اعتزال التمثيل المفاجئ بمصر: قناعة شخصية أم محاولة لـ«لفت الانتباه»؟

الفنانة ميريهان حسين الأحدث

تصدرت الفنانة ميرهان حسين ترند موقعي «غوغل» و«تويتر» (حسابها على إنستغرام)
تصدرت الفنانة ميرهان حسين ترند موقعي «غوغل» و«تويتر» (حسابها على إنستغرام)
TT

اعتزال التمثيل المفاجئ بمصر: قناعة شخصية أم محاولة لـ«لفت الانتباه»؟

تصدرت الفنانة ميرهان حسين ترند موقعي «غوغل» و«تويتر» (حسابها على إنستغرام)
تصدرت الفنانة ميرهان حسين ترند موقعي «غوغل» و«تويتر» (حسابها على إنستغرام)

بينما يفضل بعض الفنانين المصريين الابتعاد عن الأضواء واعتزال التمثيل في صمت تام، فإن آخرين يعلنون عن قراراتهم بشكل مفاجئ يبدو صادماً للجمهور.

وعلى الرغم من اختلاف الأعمار والأسباب، فإن كثيراً من المعتزلين انتقدوا آلية توزيع الأدوار واختيار أطقم الأعمال الدرامية، واتهام الوسط الفني بـ«الشللية» و«عدم التقدير»، وسط تساؤلات بشأن الإعلان عن الاعتزال وهل هو اعتزال نهائي لا رجعة فيه عن قناعة شخصية تامة، أم مجرد صرخة فنية للفت الانتباه.

وتصدرت الفنانة المصرية ميرهان حسين ترند موقعي «غوغل» و«تويتر» خلال الساعات الماضية، بعدما باغتت الجميع بإعلانها الاعتزال عبر «ستوري» بصفحتها الشخصية على «إنستغرام»، مبررة لجوءها إلى هذا القرار بـ«عدم تقديرها شخصياً أو مهنياً»: «لا أحد يقدر مواهبي الفنية المتعددة، لذلك قررت الاعتزال ولن أعرض موهبتي مرة أخرى في وسط تحكمه المصالح والواسطة».

وأعلن فنانون وفنانات خلال السنوات الأخيرة عن اعتزالهم التمثيل، من بينهم ليلى طاهر ولقاء سويدان والفنان اللبناني يوري مرقدي وأدهم نابلسي وشيرين عبد الوهاب وعبير صبري ومنة فضالي وحلا شيحة وإيمان العاصي وحنان ترك ومنى عبد الغني وتوفيق عبد الحميد ووفاء سالم وشريف إدريس وحسين أبو الحجاج وساندي.

وعلقت الاستشارية النفسية الدكتورة إيمان الريس على ضجة اعتزال الفنانين بين الحين والآخر، قائلة: «الموضوع له شقان نفسي ودعائي، والممثل مثله مثل أي إنسان عرضة للشعور بعدم التقدير وعدم وجود فرص مناسبة وسيطرة المحسوبية وعدم تكافؤ الفرص».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «القدرة تكمن في تخطي البعض هذه الفترة بسهولة عن طريق السعي والتغير الجذري في نمط الحياة وإعادة الحسابات والتأني في الخطوات المقبلة، أما الجانب الدعائي فهو يخص البعض ممن يسعون لتصدر الترند، والعودة للظهور على الساحة، وهي طريقة يستخدمها البعض من أجل إحياء اسمه مجدداً، وهذا يعد نداء للمنتجين والقائمين على الأعمال الفنية للالتفات إليهم».

الفنانة ميرهان حسين (حسابها على إنستغرام)

بدأت ميرهان حسين مشوارها الفني من خلال مشاركتها في برنامج اكتشاف المواهب «ستار أكاديمي» عام 2008، وشهد فيلم «عمر وسلمى 2»، أولى مشاركتها السينمائية عام 2009، بينما كان مسلسل «ماما في القسم» بداية أعمالها في الدراما التلفزيونية عام 2010، وكان آخر عمل سينمائي شاركت فيه فيلم «اثنين للإيجار» وتلفزيونياً من خلال مسلسل «الونش»، وفي المسرح شاركت في «موسم الرياض» بمسرحية «مبروك جالك ولد»، التي عُرضت على مسرح محمد العلي بالعاصمة السعودية الرياض، وكان آخر ظهور إعلامي للفنانة المصرية من خلال برنامج «جمعتنا الليلة» عبر قناة الظفرة الإماراتية في شهر رمضان الماضي، وخلال حلقتها قالت ميرهان إن «الموهبة هي أساس الفن وليس الواسطة، وإن إعلاني الاعتزال من قبل كان لحظة إحباط، وعدلت عنه لأنني أحب الفن بشكل كبير».

