صلاح تيزاني لـ«الشرق الأوسط»: مخيف ما نعيشه على الصعيد الفني

عاتباً على إهمال الدولة الفنان اللبناني

الفنان اللبناني صلاح تيزاني (فيسبوك الفنان)
الفنان اللبناني صلاح تيزاني (فيسبوك الفنان)
TT

صلاح تيزاني لـ«الشرق الأوسط»: مخيف ما نعيشه على الصعيد الفني

الفنان اللبناني صلاح تيزاني (فيسبوك الفنان)
الفنان اللبناني صلاح تيزاني (فيسبوك الفنان)

كان في عيادة طبيب الأسنان، عندما اتصلت به «الشرق الأوسط»، لإجراء هذا الحوار معه. واستهلَّ حديثه مؤكداً أنه رغم وجوده بهذا المكان، فهو يصرّ على احترام مَن يتصل به. «لقد طلبت من طبيبي أن يتوقف للحظاتٍ عن العمل؛ كي أردَّ عليك، فأنا أحرص على احترام الآخر، في زمنٍ ولّى فيه التقدير، وقلّت فيه الأخلاقيات».

منذ بداية حديثه، لم يُخفِ صلاح تيزاني، المعروف فنياً باسم «أبو سليم»، عتبه على زمن الفن، اليوم، فابن الـ95 عاماً، كما ذكر لنا، يصف الساحة، اليوم، بأنها يشوبها الضلال، وما عادت، كما في الماضي، تزخر بفنانين عمالقة تعبوا واجتهدوا كي يحققوا أحلامهم.

مؤخراً، أعلن الفنان تيزاني موعد إقامة مهرجان الزمن الجميل، وصاحبه طبيب التجميل الدكتور هراتش سغبازاريان، فهو واحد من أركانه الأساسيين، وسيكون من بين الوجوه الفنية العريقة المشارِكة فيه. ويوضح، لـ«الشرق الأوسط»: «سيقام هذا المهرجان في 3 يونيو (حزيران) المقبل، في كازينو لبنان. وستنقله، مباشرةً على الهواء، المؤسسة اللبنانية للإرسال (إل بي سي آي)، وتُكرِّم خلاله نحو 24 شخصية فنية عريقة من لبنان وخارجه». ويسهب «أبو سليم» في حديثه عن هذا المهرجان، الذي يعتبره بقعة ضوء في زمن الفن القاتم الذي نعيشه. «إنه، في رأيي، بمثابة المنبر الوحيد الذي يعطي الماضي حقه، فيلتفت إلى الفنانين الكبار الذين نسيهم الناس وما عادوا في البال، حتى من قبل الإعلام».

«ما يستفزُّني، اليوم، على الساحة الفنية هو الاستسهال والاستخفاف بالفن ورسالته»

الفنان صلاح تيزاني

أمضى صلاح تيزاني نحو 70 عاماً في مشوار كوميدي طويل، بدأ أعماله الفنية على مسارح طرابلس ومدارسها، وأنتج مسلسلات كوميدية تلفزيونية مع انطلاق تلفزيون لبنان عام 1959، وبقي يقدمها مع فرقته، التي عُرفت بفرقة «أبو سليم»، بشكل أسبوعي دائم حتى سنة 1975، وتوقّف العرض لسنوات بسبب الحرب اللبنانية. عاد إلى متابعتها في التسعينات بشكل متطور، مع إضافة الغناء إلى موضوعاته. وفي عام 2000، أنتج «تلفزيون دبي» سلسلة جديدة بالشخصيات نفسها. مثّل تيزاني في مسرحيات الأخوين رحباني مع فيروز، وشارك في أفلام سينمائية، فاستحدث نمطاً كوميدياً مختلفاً تلقَّفه المُشاهد على مدى أجيال مختلفة.

ويرى تيزاني أن الأيام الجميلة الماضية انتهت، كأي عناصر أخرى كانت تؤلِّف لبنان منارة الشرق. ويتابع: «ما يستفزُّني، اليوم، على الساحة الفنية هو الاستسهال والاستخفاف بالفن ورسالته، لذلك نفتقد الفنون على أنواعها، التي كانت تقدِّم للمُشاهد المحتوى الممتاز والترفيهي معاً». ويتابع: «كله صار يحصل عالماشي، وكأنهم يرغبون فقط بمسابقة الزمن، وتعبئة الهواء بأي شيء؛ كي لا يتركوه فارغاً».

وعن رأيه بالمسلسلات والأغاني وغيرها من الفنون، اليوم، يوضح: «هناك فرق شاسع وكبير بين الفنون التي كانت تُقدَّم على أيامنا، وتلك التي نتابعها، اليوم، فأين التمثيليات التي كانت تعكس تقاليدنا ومجتمعاتنا؟ وأين الأغنيات التي كان المطرب لا يقدم على إنزالها في الأسواق إلا بعد جهد جهيد؟ لقد كنا عندما نقدم برنامجاً تلفزيونياً، نحرص على إيصال رسائل اجتماعية مهمة جداً، وكم من مرة أوقفت لجنة الرقابة في الأمن العام اللبناني عملاً لنا؛ لأننا نطقنا بعبارة هزّت السياسيين والبلاد؟ في رأيي، أن الفن يتراجع بسرعة، وليس هناك من يعمل على فرملة انهياره».

