تحذيرات علمية: جنوب شرقي آسيا قد يكون مصدراً لجائحة جديدة

بسبب ارتفاع أعداد القرود والخنازير بالمنطقة

أحد قرود المكاك في غابات ماليزيا (الفريق البحثي)
أحد قرود المكاك في غابات ماليزيا (الفريق البحثي)
TT

تحذيرات علمية: جنوب شرقي آسيا قد يكون مصدراً لجائحة جديدة

أحد قرود المكاك في غابات ماليزيا (الفريق البحثي)
أحد قرود المكاك في غابات ماليزيا (الفريق البحثي)

ساعدت السلوكيات البشرية المتمثلة في تخصيص أجزاء من غابات جنوب شرقي آسيا، مزارع لزيت النخيل، على توفير الغذاء وظروف التكاثر المثالية لقرود المكاك والخنازير البرية، مما أدى إلى زيادة أعدادها بشكل مبالغ فيه، وهو ما يجعل من تلك الغابات «بيئة مناسبة لجائحة جديدة قد تهدد البشرية»، وفق دراسة جديدة نشرتها (الجمعة) دورية «بايولوجيكال ريفيو Biological Reviews».

وقاد الدراسة باحثون من جامعة «كوينزلاند الأسترالية»، بمشاركة باحثين من دول جنوب شرقي آسيا، حيث جمعوا وحللوا بيانات تجمعات الأنواع الحيوانية في جميع أنحاء غابات جنوب شرقي آسيا باستخدام شبكة من الكاميرات، ووجدوا أن أعداد الخنازير البرية وقرود المكاك، كانت أعلى بنسبة 400 في المائة في الغابات التي تم اقتطاع أجزاء منها مثل مزارع زيت النخيل، وذلك مقارنة مع البيئات البكر التي لم يمسها التغيير.

وقال ماثيو لوسكين، من كلية البيئة بجامعة «كوينزلاند»، الباحث الرئيسي بالدراسة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه «رغم قدم التفاعل بين الإنسان وحيوانات القرود والخنازير؛ فإننا نحذر منه الآن، لأن المزيد من تدهور الغابات وتحويلها لأراض زراعية، وفّر الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية المناسبة لهذه الحيوانات، مما أدى لزيادة أعدادها بمستويات أعلى 10 مرات عن المستويات التاريخية، مما يهدد بظهور الأمراض حيوانية المنشأ لدى البشر».

وأوضح لوسكين «أتاح ضبط مصائد الكاميرا للفريق البحثي إحصاء أعداد الحيوانات بدقة، حيث كانت هناك أعداد ضخمة من قرود المكاك والخنازير البرية في تايلاند وماليزيا وإندونيسيا، وهذا من شأنه أن يسبب مخاطر كبيرة على صحة الإنسان»، مضيفاً أن «ماليزيا أدركت خطورة هذا التفاعل المفرط بين البشر وتلك الحيوانات، فتقوم بإعدام 50 ألف حيوان في السنة، وفق ما ذكرته تقارير صحافية، لكني أؤيد المزيد من الحلول الأخلاقية، مثل بناء أسوار كهربائية لردع الحيوانات البرية عن نهب المحاصيل ومنع فرص تفاعلها مع البشر، ونقل الفيروسات إليهم».

والخنازير وقرود المكاك، من بين الحيوانات المعروف عنها أنها «ناقلات للأمراض التي يمكن أن تنتقل إلى البشر»، وهي أكثر الأنواع شيوعا في المناطق التي رصدتها الدراسة، بما «يجعل من منطقة جنوب شرقي آسيا نقطة ساخنة لتصدير الأمراض حيوانية المصدر»، كما يؤكد لوسكين.

من جانبه، أبدى كارلوس بيريز، من جامعة «إيست أنجليا» (المملكة المتحدة)، الباحث المشارك بالدراسة، انزعاجه من الأعداد الكبيرة التي تم رصدها بالدراسة. وقال إن «الأعداد الكبيرة بشكل غير طبيعي من أنواع حيوانات الحياة البرية، تجعل من الغابات الاستوائية المعدلة بواسطة الإنسان، مستودعات للأمراض».

وأضاف أن «هذه الدراسة تظهر مرة أخرى أن المناطق الريفية المكتظة بالحيوانات في جنوب شرقي آسيا قد تكون مصدر أوبئة بشرية في المستقبل».

في حين يرى تامر سالم، أستاذ الفيروسات بمدينة زويل في مصر، أن «الأوبئة تبدأ عادة من خلال الطيور، التي تنقل الفيروس إلى حيوانات قريبة من الإنسان فسيولوجيا وتشريحيا، لتقوم هذه الحيوانات بدورها بنقلها إلى الإنسان ليحدث تبادل جيني داخل خلايا الإنسان، لينتج لنا فيروس ثالث بمواصفات جديدة تجعله قادراً على الانتقال من إنسان إلى آخر».

وأضاف سالم لـ«الشرق الأوسط» أنه «في حالة فيروس (كوفيد - 19) فإن أغلب الدراسات تشير إلى أن أصل الفيروس جاء من الخفاش الذي نقله إلى آكل النمل الحرشفي، وهو من الحيوانات البرية، وانتقل إلى الإنسان أثناء اختلاطه مع هذا الحيوان في سوق ووهان للحيوانات، كما تسبب سيناريو شبيه في فيروس متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس) عام 2003، الذي انتقل من الخفاش إلى قطط الزباد، التي تعيش في الغابات الاستوائية، ومنها إلى البشر».