واشتهرت ميرهان حسين بتقليد الشخصيات الفنية بشكل عام، خصوصاً الأعمال اللافتة التي قدمتها الفنانة المصرية نبيلة عبيد من خلال فيديوهات عدة تنشرها عبر صفحتها الشخصية بموقع «إنستغرام»، وفي حوار سابق قالت نبيلة عبيد إنها أعجبت بتقليد ميرهان لشخصياتها الفنية ولضحكتها الشهيرة، وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أكدت نبيلة عبيد أن «ميرهان فنانة جميلة ومرحة، وقرار الاعتزال أمر شخصي»، لكنها طالبتها بالاستمرار في تقليدها حتى بعد الاعتزال.

وقالت يارا أحمد، المسؤولة الإعلامية للفنانة ميرهان حسين، إنها لن تستطيع الحديث أو الرد في الوقت الحالي، لكنها في الوقت نفسه لا تسعى لتصدر الترند كما يشاع، مؤكدة في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أن «ميرهان فنانة موهوبة وتهتم بالتفاصيل وتحضّر لأعمالها بجدية، ولا تعتمد على (الشللية)».

ويرى الناقد الفني المصري محمد عبد الخالق أن أي فنان عرضة للمرور بلحظة يشعر فيها بالظلم أو بعدم جدوى ما يفعل، وأكد عبد الخالق لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الفنانين يحدث لهم تحول فكري يدفعهم للاعتزال وأحياناً يصل الأمر إلى التبرؤ مما قدموا كل حسب قناعاته».

وعلق عبد الخالق على قرار اعتزال ميرهان حسين قائلاً: «ميرهان أعلنت اعتزالها من قبل في ديسمبر (كانون الأول) 2022، بسبب عدم التقدير الفني والشللية حسب تعبيرها». وأكد عبد الخالق أن العلاقات والصداقات في الوسط الفني بالفعل مفيدة جداً للفنان وتختصر له وقتاً وجهداً بشرط أن يكون فناناً حقيقياً يستحق الفرصة التي يحصل عليها، لأنه في النهاية لن يستمر سوى الموهوب، مشيراً إلى أن «هذه الشكوى لا نسمعها من الفنانين الشباب فقط بل امتدت لأسماء كبيرة في عالم الفن يجلسون في بيوتهم من دون عمل».



نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

ازدحم المدخل المؤدّي إلى استوديوهات «تلفزيون لبنان» بالمحتفين بالحدث. فالتلفزيون الرسمي الذي ذكَّر وزير الإعلام زياد المكاري، بأنه «أول قناة تلفزيونية في الشرق الأوسط، والشاهد الوحيد على العصر الذهبي للبنان ومهرجان بعلبك الأول عام 1956»، يُحيي في 2025 ما انطفأ منذ 2001. ذلك العام، توقّفت «القناة التاسعة» الناطقة بالفرنسية في «تلفزيون لبنان»، مُعلنةً الانقطاع النهائي للصوت والصورة. بعد انتظار نحو ربع قرن، تعود نشرة الأخبار باللغة الفرنسية بدءاً من 23 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية (المكتب الإعلامي)

تتوقّف مستشارة وزير الإعلام، إليسار نداف، عند ما خطَّ القدر اللبناني منذ تأسيس هذه الخريطة: «التحدّيات والأمل». ففور اكتمال المدعوّين، من بينهم سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، وممثل رئيس الجمهورية لدى المنظمة الفرنكوفونية جرجورة حردان، ورئيس الوكالة الجامعية الفرنكوفونية جان نويل باليو، والمسؤولة عن برامج التعاون في المنظمة الفرنكوفونية نتالي ميجان، بجانب سفراء دول وشخصيات؛ شقَّ الحضور طريقهم نحو الطابق السفلي حيث استوديوهات التلفزيون في منطقة تلّة الخياط البيروتية المزدحمة، مارّين بصور لأيقونات الشاشة، عُلّقت على الجدار، منهم رجل المسرح أنطوان كرباج، ورجل الضحكة إبراهيم مرعشلي... اكتمل اتّخاذ الجميع مواقعه، لإطلاق الحدث المُرتقي إلى اللحظة الفارقة، مُفتَتَحاً بكلمتها.

صورة إبراهيم مرعشلي تستقبل زوّار التلفزيون (الشرق الأوسط)

فيها، كما في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تُشدّد نداف على الأمل: «إنه ما يحرِّض دائماً على استعادة ما خسرناه». تُشبه إحدى مقدّمات النشرة، نضال أيوب، في تمسّكها بالثوابت. فالأخيرة أيضاً تقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية، من ديمقراطية وتضامن وتنوّع لغوي.

