتهم مع العنف (جمعية سيناريو)
TT

«وراء الستار»... قصص عن العنف الأسري من إخراج لينا خوري

يروي 15 شاباً وشابة في «وراء الستار» معاناتهم مع العنف (جمعية سيناريو)
يروي 15 شاباً وشابة في «وراء الستار» معاناتهم مع العنف (جمعية سيناريو)

يقال إن لكل بيت حيطانه الشاهدة على أحداث لا يعرفها سوى سكانه. فما يدور في فلك المنازل وبين الأسر والعائلات يبقى مجهولاً إلى حين الاعتراف به.

وفي مسرحية «وراء الستار» التي تنظمها «سيناريو» سنشهد من أرض واقع قاس قصص شبان وشابات يعانون من العنف الأسري. فهم كتموها حتى عن أقرب الناس إليهم، فحفرت جروحاً في أعماقهم، واليوم يخرجونها إلى العلن كي تشكل توعية اجتماعية يستفيد منها أمثالهم، فيدركون أنه لا ينبغي السكوت عن الظلم ولا عن ممارسة العنف عليهم. فالبوح بما يعانون منه ينعكس إيجاباً عليهم ويزودهم بالقوة. هذه النتائج المرجوة تشكل أهداف «سيناريو»، وهي منظمة تعنى بفنون الأداء والتعليم، وتعمل مع المجتمعات المهمشة في لبنان والأردن في مجال التوعية.

تعرض «وراء الستار» في 8 و9 يوليو (تموز) الحالي على مسرح «بيت الفن» في مدينة طرابلس شمال لبنان. ومن ثم تنتقل إلى مسرح «معروف سعد الثقافي» في صيدا الجنوبية في 22 منه. وفي 30 يوليو تحط رحالها في بيروت تحديداً على مسرح «دوار الشمس».

لينا خوري تتولى إخراج «وراء الستار» (فيسبوك لينا خوري)

نحو 15 شاباً وصبية يشاركون في هذا العمل الذي تتولى لينا خوري إخراجه. فيسردون خلاله قصصهم عن واقع مرير يعيشونه مجبول بالجهل والعنف. ومع بعضهم يتحدّون بأوجاعهم ويروونها للتحرر من واقعهم وتغييره إلى الأفضل.

لم تستطع خوري إمساك دموعها أكثر من مرة وهي تمرّن الممثلين على أدوارهم. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أبكي وأنا أصحح النصوص التي كتبوها بأنفسهم. فهي تنطوي على قصص حزينة جداً، لا سيما أن بين هؤلاء الشبان من لا يزال يعاني من العنف حتى اليوم».

العنف الأسري بكل أشكاله تقدمه «وراء الستار» بوضوح وشفافية. فتحكي المسرحية عن حالات تنبع من بيئة تعده أمراً عادياً، وهو يمارس بعدة أشكال لفظياً ومعنوياً وجسدياً واقتصادياً. وتوضح خوري: «ليست سيناريو، ولست أنا من اختار موضوع العنف، بل الشباب أنفسهم. فنحن تركنا لهم حرية التعبير بأي موضوع يرغبون فيه. وكانت المفاجأة أن غالبية النصوص التي قدمت إلى (سيناريو) تحكي عن العنف الأسري. فكان من واجبنا أن نتناوله تماماً كما أرادوا لأنه يشكل نوعاً من تربية تمارس عليهم. وتعد الذكورية عاملاً رئيسياً فيها، لأن للأخ أو الأب سلطة مطلقة تسمح لهما بممارستها على الزوجات أو البنات بشكل عام».

التحضيرات والتمرينات لهذه المسرحية استغرقت نحو شهرين. جميعهم لبنانيون ومن منطقتي طرابلس وعكار، ويطلون على الخشبة لأول مرة. وهو ما ولّد صعوبة لدى المخرجة خوري لتعليمهم التمثيل. «مدة التمرينات كانت قصيرة جداً ليتعلموا أصول التمثيل والكتابة معاً، بعدها استطاعوا إنجاز ما يريدونه وولدت أفكارهم على الورق، ومن ثم اعتلوا المسرح وجاهروا بها بصلابة مع أنهم كانوا يعرفون بأن بعد العرض سيعود كل منهم إلى منزله. لذلك حاولت قدر الإمكان أن يجتمعوا على الخشبة أثناء عرض المسرحية، فيرووا قصصهم ويصغوا إلى بعضهم بعضاً ويعلقوا عليها بأساليب مختلفة».

هذا العنف الذي يعيشونه سيترجمونه مرات بلوحات راقصة ومرات أخرى بحوارات جريئة. فيتحدثون عن انكساراتهم وكيفية تحطم قلوبهم وأجسادهم الصغيرة وعقولهم التائهة بين الصح والخطأ. ويحضر أيضاً العنف الاقتصادي، الذي يمارسه الأهل على أولادهم، والتفرقة بين الذكر والأنثى.

«وراء الستار» عمل مسرحي توعوي لممثلين غير محترفين (جمعية سيناريو)

تبدأ المسرحية بلوحة راقصة تجمع الشباب والصبايا، ومدرّبهم كان سامر زاهر، الذي علّمهم كيفية استخدام لغة الجسد للتعبير عن مشكلاتهم مع فن الكوريغرافيا. فتختلط القصص والمشاعر في لوحات واحدة تنبع منها مشهدية مسرحية فنية.

