ملحن مصري أثار جدلاً واسعاً بعد تقديمه أغنية «يالا»

محاولة جديدة لاستنساخ صوت عمرو دياب بواسطة الذكاء الاصطناعي

ماز عبد الله (حسابه على «فيسبوك»)
ماز عبد الله (حسابه على «فيسبوك»)
TT

ملحن مصري أثار جدلاً واسعاً بعد تقديمه أغنية «يالا»

ماز عبد الله (حسابه على «فيسبوك»)
ماز عبد الله (حسابه على «فيسبوك»)

بعد هدوء عاصفتي استنساخ صوت «كوكب الشرق» أم كلثوم، و«العندليب الأسمر» عبد الحليم حافظ، أعادت محاولة استنساخ صوت الفنان عمرو دياب، الجدل مجدداً في مصر.

وحذف موقع «يوتيوب» أغنية الذكاء الاصطناعي «يالا» التي طرحها المطرب ماز عبد الغني السيد، قبل ساعات، بعد مطالبة شركة «ناي» المملوكة لـ«الهضبة» بحقوق النشر، التي رأت أن الصوت المستخدم في الأغنية يشبه صوت الفنان عمرو دياب.

وكان المُلحن والموزع الموسيقي الشاب ماز عبد الغني السيد، وهو حفيد المطرب الراحل عبد الغني السيد (1908 - 1962)، قد أثار ضجة عقب طرح الأغنية عبر قناته على «يوتيوب»، ووصفها بأنها أول أغنية في الوطن العربي تُنفّذ بتقنية الذكاء الاصطناعي بنسبة 100 في المائة، كما احتفى «ماز» بتجاوز عدد مشاهدات الأغنية مليون مشاهدة على موقع «تيك توك» بعد مرور أقل من 3 أيام على طرحها.

ونفى الملحن الشاب أن يكون «تعمد استنساخ صوت عمرو دياب»، مضيفاً في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يستفيد فقط من التكنولوجيا وتطورات العصر في اختصار الزمن والمجهود عند صنع لحن جديد».

وأعرب عن أسفه بسبب «توقف الجمهور عند جزئية تشابه صوت مؤدي أغنيته مع صوت عمرو دياب، من دون الاهتمام بأنها أول أغنية متكاملة بالذكاء الاصطناعي».

عمرو دياب (حسابه على «فيسبوك»)

وسبق للمحن الشاب أن وزّع الموسيقى لمسلسلات «طريقي»، و«ليالي أوجيني»، و«أهو دا اللي صار»، كما وزع أغنية «الورد البلدي» لأصالة، و«تعرفي تسكتي» لمدحت صالح، وغنت ماريتا الحلانى من توزيعه «متلخبطة».

ولم تكن أزمة استنساخ أغنية عمرو دياب الأولى من نوعها في مصر، فقد سبقتها أزمة أغنية «أفتكر لك إيه» الذي استنسخ فيها الملحن عمرو مصطفى صوت أم كلثوم بتقنية الذكاء الاصطناعي، كما أقدم استشاري تصميم على استخدام صوت عبد الحليم حافظ في عدد من أغاني عمرو دياب بتقنية الذكاء الاصطناعي، مبرراً الأمر بأنه «خطوة أولية في مشروع بحثي علمي يستهدف مواكبة التطورات العالمية».

وأبدى فنانون عرب، من بينهم أنغام وجنات، انزعاجهم من إقحام تلك التقنية الجديدة على مجال الأغنية، واتهموها بـ«إنتاج أعمال تخلو من الإحساس الإنساني».

وبينما كانت التخوفات المتعلقة باستخدام «مولدات الصوت الحديثة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي»، تدور حول الجوانب الأمنية، بعد أن نجحت تلك المولدات في تقليد أصوات زعماء ورؤساء، بل وحتى أفراد عاديين، بمجرد توفر مادة صوتية لهم، أصبح هناك بعد آخر يتعلق بالملكية الفكرية للصوت، عندما تُستغل أصوات مثل صوت عمرو دياب في إنتاج أغنية جديدة.

