«بريق الذهب» يعيد اكتشاف رموز فنية أفريقية بروح مصرية

معرض يضمّ 70 لوحة تحاكي القوة والثراء والسحر والخصوبة

جانب من المعرض  (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«بريق الذهب» يعيد اكتشاف رموز فنية أفريقية بروح مصرية

جانب من المعرض  (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

ترتكز الرموز في لوحات معرض «بريق الذهب للفنون الأفريقية والتراثية»، المُقام حالياً في «قاعة آدم حنين» بدار الأوبرا المصرية، على ما هو معروف في الفن الأفريقي ويحمل دلالات تبرز في الأعمال المعروضة التي زادت على 70 لوحة شارك فيها أكثر من 50 فناناً وفنانة، من بينها بورتريهات لسيدات عيونهنّ مفتوحة يتمتعن بكثير من الحيوية والسحر، إلى لوحات لنساء بطونهنّ وصدورهنّ بارزة، اختزالاً لما يتمتعن به من ثراء، وهي الإشارات عينها التي يعبّر بها الفنان الأفريقي، وفق رأي مفوّضة المعرض منال الخولي.

يأتي «بريق الذهب» ضمن الدورة السادسة لمعرض «فكرتي»، ويستمر حتى 21 يونيو (حزيران) الحالي، وهو نتاج ورشة فنية استمرت شهراً ونصف الشهر، بحثت خلالها الخولي وزملاؤها في الحياة الاجتماعية الأفريقية، ودرسوا رموزها الفنية والمدلول التعبيري لكل منها، واستخدموا في اللوحات كثيراً من الرموز الحيوانية والنباتية، إلى العناصر الطبيعية والهندسية والزخرفية، في مسعى للمزج بينها والإضافة إليها من أنفسهم، لتخرج الأعمال معبّرة عن الحياة الأفريقية وتفاصيلها المُنطلقة والمتصالحة مع الطبيعة؛ بروح وصبغة مصرية بارزة، عامرة بالقوة والثراء والسحر والخصوبة.

لوحات تظهر احتفالات الأفارقة بمناسباتهم (الشرق الأوسط)

عن التحضيرات، تقول الخولي، وهي أيضاً فنانة تشكيلية، لـ«الشرق الأوسط»: «أردتُ المعرض مرآة معبّرة عن الثقافة الأفريقية فيبتعد عن الإطار المألوف الذي تركز عليه معارض الفن في مصر. مدهش أن ندرس المجتمعات الأفريقية من خلال الفن، ونتعرّف إلى الرموز في فنونها، وهي بوابة لتتبُّع العادات والسلوك والحياة الاجتماعية وما تنطوي عليه من أسرار. وهذا دفعني للتعمّق في التفاصيل».

تضيف: «قرأتُ كثيراً من الدراسات والقصص والروايات لأدرك طبائع البشر هناك، وبحثتُ بدقّة في حياتهم اليومية ومعتقداتهم الشعبية وكيف ينظرون إلى الأشياء من حولهم. واهتممتُ بما تمثّله الرموز على جدران المنازل وداخلها، وتلك المرسومة على الملابس، والتي تبرز في لوحاتهم الفنية، كذلك حلّلتُ الصورة في أفلامهم وحاولت التعرّف إلى علاقتهم بالطبيعة بما فيها من كواكب ونجوم، وقرأتُ ما وراء الرموز الهندسية من ظلال وإشارات».

جانب من معرض بريق الذهب للفنون الأفريقية والتراثية (الشرق الأوسط)

الرموز في حياة الشعوب الأفريقية، وفق الخولي، «مهمة جداً، فهم يتواصلون من خلالها أكثر من اللغة والكلام. وهي لغة عالمية نستطيع عبرها فهم أي مجتمع. وكما لدينا رموز في الفنون الفرعونية القديمة، فهم أيضاً لديهم رموز تحمل دلالات عميقة»، تقول.

