افتتح «المتحف القومي للحضارة»، صباح (الاثنين)، معرضاً توثيقياً يضم مجموعة نادرة من الصور الفوتوغرافية التي تجسد إحدى رحلات الحجاج إلى بيت الله الحرام، الذين كانوا ضمن البعثة المصرية عام 1904، كما يعرض للمرة الأولى أجزاء نادرة من كسوة الكعبة المشرفة والمحمل ، وذلك بمناسبة عيد الأضحى المبارك وموسم الحج.
ويعبر المعرض المقام تحت عنوان «الطريق إلى مكة» عن ارتباط الإنسان بمقدساته وطقوسه الروحية بواسطة التصوير الفوتوغرافي وسيلة تعبير واقعية توثيقية، فضلاً عن المشاعر المرهفة والأحاسيس الجياشة المرتبطة بشعيرة الحج، وفق الدكتور ميسرة عبد الله، نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يتضمن المعرض قطعاً من كسوة الكعبة المشرفة والبيرق الخاص بـ(طلعة المحمل)، ويعود إلى عهد الخديو إسماعيل، ويعرض لأول مرة (علم السواري) والفرسان المسؤولين عن حماية المحمل، إضافةً إلى (باب التوبة) الذي يوضع على الكعبة المشرفة».
وبخلاف خصوصية ما يتضمنه المعرض من مقتنيات نادرة، فإنه يكتسب أهمية إضافية، وفق عبد الله، لأنه يعكس أحد أهم أدوار المتحف القومي للحضارة المصرية مؤسسة علمية فنية ثقافية، علاوة على دوره في عرض المقتنيات الأثرية.
ويشدد عبد الله على أن المتحف ليس مجرد مؤسسة لعرض الآثار القديمة، إنما يعرض كافة أوجه الثقافة، وهو ما ينعكس في الفعاليات الثرية التي يقدمها، نظراً لما يمتلكه من مجموعات متفردة للغاية تتعلق برحلة الحج، فإنه أراد أن يطلع عليها الجمهور مواكبةً لأداء هذه الشعيرة الكبرى من شعائر الدين الإسلامي الحنيف، كما أنه من واجبه الثقافي والأدبي أن يقدم لزواره بعضاً من هذه المقتنيات التي لم تعرض من قبل.
ويمتلك المتحف كسوتين للكعبة، لكن بسبب صعوبة عرضهما كاملتين لضخامة حجمها، فقد اختير عرض أجزاء منهما تتمتع ببعد فني كبير مثل الأشرطة والأحزمة الخاصة بالكعبة والبوابات وأغطية المنابر، بالإضافة إلى علم السواري وعلم البيرق، وهما يعرضان لأول مرة على الإطلاق في مصر.
ويتضمن المعرض كذلك مجموعة من الصور الفوتوغرافية، تم تصويرها من قبل محمد أفندي، الذي كان يعمل موظفاً في «وزارة الحقانية» المصرية حينئذ، وقد سافر بتكليف من الإمام محمد عبده سنة 1904؛ لتوثيق طلعة المحمل ورحلة الحج في ذلك الوقت؛ لذلك تعد من أندر الصور الفوتوغرافية التي تسجل رحلات الحج، حسب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف.
ويقتني المتحف مجموعة كبيرة من الصور الأصلية التي أهدتها أسرة المرحوم محمد أفندي إلى المتحف عند إنشائه؛ إذ تبلغ نحو 170 صورة، تم اختيار 35 منها؛ ليتم تقديمها في المعرض المستمر حتى 7 يوليو (تموز) المقبل مع توثيق تفصيلي لها.
وتستعرض الصور، الحرمين الشريفين، وتوثق مشاهد متعددة من وقوف الحجيج بجبل عرفات، وفى منى، وصوراً لأعضاء بعثة الشرف المصرية، وغيرها من الصور المصرية للحضور، التي تبرز أهمية مواقع الحج وفضل مكة المكرمة والمدينة المنورة.
كما تجسد الصور المنتقاة مشاهد من سير قوافل الحجاج في الصحراء، ومن الحياة اليومية لهم في ذلك الوقت، وتستعرض بالتفصيل الصعوبات التي كانت تواجههم أثناء رحلتهم المقدسة إلى مكة، كما تتناول السفينة التي تم إرسال المحمل على متنها، وحفاوة استقبال أهل مكة والمدينة للمحمل، ولحظة دخوله منطقة الحجاز ومناسك الحج والمسجد النبوي ومسجد قباء ومقابر البقيع، فضلاً عن المساجد والمباني المميزة في مكة والمدينة، وفي الأماكن المختلفة بهما، وأبرز ما يميزها أنها جاءت محملة بالمشاعر المقدسة التي نجح محمد أفندي في تجسيدها.