فاريل ويليامز يوقف حركة السير في باريس أمس

في أول عرض له... أصاب «لويس فويتون» الهدف

فاريل ويليامز مع فريق عمله يحيي ضيوفه بعد العرض (أ.ف.ب)
فاريل ويليامز مع فريق عمله يحيي ضيوفه بعد العرض (أ.ف.ب)
TT

فاريل ويليامز يوقف حركة السير في باريس أمس

فاريل ويليامز مع فريق عمله يحيي ضيوفه بعد العرض (أ.ف.ب)
فاريل ويليامز مع فريق عمله يحيي ضيوفه بعد العرض (أ.ف.ب)

أخيراً وضع المغني والموسيقي فاريل ويليامز حداً للتوقعات والتكهنات التي راجت في ساحة الموضة منذ تعيينه مديراً إبداعياً للقسم الرجالي في دار «لويس فويتون». فتعيينه، هو الذي لا علاقة له بالموضة سوى حبها لها وتعاوناته مع مصممين وشركات في الماضي، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو، كان مفاجأة بكل المقاييس. السؤال الذي طرح نفسه هو ماذا يمكن أن تضيف شخصية مشهورة وناجحة في مجال الموسيقى لدار عريقة ارتبط اسمها بالأزياء والأكسسوارات؟

الجواب الذي انتظره عالم الموضة جاء أمس على الساعة الثامنة والنصف مساء تحديداً. كان هذا هو موعد تقديم أول تشكيلة له. لم تُخيَب الآمال وجاءت مُغرية. لكن يبقى العرض نفسه هو ما استوقف الجميع، كونه استوفى كل شروط الإبهار التي يمكن أن تخطر على البال. كان حفلاً موسيقياً ضخماً أكثر منه مجرد عرض أزياء. عشرات الموسيقيين من الصف الأول حلّوا ضيوفاً على الدار الفرنسية، من بيونسي وجاي زي إلى ريهانا وزيندايا وليني كرافيتس إلى جانب عدد لا يحصى من الشخصيات الأخرى، مثل كيم كارداشيان وجاريد ليتو وناعومي كامبل.

زيندايا وخبير الأزياء لو روش من بين الحضور (أ.ف.ب)

نجاح العرض يدين أولاً وأخيراً لماكينة دار «لوي فويتون» الهائلة وقوة مجموعة «إل.في.آم.آش» المالكة لها. سخَرت له كل إمكانياتها لكي يخلق الضجة التي كانت تتوخَاها عندما اختارت فاريل ويليامز مصمماً لها. وهو ما تجلى حتى قبل العرض بإغلاق السلطات في باريس المنطقة المحيطة بـ«بون نوف» أقدم جسر في باريس، يعود تاريخه إلى القرن الـ16، ويقع بالقرب من المقر الرئيسي لمجموعة «إل.في.آم.آش» المالكة للدار. غُطي الجسر بلوحات ذهبية وشهد عملية نقل ضيوف الدار على قوارب عبرت نهر السين أمام عيون الآلاف من الباريسيين والسياح، الذين تابعوا المنظر من بعيد بانبهار.

أما بالنسبة للأزياء، فرغم أنه لا جديد فيها فإنها أيضاً لم تُخيَب الآمال. كانت مزيجاً من قطع أيقونية عاد فيها فاريل وفريقه إلى الأرشيف وصاغها بشكل يتناسب مع متطلبات العصر. إطلالات كثيرة غلب عليها التفصيل لا يضاهيها إلا عدد الإطلالات «سبور». كلَما تمعَنت فيها، تكتشف أن جديدها يكمن في طريقة تنسيقها أكثر من أي شيء آخر. في الكثير منها تشعر بأنها تعكس أسلوب فاريل الشخصي. وربَما هذا ما أخرجها من العادي إلى اللاعادي وسيجعلها مرغوبة من طرف جيل الشباب.

نقشات الدار الأيقونية كانت حاضرة لكن بأحجام معقولة (إ.ب.أ)

نقشات «داميير» اللصيقة بالدار كانت حاضرة، لكن بحجم صغير أضفى عليها أناقة تُساير الموجة السائدة التي تميل إلى الهدوء والابتعاد عن اللوغوهات، لأنها بحجمها الجديد كانت مُنعشة. بيد أن هذا لا يعني أن فاريل تخلى عن «اللوغوهات» تماماً. فقد ظهرت وبأحجام كبيرة في بعض القطع وكأنها لا تريد أن تستثني عشاق الدار من الشريحة التي تريد الاستعراض.