وكانت «منظمة الصحة العالمية» قد التفتت إلى الخطر الذي تمثله الفيروسات حيوانية المصدر، ويسعى «المكتب الإقليمي لشرق المتوسط» بالمنظمة لإنشاء آلية إقليمية للجمع بين «الصحة العالمية» و«المنظمة العالمية لصحة الحيوان»، حتى يمكن رصد الأمراض حيوانية المنشأ سريعا، ودراسة خطر انتقالها للبشر.

وعُقد خلال الفترة من 8 إلى 11 مايو (أيار) الماضي، في مسقط بسلطنة عُمان الاجتماع الإقليمي الأول لتسريع وتيرة إنشاء تلك الآلية الإقليمية، كما يجري حاليا، على المستوى الدولي الإعداد لمعاهدة الأوبئة التي من المقرر إقرارها في مايو من عام 2024، وتهدف في أحد نصوصها المقترحة إلى مساعدة الدول على الاحتراز بشكل أفضل من الأوبئة حيوانية المصدر.


مقالات ذات صلة

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء (إ.ب.أ)

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء ويعزز نمو البكتيريا المفيد بها، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب في صحتنا ككل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الشاي الأخضر من المشروبات الغنية بالفلافانول (جامعة باستير الأميركية)

مشروبان يحميان الأوعية الدموية بعد الوجبات الدسمة

كشفت دراسة بريطانية عن أن الشوكولاته والشاي الأخضر يمكن أن يساهما في حماية الأوعية الدموية من تأثيرات التوتر النفسي حتى بعد تناول طعام دسم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
TT

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير الذين اختفوا عن حفل الختام الذي أقيم في قصر ثقافة مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء.

ووفق نقاد، فإن التضارب الذي يحدث بين مواعيد انعقاد مهرجانات مصرية على غرار «شرم الشيخ المسرحي» و«القاهرة السينمائي» هو السبب وراء اختفاء نجوم الشاشات والمسرح عن حضور فعاليات المهرجان.

ورغم استمرار انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي المعروف بكثافة فعالياته، جرى تكريم بعض نجوم الفن والسينما، عبر حفل «غولدن غلوب» ومجلة «Enigma»، بأحد الفنادق الكبرى على النيل، كان من بينهم الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، والفنانة يسرا، اللذان تم منحهما جائزة «عمر الشريف».

وشهد حفل ختام «شرم الشيخ المسرحي» حضور عدد قليل من الفنانين والمسرحيين، من بينهم الفنان سيد خاطر، وكيل وزارة الثقافة المصرية الأسبق، وأحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة، والفنان علاء مرسي، والفنان والبروفيسور الروسي ميخائيل جوريفوري، والمخرج الروماني قسطنطين كرياك، رئيس مهرجان سيبيو الدولي، والفنانة حلا عمران، والفنانة اللبنانية مروة قرعوني، والفنان أحمد وفيق، والمخرج السوري ممدوح الأطرش، والكاتبة فاطمة المعدول، والدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان، والمخرج عصام السيد، والفنانتان المصريتان عزة لبيب، ومنال سلامة.

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي (شرم الشيخ المسرحي)

وسيطرت مصر على جوائز حفل الختام؛ إذ حصل شباب مسرحها على جائزة أفضل عرض متكامل بمسرحية «هجرة الماء» وشهادتي تقدير لجودة العمل في مسابقة مسرح الطفل والنشء، كما حصل المصري أحمد بيلا على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع، عن عرض «خلف النافذة»، أما عن أبرز الجوائز العربية فحصل العرض الإماراتي «حكايات صامتة» على جائزة أفضل أداء جماعي في مسابقة مسرح الطفل والنشء، وحصل العرض العماني «فضيلة عبيد» على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع.

وأعلن المخرج مازن الغرباوي، مؤسس ورئيس المهرجان، أن دولة كوريا الجنوبية ستكون ضيف شرف المهرجان في الدورة المقبلة التي ستحمل اسم الفنانة المصرية القديرة إلهام شاهين، لمسيرتها المهمة في المسرح المصري والعربي.

وأعرب المخرج السوري ممدوح الأطرش عن سعادته البالغة لتكريمه في مصر، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتابع المهرجان منذ انطلاقه قبل 9 سنوات، وأراه يتطور سنة تلو الأخرى».

ممدوح الأطرش خلال حفل الختام (شرم الشيخ المسرحي)

وعن أعماله الفنية التي يحضر لها خلال الفترة المقبلة، قال الأطرش: «أجهز لفيلم سينمائي عن حياة الفنانة الراحلة أسمهان، نجري حالياً تشاورات ونقاشات عدة حوله، حتى يخرج بالصورة الرائعة التي تُمثل قيمة أسمهان بصفتها فنانة عالمية، مع سرد سريع لقصة عائلة الأطرش».

يُذكر أن الدورة التاسعة من المهرجان كانت تحمل اسم المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوي، وشهدت مشاركة 36 دولة، ومنح الفنانة السورية حلا عمران درع «سميحة أيوب»، بجانب تكريم الفنان علاء مرسي، والفنان الروسي ميخائيل جوريفوي، والمخرج السوري ممدوح الأطرش.