ترقُّب صخور فضائية دخيلة على مدار كوكب الأرض

تلتقطها الجاذبية وتبقى محاصرة ملايين السنين

تصور للجسم الفضائي «أومواموا» الذي يأخذ شكل سيجار (قبة بكين السماوية)
تصور للجسم الفضائي «أومواموا» الذي يأخذ شكل سيجار (قبة بكين السماوية)
TT

ترقُّب صخور فضائية دخيلة على مدار كوكب الأرض

تصور للجسم الفضائي «أومواموا» الذي يأخذ شكل سيجار (قبة بكين السماوية)
تصور للجسم الفضائي «أومواموا» الذي يأخذ شكل سيجار (قبة بكين السماوية)

عثر علماء الفلك بجامعة هارفارد الأميركية على أدلة تشير إلى احتمالية وجود صخور فضائية من أنظمة بعض النجوم، تم التقاطها بواسطة جاذبية الأرض لتبقى في مدار حول كوكبنا ملايين السنين، وقالوا في دراسة نشرت مؤخراً على موقع ما قبل طباعة الأبحاث (أرخايف)، إنه من المحتمل أن تكون معظم هذه الأجسام صغيرة جداً، بحيث لا يمكن اكتشافها باستخدام التلسكوبات الحالية.

ويقول آفي لوب، أستاذ الفيزياء في جامعة هارفارد، في تقرير نشره موقع «لايف ساينس»، الاثنين، إن هذه الأجسام المتطفلة تتخذ شكل الصخور الجليدية التي تم التخلص منها من أنظمة النجوم الخاصة بها، قبل أن تتخذ مكاناً للإقامة في منطقتنا.

وتحظى هذه الأجسام المتطفلة باهتمام كبير من علماء الفلك منذ عام 2017، عندما تم اكتشاف أول صخرة فضائية «دخيلة»، وهي جسم على شكل سيجار يُدعى «أومواموا»، في الفناء الخلفي الكوني، على بعد نحو 30 مليون سنة ضوئية من مجرة درب التبانة.

دراسة ترجح وجود أجسام فضائية دخيلة تحبسها جاذبية الأرض (غيتي)

وطول «أومواموا» 1300 قدم (400 متر)، أي يعادل 10 أضعاف عرضه، مما يجعله بعيداً عن أي كويكبات أو مذنبات معروفة في نظامنا الشمسي. وبعد مراقبة هذه الصخرة التي تشبه الرمح بشكل أكبر، خلص العلماء إلى أنها كانت تتجول في مجرتنا غير مرتبطة بأي نظام نجمي، مئات الملايين من السنين، قبل أن تتلاقى بالصدفة مع النظام الشمسي.

وسرعان ما أدى البحث المتجدد عن مثل هذه الأجسام المتطفلة إلى ظهور جسم ثانٍ، وهو المذنب المارق «بوريسوف»، وهو عبارة عن كرة من الجليد والغبار بحجم برج إيفل تم اكتشافها في عام 2019.

ولا يرتبط «أومواموا» ولا «بوريسوف» بالشمس، مما يعني أن كلا الجسمين سيخرجان في النهاية من النظام الشمسي بشكل متقلب كما دخلوه. وشرع الباحثون في دراستهم الجديدة في التحقيق فيما إذا كان بإمكان الأرض أيضاً التقاط مثل هذه الأجسام والاحتفاظ بهم أجساماً قريبة من الأرض.

وباستخدام المحاكاة الحاسوبية، وجد الفريق أنه من الممكن للأرض أن تلتقط بشكل دوري الأجسام بين النجوم في مدارها، ومع ذلك، فإن التأثير ضئيل مقارنة بتأثير كوكب المشتري الذي يعد أكثر كفاءة بألف مرة في اصطياد الأجسام بين النجوم من الأرض.

وبالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أن أي أجسام تلتقطها جاذبية الأرض ستكون غير مستقرة، وستعيش حول كوكبنا لفترة أقصر، وفي نهاية المطاف ستضطرب هذه الأجسام من خلال التفاعلات مع الكواكب الأخرى أو الشمس، وسيتم قذفها بعيداً.

وأوضح لوب أنه في حين أن الفريق لا يفترض أن هناك حالياً أجساماً بين النجوم تدور حول الأرض، فإنه يجب على علماء الفلك الاستمرار في التحقق من هذا الاحتمال. ومن المفترض أن يساعد مرصد «فيرا سي روبن» المرتقب، أو ما يعرف بـ«مقراب المسح الشامل الكبير» الذي يتم تشييده حالياً في تشيلي، ويفتح عينه على الكون في أغسطس (آب) 2024، في هذا المسعى.

ويقول لوب: «باستخدام المحاكاة الحاسوبية، وجدنا أن عدداً قليلاً من الأشياء التي تم التقاطها بحجم ملعب كرة قدم يمكن اكتشافها بواسطة مرصد روبن الذي سيجري مسحاً للسماء الجنوبية كل 4 أيام بكاميرا 3.2 مليار بكسل».

