فك شفرة أقوى حرير عنكبوت في العالم

قد يُمهد لإنتاج مادة شبيهة

العنكبوت ينتج أقوى حرير في العالم (غيتي)
العنكبوت ينتج أقوى حرير في العالم (غيتي)
TT

فك شفرة أقوى حرير عنكبوت في العالم

العنكبوت ينتج أقوى حرير في العالم (غيتي)
العنكبوت ينتج أقوى حرير في العالم (غيتي)

تتمتع العناكب بقدرة مذهلة على صنع خيوط حرير توصف بأنها الأقوى في العالم، ومع ذلك، فهي في الوقت نفسه مرنة وخفيفة في الوزن.

ألياف حرير العنكبوت تتكون من طبقتين (غيتي)

وحاول كثير من الباحثين فك شفرة هذا الحرير المميز، لإنتاج مادة شبيهة به، ويزعم باحثان من جامعة «جنوب الدنمارك»، أنهما قطعا خطوات كبيرة في هذا الاتجاه، بعد أن نجحا في التعمق بهياكله البيولوجية، ليكشفا عن أشياء جديدة لأول مرة، تم إعلانها في دراسة نشرت الثلاثاء بدورية «ساينفيك رييبورتيز آند سكانينج».

وكانت إيرينا إياشينا، من قسم الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية بجامعة «جنوب الدنمارك» مفتونة بحرير العنكبوت، منذ أن كانت طالبة ماجستير في الجامعة، وكجزء من بحثها، تعاونت مع عالم الفيزياء الحيوية من نفس الجامعة، جوناثان بروير، وهو متخصص في استخدام أنواع مختلفة من المجاهر للتعمق في الهياكل البيولوجية، لينجحا معاً، ولأول مرة، في دراسة الأجزاء الداخلية من حرير العنكبوت باستخدام مجهر ضوئي دون قطع أو فتح الحرير بأي شكل من الأشكال.

ويقول جوناثان بروير في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة: «لقد استخدمنا العديد من تقنيات الفحص المجهري المتقدمة، كما طورنا نوعاً جديداً من المجهر الضوئي الذي يسمح لنا بالنظر إلى قطعة من الألياف ومعرفة ما بداخلها».

وقبل هذه المحاولة، تم تحليل حرير العنكبوت باستخدام تقنيات مختلفة، وكلها قدمت رؤى جديدة، ومع ذلك، كانت هناك أيضا عيوب لهذه التقنيات، لأنها تتطلب غالبا قطع خيوط الحرير، وفتحها للحصول على مقطع عرضي للفحص المجهري أو تجميد العينات، مما قد يغير البنية من ألياف الحرير.

وتقول إيرينا ياتشينا: «أردنا دراسة الألياف النقية وغير المعالجة التي لم يتم قطعها أو تجميدها أو التلاعب بها بأي شكل من الأشكال».

ولهذا الغرض، استخدم الثنائي البحثي تقنيات أقل توغلاً مثل (مطياف رامان المضاد للأستوكوز)، (الفحص المجهري متحد البؤر)، و(المسح المجهري للهيليوم أيون)، لتكشف الدراسات المختلفة أن ألياف حرير العنكبوت تتكون من طبقتين خارجيتين على الأقل من الدهون، وخلفهما، توجد العديد مما تسمى بالألياف التي تعمل بترتيب متجاور مستقيم ومعبأ بإحكام.

ويعمل الباحثان مع ألياف الحرير من العنكبوت الذهبي (Nephila Madagascariensis)، والذي ينتج نوعين مختلفين من الحرير، أحدهما، يسمى MAS (أمبولات ألياف حرير رئيسية)، ويستخدم لبناء شبكة العنكبوت، وهو أيضا الحرير الذي يستخدمه العنكبوت للتشبث، وتشير إيرينا ياتشينا، إلى أنه شريان حياة العنكبوت، فهو قوي جدا ويبلغ قطره حوالي 10 ميكرومتر، والآخر يسمى MiS (أمبولات ألياف حرير طفيفة)، ويعمل كمواد مساعدة للبناء، وهو أكثر مرونة ويبلغ قطره عادة 5 ميكرومتر.

وتقول ياتشينا: «وفقا لتحليلنا، يحتوي حرير (MAS) على ألياف يبلغ قطرها حوالي 145 نانومترا، وبالنسبة لحرير (MiS) يبلغ قطرها حوالي 116 نانومترا، ويتكون كل ليف من بروتينات مختلفة، وينتج العنكبوت هذه البروتينات عندما يصنع أليافه الحريرية». وتضيف «في الوقت الحالي، أقوم بمحاكاة حاسوبية لكيفية تحول البروتينات إلى حرير، والهدف بالطبع هو تعلم كيفية إنتاج حرير العنكبوت الاصطناعي».

ويقول خالد هاشم، أستاذ تكنولوجيا النسيج بجامعة بنها لـ«الشرق الأوسط»، إن التوصل لكيفية إنتاج حرير العنكبوت قد يكون مفيدا في أكثر من اتجاه، حيث يمكن وقتها أن يكون بديلا في الصناعات لمواد مثل الكيفلار والبوليستر وألياف الكربون، كما يمكن أن يدخل في عدد من التطبيقات ومنها صنع السترات الواقية من الرصاص خفيفة الوزن والمرنة.



مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».