جوقة الأصوات الأفريقية في البندقية... عقول وأفكار عظيمة

محاكاة لعمق الرؤى المنبثقة من القارة السمراء وثرائها

ليزلي لوكو أمينة المعرض الاسكوتلندية من أصول غانيّة (نيويورك تايمز)
ليزلي لوكو أمينة المعرض الاسكوتلندية من أصول غانيّة (نيويورك تايمز)
TT

جوقة الأصوات الأفريقية في البندقية... عقول وأفكار عظيمة

ليزلي لوكو أمينة المعرض الاسكوتلندية من أصول غانيّة (نيويورك تايمز)
ليزلي لوكو أمينة المعرض الاسكوتلندية من أصول غانيّة (نيويورك تايمز)

يُعدّ بينالي العمارة في البندقية محلَّ جذب المصممين من مختلف أرجاء العالم، فينتقدون ويقترحون الاتجاهات الجديدة. مع ذلك، لطالما كان وجود الممارسين الأفارقة هو الاستثناء، لا القاعدة.

تغيّر الأمر بصورة كبيرة. فمن بين 89 مشاركاً في معرض البينالي الرئيسي لعام 2023، «مختبر المستقبل»، المعروض في مواقع عدّة حتى 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، فإنّ أكثر من نصفهم من أفريقيا أو الشتات الأفريقي. ونصفهم أيضاً من الإناث، بمتوسط عمر هو 43 عاماً.

كانت إعادة التوزيع الجذرية هذه، من أولويات أمينة المعرض الأسكوتلندية من أصول غانيّة ليزلي لوكو. وكان هدفها، كما كتبت، الابتعاد عن «صوت حصري منفرد، تتجاهل نفوذَه وقوته أعدادٌ هائلة من البشرية».

تشمل كتلة لوكو مواهب أفريقية، بينهم مهندسون معماريون بارزون أمثال فرانسيس كيري من بوركينا فاسو؛ أول أفريقي يفوز بجائزة «بريتزكر»، إلى عدد كبير من الممارسين والفنانين الناشئين، وهي تُضيء على عمق الأفكار المنبثقة من تلك القارة وثرائها، علماً أنها الأسرع نمواً لجهة عدد السكان عالمياً، وبالنسبة إلى كثيرين، هي دليل إلى اتجاهات العمارة والتنمية.

«لدينا في الجنوب العالمي عقول وأفكار عظيمة. نحن نتنافس على المستوى عينه؛ ولكن لم ينصت إلينا أحد أو يكترث لسماع ذلك من منظور أفريقي، ولعلها كانت وجهة نظر أفريقية ذات تأثير غربي»، تقول ستيلا موتيغي المؤسِّسة المشاركة مع كاباغ كارانغا لشركة «كيف بيورو» المعمارية في نيروبي، كينيا، منذ 9 سنوات.

توسّعت مشاركات «كيف بيورو»، مثل المشاركين الآخرين، في تعريف العمارة لِما هو أبعد من المفاهيم التقليدية للبناء. بل إنّ الأمر يدور حول الحفر العميق والخيال في أماكن وثقافات جديدة لكشف الانتقادات والوصفات للمستقبل.

يُقدم تجمّعٌ يحتفل بالتقاليد المحلية للغناء والرقص والشعر، محادثات مع أعضاء العديد من المجتمعات الأفريقية التي تعيش في الكهوف، مثل بعض أفراد «الماساي» المقيمين في كهوف جبل سوسوا، في الوادي المتصدع بكينيا. تُدمج التواريخ المروية مع الرسومات والخرائط والصور والمسح ثلاثي الأبعاد والأصوات الطبيعية، في تجربة غامرة تحاكي تأثير الحداثة. كما يوضح العرض مدى صمود أولئك الذين تمكنوا طويلاً من العيش في وئام مع الطبيعة.

يقول كارانغا: «لنتطلع إلى المستقبل، نحتاج للعودة إلى الوراء»، مُقترحاً العودة إلى «حالة حقيقية وصادقة» حلاً للأضرار البيئية والاجتماعية التي تسبّبها الحياة الحديثة. يضيف: «قد يبدو الأمر رومانسياً، لكننا نحاول التعامل مع هذا النوع من الأزمات».

ساعدت لوكو، المعلّمة المعمارية والناقدة والروائية الأكثر مبيعاً، في توجيه العديد من المشاركين. يؤكد «مختبر المستقبل» على دور رواية القصص في خلق الهندسة المعمارية وتحدّي ماهية الانضباطية، وكيف يمكن أن تكون، وكيف يمكنها تغيير المجتمع من خلال الإبداع والشمولية، وليس العنف أو التعطيل.

