الأغنياء أم الفقراء... من يحتاج للإقلاع عن التدخين؟

دراسات استقصائية: 8 دول أفريقية تحتاج إلى المساعدة

التبغ يقتل أكثر من 8 ملايين نسمة سنوياً (أرشيفية - رويترز)
التبغ يقتل أكثر من 8 ملايين نسمة سنوياً (أرشيفية - رويترز)
TT

الأغنياء أم الفقراء... من يحتاج للإقلاع عن التدخين؟

التبغ يقتل أكثر من 8 ملايين نسمة سنوياً (أرشيفية - رويترز)
التبغ يقتل أكثر من 8 ملايين نسمة سنوياً (أرشيفية - رويترز)

يقتل التبغ أكثر من 8 ملايين نسمة سنوياً. وتسجل أكثر من 7 ملايين من هذه الوفيات في أوساط من يتعاطونه مباشرة، في حين أن نحو 1.2 مليون وفاة تحدث في أوساط غير المدخّنين الذين يتعرّضون لدخانه، وفق منظمة الصحة العالمية.

وتحتفل «المنظمة» وشركاؤها في كافة أنحاء العالم في 31 مايو (أيار) من كل عام باليوم العالمي للامتناع عن التدخين، لإبراز المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي التبغ والدعوة إلى وضع سياسات فعالة للحد من استهلاكه. فالتبغ يزيد من الأعباء الصحية والاقتصادية على كل البلدان.

يأتي هذا العبء الصحي، وتلك التكاليف الاقتصادية المرتفعة مباشرة من خلال العلاج الطبي للأمراض المرتبطة بتدخين التبغ مثل أمراض السرطان والقلب، وبشكل غير مباشر من خلال الخسائر في معدلات الإنتاج من جراء الإصابة بتلك الأمراض.

وينتشر استخدام التبغ بشكل غير مناسب بين الفقراء، الأقل قدرة على تحمل تكاليف الرعاية الصحية والتكاليف المالية المرتبطة به، في معظم البلدان. في حين أن المستخدمين الأكثر ثراءً في البلدان المرتفعة الدخل هم الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين، وغالباً ما ينجحون في ذلك، وفق نتائج دراسة نشرت في دورية «بلوس وان» في نوفمبر 2022 تهدف إلى قياس حالة عدم المساواة في الإقلاع عن تعاطي التبغ في ثمانية بلدان أفريقية تقع جنوب الصحراء، مستخدمة في ذلك نتائج أحدث الدراسات الاستقصائية العالمية حول التبغ بين البالغين في بوتسوانا والكاميرون وإثيوبيا وكينيا ونيجيريا والسنغال وتنزانيا وأوغندا.

وحسب ما ورد في المقال المنشور، اليوم (الأربعاء)، على موقع «كونفرزيشين» للباحثة، سامانثا فيلبي، الخبيرة في اقتصادات المنتجات القابلة للاستهلاك، كلية الاقتصاد، جامعة كيب تاون بجنوب أفريقيا، والمشاركة في الدراسة: «وجدنا أن الأشخاص الأكثر احتمالية لمحاولة النجاح في الإقلاع عن التدخين هم أفراد أكثر ثراءً وتعليماً»، مضيفة أن عدم المساواة في القدرة على الإقلاع عن تعاطي التبغ ارتبط بالوضع الاجتماعي والاقتصادي، والإقامة الحضرية أو الريفية، وعدم معرفة أو الاعتقاد بأن استهلاك التبغ قد يؤدي إلى مرض خطير.

تقترح الدراسة على الحكومات في هذه البلدان أن تفعل المزيد لدعم المدخنين المحرومين اجتماعياً واقتصادياً في جهودهم للإقلاع عن تعاطي التبغ، وأن تتماشى استراتيجياتهم مع المبادئ التوجيهية الموضحة في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ. وتشير إلى أن تقديم الدعم الطبي المدعوم للمدخنين الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين يمكن أن يجعل هذه الخدمات أكثر سهولة بالنسبة للفقراء. وهذا من شأنه أن يخفف العبء الصحي والمالي غير المناسب للأمراض المرتبطة بالتبغ.

وتشتمل تلك الاتفاقية تدابير من شأنها خفض الطلب على التبغ، وأخرى تكفل خفض معدلات إنتاجه، وتوزيعه، وتوفيره، والمعروض منه. كما يمثّل البروتوكول الخاص بالقضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ أداة رئيسية للسياسة العامة الرامية إلى الحدِّ من تدخين التبغ والتقليل من عواقبه الصحية والاقتصادية.

استخدمت الدراسة المنشورة في دورية «بلوس وان» استبيانات أجريت على المستوى الوطني للأفراد الذين تبلغ أعمارهم 15 عاماً أو أكثر من كل دولة من البلدان الثمانية.

«اخترنا البلدان الثمانية الواقعة جنوب الصحراء على أساس توافر البيانات. تم إجراء أول مسح في عام 2012 في نيجيريا؛ والأحدث في تنزانيا أُجري في عام 2018. سجل كل مسح معلومات عن آلاف الأفراد - من متعاطي التبغ وغير المستخدمين. كما أظهر من حاول الإقلاع عن التدخين»، وفق فيلبي.

أظهرت التحليلات أن الاختلافات في حالة الثروة أسهمت في عدم المساواة بين مستخدمي التبغ. كما أدى التعليم إلى توسيع الفجوة المتعلقة بالثروة. وكذلك العيش في منطقة حضرية (مقابل الريف) فعل ذلك أيضاً في بعض البلدان، ولكن ليس في إثيوبيا والسنغال وأوغندا. كما لعبت المعرفة الصحية للتبغ دوراً في خلق عدم المساواة بين المدخنين الأغنى والأفقر. كان التضليل بشأن العواقب الصحية للتبغ يتركز بين الأفراد ذوي المستويات التعليمية المنخفضة.

لقد أظهرت النتائج أن محاولات التوقف عن استخدام التبغ - والمحاولات الناجحة - تركزت بين الأفراد الأكثر ثراءً وذوي المستويات التعليمية الأعلى.


مقالات ذات صلة

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.