التعلم العميق

وإنتاج الأغنيات بالآليات الجديدة ليس صعباً، كما يقول مصطفى العطار، الباحث المتخصص في الذكاء الاصطناعي، بجامعة النيل الأهلية لـ«الشرق الأوسط».

يضيف العطار: «كل ما سيفعله من يريد إنتاج أغنية جديدة، هو فصل صوت عمرو دياب من أغانيه من دون الموسيقى، بحيث يكون معبراً عن المشاعر المختلفة، من فرح وحزن، ثم تُدرّب خوارزمية تسمى (نقل الأنماط) على بصمة الصوت، لتكون تلك الخوارزمية قادرة على تحويل كلمات أي أغنية تُزوّد بها إلى صوت عمرو دياب».

«ويشترط أن تكون المكتبة الصوتية التي تُزوّد الخوارزمية بها متضمنة طريقة نطق المطرب لكل الحروف، بحيث يؤثر أي خلل في أي حرف على دقة الخوارزمية في إنتاج الصوت»، كما يوضح العطار، «وكلما زادت البيانات التي يتم تدريب الخوارزمية عليها، زادت مهارتها في محاكاة الكلام البشري، وهذا ما يعرف بـ (التعلم العميق)».

أغنية «يالا» (حساب ماز على «تيك توك»)

والتعلم العميق هو طريقة للتعلم الآلي تعتمد على الشبكات العصبية الاصطناعية، وبسبب هذه الشبكات العصبية، فإن الذكاء الاصطناعي الحديث يكون قادراً على معالجة البيانات بطريقة تماثل الخلايا العصبية في دماغ الإنسان التي تفسر المعلومات.

ويشير العطار إلى أن أحدث الدراسات تشير إلى نجاح الخوارزميات في تحقيق تطابق بين صوت الذكاء الاصطناعي والصوت الأصلي بنسبة 92 في المائة.

قوانين الملكية الفكرية

ولا تغطي قوانين الملكية الفكرية الراهنة هذا التحدي الجديد الذي أنتجه الذكاء الاصطناعي، ولكن من المتوقع أن يُعالج بمواد متخصصة في قوانين أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي تُعدّ في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، كما يوضح العطار.

وإلى حين حدوث ذلك، فإن عقاب الشخص الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتقليد صوت مطرب قد يكون صعباً، حسب العطار الذي يضيف: «سيكون في وسع المطرب المتضرر مطالبة موقع مثل موقع الفيديوهات الشهير (يوتيوب) بحذف الأغنية فقط، بينما قد يبدو الوضع مختلفاً عند إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في الإضرار بالأمن القومي عن طريق تقليد صوت الرؤساء، إذ توجد مواد في قوانين بعض الدول لعقاب هذا الفعل».

الذكاء الاصطناعي

بدوره، حذّر الناقد الفني طارق الشناوي من «المبالغة في التخوف من الذكاء الاصطناعي، لتفادي الوقوع في فخ المصادرة على المستقبل»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الرفض التلقائي الفوري من دون مناقشة هو عادة أول رد فعل يتخذه الناس إزاء كل ظاهرة جديدة خوفاً منها، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التعايش والتأقلم ومن ثم قبول بعض الجوانب ورفض جوانب أخرى من تلك الظاهرة».

وأوضح الشناوي أن «الذكاء الاصطناعي لا يزال في مراحله الأولى بمجال الغناء وسيتطور بمرور الوقت، وسيعطينا نتائج أكثر دقة وكفاءة، لكنه لن يكون بديلاً للإبداع الإنساني، لأنه يعمل على التركيبات العقلية التي سبق وأبدعها البشر، في حين أن الإبداع الحقيقي يقوم على فكرة تجاوز ما أبدعه السابقون».


مقالات ذات صلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا 7 مشاريع تجريبية للذكاء الاصطناعي من «غوغل» يمكنك التعرف عليها الآن

7 مشاريع تجريبية للذكاء الاصطناعي من «غوغل» يمكنك التعرف عليها الآن

تمنحنا «غوغل» إمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من الأدوات التجريبية التي لم تصبح منتجات كاملة بعد.

دوغ آموث (واشنطن)
علوم ​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

يحدد الآفات والخراجات حولها

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.