«سيدتي أنا»... استعراضات غنائية عن حياة الطبقة الأرستقراطية

أحداث المسرحية تستعيد «بجماليون» لبرنارد شو

ملصق المسرحية (صفحة المسرحية والمخرج على «فيسبوك»)
ملصق المسرحية (صفحة المسرحية والمخرج على «فيسبوك»)
TT

«سيدتي أنا»... استعراضات غنائية عن حياة الطبقة الأرستقراطية

ملصق المسرحية (صفحة المسرحية والمخرج على «فيسبوك»)
ملصق المسرحية (صفحة المسرحية والمخرج على «فيسبوك»)

«سيدتي أنا» مسرحية استعراضية تتناول حياة الطبقة الأرستقراطية؛ إذ تستعيد المسرحية التي تُعرض في القاهرة، «بجماليون» التي كتبها المؤلف الآيرلندي - الإنجليزي الشهير برنارد شو، وعُرضت للمرة الأولى على خشبة المسرح عام 1913، وهناك عشرات المسرحيات والمسلسلات والأفلام تستلهم قصة المثقف الذي يتبنى فتاة فقيرة ويحولها لسيدة مجتمع أرستقراطي ليخدع بها الجميع. وتعرض «سيدتي أنا» على «المسرح القومي» بضاحية عابدين في وسط العاصمة المصرية، باعتبارها أحدث حلقة في سلسلة الاقتباس من النص الإنجليزي.

وإذا كانت مسرحية «سيدتي الجميلة» التي قدمها الفنان فؤاد المهندس والفنانة شويكار عام 1969 أشهر الأعمال المصرية المأخوذة عن هذا النص العالمي، من خلال شخصية «كمال» التي جسدها فؤاد المهندس، الذي يتعرض للسرقة على يد فتاة شعبية هي «صدفة» وجسدتها شويكار، فيقرر تعليمها أصول «الإتيكيت» وتقديمها للمجتمع باعتبارها ابنة الثراء والعراقة. وما يميز «سيدتي أنا» أنها تغرّد خارج سرب «التمصير» أو «التعريب» وتقدم الحبكة الأصلية للنص الأصلي وليس نصاً موازياً يتضمن اختلافاً في الأحداث وأسماء الشخصيات.

محسن رزق، مخرج العمل و«الدراماتورج» صاحب الصياغة الدرامية المنقولة عن النص الأصلي، حافظ على روح وتفاصيل «بجماليون» في نسختها الإنجليزية. وتعتمد الحبكة هنا على التحدي الذي يخوضه البروفسور هنري هيغينز، أستاذ علم الصوتيات، ورغبته الشديدة في فضح نفاق المجتمع الأرستقراطي والكشف عن المظاهر الفارغة. يتمثل التحدي في تحويل الفتاة الفقيرة إليزا دوليتل، التي تبيع الورد وتتحدث بطريقة سوقية ويفتقر سلوكها بشكل عام للكياسة، إلى فتاة يشار إليها بالبنان في حفل تستضيفه حديقة منزل أحد السفراء، حيث نخبة المجتمع وأيقونات طبقة النبلاء تتجمع في مكان واحد.

جاء اختيار كل من الفنانة داليا البحيري والفنان نضال الشافعي موفقاً لتجسيد شخصيتي البروفسور وبائعة الورد، إذ اتسم أداؤهما بالتجانس والكيمياء لا سيما أن العرض موسيقي غنائي استعراضي في المقام الأول، وهو ما يتطلب قدراً أكبر من التناغم بين مفرداته وعناصره المختلفة وعلى رأسها الأداء التمثيلي.

وقال محسن رزق إن «الطبيعة الاستعراضية للعمل تطلبت الكثير من الجهد في التحضير لا سيما على مستوى البروفات التي استغرقت وقتاً طويلاً، وما كانت لتؤتي ثمارها لولا الحماس الشديد الذي أبداه كل من داليا ونضال للمسرحية ورغبتهما في أن تأخذ كل تفصيلة وقتها وحقها». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «المسرح القومي هو الأرشيف الدرامي الأكبر لتاريخ الفن المصري عبر ما يقرب من 100 عام، إذ وقف على خشبته كثير من كبار الفنانين، وكوننا نقدم هذا العمل عبره، فهذا يعني المزيد من المسؤولية التي نتحملها على كل المستويات».