ما تجدر الإشارة إليه أنه منذ تعيين فاريل وأسئلة كثيرة تدور في عالم الموضة. أغلبها يدور عن مشهدها وكيف تغير. من كان يتصور أن تقود شخصية مشهورة ومؤثرة لم تدرس الموضة ولم تتخرج من معاهدها دار أزياء بحجم «لوي فويتون»؟ واقع الحال يقول إن «لوي فويتون» التي تعتبر الدجاجة التي تبيض ذهباً لأكبر مجموعة في عالم الموضة والرفاهية ألا وهي «إل.في.آم.آش»، لم تعد تكتفي بدور يقتصر على الأكسسوارات والأزياء فحسب. تريد حالياً أن تتحول إلى مؤسسة قائمة بذاتها، أو بالأحرى «ثقافة» تعكس تطورات العصر وتؤثر فيها في الوقت ذاته. وهذا ما يفسر أنها تريد أن تخلق ضجة عالمية وثورة ثقافية إن صحَ القول لا تقتصر على ما تقدمه من جديد فيما يخص الملابس والأكسسوارات. فهذه لم تعد تثير الخيال من دون عناصر إبهار تخُض المتعارف عليه وتخلق جدلاً فكرياً أو فنياً.

كانت هناك ديناميكية جديدة في العرض (إ.ب.أ)

الابتكار الآن لا يقتصر على التصميم وحده بقدر ما يعتمد على الأفكار، وكيفية ترجمة هذه الأفكار تختلف من مصمم إلى آخر. بالنسبة لدار «لوي فويتون» فإنها تريد الاعتماد فيها على الفن بكل أشكاله، من الفن المعاصر الذي يميل إليه برنار أرنو، مالك المجموعة وأغنى رجل في فرنسا إلى الموسيقى. في عام 2014 افتتحت «إل.في.آم.آش» مثلاً «مؤسسة لوي فويتون» بالقرب من حدائق «بوا دو بولون». صممها المهندس المعماري فرانك غيري وأصبحت بمثابة معلمة معمارية تحتضن بداخلها لوحات فنية معاصرة. وطبعاً لا ننسى أن الدار تعاونت منذ بدايتها، وفي عهد مارك جايكوبس، مع فنانين من كل أنحاء العالم. مؤخراً تعاونت مع كل من جيف كونز وياوي كوساما. كل من تعاونت معهم نجحوا في إضفاء الكثير من البريق والفنية على أكسسوارات حققت أرباحاً طائلة للدار.

من هذا المنظور، فإن تعيينها شخصية موسيقية بحجم فاريل ويليامز، كان تطوراً طبيعياً لتطلعاتها من جهة ولثقافة العصر من جهة ثانية، بعد أن أصبح للشخصيات المؤثرة سطوة ونفوذ. فمهما كانت أناقة التصاميم ودرجات إبداعها لا يمكن أن تجد طريقها إلى خزانات زبائن اليوم إذا لم تلامس وجدانهم وتُلهب خيالهم. فزبون اليوم يريد أن تكون القطعة بقصات أنيقة ومبتكرة، وفي الوقت ذاته يريدها بقِصص محبوكة بشكل مثير.

من الإطلالات التي استحضرت أسلوب فاريل الشخصي (إ.ب.أ)

وهذا ما قدمه فاريل أول من أمس على طبق من ذهب من خلال الموسيقى والنجوم بكل ما أوتوا من بريق وتأثير. وكما بدأ العرض مُجلجلاً انتهى مبهراً يُرفه عن النفس وكل الحواس من خلال حفلة أحياها المغني جاي زي، الذي لم يستطع كبح جماح حماسه وهو يُصرِح بعد العرض: «نحن هنا شاهدين على التاريخ».

جاي زي أشعل حماس الحضور بأغانيه بعد العرض (أ.ف.ب)

 


مقالات ذات صلة

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

لمسات الموضة ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

اهتمام الملك تشارلز الثالث بالموضة، وبكل ما يتعلق بالبيئة، أمر يعرفه الجميع منذ أن كان ولياً للعهد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».