ومن جانبه، يقول محمد غريب، الباحث بمعهد البحوث الفلكية بمصر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الدراسة تمهد لاكتشافات يمكن أن تتحقق بواسطة (مقراب المسح الشامل الكبير) المرتقب، وهذا من شأنه أن يساعد في تقديم رؤى جديدة حول تكوين أنظمة النجوم البعيدة.

ويضيف أن معرفة تكوين تلك الأجسام حال اكتشافها، ربما يعطينا معلومات ذات قيمة عن احتمالية وجود علامات للحياة خارج كوكب الأرض.


مقالات ذات صلة

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

الولايات المتحدة​ انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

انطلق اليوم (الأربعاء) من مركز كيندي الفضائي على ساحل الولايات المتحدة الشرقي، صاروخ واحد يحمل مركبتين فضائيتين، لمهمتين إلى القمر لحساب شركتين خاصتين.

«الشرق الأوسط» (مركز كيندي الفضائي (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يراقب إطلاق القمر الاصطناعي «محمد بن زايد سات» من مركز التحكم في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي.

الإمارات تنجح في إطلاق قمر اصطناعي لرصد الأرض

أعلنت الإمارات عن نجاح إطلاق القمر الاصطناعي، الذي قالت إنه يتميز بقدرات متطورة لرصد الأرض

«الشرق الأوسط» (دبي)
تكنولوجيا صاروخ «نيو غلين» الفضائي في منصة الإطلاق (حساب شركة «بلو أوريجين» في منصة «إكس»)

«بلو أوريجين» تُرجئ الرحلة الأولى لصاروخها الفضائي «نيو غلين»

أرجأت شركة «بلو أوريجين» الرحلة الأولى لصاروخ «نيو غلين» الفضائي التي كان يُفترض أن تتم يوم الاثنين، بسبب مشكلات تقنية لم تحددها.

«الشرق الأوسط» (كاب كانافيرال (الولايات المتحدة))
الولايات المتحدة​ الشركة حددت نافذة إطلاق أخرى الاثنين عند الساعة 1:00 بالتوقيت المحلي (06:00 بتوقيت غرينيتش) (أ.ف.ب)

إرجاء الرحلة الأولى لصاروخ «نيو غلين» الفضائي التابع لـ«بلو أوريغين»

أُرجئت اليوم (الأحد) الرحلة الأولى لصاروخ «نيو غلين» الفضائي التابع لـ«بلو أوريغين» بسبب الظروف البحرية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا وكالة الفضاء الأوروبية أصدرت أفضل الصور القريبة حتى الآن لكوكب عطارد (أ.ب)

المسبار الفضائي «بيبي كولومبو» يلتقط أقرب صور لعطارد

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن وكالة الفضاء الأوروبية أصدرت أفضل الصور القريبة حتى الآن لكوكب عطارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

ازدحم المدخل المؤدّي إلى استوديوهات «تلفزيون لبنان» بالمحتفين بالحدث. فالتلفزيون الرسمي الذي ذكَّر وزير الإعلام زياد المكاري، بأنه «أول قناة تلفزيونية في الشرق الأوسط، والشاهد الوحيد على العصر الذهبي للبنان ومهرجان بعلبك الأول عام 1956»، يُحيي في 2025 ما انطفأ منذ 2001. ذلك العام، توقّفت «القناة التاسعة» الناطقة بالفرنسية في «تلفزيون لبنان»، مُعلنةً الانقطاع النهائي للصوت والصورة. بعد انتظار نحو ربع قرن، تعود نشرة الأخبار باللغة الفرنسية بدءاً من 23 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية (المكتب الإعلامي)

تتوقّف مستشارة وزير الإعلام، إليسار نداف، عند ما خطَّ القدر اللبناني منذ تأسيس هذه الخريطة: «التحدّيات والأمل». ففور اكتمال المدعوّين، من بينهم سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، وممثل رئيس الجمهورية لدى المنظمة الفرنكوفونية جرجورة حردان، ورئيس الوكالة الجامعية الفرنكوفونية جان نويل باليو، والمسؤولة عن برامج التعاون في المنظمة الفرنكوفونية نتالي ميجان، بجانب سفراء دول وشخصيات؛ شقَّ الحضور طريقهم نحو الطابق السفلي حيث استوديوهات التلفزيون في منطقة تلّة الخياط البيروتية المزدحمة، مارّين بصور لأيقونات الشاشة، عُلّقت على الجدار، منهم رجل المسرح أنطوان كرباج، ورجل الضحكة إبراهيم مرعشلي... اكتمل اتّخاذ الجميع مواقعه، لإطلاق الحدث المُرتقي إلى اللحظة الفارقة، مُفتَتَحاً بكلمتها.