وأوضح رزق: «نستعين في هذا العمل بوسائل إبهار غير معتادة في مسرح الدولة وسبق لي أن فعلت الشيء نفسه في مسرحية (أليس في بلاد العجائب) على مسرح (البالون) بالقاهرة، وحققت نجاحاً (لافتاً)، فالمشكلة من وجهة نظري (لا تكمن في ضعف الإمكانات بقدر ما تكمن في عزوف بعض الفنانين عن المشاركة في مسرح القطاع العام بسبب ضعف الدعاية من وجهة نظرهم)».

ويشار إلى أن العرض المسرحي ينتمي إلى ما يسمى «كوميديا الفارس» أو «المهزلة الدرامية»، بالإنجليزية (Farce) وهو مصطلح درامي يشير إلى عرض كوميدي ساخر ونقدي، يستهدف إبراز عبثية السلوك الإنساني وتهافت نماذج الشخصيات عبر معالجة ساخرة تعتمد على المفاجآت والمبالغات الكاريكاتورية.

وأضافت أشعار عادل سلامة، وألحان محمود طلعت، واستعراضات مصطفى حجاج، الكثير من الحيوية على العمل، بينما جاء ديكور حمدي عطية، وأزياء مروة عودة، وغرافيك جون بهاء، لتجسد أجواء الحياة الاجتماعية في لندن في بدايات القرن العشرين. واللافت أن مسرحية «بجماليون» التي جاءت «سيدتي أنا» نقلاً عنها، مأخوذة عن أسطورة يونانية، وردت في كتاب «التحولات» للشاعر بوليبو أوفيد نازونه، الذي اشتهر باسم «أوفيد»، وعاش في الفترة من سنة 43 قبل الميلاد حتى 18 بعد الميلاد.



نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

ازدحم المدخل المؤدّي إلى استوديوهات «تلفزيون لبنان» بالمحتفين بالحدث. فالتلفزيون الرسمي الذي ذكَّر وزير الإعلام زياد المكاري، بأنه «أول قناة تلفزيونية في الشرق الأوسط، والشاهد الوحيد على العصر الذهبي للبنان ومهرجان بعلبك الأول عام 1956»، يُحيي في 2025 ما انطفأ منذ 2001. ذلك العام، توقّفت «القناة التاسعة» الناطقة بالفرنسية في «تلفزيون لبنان»، مُعلنةً الانقطاع النهائي للصوت والصورة. بعد انتظار نحو ربع قرن، تعود نشرة الأخبار باللغة الفرنسية بدءاً من 23 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية (المكتب الإعلامي)

تتوقّف مستشارة وزير الإعلام، إليسار نداف، عند ما خطَّ القدر اللبناني منذ تأسيس هذه الخريطة: «التحدّيات والأمل». ففور اكتمال المدعوّين، من بينهم سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، وممثل رئيس الجمهورية لدى المنظمة الفرنكوفونية جرجورة حردان، ورئيس الوكالة الجامعية الفرنكوفونية جان نويل باليو، والمسؤولة عن برامج التعاون في المنظمة الفرنكوفونية نتالي ميجان، بجانب سفراء دول وشخصيات؛ شقَّ الحضور طريقهم نحو الطابق السفلي حيث استوديوهات التلفزيون في منطقة تلّة الخياط البيروتية المزدحمة، مارّين بصور لأيقونات الشاشة، عُلّقت على الجدار، منهم رجل المسرح أنطوان كرباج، ورجل الضحكة إبراهيم مرعشلي... اكتمل اتّخاذ الجميع مواقعه، لإطلاق الحدث المُرتقي إلى اللحظة الفارقة، مُفتَتَحاً بكلمتها.

صورة إبراهيم مرعشلي تستقبل زوّار التلفزيون (الشرق الأوسط)

فيها، كما في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تُشدّد نداف على الأمل: «إنه ما يحرِّض دائماً على استعادة ما خسرناه». تُشبه إحدى مقدّمات النشرة، نضال أيوب، في تمسّكها بالثوابت. فالأخيرة أيضاً تقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية، من ديمقراطية وتضامن وتنوّع لغوي.

تُعاهد نداف «بقلب ملؤه التفاؤل والعزيمة» مَن سمّته «الجمهور الوفي»، الذي تبلغ نسبته نحو 40 في المائة من سكان لبنان، بالالتزام والوعد بأنْ تحمل هذه الإضافة إلى عائلة الفرنكوفونية ولادة جديدة، بدءاً من 23 الحالي؛ من الاثنين إلى الجمعة الساعة السادسة والنصف مساء مع «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان».