وفي الورشة، ارتكز عمل الخولي مع زملائها على دراسة تشريح جسم الإنسان، قبل ترك كل فنان مع خياله وتصوّراته عن حياة الإنسان الأفريقي وتراثه. وتشكّل المعرض من مشاركين بعضهم قدّم لوحة وبعضهم لوحتين، «تظهر فيها روحه الخاصة وكيف يرى الجمال الأفريقي والمرأة والقوة والأنوثة والخصوبة والحيوية والثراء والتفاؤل والحياة. وقد استخدموا الرموز التي تعرفنا إليها وتبرز لدى الأفارقة في حياتهم الاجتماعية»، وفق الخولي.

قاعة آدم حنين بالأوبرا المصرية (الشرق الأوسط)

واستُخدم «تكنيك» ورق الذهب الذي تعرف هي أسراره وتُصنّعه من النحاس الأصفر بمعظم لوحات المعرض، بعد معالجته بمواد معينة لئلا يتفاعل مع الجوّ وتفسده عملية الأكسدة فيتحول لونه إلى أسود.

يتميّز ورق الذهب بالثراء في كونه خامة تشكيلية، وله طريقة خاصة في الرسم. نتيجة ذلك أنّ اللوحات جاءت بطعم مصري رغم أنها تعبّر عن العوالم الأفريقية.


مقالات ذات صلة

100 لوحة لرائد التصوير محمود سعيد وأصدقائه في معرض بانورامي

يوميات الشرق إحدى لوحات محمود سعيد (الشرق الأوسط)

100 لوحة لرائد التصوير محمود سعيد وأصدقائه في معرض بانورامي

يقدّم المعرض وكتابه التعريفي السيرة الذاتية للفنان وكيف بدأ حياته محباً للرسم، واضطراره للعمل في القضاء تماشياً مع رغبة أسرته التي كانت من النخبة الحاكمة لمصر.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق يستطيع الفنّ أن يُنقذ (إكس)

معرض هولندي زوّاره مُصابون بالخرف

لم تكن جولةً عاديةً في المعرض، بل مثَّلت جهداً متفانياً للترحيب بالزوّار المصابين بالخرف ومقدِّمي الرعاية لهم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق فستان بطراز فيكتوري في معرض «تايلور سويفت... كتاب الأغاني» في متحف فيكتوريا آند ألبرت (أ.ب)

تايلور سويفت تغزو قاعات متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بكتاب الأغاني

تهيمن تايلور سويفت على قاعات متحف عريق مثل «فيكتوريا آند ألبرت» الشهير في لندن الذي يطلق بدءاً من السبت 27 يوليو الحالي عرضاً مخصصاً لرحلتها الغنائية.

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق تعرض روميرو فنها الفريد القائم على النباتات (روميرو)

فنانة إسبانية تطبع الصور على النباتات الحية

تعرض روميرو فنها الفريد القائم على النباتات والذي يدفع الجمهور إلى التساؤل حول استهلاكه المفرط للنباتات، كما يُظهر أنه من الممكن إنتاج الفن بطريقة صديقة للبيئة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المربعات الرملية كانت ساحة لألعاب كثيرة حاضرة في المعرض (غاليري صفير- زملر)

«أحلام إيكاروس» عندما تحترق الأجنحة

المعرض وإن كان موضوع ألعاب الأطفال محوره، فهو أشبه بفخّ لذيذ، نستسلم له بداية، لنكتشف أننا كلّما غصنا في معروضاته، وجدنا أنفسنا نسافر بالذاكرة في اتجاهات مختلفة

سوسن الأبطح (بيروت)

«مهرجان القدس» يوثق مأساة أهالي غزة تحت القصف

جانب من عروض الأفلام (إدارة المهرجان)
جانب من عروض الأفلام (إدارة المهرجان)
TT

«مهرجان القدس» يوثق مأساة أهالي غزة تحت القصف

جانب من عروض الأفلام (إدارة المهرجان)
جانب من عروض الأفلام (إدارة المهرجان)

على عمود خرساني باقٍ من أطلال بيت محطم، انتصبت شاشة عرض «مهرجان القدس السينمائي» في غزة، لتقدّم مشاهد من مأساة يعيشها أهالي القطاع المنكوب منذ نحو 10 أشهر.