وتشير لينا خوري في سياق حديثها إلى أنها عاشت مع هؤلاء الشباب تجربة اجتماعية حفرت داخلها. وتعلق: «كان عندي تجربة مشابهة في مسرحية سابقة (حكي نسوان). وأدرك تماماً صعوبة أن نروي قصصنا الحزينة على العلن، فنكون كمن يفضفض للآخر ليرتاح من ناحية، ونحذره من الوقوع فيها من ناحية ثانية. فمن غير المقبول الخضوع لواقع من هذا النوع. ومشكلة العنف الأسري موجودة بنسب مرتفعة. وكان علينا إبرازها رغم أننا لم نسلط الضوء على قصص معينة تظهر مدى الأذية التي يتعرضون لها خصوصاً جسدياً. فهم يحاولون إيصال صوتهم إلى أكبر عدد ممكن من الناس والجمهور الذي سيشاهدهم ويتفاعل معهم، لأنه بالتأكيد هناك من يعاني نفس المشكلة».

وترى لينا خوري أنها في عملها المسرحي تساهم في تقديم نوع من الوعي. «لست نائباً في البرلمان ولا معالجة نفسية، ولذلك اجتهدت لأسلط الضوء على هذه المشكلات بصوت مرتفع لأن العنف يؤدي إلى الجهل والتخلف. ومهما اختلفت وجوهه ضد المرأة أو الأطفال وأحياناً ضد الرجل، فالمطلوب أن نتحدث عنه ولا نهمله. فربما بطريقتنا هذه نستطيع أن نحفز المسؤولين لسن قوانين تحمي الأسر. فإخراج الأذية من الداخل يرتد إيجاباً على صاحبها ووعياً على الآخر».

واكتشفت لينا أن الأداء المسرحي أسهم في تزويد الشبان الـ15 بالقوة والثقة بالنفس. كما ولّد بينهم لحمة وودا فشعروا بأنهم لم يعودوا وحيدين. «بعضهم وجد صعوبة في استرجاع شريط ذكرياته القاسي، فاكتفى بقراءة نص لأنه لم يرغب في عيش نفس التجربة مرة جديدة».



السعودية: مركز «إكثار النمر العربي» ينال اعتماداً دولياً

الهيئة الملكية للعلا تلتزم بحماية النمر العربي المهدد بالانقراض وإكثاره (واس)
الهيئة الملكية للعلا تلتزم بحماية النمر العربي المهدد بالانقراض وإكثاره (واس)
TT

السعودية: مركز «إكثار النمر العربي» ينال اعتماداً دولياً

الهيئة الملكية للعلا تلتزم بحماية النمر العربي المهدد بالانقراض وإكثاره (واس)
الهيئة الملكية للعلا تلتزم بحماية النمر العربي المهدد بالانقراض وإكثاره (واس)

حصل «مركز إكثار وصون النمر العربي» التابع للهيئة الملكية لمحافظة العُلا (شمال غربي السعودية) على اعتماد الجمعية الأوروبية لحدائق الحيوان والأحياء المائية (EAZA)، كأول مؤسسة من نوعها في البلاد تنال هذه العضوية.

ويأتي الاعتماد تأكيداً على التزام الهيئة بحماية النمر العربي المهدد بالانقراض بشدة، والمساهمة في الحفاظ على التنوع البيئي والحيوانات النادرة بالمنطقة، حيث يعمل المركز على إكثار هذا النوع ضمن إطار شامل لصون الحياة البرية واستدامتها.

وبحسب تصنيف الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN)، يُعد النمر العربي من الأنواع المهددة بالانقراض بشدة منذ عام 1996، وهو ما يسلط الضوء على أهمية هذا الاعتماد في دعم جهود الحفاظ عليه، وإعادته لموائله الطبيعية.

النمر العربي يعدّ من الأنواع المهددة بالانقراض بشدة (واس)

ومنذ انتقال إدارة المركز إلى الهيئة في عام 2020، ارتفع عدد النمور من 14 إلى 31 نمراً، حيث شهد عام 2023 ولادة 7 هراميس، كما استقبل العام الماضي 5 ولادات أخرى، من بينها 3 توائم.

من جانبه، عدّ نائب رئيس الإدارة العامة للحياة البرية والتراث الطبيعي بالهيئة، الدكتور ستيفن براون، هذه الخطوة «مهمة لدعم جهود حماية النمر العربي والحفاظ عليه»، وقال إنها «تتيح فرصة التواصل مع شبكة من الخبراء الدوليين، مما يعزز قدرات فريق العمل بالمركز، ويزودهم بأحدث المعارف لدعم مهمتهم الحيوية في زيادة أعداد النمور».

وأشار إلى أن المركز «يعكس التزام السعودية المستمر بحماية البيئة، ضمن مشروع طويل الأمد يهدف إلى الحفاظ على هذا النوع النادر»، مضيفاً: «مع كل ولادة جديدة، نقترب أكثر من تحقيق هدفنا بإعادة النمر العربي إلى موائله الطبيعية، وهو ما يشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية الهيئة لإعادة التوازن البيئي، والحفاظ على التنوع الحيوي في العُلا».

إعادة النمر العربي لموائله تُشكل جزءاً من استراتيجية إعادة التوازن البيئي (واس)

وتُجسِّد العضوية في الجمعية مساعي المملكة لتحقيق التنمية المستدامة، وحماية المساحات الطبيعية من خلال مبادرات إعادة التشجير، وتأهيل البيئات الطبيعية، بما يتماشى مع «مبادرة السعودية الخضراء».

كما تتيح للهيئة وللمركز فرصة الوصول إلى شبكة عالمية من الخبراء والمتخصصين في مجالات رعاية الحيوان، والتنوع الحيوي، والحفاظ على البيئة، فضلاً عن الاستفادة من برامج الإكثار المشتركة الناجحة.

وتسعى الهيئة لإعادة النمر العربي إلى موائله الطبيعية في العُلا، بما يتماشى مع «رؤية المملكة 2030» التي تركّز على الحفاظ على التراث الطبيعي، وتعزيز السياحة البيئية المستدامة.