بدوره، يعلّق زينا تافاريس، المؤسِّس، مع أخويه غايكا وكيبوي تافاريس، على تعاون إبداعي أطلق عليه اسم «الأساس مع جي كيه زي»: «كلما استطعنا جذب مجموعة أكبر من الناس للوقوف على آرائهم حول كيف يمكن للعالم أن يكون، والتفكير بصورة خلاقة، كان ذلك أفضل».

مستوحى بصورة فضفاضة من رواة القصص التقليديين في غرب أفريقيا، المعروفين باسم «غاليس»، فإنّ تركيبهم «غالي» يعرض قصصاً قصيرة داخل عالم خيالي معزّز بالكمبيوتر في المستقبل. يمكن للمشاهدين التفاعل مع العرض والتنقل عبر المَشاهد واستكشاف مختلف قصص وإعدادات الذكاء الاصطناعي بالواقع المعزّز.

يشرح كيبوي تافاريس: «إنها أداة لاستكشاف كيف يمكن لهذه التكنولوجيا التأثير فينا وتحديد ماهيتنا. كلما كان هناك تحول في التكنولوجيا، ترى تحولاً في كيفية إنشاء الناس للمباني. كيف يرسمون. كيف يرون العالم ويختبرونه. كيف سيتغير العالم عندما لا نكون الصوت الوحيد؟».

أما التأثير العالمي للمهندسين المعماريين الشباب المنحدرين من أصول أفريقية، فموضوع آخر. نشأ الأخوان تافاريس في جنوب لندن لأبوين من جامايكا وغرينادا اعتبرا نفسيهما من عموم الأفارقة. تقول غايكا تافاريس: «تشجعنا دائماً على التفكير في أنفسنا على أننا من الشتات الأفريقي».

جمع الفنان سيرج أتوكوي كلوتي في غانا قطعاً من حاويات غالونات الزيت الأصفر المستخدمة في أفريقيا لتخزين المياه ونقلها (نيويورك تايمز)

ربط سيرج أتوكوي كلوتي، وهو فنان في أكرا، غانا، قطعاً من حاويات الزيت الصفراء، المستخدمة عادة في أفريقيا لتخزين المياه ونقلها؛ لتشكيل سطح يتموّج من أعمدة أحواض «غاغيندر» لبناء السفن في القرن السادس عشر. يتعاون كلوتي، في أكرا وحولها، مع مهندسين معماريين شباب لتحويل المواد المُهملة إلى تصاميم جديدة؛ من الكراسي إلى المنازل. يقول: «هذا ما عليه أفريقيا الآن، فالأمر يتعلق باستخدام أفكارنا ومواردنا الخاصة لإعادة تشكيل بلدنا».

يركز كريستيان بينيمانا، المدير الأقدم في شركة «ماس» المعمارية، ولها مكاتب في الولايات المتحدة وموطنه الأصلي رواندا؛ على الفروق الدقيقة في اللغة. في هذا العمل، يناقش أعضاء استوديو «ماس» في أفريقيا معنى الكلمات المختلفة من اللغة الوطنية لرواندا، إيكينيارواندا. «أوموغاندا» تعني تقريباً «العمل الجماعي صوب هدف مشترك»، و«أوبوديهي» تعني «نشاطاً اجتماعياً يضمّ الجيران سوياً»، و«أوبوفورا» يمثل أعلى مستوى من الطابع الإنساني.

يقول مصمّم شركة «ماس» في رواندا سيمفورين غاسانا: «من خلال التقاليد والمعنى، يمكنكم إدراك روح أو جوهر شعبي، وفهمه. القصة الكاملة هي ما نعرفه، إضافة إلى جميع الآراء ووجهات النظر الجماعية الأخرى للعديد من الناس والثقافات».

يقدّم إيمانويل أدماسو وجين وود، الشريكان في شركة «أد-وو نيويورك» للهندسة المعمارية؛ مفهوم «غيبي»، منطقة استراحة محددّة بشكل فضفاض، التي يمكن أن تكون منزلاً أو مدرسة أو مدينة بأكملها. كيف ينخرط هذا العالم المحمي مع الفوضى الخارجية؟ دفع وجذب الحداثة والتقاليد، الأمن والتبادل؟ ثمة إجابة تتدلى من سقف موقع معرض «أرسينال»، وهي منشأة مصنوعة من صفائح معدنية مموّجة، وسقالات من الخيزران، وقماش مشمع، وحبال؛ توحي ببناء سد كبير في أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، حيث ولد أدماسو. في قلب البناء، ثمة ضمادات ضخمة ومعقدة تستحضر روح «غيبي».

