شارع النيل في مدينة ود مدني ملتقى نازحي الخرطوم

شارع النيل في مدينة ود مدني حيث يتجمع الهاربون من الحرب (الشرق الأوسط)
شارع النيل في مدينة ود مدني حيث يتجمع الهاربون من الحرب (الشرق الأوسط)
TT

شارع النيل في مدينة ود مدني ملتقى نازحي الخرطوم

شارع النيل في مدينة ود مدني حيث يتجمع الهاربون من الحرب (الشرق الأوسط)
شارع النيل في مدينة ود مدني حيث يتجمع الهاربون من الحرب (الشرق الأوسط)

جلست السودانية مريم محمد حول إحدى الطاولات المتناثرة على طول شارع النيل في مدينة ود مدني تلقي نظرات شاردة على النيل الذي أصبح ملتقى لسكان العاصمة السودانية الهاربين من حرب ضروس، حين أفاقوا بين ليلة وضحاها على دوي المدافع.

تقول مريم «إنها زيارتي الأولى لمدينة ود مدني، خرجت من الخرطوم خوفاً من تطاير الرصاص الطائش أو من قصف الطائرات الذي لا يميّز بين إنسان أو حجر».

ولفتت مريم إلى أن كثيرين يقضون ساعات طويلة في شارع النيل هرباً من الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وفي هذا الشارع يطمئنون على أحبابهم وأصدقاء لهم انقطعت أخبارهم بسبب الحرب.

من جانبه، يقول الموسيقي عمرو عادل ارتبط السودانيون منذ عهد مملكة كوش بكل تفاصيل حياتهم بالنيل سواء في لحظات الفرح أو الحزن مضيفاً «تحت وطأة الحرب لجأنا إليه نشكي خراب الديار واحتراق وطن أمام أعيننا».

بات السودانيون على موعد مع هجرة قسرية من الخرطوم (الشرق الأوسط)

وتؤكد سارة سولو موسيقية أن النيل ينسينها الكثير من الهموم، وفي ظل ما يحدث الآن تعتقد أن النيل هو من اختارها للمجيء إليه كل يوم، وشجعها على معالجة الألم بالفن. مضيفة أنها أتت اليوم إلى شارع النيل لتتدرب على أغنية تعبّر عمّا يحدث في الخرطوم قائلة «اجتمعت مع عدد من الموسيقيين اليوم واخترنا مكاناً محاذياً للنيل بشكل مباشر يمكننا من خلاله تأمل تموجات المياه ويذكرنا ببدايات تكون هذا النهر العظيم، وبالتالي يمدّنا بالأمل بغد أفضل مهما كانت الصعوبات، فللحرب تأثير كبير ومباشر على الفن».

ويحكي علم الهدي القادم من أم درمان قائلا: «وجدت نفسي مضطرا للخروج من العاصمة فوصلت إلى مدينة ود مدني».

وتذكر المتطوعة سارة زكريا، أنها تحضر إلى شارع النيل رغبة في لقاء الأسر والأطفال ولتساعدهم على تجاوز المشاعر المرتبكة وصوت الطائرات الحربية المرعب، وصور الموت والدمار وتتحدث عن مواجهة الحرب ودحرها بأفكار تتحدث عن الأمل والرغبة في البقاء وضرورة ممارسة الحياة الطبيعية خصوصاً لمن لا يعيشون في تجمعات للاجئين.

وقد بات السودانيون على موعد مع هجرة قسرية من الخرطوم بعد اشتداد الصراع داخل شوارع العاصمة، بحثاً عن مكان آمن يلجأون إليه إلى أن تهدأ الأوضاع، فكانت مدينة ود مدني الأقرب إليهم، إذ تبعد 136 كيلومتراً من جنوب شرقي الخرطوم، وتتصل بها عن طريق سكة حديد، وتُعدّ مركزاً لزراعة القطن ولتجارة القمح والشعير والفول السوداني بالإضافة إلى الماشية.



محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.