كان كلّ شيء فرنسياً: لغة السلام والخطاب، والروح، وبعض الوجوه. في كلمته، رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى «بيت الفنانين اللبنانيين الكبار؛ فيروز، وزكي ناصيف، ووديع الصافي، والإخوة رحباني». وفيما كان الخارج يبعث الأمل لتزامُن الحدث مع يوم الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس للحكومة، ألمح الوزير إلى أنّ اللقاء يجري «غداة فصل جديد من تاريخ لبنان، للاحتفال بإعادة إطلاق أخبارنا التلفزيونية باللغة الفرنسية، بعد مرور 24 عاماً على توقُّف برامج (القناة التاسعة) المُرتبط اسمها بعملاق الإعلام الفرنكوفوني جان كلود بولس». وبأمل أن تلفت هذه النشرة الانتباه وتثير الفضول، أكد التزامها «تقديم رؤية واضحة ودقيقة لموضوعات تمسّنا جميعاً»، متوقفاً عند «رغبة متجدّدة في دعم قيم الانفتاح والتعدّدية وحرّية التعبير تُجسّدها عملية إعادة الإطلاق هذه».

تُشدّد إليسار نداف على الأمل في كلمتها (المكتب الإعلامي)

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً متعدّد اللغات؛ يجد كل مواطن فيه مكانه»، بوصف زياد المكاري. تشديده على أهمية الفرنكوفونية في وسائل إعلام القطاع العام مردّه إلى أنّ «الفرنسية ليست مجرّد لغة؛ إنها ثقافة وتاريخ وتراث مشترك؛ فتتيح لنا، في إطار هذه الأخبار، فرصة نقل صوت لبناني قوي ومميّز إلى الساحة الدولية، مع البقاء مُخلصين لجذورنا وثقافتنا وهويتنا».

يعلم أنّ «هذا الحلم لم يكن ليتحقّق من دون شركاء نتشارك معهم الرؤية والقيم»، ويعترف بذلك. ثم يدعو إلى «متابعة نشرة الأخبار الوحيدة باللغة الفرنسية في القطاع العام التي ستشكّل انعكاساً حقيقياً لتنوّع عالم اليوم». وقبل الإصغاء إلى كلمة ممثل المنظمة الفرنكوفونية ليفون أميرجانيان، يُذكّر بأنّ للبنان، بكونه ملتقى الحضارات والثقافات، دوراً أساسياً في تعزيز الفرنكوفونية.

رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى بيت الفنانين اللبنانيين الكبار (الشرق الأوسط)

ومنذ افتتاح مكتب المنظمة الفرنكوفونية في بيروت، تراءى ضرورياً النظر في قطاع الإعلام الفرنكوفوني بخضمّ الأزمة الاقتصادية التي تُنهك المؤسّسات ووسائل الإعلام. يستعيد أميرجانيان هذه المشهدية ليؤكد أنّ الحفاظ على اللغة الفرنسية في المؤسّسات الإعلامية مسألة حيوية للحفاظ على التنوّع الثقافي والتعبير الديمقراطي. يتوجّه إلى الإعلاميين الآتين بميكروفونات مؤسّساتهم وكاميراتها وهواتفهم الشخصية: «دوركم نقل القيم الأساسية للفرنكوفونية، مثل التعدّدية اللغوية، وتنوعّ الآراء، والانفتاح على العالم». ثم يتوقّف عند استمرار نموّ عدد الناطقين بالفرنسية في شكل ملحوظ، مع توقّعات بأنْ يصل إلى 600 مليون نسمة في حلول 2050. من هنا، يعدّ الترويج للغة الفرنسية «مسألة ضرورية لتعميق الروابط بين الدول والحكومات الناطقة بها، والسماح لسكانها بالاستفادة الكاملة من العولمة المتميّزة بالحركة الثقافية العابرة للحدود وبالتحدّيات التعليمية العالمية».

إعادة إطلاق النشرة تُعزّز هذا الطموح، وسط أمل جماعي بالنجاح، وأن تُشكّل مثالاً للقنوات الأخرى، فتُخطِّط لزيادة بثّ برامجها بلغة فيكتور هوغو.