يقول أدماسو: «أعتقد أنّ البينالي يتحرك أخيراً في اتجاه يمثل عوالم وطرقاً متعدّدة لفهم القيمة وصناعة الفضاء»، ويعطي دروساً للعالم: «نحن بحاجة إلى تكثيف الجهود في مختلف أشكال التضامن، بدلاً من التراجع أو الانغلاق أكثر في الداخل».



انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)
جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)
TT

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)
جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد أن أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية دليل المسابقة للمعلم والرواد، مما يعكس الاهتمام المتزايد بالفنون المسرحية في البيئة التعليمية.

وحددت منصة «المسرح المدرسي» الخط الزمني للمسابقة؛ إذ من المقرر أن تبدأ المنصة الإلكترونية في استقبال المشاركات في 1 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وسيستمر استقبال المسرحيات المطورة في 17 أكتوبر، مما يتيح للطلاب والطالبات تقديم إبداعاتهم الفنية. بعد انتهاء فترة التسجيل، ستبدأ عمليات التحكيم من 20 أكتوبر وحتى 11 نوفمبر (تشرين الثاني)؛ إذ سيتم تقييم الأعمال المقدمة من قبل لجنة مختصة، ومن المقرر أن تعلن نتائج التحكيم في 24 نوفمبر، ليتم الكشف عن أسماء الفائزين في 27 نوفمبر، بجوائز مالية تبلغ قيمتها 800 ألف دولار ما يعادل ثلاثة ملايين ريال.

وفي هذا الخصوص، بينت لـ«الشرق الأوسط» مشرفة النشاط الطلابي بإدارة تعليم صبيا، هياء شويهي، التي تلقت التدريب على المسرح والفنون الأدائية في «مبادرة المسرح المدرسي» بالدفعة الأولى، أن هيئة المسرح والفنون الأدائية أعلنت عن الأدوات اللازمة للمعلمين والرواد لهذه المرحلة، مع تهيئة المنصة الرسمية للمبادرة للتسجيل وتزويد المشاركين بالنصوص المسرحية كشرط لاختيار النصوص وتنفيذها على مبدأ «مسرح المساحة الفارغة»، على أن يتم تصويرها ورفعها على المنصة.

هيئة المسرح والفنون الأدائية تطلق مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

وتعد «مبادرة المسرح المدرسي» واحدة من أهم المبادرات الوطنية التي أطلقتها هيئة المسرح والفنون الأدائية بشراكة استراتيجية مع وزارة التعليم لتحقيق حراك مدرسي بهدف إنشاء جيلٍ مهتم بالمسرح، من خلال تدريب 25.540 معلماً ومعلمة في المملكة، وتغطية 19 ألفاً و647 من مدارس التعليم العام الحكومية، إضافة لاختيار أفضل ألف مسرحية وتكريم مخرجيها من المعلمين المتدربين في المبادرة.

وتم تطوير وتنمية مهارات المشرفين والمشرفات والمعلمين والمعلمات عن طريق برامج عالمية قُدمت من قبل خبراء في المسرح والفنون الأدائية عبر التعاون مع جامعة موناش، لتمكينهم وتزويدهم بالمهارات اللازمة بهدف تطبيقها في المدارس مع الطلاب والطالبات لتنشيط القطاع المسرحي.

وتندرج الفوائد التعليمية للاشتراك في المسرح المدرسي من قبل الطلاب بعدة جوانب، وأهمها الجانب الثقافي الذي يشمل تعزيز المفاهيم الثقافية وإحياء التاريخ من خلال المسرح، والجانب النفسي، والشخصي، والاجتماعي، وأخيراً الجانب التعليمي.

وتهدف المبادرة إلى تدريب نحو 25.550 معلماً ومعلمة حول المملكة على مفهوم «مسرح المساحة الفارغة» والذي يتيح لهم التدريب المسرحي بأقل الإمكانات، وفي ظل الظروف المتوفرة في المدارس. وبعد تلقي التدريب، يستطيع المعلم تدريب الطلاب على أساسيات عناصر التمثيل، والتصميم، والإخراج، لإنشاء جيل مهتم بهذا المجال.

يشار إلى أن «مبادرة المسرح المدرسي» هي واحدة من المبادرات الاستراتيجية التي تعزز مستهدفات «رؤية 2030»، وتقع تحت مظلة استراتيجية تنمية القدرات الثقافية الموقعة بين وزارتَي الثقافة والتعليم في عام 2023.