تُعاهد نداف «بقلب ملؤه التفاؤل والعزيمة» مَن سمّته «الجمهور الوفي»، الذي تبلغ نسبته نحو 40 في المائة من سكان لبنان، بالالتزام والوعد بأنْ تحمل هذه الإضافة إلى عائلة الفرنكوفونية ولادة جديدة، بدءاً من 23 الحالي؛ من الاثنين إلى الجمعة الساعة السادسة والنصف مساء مع «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان».

كان كلّ شيء فرنسياً: لغة السلام والخطاب، والروح، وبعض الوجوه. في كلمته، رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى «بيت الفنانين اللبنانيين الكبار؛ فيروز، وزكي ناصيف، ووديع الصافي، والإخوة رحباني». وفيما كان الخارج يبعث الأمل لتزامُن الحدث مع يوم الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس للحكومة، ألمح الوزير إلى أنّ اللقاء يجري «غداة فصل جديد من تاريخ لبنان، للاحتفال بإعادة إطلاق أخبارنا التلفزيونية باللغة الفرنسية، بعد مرور 24 عاماً على توقُّف برامج (القناة التاسعة) المُرتبط اسمها بعملاق الإعلام الفرنكوفوني جان كلود بولس». وبأمل أن تلفت هذه النشرة الانتباه وتثير الفضول، أكد التزامها «تقديم رؤية واضحة ودقيقة لموضوعات تمسّنا جميعاً»، متوقفاً عند «رغبة متجدّدة في دعم قيم الانفتاح والتعدّدية وحرّية التعبير تُجسّدها عملية إعادة الإطلاق هذه».

تُشدّد إليسار نداف على الأمل في كلمتها (المكتب الإعلامي)

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً متعدّد اللغات؛ يجد كل مواطن فيه مكانه»، بوصف زياد المكاري. تشديده على أهمية الفرنكوفونية في وسائل إعلام القطاع العام مردّه إلى أنّ «الفرنسية ليست مجرّد لغة؛ إنها ثقافة وتاريخ وتراث مشترك؛ فتتيح لنا، في إطار هذه الأخبار، فرصة نقل صوت لبناني قوي ومميّز إلى الساحة الدولية، مع البقاء مُخلصين لجذورنا وثقافتنا وهويتنا».

يعلم أنّ «هذا الحلم لم يكن ليتحقّق من دون شركاء نتشارك معهم الرؤية والقيم»، ويعترف بذلك. ثم يدعو إلى «متابعة نشرة الأخبار الوحيدة باللغة الفرنسية في القطاع العام التي ستشكّل انعكاساً حقيقياً لتنوّع عالم اليوم». وقبل الإصغاء إلى كلمة ممثل المنظمة الفرنكوفونية ليفون أميرجانيان، يُذكّر بأنّ للبنان، بكونه ملتقى الحضارات والثقافات، دوراً أساسياً في تعزيز الفرنكوفونية.

رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى بيت الفنانين اللبنانيين الكبار (الشرق الأوسط)

ومنذ افتتاح مكتب المنظمة الفرنكوفونية في بيروت، تراءى ضرورياً النظر في قطاع الإعلام الفرنكوفوني بخضمّ الأزمة الاقتصادية التي تُنهك المؤسّسات ووسائل الإعلام. يستعيد أميرجانيان هذه المشهدية ليؤكد أنّ الحفاظ على اللغة الفرنسية في المؤسّسات الإعلامية مسألة حيوية للحفاظ على التنوّع الثقافي والتعبير الديمقراطي. يتوجّه إلى الإعلاميين الآتين بميكروفونات مؤسّساتهم وكاميراتها وهواتفهم الشخصية: «دوركم نقل القيم الأساسية للفرنكوفونية، مثل التعدّدية اللغوية، وتنوعّ الآراء، والانفتاح على العالم». ثم يتوقّف عند استمرار نموّ عدد الناطقين بالفرنسية في شكل ملحوظ، مع توقّعات بأنْ يصل إلى 600 مليون نسمة في حلول 2050. من هنا، يعدّ الترويج للغة الفرنسية «مسألة ضرورية لتعميق الروابط بين الدول والحكومات الناطقة بها، والسماح لسكانها بالاستفادة الكاملة من العولمة المتميّزة بالحركة الثقافية العابرة للحدود وبالتحدّيات التعليمية العالمية».

إعادة إطلاق النشرة تُعزّز هذا الطموح، وسط أمل جماعي بالنجاح، وأن تُشكّل مثالاً للقنوات الأخرى، فتُخطِّط لزيادة بثّ برامجها بلغة فيكتور هوغو.