صورة إبراهيم مرعشلي تستقبل زوّار التلفزيون (الشرق الأوسط)

فيها، كما في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تُشدّد نداف على الأمل: «إنه ما يحرِّض دائماً على استعادة ما خسرناه». تُشبه إحدى مقدّمات النشرة، نضال أيوب، في تمسّكها بالثوابت. فالأخيرة أيضاً تقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية، من ديمقراطية وتضامن وتنوّع لغوي.

تُعاهد نداف «بقلب ملؤه التفاؤل والعزيمة» مَن سمّته «الجمهور الوفي»، الذي تبلغ نسبته نحو 40 في المائة من سكان لبنان، بالالتزام والوعد بأنْ تحمل هذه الإضافة إلى عائلة الفرنكوفونية ولادة جديدة، بدءاً من 23 الحالي؛ من الاثنين إلى الجمعة الساعة السادسة والنصف مساء مع «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان».

كان كلّ شيء فرنسياً: لغة السلام والخطاب، والروح، وبعض الوجوه. في كلمته، رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى «بيت الفنانين اللبنانيين الكبار؛ فيروز، وزكي ناصيف، ووديع الصافي، والإخوة رحباني». وفيما كان الخارج يبعث الأمل لتزامُن الحدث مع يوم الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس للحكومة، ألمح الوزير إلى أنّ اللقاء يجري «غداة فصل جديد من تاريخ لبنان، للاحتفال بإعادة إطلاق أخبارنا التلفزيونية باللغة الفرنسية، بعد مرور 24 عاماً على توقُّف برامج (القناة التاسعة) المُرتبط اسمها بعملاق الإعلام الفرنكوفوني جان كلود بولس». وبأمل أن تلفت هذه النشرة الانتباه وتثير الفضول، أكد التزامها «تقديم رؤية واضحة ودقيقة لموضوعات تمسّنا جميعاً»، متوقفاً عند «رغبة متجدّدة في دعم قيم الانفتاح والتعدّدية وحرّية التعبير تُجسّدها عملية إعادة الإطلاق هذه».

تُشدّد إليسار نداف على الأمل في كلمتها (المكتب الإعلامي)

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً متعدّد اللغات؛ يجد كل مواطن فيه مكانه»، بوصف زياد المكاري. تشديده على أهمية الفرنكوفونية في وسائل إعلام القطاع العام مردّه إلى أنّ «الفرنسية ليست مجرّد لغة؛ إنها ثقافة وتاريخ وتراث مشترك؛ فتتيح لنا، في إطار هذه الأخبار، فرصة نقل صوت لبناني قوي ومميّز إلى الساحة الدولية، مع البقاء مُخلصين لجذورنا وثقافتنا وهويتنا».

يعلم أنّ «هذا الحلم لم يكن ليتحقّق من دون شركاء نتشارك معهم الرؤية والقيم»، ويعترف بذلك. ثم يدعو إلى «متابعة نشرة الأخبار الوحيدة باللغة الفرنسية في القطاع العام التي ستشكّل انعكاساً حقيقياً لتنوّع عالم اليوم». وقبل الإصغاء إلى كلمة ممثل المنظمة الفرنكوفونية ليفون أميرجانيان، يُذكّر بأنّ للبنان، بكونه ملتقى الحضارات والثقافات، دوراً أساسياً في تعزيز الفرنكوفونية.

رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى بيت الفنانين اللبنانيين الكبار (الشرق الأوسط)

ومنذ افتتاح مكتب المنظمة الفرنكوفونية في بيروت، تراءى ضرورياً النظر في قطاع الإعلام الفرنكوفوني بخضمّ الأزمة الاقتصادية التي تُنهك المؤسّسات ووسائل الإعلام. يستعيد أميرجانيان هذه المشهدية ليؤكد أنّ الحفاظ على اللغة الفرنسية في المؤسّسات الإعلامية مسألة حيوية للحفاظ على التنوّع الثقافي والتعبير الديمقراطي. يتوجّه إلى الإعلاميين الآتين بميكروفونات مؤسّساتهم وكاميراتها وهواتفهم الشخصية: «دوركم نقل القيم الأساسية للفرنكوفونية، مثل التعدّدية اللغوية، وتنوعّ الآراء، والانفتاح على العالم». ثم يتوقّف عند استمرار نموّ عدد الناطقين بالفرنسية في شكل ملحوظ، مع توقّعات بأنْ يصل إلى 600 مليون نسمة في حلول 2050. من هنا، يعدّ الترويج للغة الفرنسية «مسألة ضرورية لتعميق الروابط بين الدول والحكومات الناطقة بها، والسماح لسكانها بالاستفادة الكاملة من العولمة المتميّزة بالحركة الثقافية العابرة للحدود وبالتحدّيات التعليمية العالمية».

إعادة إطلاق النشرة تُعزّز هذا الطموح، وسط أمل جماعي بالنجاح، وأن تُشكّل مثالاً للقنوات الأخرى، فتُخطِّط لزيادة بثّ برامجها بلغة فيكتور هوغو.