مئات الحلقات التلفزيونية وعشرات المسرحيات تؤلف مشوار «أبو سليم» (فيسبوك الفنان)

ويتوقف «أبو سليم» عند مهرجان الزمن الجميل، العزيز على قلبه، «إنه يولَد من رحِم أيام غالية على قلوبنا، نحمل لها في أذهاننا التقدير الكبير. وهذه السنة، سيُكرَّم فنانون كثيرون من الذين تركوا بصمتهم على الفن اللبناني، وهم في عِداد المنسيين؛ لأنهم متروكون من الدولة والإعلام معاً».

يوجه تيزاني عتبه على المسؤولين السياسيين والجهات الرسمية، التي من شأنها الالتفات إلى هؤلاء. «بدل أن يركضوا لتأمين الدواء والحياة المحترَمة لفنانين أعطوا عمرهم للبنان الفن، فإنهم يلتهون بالقشور ومصالحهم الخاصة لا غير. لو كانت لدينا مرجعية حقيقية، لكانت دولتنا قد اهتمت بنا، نحن الممثلين القدامى، الذين نهض الفن على أكتافهم، فهي تركتنا في نهاية عمرنا، نواجه مصيرنا وحدنا من كل النواحي».

ويكمل حديثه مُبدياً مخاوفه على جيل جديد تربَّى على الفن الهابط، «من أهداف (مهرجان زمن الفن الجميل) توعية جيل الشباب بعمالقة فن حقيقيين حفروا الصخر بأناملهم، ليحلّقوا بلبنان واسمه عالياً، فمَن مِن بينهم لديه أدنى فكرة عن نجوم التمثيل والغناء القدماء، ومَن حاكوا زمن الفن الجميل بأعمالهم الراقية؟ اليوم لا رُقي، ولا احترام، ولا تقدير لفن مسؤول. نرى الإعلام المرئي مشغولاً بمحاورة فنانين دخلاء على الساحة، الأمور ذاهبة إلى الأسوأ، ولدينا خوف كبير على مستقبل الفن في لبنان بكل وجوهه».

من ناحية ثانية يشعر «أبو سليم» بنوع من التعزية، من خلال إقامة مهرجانات بمستوى «زمن الفن الجميل»: «إنه بصيص الأمل الوحيد الذي يعزِّينا في وحدة فُرضت علينا نحن أبناء الفن الماضي. وسأحضر خلاله، وأشارك في تقديم إحدى مذيعاته، وسأكون شاهداً حياً من ذلك الزمن الذي لا يزال على البال».



الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)
قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)
TT

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)
قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

فُتح تابوت عمره 3600 عام في مقبرة شياوهي في شينغيانغ في الصين، خلال أعمال التنقيب في عام 2003، حيث برزت مادة حول رقبة مومياء شابة، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

على الرغم من أنها بدت قطعةً من المجوهرات في البداية، فإن العلماء قالوا الآن إنهم حدَّدوا العينة على أنها «أقدم قطعة جبن في العالم».

وقالت تشياومي فو، عالمة علم الوراثة القديمة في الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين، لشبكة «إن بي سي نيوز»: «الجبن العادي طري. أما هذا فليس كذلك. لقد أصبح الآن جافاً وكثيفاً وصلباً حقاً».

وأوضحت أنه عندما تم استخراج نعش المرأة، وُجد أنه محفوظ جيداً؛ بسبب مناخ حوض تاريم الجاف.

وفي حين تم تصوير إنتاج الجبن منذ فترة طويلة في التاريخ، فإن الباحثين كتبوا في دراسة، نُشرت في مجلة «Cell»، أن «تاريخ منتجات الأجبان المخمرة ضاع إلى حد كبير في العصور القديمة».

وأشارت فو إلى إنها وفريقها أخذوا عينات من 3 مقابر في شياوهي، وعالجوا الحمض النووي لتتبع تطور البكتيريا عبر آلاف السنين.

ثم تم التعرف على العينات على أنها جبن «الكفير»، المصنوع من تخمير الحليب باستخدام حبيبات الكفير، وكان هناك أيضاً دليل على استخدام حليب الماعز والأبقار.

في بحثهم، قال عناصر الفريق إن استخدام هذا الجبن يظهر كيف تفاعلت شعوب العصر البرونزي، وكيف استهلك أفراد شعب شياوهي - المعروفون بعدم تحمل اللاكتوز وراثياً - منتجات الألبان قبل عصر البسترة والتبريد.