يعرض المهرجان، في دورته الثامنة، أفلاماً فلسطينية؛ من بينها مشروع أفلام «من المسافة صفر»، الذي يشرف عليه المخرج رشيد مشهراوي، والذي شهد إقبالاً من سكان مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة.

ويقام مهرجان القدس السينمائي في غزة منذ عام 2009، لكنه توقّف بسبب الحروب التي عاناها القطاع، وعاد مرة أخرى عام 2017، وفق الدكتور عز الدين شلح، رئيس المهرجان، الذي شدّد على حرصه على تنظيم المهرجان رغم الحرب.

وأضاف شلح، لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «يشاهد العالم كلّه حرب الإبادة التي تتعرض لها غزة ويحاصرها الموت من كل الزوايا، ونحن نؤمن بأن السينما حياة، ففكرنا بمواجهة الموت بها».

أفلام المهرجان تحكي معاناة أهالي غزة (إدارة المهرجان)

واختير مكان المهرجان بعد اجتماع إدارته مع عدد من المثقفين والسينمائيين، الذين أجمعوا على إقامة الدورة الثامنة بشكل استثنائي، وبالفعل بدأت الفعاليات يوم 25 يوليو (تموز) الحالي، وتستمر لمدة 4 أيام.

وعن الصعوبات التي واجهها عز الدين شلح ورفاقه في تنظيم هذه الدورة الاستثنائية، يقول: «المقر الذي كنا نعرض فيه كان مدمَّراً، وهناك مكان آخر بديل وجدناه مدمراً أيضاً، حتى (البروجوكتور) الذي نعرض عليه كان في مؤسسة استهدفها القصف، فلا كهرباء أو إمكانيات، ورغم ذلك أصررنا على تنظيم المهرجان».

ولم يغِب عن منظميه أن يستعيدوا بعض مظاهر المهرجانات السينمائية، ولكن بطريقة «مأساوية»، إذ يقول رئيس المهرجان: «فردنا السجادة الحمراء بين الخيام، ولم تكن هناك أي إمكانيات متاحة».

أفلام مهرجان القدس تُعرض وسط الأنقاض (إدارة المهرجان)

وتابع شلح: «اخترنا موقع العرض في مركز إيواء بجواره منزل مدمَّر، وضعنا الشاشة على هذا المنزل، وحضر كل من في المخيّم المهرجان، وهناك أشخاص جاؤوا من خارجه، وافتتحنا المهرجان بأفلام (المسافة صفر)، وهي 22 فيلماً، عرضنا منها 10 أفلام في الافتتاح، وستُعرض الأفلام الباقية في الختام». وأوضح أن «هذه الأفلام لمخرجين من غزة، وصُنعت عن غزة والحرب، فالجمهور الموجود كان يرى نفسه من خلال هذه الأفلام، ولكن بعمق وبصورة مختلفتين، وبرؤية مخرج يفكر بإحساس آخر أكثر عمقاً».

ويضم المهرجان كثيراً من الأفلام الفلسطينية الأخرى التي تُعرَض في مراكز إيواء أخرى بدير البلح، وفق ما يؤكد رئيس المهرجان، ويشير إلى أنهم كانوا جاهزين لإطلاق الدورة الثامنة يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي يصادف اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، و«بسبب الحرب لم نتمكن من إقامة الدورة، إلى أن قررنا تنظيمها، سواء انتهت الحرب أم لم تنتهِ».

المهرجان افتُتح وسط خيام الإيواء (إدارة المهرجان)

ونشر المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي صوراً من المهرجان، على صفحته بـ«فيسبوك»، وكتب معلقاً: «يسعدني عرض أفلام (من المسافة صفر) في غزة، خلال افتتاح (مهرجان القدس السينمائي)، على الرغم من كل ما يحدث هناك. وتُسعدني النقاشات التي تثيرها العروض حول العالم، وموضوعات الأفلام التي تؤكد، بلغة سينمائية، أننا شعبٌ اختار الحياة ويضحّي من أجلها في جميع المجالات، بما في ذلك السينما والفن والثقافة»، كما استعاد جملة شعرية لمحمود درويش تقول: «هزَمَتك يا موت الفنون جميعها».